البرلمان العراقي يلزم العبادي باستعادة كركوك

رئيس الوزراء متمسك بإلغاء الاستفتاء... ورئيس الأركان يزور إيران «للتنسيق»

العبادي خلال حضوره جلسة البرلمان أمس (أ.ب)
العبادي خلال حضوره جلسة البرلمان أمس (أ.ب)
TT

البرلمان العراقي يلزم العبادي باستعادة كركوك

العبادي خلال حضوره جلسة البرلمان أمس (أ.ب)
العبادي خلال حضوره جلسة البرلمان أمس (أ.ب)

أصدر مجلس النواب العراقي، أمس، قراراً يلزم رئيس الوزراء حيدر العبادي بإرسال قوات إلى المناطق المتنازع عليها مع إقليم كردستان، وبينها مدينة كركوك الغنية بالنفط، لاستعادتها من سيطرة «البيشمركة»، مما ينذر بتفجر مواجهات في هذه المناطق المختلطة عرقياً. ودعا العبادي الإقليم إلى إلغاء الاستفتاء.
ووافق النواب خلال جلسة حضرها العبادي ووزيرا الدفاع والداخلية، أمس، على الصيغة النهائية لقرار يتضمن موقف المجلس من الاستفتاء الذي جرى الاثنين الماضي. وعقدت الجلسة بحضور 184 نائبا وبرئاسة رئيس المجلس سليم الجبوري، رغم وفاة والده، ما يعكس الأهمية التي أولتها الكتل العربية للجلسة.
وشدد رئيس الوزراء أمام مجلس النواب على «ضرورة عدم السماح لأي أحد بشغل الحكومة عن تطهير آخر شبر من العراق من سيطرة تنظيم داعش والعمل على إعادة النازحين لمناطقهم وعدم إثارة العنصرية والطائفية». ولفت إلى «التزام الحكومة بالدستور الذي له سلطة تعلو على السلطات الثلاث»، مشيراً إلى أن حكومته «متمسكة بإلغاء الاستفتاء والدخول في حوار بين الحكومة والإقليم، فحق تقرير المصير لا يعني الاستئثار بالقرار على حساب المكونات الأخرى».
وأشار العبادي إلى أن الحكومة «ستلجأ إلى السبل الدستورية وستتخذ كل الإجراءات وفق ذلك»، منوهاً بأن «المناورات الجارية مع الجانب التركي ليست آنية، وتم تحذير الإقليم من التصعيد الخطير في وقت تخوض فيه القوات العراقية قتال تنظيم داعش». ونوه بأنه «تم البدء بخطوات مع تركيا وإيران وسوريا لغرض التعامل مع الدولة العراقية في المنافذ الحدودية والطيران، وسيبقى قرار المنع سارياً إلى حين تسليم المنافذ والمطارات للسلطة الاتحادية».
وعدّ قرار مجلس النواب الاستفتاء «غير دستوري ومخالف لأحكام المادة (1) من الدستور بوصفه ضامناً لوحدة العراق، وعليه يعد باطلاً كما تبطل كل الإجراءات المترتبة عليه». وألزم العبادي، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، بـ«اتخاذ الإجراءات الدستورية والقانونية كافة للحفاظ على وحدة العراق وإصدار أوامره للقوات العسكرية لحماية المواطنين، والعودة والانتشار في جميع المناطق التي كانت متواجدة فيها قبل أبريل (نيسان) 2014، والسيطرة على المناطق المتنازع عليها، ومن ضمنها كركوك، وبسط الأمن فيها».
وشدد البرلمان على «تنفيذ القرارات التي اتخذها المجلس الوزاري للأمن الوطني الأسبوع الماضي، خصوصاً قراره بالمتابعة القضائية للمسؤولين عن تنفيذ الاستفتاء، ومن بينهم رئيس سلطة الإقليم المنتهية ولايته (مسعود بارزاني)، وتقديمهم للمحاكمة وفقاً للقوانين العراقية النافذة، وكذلك سائر الموظفين الكرد العاملين في مؤسسات الدولة الاتحادية».
وأشار القرار إلى «ضرورة اتخاذ الإجراءات التنفيذية الصادرة عن السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية الخاصة بإقليم كردستان، خصوصاً المتعلقة بقرار إقالة محافظ كركوك نجم الدين كريم». كما شدد على «استمرار جميع الموظفين الكرد من مختلف المناصب ممن لم يشاركوا في الاستفتاء، في عملهم وضمان أمنهم».
وطالب الحكومة بـ«استدعاء السفراء والممثلين لدى الدول التي لديها ممثليات ومكاتب في الإقليم لإبلاغهم بإغلاق تلك الممثليات والقنصليات ونقلها إلى محافظات خارج إقليم كردستان». كما دعا رئيس الجمهورية إلى «القيام بواجبه المنصوص عليه في الدستور، باعتباره رمز وحدة العراق والممثل لسيادة البلاد والساهر على ضمان الالتزام بالدستور والمحافظ على استقلال العراق وسيادته ووحدة وسلامة أراضيه».
وكان رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، وهو كردي، قال في تصريحات لتلفزيون «الحرة» الأميركي إن «الاستفتاء دستوري، لكن الانفصال غير دستوري»، عادّاً أن «المنافذ الحدودية والمطارات تحت إدارة اتحادية، لكن التنفيذ بيد حكومة إقليم كردستان».
وطالب قرار مجلس النواب بغلق المنافذ الحدودية التي تقع خارج السلطة الاتحادية «واعتبار البضائع التي تدخل منها بضائع مهربة، ومناشدة دول الجوار العراقي لاتخاذ التدابير اللازمة لمساعدة الحكومة على تنفيذ هذا القرار». وطلب من الحكومة «إعادة الحقول الشمالية في كركوك والمناطق المتنازع عليها إلى إشراف وسيطرة وزارة النفط الاتحادية، ومنع التدخل لأي من الأحزاب النافذة في تلك المناطق». وشدد على أنه «على الحكومة عدم قبول الحوار المشروط؛ إلا بعد إلغاء نتائج الاستفتاء». وشدد رئيس المجلس سليم الجبوري على «حرص رئاسة المجلس على متابعة إجراءات تنفيذ القرارات من أجل الحفاظ على وحدة العراق».
وأوفدت بغداد، أمس، رئيس أركان الجيش الفريق الركن عثمان الغانمي إلى طهران، أمس، «لتنسيق الجهود والتعاون العسكري»، بحسب بيان لوزارة الدفاع. والتقى الغانمي، فور وصوله، نظيره الإيراني اللواء محمد باقري، و«شكر إيران على دعمها العسكري المستمر»، بحسب وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.