تواجه الحكومة اللبنانية التي تشكلت بعيد تسوية أتت بالعماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وبسعد الحريري رئيسا لمجلس الوزراء، سلسلة تحديات تهدد، ولأول مرة، استقرارها بشكل جدي، وأبرز هذه التحديات إلى جانب الملف الاقتصادي، دفع قوى 8 آذار كما رئيس البلاد وفريقه السياسي بشكل واضح باتجاه تطبيع العلاقات مع النظام السوري.
وبعد مرور أيام على اللقاء الذي جمع وزيري خارجية البلدين جبران باسيل ووليد المعلم في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ارتفعت حدة السجال بين باسيل الذي يرأس أيضا «التيار الوطني الحر» من جهة، ووزير الداخلية نهاد المشنوق من جهة أخرى والذي انضم إليه، يوم أمس، وزير الإعلام ملحم رياشي المحسوب على حزب «القوات اللبنانية» والذي وقع في المرحلة الماضية ورقة تفاهمات مع التيار ساهمت إلى حد كبير بوصول عون إلى سدة الرئاسة.
وفيما اعتبر المشنوق بعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أن اجتماع باسيل - المعلم «يضرّ التضامن الحكومي ويخالف التسوية السياسية التي قامت عليها الحكومة»، منبها من أن «ما جرى يعبّر عن تحوّل سياسي كبير وليس عن خلاف صغير داخل مجلس الوزراء»، رفض وزير الإعلام ملحم الرياشي «التواصل مع النظام السوري»، واعتبر أن «الكلام التبريري» الذي رافق لقاء باسيل مع نظيره السوري حول ضرورة التفاوض بين البلدين، «هو خارج منطق البيان الوزاري القائم على النأي بالنفس»، ونبّه من أنه «إذا أراد البعض مخالفة هذا المنطق فحكماً وضع الحكومة سيكون في خطر».
أما باسيل الذي اختتم يوم أمس جولته في الولايات المتحدة الأميركية فرد على المشنوق من دون أن يسميه، إذ قال: «من يعتدي على مصلحة لبنان هو من يرفض إخراج النازحين من أرضه». وأضاف: «إننا لن نقوم بأي عمل ضد مصلحة لبنان، وأي لقاء أو اجتماع فردي كان أو ثنائي أو ثلاثي أو حتى جماعي يجب أن يكون لمصلحة لبنان». وإذ شدد باسيل الذي كان يتحدث في ختام أعمال مؤتمر الطاقة الاغترابية في لاس فيغاس على أن «وزارة الخارجية لا تعمل إلا في سبيل مصلحة لبنان»، أكد أنه «لم ولن نقوم بسياسة خاصة في وزارة الخارجية لأحد، من منطلق أن سياسة الوزارة هي للبنان ولكل اللبنانيين وبذلك تكون مصلحة لبنان في الانتشار وفي السياسة هي التي تفرض علينا توجهاتنا وخياراتنا وقراراتنا».
ويربط «التيار الوطني الحر» حاليا انفتاحه على النظام السوري بملف اللاجئين السوريين، ويعتبر أن لا إمكانية لإعادة نحو مليون ونصف لاجئ مسجلين في لبنان إلى بلدهم في حال لم يتم التواصل المباشر والرسمي مع النظام في سوريا. واستهجن ملحم رياشي هذه «التبريرات» وقال بعد لقائه المشنوق: «لا أعتقد أن إمكانية التفاوض مع النظام تعيد النازحين لأن جزءا من مشكلة النازحين هي مع النظام». وأضاف: «إن الموالين للنظام سيعودون من دون تفاوض والمعارضون للنظام لن يعودوا حتى لو كان هناك من تفاوض، فالتفاوض مع النظام هو لزوم ما لا يلزم».
وفيما بدا لافتا أن الحريري لم يُطلق أي موقف علني حتى الساعة يعلّق فيه على لقاء باسيل – المعلم علما بأنه حاول قدر الإمكان في الفترة الماضية استيعاب الانقسام الذي نشأ على خلفية قيام عدد من الوزراء بزيارات إلى دمشق واضعا إياها بإطار الزيارات غير الرسمية، أكدت مصادر وزارية أن الرئيس الحريري سيطرح هذا الملف على طاولة مجلس الوزراء قريبا، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الموضوع لن يُثار في الجلسة المقررة اليوم الثلاثاء، باعتبارها جلسة استثنائية مخصصة لدراسة موضوع سلسلة الرتب والرواتب.
بدورها، استبعدت مصادر في قوى 8 آذار أن يؤثر السجال المحتدم حول ملف تطبيع العلاقات مع سوريا على الاستقرار الحكومي، معتبرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «استمرارية هذه الحكومة مصلحة لكل الأطراف دون استثناء وبالأخص لرئيسها سعد الحريري».
وكان المشنوق واضحا في المواقف التي أدلى بها يوم أمس حين شدد على أن «هناك تضعضعا في الوضع السياسي، لا في وضع الحكومة»، وشدد على أن «مصلحة التيار الوطني الحر كما مصلحة حزب الله هي الاستقرار السياسي واستمرار التضامن الحكومي، واجتماع باسيل – المعلّم لا يحمي التضامن الحكومي ولا يساعد على الاستقرار السياسي». وقال: «أبرمنا تسوية على ثلاث قواعد: انتخاب رئيس جمهورية، وتشكيل حكومة ائتلافية، واتفاق على النأي بالنفس ضمن البيان الوزاري، والاجتماع تجاوز هذا الاتفاق، خصوصاً أنّ رئيس الحكومة يجب أن يكون على اطّلاع من الوزراء، لا أن يُفاجأ بالخبر كغيره في وسائل الإعلام، فلسنا موافقين على سياسة المفاجآت»، وأضاف المشنوق: «أي أمر مشابه لهذا الاجتماع يحتاج إلى نقاش وتفاوض سواء داخل الحكومة أو مع فخامة الرئيس».
«تضعضع سياسي» لبناني على خلفية التطبيع مع النظام السوري
المشنوق: لقاء باسيل ـ المعلم تحوّل سياسي كبير وليس خلافاً عابراً
«تضعضع سياسي» لبناني على خلفية التطبيع مع النظام السوري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة