أوروبا ترفع قدرة «صندوق الاستثمارات» إلى 500 مليار يورو

التوافق على تمديد أمد «خطة يونكر» وإضافة موارد جديدة

TT

أوروبا ترفع قدرة «صندوق الاستثمارات» إلى 500 مليار يورو

توصل أعضاء البرلمان الأوروبي والمجلس الوزاري والرئاسة الحالية للتكتل الأوروبي الموحد، إلى اتفاق يتضمن إطالة أمد خطة الاستثمارات الاستراتيجية، وإضافة موارد جديدة لها. وحسب ما ذكر مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل، فقد تضمن الاتفاق، الذي جرى التوصل إليه في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، تمديد أمد الصندوق الأوروبي للاستثمارات الاستراتيجية حتى عام 2020.
وخلال اجتماع أعضاء البرلمان الأوروبي في لجنة الشؤون النقدية والاقتصادية مع الرئاسة الإستونية الحالية للاتحاد، تم الاتفاق كذلك على زيادة التمويل المقدم من مؤسسات التمويل والاستثمار العقاري لتمويل مزيد من المشاريع، على أن تكون الأولوية للمشروعات التي تحقق أفضل العوائد الاقتصادية والاجتماعية، مع العمل على معالجة الفشل في أسواق الاستثمار وسد الثغرات والتركيز على المشروعات الابتكارية في المناطق الضعيفة اقتصاديا.
وقالت مصادر البرلمان الأوروبي لـ«الشرق الأوسط» إن المؤسسات الاتحادية سوف تعمل الآن بالخطوات التقنية لإعداد النص الخاص بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه، من قبل فريق التفاوض الذي يمثل المؤسسات الرئيسية الثلاث، ثم يعرض النص على جلسة عامة للبرلمان الأوروبي للتصويت عليه ليدخل حيز التنفيذ.
وحسبما جاء في بنود الاتفاق التي نشرها البرلمان الأوروبي في بيان، فقد جرى تمديد خطة الاستثمارات الاستراتيجية إلى عام 2020. وتعبئة 500 مليار يورو لها، والتركيز على معالجة إخفاقات السوق أو الفجوات الاستثمارية. مع وجوب أن تستهدف الاستثمارات خلق فرص عمل خصوصا للشباب، وتحقيق النمو، إلى جانب القدرة التنافسية والطاقة والبيئة والمناخ والرعاية الصحية والابتكار والنقل، فضلا عن القطاع الرقمي والصناعات الإبداعية.
واتفق المفاوضون أيضا على تعزيز دور المركز الاستشاري للاستثمار الأوروبي، وقيام المصرف الأوروبي للاستثمار - إذا أمكن - بتفويض عملية اختيار ورصد المشروعات صغيرة الحجم إلى المصارف الترويجية الوطنية والمصممة للمساعدة في تغطية المشروعات الإقليمية والقطاعية وأيضا العابرة للحدود، كما يجب على «بنك الاستثمار الأوروبي» خفض التكاليف التي يتحملها المستفيد من التمويل.
يذكر أن صندوق الاستثمار الأوروبي قد أنشئ لفترة 3 سنوات بهدف تعبئة 315 مليار يورو من الاستثمارات، واقترحت المفوضية الأوروبية تمديد فترة الصندوق حتى نهاية الإطار المالي متعدد السنوات للاتحاد الأوروبي حتى ديسمبر (كانون الأول) 2020 بهدف الوصول إلى هدف استثماري قدره 500 مليار يورو.
وفي أواخر يوليو (تموز) 2015، وضعت المفوضية الأوروبية اللبنات الأخيرة في بناء الخطة الاستثمارية الاستراتيجية، التي تبلغ قيمتها 315 مليار يورو. وصار الصندوق الأوروبي للخطة الاستثمارية جاهزا للعمل مع بداية خريف العام نفسه، وجرى اتخاذ مجموعة من التدابير المتفق عليها تكفل عمل الصندوق الأوروبي للاستثمارات الاستراتيجية.
وقبل أسابيع قليلة، قالت المفوضية الأوروبية في بروكسل إنه في غضون عامين فقط من تقديم خطة رئيس المفوضية جان كلود يونكر بشأن الاستثمار، فإنه من المتوقع أن تؤدي الخطة إلى استثمار أكثر من 225 مليار يورو.
وتشمل خطة الاستثمارات، وهي الخطة المعروفة باسم «خطة يونكر»، مشروعات في إطار مبادرة لتمويل الاستثمار في الدول الأعضاء الـ28، وبحجم تمويل إجمالي يزيد على 43 مليار يورو. كما وافق بنك الاستثمار الأوروبي على تمويل 276 عملية مدعومة من قبل صندوق الاستثمارات الاستراتيجية، وبدعم قيمته 33.7 مليار يورو. هذا إلى جانب 296 مشروعا من المشروعات الصغرى والمتوسطة وبقيمة تصل إلى ما يقرب من 10 مليارات يورو، إضافة إلى تحقيق الاستفادة لما يقرب من نصف مليون من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتحسين فرص الحصول على التمويل نتيجة لاتفاقات في إطار الاستثمار المتكامل.
كما جرت الموافقة على اتفاقات تقدم قروضا لتحقيق مشروعات في إطار خطة الاستثمارات الاستراتيجية في عدة دول أعضاء، منها مشروعات بقيمة 150 مليون يورو في تطوير الشبكات ذات النطاق الواسع في اليونان، و30 مليون يورو في جامعة لاتفيا، و150 مليون يورو لبناء ألفي وحدة سكنية اجتماعية في برشلونة.
وفي مايو (أيار) الماضي، جرى الإعلان في بروكسل أن «أوروبا لا تزال تواجه فجوة استثمارية كبيرة تقدرها المفوضية الأوروبية بحد أدني بما بين 200 و300 مليار يورو سنويا، وبناء على ذلك، فإن هناك احتياجا ضروريا للتمويل اللازم لاستدامة التنمية الاقتصادية، وتمويل المشروعات؛ سواء الصغيرة أو المتوسطة، في مجالات عدة؛ منها البحث والتطوير وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والنقل والطاقة والبنية الأساسية».



ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة بتقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح. وقد يتجه المستثمرون إلى الأسواق الأوروبية الأقل تكلفة، ولكن من غير المرجح أن يجدوا كثيراً من الأمان عبر المحيط الأطلسي؛ إذ إن الانخفاض الكبير في الأسواق الأميركية من المحتمل أن يجر أوروبا إلى الانحدار أيضاً.

تُعتبر سوق الأسهم الأميركية مبالَغاً في قيمتها، وفقاً لجميع المقاييس تقريباً؛ حيث بلغ مؤشر السعر إلى الأرباح لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، على مدار 12 شهراً، 27.2 مرة، وهو قريب للغاية من ذروة فقاعة التكنولوجيا التي سجَّلت 29.9 مرة. كما أن نسبة السعر إلى القيمة الدفترية قد بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق؛ حيث وصلت إلى 5.3 مرة، متجاوزة بذلك الذروة السابقة البالغة 5.2 مرة في بداية عام 2000، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من أن التقييمات المرتفعة كانت قائمة لفترة من الزمن؛ فإن ما يثير الانتباه الآن هو التفاؤل المفرط لدى مستثمري الأسهم الأميركية. تُظهِر بيانات تدفق الأموال الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي أن حيازات الأسهم تشكل الآن 36 في المائة من إجمالي الأصول المالية للأسر الأميركية، باستثناء العقارات، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة الـ31.6 في المائة التي تم تسجيلها في ربيع عام 2000. كما أظهر أحدث مسح شهري لثقة المستهلك من مؤسسة «كونفرنس بورد» أن نسبة الأسر الأميركية المتفائلة بشأن أسواق الأسهم قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 37 عاماً، منذ بدء إجراء المسح.

وبالنظر إلى هذه المعطيات، فإن القلق المتزايد بين المستثمرين المحترفين بشأن احتمال التصحيح في «وول ستريت» ليس مفاجئاً.

