اليمن يدعو الأمم المتحدة إلى «الكف عن تدليل الانقلابيين»

الحكومة تطالب موظفي المنظمة الدولية بالنزول إلى الميدان لتقصي الحقائق

TT

اليمن يدعو الأمم المتحدة إلى «الكف عن تدليل الانقلابيين»

دعت الحكومة اليمنية، على لسان وزيرها لحقوق الإنسان الدكتور محمد عسكر، الأمم المتحدة إلى مراجعة أدائها في اليمن، والكف عن تدليل الانقلابيين الذين يتلاعبون بالمساعدات الإنسانية.
وشدد الوزير عسكر، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، على الأداء «المهم والحيوي» الذي تقوم به الأمم المتحدة في اليمن، إلا أنه قال: إن هذا الأداء يحتاج إلى كثير من التقييم، معتبراً أن الكثير من الأموال التي رصدت لإغاثة الشعب اليمني ذهبت إلى غير مستحقيها.
وأضاف عسكر لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن وزارة حقوق الإنسان اليمنية مثلاً لم تتلق دعماً أو مساندة للتعامل في قضايا حقوق الإنسان من الأمم المتحدة، عدا دعم بسيط جداً عبر المفوضية السامية لحقوق الإنسان تمثل في دورة تدريبية لفريق من الوزارة في جنيف، ‏أما باقي وكالات الأمم المتحدة فلم تقدم سوى الوعود. وعليه؛ فإن الأمم المتحدة «مطالبة قبل غيرها وفي هذه المرحلة أكثر من أي وقت سابق بإعادة تقييم أعمال وكالاتها كافة في اليمن».
ودعا الوزير اليمني، الأمم المتحدة إلى «الكفّ عن التدليل المستمر لميليشيات الحوثي وصالح، التي تتلاعب بالمساعدات الإنسانية وتمنع فريق منظمة الصحة العالمية من افتتاح غرفة عمليات لمكافحة مرض الكوليرا في صنعاء، وغير ذلك من أعمال نهب المساعدات الإغاثية والإنسانية وبيعها لصالح ما تطلق عليه الميليشيات (المجهود الحربي)». وأضاف، أن على الأمم المتحدة مراجعة وكالاتها فيما يتعلق بالتقارير التي تصدرها، خصوصاً ما يتعلق برصد وتوثيق حالات انتهاكات حقوق الإنسان؛ إذ تسجل حالات كثيرة من المقاتلين على أنهم من الضحايا المدنيين، كما أن على الدول المانحة مراقبة تلك الأنشطة عن كثب.
إلى ذلك، أكد راجح بادي، المتحدث الرسمي باسم الحكومة اليمنية، لـ«الشرق الأوسط»، أن ما يحدث في اليمن سببه عدم تطبيق القرارات الصادرة من مجلس الأمن والأمم المتحدة، مشيراً إلى أن تدهور الوضع الإنساني والتنموي في البلاد سببه ممارسات القوى الانقلابية. وذكر بادي، أن الأمم المتحدة عندما تريد أن تنهي معاناة الشعب اليمني فعليها فضح الطرف المتعنت والمتسبب في فوضى البلاد، إضافة إلى تطبيق فوري وعاجل للقرارات الأممية الصادرة، مشككاً في جدية الأمم المتحدة في إنهاء معاناة الشعب اليمني.
وأشار إلى أن معاناة الشعب اليمني بدأت منذ حدوث الانقلاب وفرض الحرب على الشعب اليمني، مؤكداً أن الانقلابيين يواصلون تعنتهم في رفض أي حل يؤدي إلى سلام دائم وحقيقي، وكان آخرها رفض تسلم خطة الحديدة، التي من المفترض أن تسهم في تخفيف معاناة الشعب اليمني، خصوصاً في المناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون. وقال بادي: «نحن أمام مشهد واضح في رفض أي حل سلمي يؤدي إلى سلام في البلاد»، مشدداً على أن بعض موظفي الأمم المتحدة يعتمدون على معلومات مضللة، ويبنون تقاريرهم على تلك المعلومات غير الدقيقة.
وطالب موظفي الأمم المتحدة بالنزول إلى الميدان وتقصي الحقائق، مؤكداً وجود قصور واضح في التحقق من الأوضاع الإنسانية الميدانية، خصوصاً في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية، مدللاً على ذلك بعدم السماح للفرق الأممية بالتواجد في مناطقهم، فضلاً عن استهداف المبعوث الأممي عند زيارته إلى العاصمة صنعاء. وتابع: «يوجد شبه تراخ مع القرارات المتعلقة بالشأن الإنساني، كما أن الأمم المتحدة لا تتعامل بحزم مع الميليشيات التي اعتدت على أبناء الشعب اليمني، واخترقت الحقوق الإنسانية للشعب، وشلّت الحياة، وأوقفت وسائل الإعلام كافة، واعتقلت عدداً من الصحافيين قرابة عامين، ولم تسمح لذويهم بزيارتهم أو معرفة حالتهم الصحية».
واعتبر أن «هناك نوعاً من التغاضي عن الانتهاكات والممارسات التي تنتهجها القوى الانقلابية، كما أنها لا تتعامل بحزم مع اختراق اتفاقيات السلام التي أبرمتها»، منوهاً بأن التغاضي عن تلك الانتهاكات يشجع ويشرعن وجود ميليشيات تنتهج المنهج ذاته الذي تتبعه الميليشيات الحوثية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.