الأكراد يحتفلون... وبغداد تقر إجراءات عقابية

الإقليم يعلن مشاركة 78 % من الناخبين في الاستفتاء... والبرلمان العراقي يقرر نشر قوات في المناطق المتنازع عليها

أكراد يشاركون في الاستفتاء (أ.ف.ب)
أكراد يشاركون في الاستفتاء (أ.ف.ب)
TT

الأكراد يحتفلون... وبغداد تقر إجراءات عقابية

أكراد يشاركون في الاستفتاء (أ.ف.ب)
أكراد يشاركون في الاستفتاء (أ.ف.ب)

سادت أجواء احتفالية غالبية مدن إقليم كردستان العراق التي شهدت الاستفتاء على الاستقلال، أمس، بنسبة مشاركة أعلنت مفوضية الاستفتاء بلوغها 78 في المائة، فيما أقرّ البرلمان العراقي، أمس: «إجراءات عقابية» ضد الإقليم، وألزم رئيس الوزراء حيدر العبادي، بنشر قوات في المناطق المتنازع عليها، و«المحافظة على وحدة البلاد».
وبدأ فرز الأصوات مساء أمس، بعدما أغلقت مراكز الاقتراع في مدن كردستان والمناطق المتنازع عليها أبوابها في السابعة مساء بالتوقيت المحلي، إثر تمديد التصويت ساعة. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر رسمية أن نسبة المشاركة في أربيل تجاوزت 80 في المائة وفي دهوك تقارب 90 في المائة، كما بلغت نحو 80 في المائة في كركوك، و92 في المائة في قضاء خانقين، فيما لم تتجاوز في السليمانية وحلبجة 55 في المائة.
ومن المتوقع أن تكون النتيجة التصويت لصالح الاستقلال بأغلبية مريحة. ويهدف الاستفتاء غير الملزم إلى منح تفويض لرئيس الإقليم مسعود بارزاني لإجراء مفاوضات على الانفصال. وأدلى بارزاني بصوته في ساعة مبكرة من الصباح في أربيل، وبدا مبتسماً وهو يرتدي الزي الكردي.
وقال رئيس وزراء الإقليم نيجيرفان بارزاني خلال مؤتمر صحافي في أربيل، أمس، إن «الاستفتاء لا يعني أن الانفصال سيحدث غداً ولا أننا سنعيد ترسيم الحدود. إذا كان التصويت بنعم، فسنحل مشكلاتنا مع بغداد سلمياً». وشدد على أن «الإقليم ليس مسؤولاً عما يسمى بتقسيم العراق، بل السياسات الخاطئة لبغداد هي المسؤولة».
وأشار إلى أن «الموقف الدولي وموقف مجلس الأمن من الاستفتاء أصابنا بالإحباط... من الأفضل للمجتمع الدولي ودول الجوار خصوصاً، أن يسألوا بغداد عما آلت إليه العلاقات بين أربيل وبغداد». وأضاف: «كثيراً ما يتحدثون عن الدستور وكأنه مقدس واعتبار استفتاء شعب كردستان على أنه غير دستوري، ولكن أقولها بكل صراحة إن من لم يلتزم بالدستور الذي توافقنا عليه، ولم يعر أهمية لأكثر من خمسين مادة دستورية هي الحكومة العراقية، فهم يلتزمون بالمواد الدستورية التي في صالحهم فقط ويخرقون ويتجاهلون بقية الدستور». ووصف التصريحات الأخيرة للعبادي بأنها «أشبه ما تكون بقرارات مجلس قيادة البعث... هذه العقلية هي التي نخاف منها وهي التي أوصلت علاقاتنا إلى ما نحن عليه الآن».
ودعا بارزاني الابن دول الجوار إلى «أن يتفهموا موقفنا وخطوتنا هذه، ومن الأفضل أن يسألوا بغداد، لماذا نحن وصلنا إلى قرار الاستفتاء بدل أن يلوموننا ويهددوننا ويفرضون العقوبات الاقتصادية على كردستان التي أثبتت للجميع، ولدول الجوار خصوصاً، أنها عنصر استقرار في المنطقة، وأن كردستان ليست مصدر تهديد لأحد، ونتطلع إلى الحوار الجاد مع جميع دول الجوار، وإلى علاقات جوار مبنية على المصالح المشتركة والتفاهم والاحترام المتبادل». وأضاف أن «كردستان تتطلع إلى بدء حوار جاد ومفتوح مع بغداد حول جميع القضايا المشتركة، كما نتطلع إلى تفهم دول الجوار لحقوقنا ووضعنا ومحاولة استمرار أفضل العلاقات معها».
في المقابل، صوّت مجلس النواب العراقي تعبيراً عن رفضه للاستفتاء، على مجموعة من القرارات ضد الاستفتاء أبرزها «إلزام القائد العام للقوات المسلحة، للحفاظ على وحدة العراق، بنشر القوات في كل المناطق التي سيطر عليها الإقليم بعد 2003». ومن الناحية الدستورية، فإن الحكومة باتت ملزمة بالامتثال إلى قرار البرلمان. وتقع المناطق المتنازع عليها خارج المحافظات الشمالية الثلاث التي تشكل إقليم كردستان العراق، وكانت محط نزاع بين بغداد وأربيل. وتضم هذه المناطق محافظة كركوك الغنية بالنفط، ومناطق متفرقة في محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين شمال البلاد وواسط في وسط البلاد.