لا مكان للاختباء

قد يتطلع المستثمرون الراغبون في تنويع محافظ عملائهم إلى الأسواق الأرخص في أوروبا. ويتداول مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي حالياً عند خصم 47 في المائة عن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عند قياسه بنسب السعر إلى الأرباح، وبخصم 61 في المائة، بناءً على نسب السعر إلى القيمة الدفترية. وقد أشار بعض مديري صناديق الأسهم الأوروبية إلى أنهم يترقبون، بفارغ الصبر، انخفاض أسواق الأسهم الأميركية، معتقدين أن ذلك سيؤدي إلى تدفقات استثمارية نحو صناديقهم.

ولكن يجب على هؤلاء المديرين أن يتحلوا بالحذر فيما يتمنون؛ فعندما تشهد الأسهم الأميركية انخفاضاً كبيراً، يميل المستثمرون الأميركيون إلى سحب الأموال من الأسهم، وتحويلها إلى أصول أكثر أماناً، وغالباً ما يقللون من تعرضهم للأسواق الأجنبية أيضاً.

وعلى مدار الـ40 عاماً الماضية، في فترات تراجع الأسهم الأميركية، شهدت أسواق الأسهم الأوروبية زيادة في سحوبات الأموال من قبل المستثمرين الأميركيين بنسبة 25 في المائة في المتوسط مقارنة بالأشهر الـ12 التي سبقت تلك الانخفاضات. ومن المحتمَل أن يكون هذا نتيجة لزيادة التحيز المحلي في فترات الركود؛ حيث يميل العديد من المستثمرين الأميركيين إلى اعتبار الأسهم الأجنبية أكثر خطورة من أسواقهم المحلية.

ولن تشكل هذه السحوبات مشكلة كبيرة؛ إذا كان المستثمرون الأميركيون يمثلون نسبة صغيرة من السوق الأوروبية، ولكن الواقع يشير إلى أن هذا لم يعد هو الحال. ووفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية، فقد زادت حصة الولايات المتحدة في الأسهم الأوروبية من نحو 20 في المائة في عام 2012 إلى نحو 30 في المائة في عام 2023. كما ارتفعت ملكية الولايات المتحدة في الأسهم البريطانية من 25 في المائة إلى 33 في المائة خلال الفترة ذاتها.

ويعني الوجود المتزايد للمستثمرين الأميركيين في الأسواق الأوروبية أن الأميركيين أصبحوا يشكلون العامل الحاسم في أسواق الأسهم الأوروبية، وبالتالي، فإن حجم التدفقات الخارجة المحتملة من المستثمرين الأميركيين أصبح كبيراً إلى درجة أن التقلبات المقابلة في محافظ المستثمرين الأوروبيين لم تعد قادرة على تعويضها.

وبالنظر إلى البيانات التاريخية منذ عام 1980، عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في جمع بيانات التدفقات، إذا استبعد المستثمر الأميركي والأوروبي، يُلاحظ أنه عندما تنخفض السوق الأميركية، تزيد التدفقات الخارجة من سوق الأسهم الأوروبية بمعدل 34 في المائة مقارنة بالشهرين الـ12 اللذين سبقا تلك الانخفاضات.

على سبيل المثال، بين عامي 2000 و2003، انخفضت أسواق الأسهم الأوروبية بنسبة 50 في المائة بينما هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 46 في المائة، وكان ذلك نتيجة رئيسية لسحب المستثمرين الأميركيين لأموالهم من جميع أسواق الأسهم، سواء أكانت متأثرة بفقاعة التكنولوجيا أم لا.

وفي عام 2024، يمتلك المستثمرون الأميركيون حصة أكبر في السوق الأوروبية مقارنة بما كانت عليه قبل 10 سنوات، ناهيك من عام 2000. وبالتالي، فإن تأثير أي انحدار في السوق الأميركية على الأسواق الأوروبية سيكون أكثر حدة اليوم.

في هذا السياق، يبدو أن المثل القائل: «عندما تعطس الولايات المتحدة، يصاب بقية العالم بنزلة برد»، أكثر دقة من أي وقت مضى في أسواق الأسهم.