إسرائيل تقرر إخلاء مدينتين خلال أي حرب مقبلة

تدريبات واستعدادات تحاكي تسلل قوات معادية من الشمال أو الجنوب

TT

إسرائيل تقرر إخلاء مدينتين خلال أي حرب مقبلة

قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع في حكومته، أفيغدور ليبرمان، إخلاء مدينتي كريات شمونة في الشمال، وسديروت في الجنوب، في حال وقوع مواجهة عسكرية على الحدود الشمالية أو على حدود قطاع غزة مستقبلا.
وقد كشف عن ذلك، خلال مناورات إسرائيلية جارية على الحدود الشمالية مع لبنان وسوريا، تعتبر أضخم تدريبات عرفتها إسرائيل منذ ربع قرن. والحديث يجري عن إخلاء 40 إلى 50 ألف إسرائيلي يعيشون في هاتين المدينتين. وتحدد خطة الإخلاء، المسماة «موتيل»، بأن يبقى في المدينتين فقط، السكان الذين يعتبر بقاؤهم حاجة ملحة لمواصلة أداء مهامهم، كمستخدمي البلديتين، ورجال الشرطة، وقوات الإنقاذ وما يشابه ذلك. ويفترض أن يتولى الجيش الإسرائيلي وسلطة الطوارئ القومية عمليات إخلاء السكان.
يشار إلى أنه في إطار المواجهات العسكرية، جرى حتى اليوم، إخلاء السكان الذين يقيمون في البلدات الصغيرة المجاورة للسياج الحدودي فقط. ويصل عدد سكان البلدات الصغيرة التي سيتم إجلاء سكانها، في حال وقوع مواجهة عسكرية، إلى نحو 50 ألف نسمة. وحسب الخطة، سيجري نقل سكان كريات شمونة وسديروت إلى فنادق البحر الميت ووسط البلاد، التي سيتم إخلاؤها من النزلاء في حال الإعلان عن حالة طوارئ. وسيجري ذلك في إطار اتفاقيات طويلة المدى، تم التوصل إليها بين وزارة الدفاع وقسم من الفنادق. وستضاف إلى القائمة فنادق أخرى، لكي يتسنى استيعاب كل السكان الذين سيجري إخراجهم من بلداتهم. وحسب الخطة، فإن سكان البلدات الصغيرة التي سيجري إخلاؤها، سيستوعبون في بلدات قروية داخل البلاد، وفقا لطريقة بلدة تتبنى بلدة. وقد التقى رؤساء هذه البلدات قبل أشهر لتنسيق الإخلاء والاستيعاب. وتوجد في البلدات التي ستستوعب السكان الآخرين، مستودعات طوارئ تحوي أسرة للنوم، وأغطية، ومواد غذائية.
وجاءت توجيهات القيادة السياسية بإخلاء سديروت وكريات شمونة، على خلفية سيناريو مرعب، يحاكي «تسلل قوات العدو إلى الأراضي الإسرائيلية» والوصول إلى البلدات المأهولة، وكذلك نتيجة التخوف من هجوم بالصواريخ والقذائف (وهي في الأساس السلاح الذي يملكه حزب الله وحماس)، وأيضاً في أعقاب تطوير معدات حربية جديدة لدى حزب الله وحماس، يمكنها التسبب في خسائر كبيرة. والحديث يدور عن قذائف قصيرة المدى تصل إلى كيلومترات عدة، مزودة برؤوس حربية تزن مئات الكيلوغرامات. ويمكن لقذائف «بركان» التي يملكها حزب الله، أن تدمر الغرف الآمنة أيضاً. وتتولى القيادتان الشمالية والجنوبية، المسؤولية عن إخلاء المدن بالتعاون مع الجبهة الداخلية، فيما تتولى المسؤولية عن استيعاب المهجرين في الداخل، سلطة الطوارئ الوطنية في وزارة الدفاع، وكذلك وزارة الداخلية، التي ستتحمل مسؤولية استيعاب السكان وتوفير متطلباتهم من الغذاء والماء لأيام عدة وربما لأسابيع.
يشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يجري منذ الأسبوع الماضي، تدريبات ضخمة تسمى «أور هدغان»، وتتركز حاليا، في المنطقة الشمالية، وتستمر 11 يوما. وبضمنها جرى الكشف عن خطة إخلاء بلدة تواجه خطر القصف أو تسلل القوات الخاصة، أو حتى محاولة حزب الله احتلال بلدات ومواقع عسكرية مجاورة للحدود.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».