واعتبر قرار البرلمان العراقي الاستفتاء غير دستوري. وطالب حكومة العبادي بـ«استدعاء السفراء والممثلين للدول التي لديها ممثليات لغرض معرفة موقفها الصريح بخصوص الاستفتاء وغلق المنافذ الحدودية التي تقع خارج السلطة الاتحادية واعتبار البضائع التي تدخل منها بضائع مهربة». وشدد على «إعادة الحقول الشمالية في كركوك والمناطق المتنازع عليها إلى إشراف وسيطرة وزارة النفط الاتحادية ومنع أي سيطرة لأي قوة تابعة للأحزاب الكردية ومنع التنقيب في المناطق المختلطة والمتنازع عليها». وطالب بـ«منع تهريب النفط وعدم السماح بالتصدير إلا من خلال الحكومة الاتحادية وإعادة النظر في جميع النفقات السيادية والحاكمة والرواتب والتقاعد للموظفين الاتحاديين الذين شاركوا في الاستفتاء».
وأفادت مصادر حكومية بأن الحكومة الاتحادية بدأت بتنفيذ قرارات المجلس الوزاري للأمن الوطني بخصوص استفتاء إقليم كردستان فور إقرارها. وكان مجلس الأمن الوطني انعقد، أول من أمس، برئاسة العبادي، ودرس الإجراءات التي ستتخذها الجهات المعنية ضد إقليم كردستان، ومنها اعتبار المنافذ الحدودية تابعة للحكومة الاتحادية، واعتبار النفط ثروة لكل الشعب العراقي، ومطالبة إقليم كردستان بتسليم جميع المنافذ الحدودية والمطارات إلى سلطة الحكومة الاتحادية، ودعوة دول الجوار والعالم إلى التعامل مع الحكومة العراقية الاتحادية حصراً.
وطالب مجلس الأمن الوطني فريق استرداد الأموال العراقية بمتابعة حسابات إقليم كردستان وحسابات المسؤولين في الإقليم ممن تودع أموال تصدير النفط في حساباتهم، ودعا الادعاء العام إلى «ملاحقة موظفي الدولة ضمن الإقليم كافة ممن ينفذون إجراءات الاستفتاء المخالفة لقرارات المحكمة الاتحادية».
واستمرت المواقف السياسية الرافضة للاستفتاء ونتائجه، إذ دعا زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، أمس، الحكومة إلى «فرض سيطرتها على المنافذ الجوية والبرية وحماية الحدود وجعل القوات الأمنية في حالة تأهب». واعتبر في بيان أن «مجرد فكرة الاستفتاء وإقامته هو بمثابة لي ذراع للحكومة المركزية بل وللعراق برمته شعباً وحكومة، ولا سيما أنه جاء بقرار تفردي».
وطالب بـ«اجتماع شيعي - سني سياسي عام وطارئ وسريع لأن الظرف يستدعي لملمة الشمل»، واجتماع آخر مماثل «للأكراد المعارضين والأقليات الأخرى للوقوف على معاناتهم ومعرفة آرائهم ولتوحيد صفوفهم». وقال عضو «تيار الحكمة» فادي الشمري لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة بصدد القيام بـ«إجراءات قاصمة ورادعة وقوية سيدفع ثمنها من يرفع لواء التقسيم، وستنعكس سلباً على مجمل الأوضاع داخل الإقليم». واعتبر أن «التحركات الدولية والإقليمية تعطينا الغطاء المناسب لاتخاذ أي إجراء داخل العراق وخارجة للوقوف بوجه التوجهات الانفصالية». وشدد على أن «الحكومة ستكون رادعة لمشاريع التقسيم القادمة وستستخدم أوراقها القوية والفعالة لقصهم ظهور من تصدوا لعملية التقسيم وقبلها الاستفتاء».
ويشاطر النائب عن «ائتلاف دولة القانون» جاسم محمد جعفر الشمري نفس القناعة حول الإجراءات المشددة التي ستقوم بها حكومة بغداد ضد الإقليم. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «بالتأكيد هناك إجراءات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية ضد الإقليم، لكننا لن نكون قساة مع الكرد في حال اختاروا طريق التفاوض والحوار لحل المشاكل».
واعتبر نائب الرئيس نوري المالكي في كلمه له خلال احتفال جماهيري مناهض للاستفتاء، أمس، أن الاستفتاء «إعلان حرب... يستهدف وحدة البلاد، وهي خطوة ستكون لها تبعات خطيرة على مستقبل العراق بشكل عام وكردستان بشكل خاص». وحمّل «دعاة الانفصال» مسؤولية «ما سيحصل مستقبلاً من أزمات وصراعات وحروب».
وفي ظل حالة الغليان السياسي في بغداد بعد إجراء الاستفتاء، أطلق نائب الرئيس إياد علاوي، أمس، «مبادرة وطنية» لحل الأزمة الحالية، ناشد فيها قيادة الإقليم «تجميد نتائج الاستفتاء خلال مرحلة انتقالية بناءة يجري فيها حوار وطني مسؤول وبنّاء لمعالجة كل أوجه الخلاف». وضمن المبادرة سبعة بنود، منها إخضاع مصير كركوك والمناطق المتنازع عليها لنص المادة 140 من الدستور.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.