اجتماع تحضيري للوفود الليبية المشاركة في الجولة الثانية من لقاء تونس

وسط تفاؤل أممي بقرب تجاوز عقبات الجولة الأولى من المفاوضات

TT

اجتماع تحضيري للوفود الليبية المشاركة في الجولة الثانية من لقاء تونس

عقد أعضاء لجنتي الحوار الليبي اجتماعاً تحضيرياً ظهر أمس، في تونس، تمهيداً لاستئناف الحوار الليبي المتعلق بتعديل اتفاق الصخيرات، وذلك قبيل الاجتماعات الرسمية التي يشرف على افتتاحها اليوم المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة.
وأعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن وصول أغلبية الوفود الليبية المشاركة في الحوار الليبي إلى العاصمة التونسية للمشاركة في الجولة الثانية من المفاوضات التي دعا إليها المبعوث الأممي إلى ليبيا.
وتدعم تونس تسوية شاملة في ليبيا، بالارتكاز على اتفاق الصخيرات الموقع في ديسمبر (كانون الأول) سنة 2015، وسبق لها أن أطلقت خلال بداية السنة الحالية مبادرة ثلاثية ضمت الجزائر ومصر بهدف حل الأزمة الليبية.
وتوافد أعضاء لجنتي الحوار الليبي على تونس أمس للبدء في الجولة الثانية من الحوار بين لجنتي مجلس النواب (البرلمان) والمجلس الأعلى للدولة، بشأن التعديلات على اتفاق الصخيرات، وسط تفاؤل أممي وليبي جديد بقرب تجاوز عقبات الجولة الأولى من المفاوضات، خصوصاً الشق المتعلق بالفصل بين الحكومة والمجلس الرئاسي، والمادة الثامنة المحددة لصلاحيات القائد العام للقوات المسلحة الليبية، علاوة على قائمة المرشحين لتولي مناصب قيادية في الهيئات الجديدة.
واستبق غسان سلامة الجولة الثانية من تعديلات «اتفاق الصخيرات» بلقاء ممثلين عن أقليات قبائل الطوارق والتبو والأمازيغ، وسط اتهامات متبادلة بين الموالين للمجلس الرئاسي من جهة، والمؤسسة العسكرية في الجهة المقابلة، وذلك على خلفية المادة الثامنة المحددة لصلاحيات حفتر.
وعلق خليفة حفتر، القائد العام للقوات المسلحة الليبية، آمالاً عريضة على جولة الحوار الليبية في تونس، وعبر عن أمله في التوصل إلى حلول لتجاوز الأزمة الليبية، وقال في تصريح إعلامي إن الحوار يظل «الحل الوحيد لحل مشكلات ليبيا»، مبرزاً أن واجب القوات المسلحة الليبية «حماية المؤسسات ومقاومة الإرهاب والتجسس والجرائم الإلكترونية، والانتصار في معركة الأمن هو الانتصار الحقيقي».
وبخصوص ‏أبرز المظاهر التي تهدد الأمن في ليبيا، أوضح حفتر أن «انتشار السلاح يعد من أكثرها استفحالاً»، وقال إن من واجب الأجهزة الأمنية تأمين الجبهة الداخلية الليبية، مشيراً في هذا السياق إلى أن طلب «إلغاء المادة الثامنة وبنود أخرى يهدف إلى إبعاد الجيش الليبي وقيادته من المشهد السياسي الليبي».
وحسب وسائل إعلام إيطالية، طالب حفتر خلال لقائه غسان سلامة الأسبوع الماضي بـ«ضرورة إيجاد حل حقيقي ينهي الأزمة الحالية قبل 17 من ديسمبر المقبل»، موعد انتهاء عمر الاتفاق السياسي ومخرجاته.
وفي السياق ذاته، قال عيسى العريبي، عضو لجنة الحوار عن البرلمان الليبي، إن أعضاء لجنتي الحوار على استعداد لاستئناف الحوار لتجاوز مجموعة من الخلافات السياسية، أهمها على الإطلاق المادة الثامنة من تعديل الاتفاق السياسي، والاتفاق حول الشخصيات المرشحة لتولي مناصب قيادية.
وكان الفرقاء الليبيون قد أنهوا في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي الجولة الأولى من جلسات الحوار السياسي المتعلق بتعديل اتفاق الصخيرات، بمناقشة ملف الدستور ومسودته التي أعدتها هيئة صياغة الدستور الليبي. ولم تتمخض جلسات الحوار التي بدأت في 26 من سبتمبر (أيلول) الماضي عن نتائج إيجابية ملموسة.
وكان سلامة قد أعلن خلال مؤتمر صحافي عن توصل اللجنتين المنبثقتين عن مجلس النواب (البرلمان) ومجلس الدولة إلى الاتفاق على أن يتكون المجلس الرئاسي من رئيس ونائبين له، دون أن يحدد الأسماء المرشحة لهذه المناصب القيادية، وهي نقطة لا تزال محل خلافات واسعة بين الليبيين المشاركين في جلسات الحوار. كما أكد على التوصل إلى اتفاق حول ضرورة الفصل بين الحكومة والمجلس الرئاسي، مشيراً إلى وجود تفاهمات سياسية عدة أخرى، لكنه لم يحددها.
وأوضح المبعوث الأممي إلى ليبيا أن أعضاء اللجنتين سيعودون إلى قواعدهم في ليبيا للتشاور حول مجموع النقاط السياسية المتفق بشأنها، ومن ثم العودة إلى تونس لمواصلة جلسات الحوار وبحث نقاط أخرى، ستكون محور اجتماعات تونس اليوم وخلال الأيام المقبلة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.