روسيا تحصي منافع ومضار خمس سنوات من عضويتها في منظمة التجارة العالمية

حالة الانقسام والجدل لا تزال قائمة بشأن تقييم الفوائد

أحد مصانع الأغذية في روسيا
أحد مصانع الأغذية في روسيا
TT

روسيا تحصي منافع ومضار خمس سنوات من عضويتها في منظمة التجارة العالمية

أحد مصانع الأغذية في روسيا
أحد مصانع الأغذية في روسيا

تحمل الأيام الأخيرة من شهر أغسطس (آب)، وتحديداً يوم 22 منه، أهمية وقيمة خاصة للاقتصاد الروسي، لأن روسيا في مثل هذا اليوم منذ خمس سنوات تمكنت من تحقيق حلمها بالحصول على عضوية في منظمة التجارة العالمية.
ولا تقتصر أهمية الحدث على النتائج التي قد يجنيها الاقتصاد الروسي بعد الانضمام للمنظمة الدولية الوحيدة التي تنظم العلاقات التجارية بين الدول وتضبطها، إذ تصبح العضوية أكثر قيمة وتأثيراً ربما من الناحية المعنوية، ذلك أن الاقتصاديين الروس خاضوا على مدار ثمانية عشر عاماً مفاوضات شاقة مع المنظمة في طريقهم إلى العضوية التامة. من جانب آخر فإن العضوية تعني لروسيا اعترافاً دوليا بأن اقتصادها ونشاطها التجاري يلبيان شروط ومتطلبات التجارة العالمية، هذا فضلا عن أن العضوية تفتح الطريق أمام المنتجات الروسية للمنافسة في الأسواق العالمية، ضمن شروط متكافئة نوعا ما للجميع.
وكانت روسيا تقدمت منذ عام 1994 بطلب العضوية التامة في منظمة التجارة العالمية، وبعد سبع سنوات فقط تمكنت بداية من تحقيق الشروط المطلوبة لتوقيع بروتوكول الانضمام للمنظمة، وذلك خلال المؤتمر الوزاري في مقر منظمة التجارة العالمية في جنيف نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2011. وفي صيف العام التالي صادق البرلمان الروسي على البروتوكول، ومن ثم صادق عليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي 22 أغسطس عام 2012 أصبحت روسيا عضوا كامل الحقوق في المنظمة، وتساهم حاليا بنحو 2.2 في المائة من أجمالي ميزانيتها، أو بعبارة أخرى قدمت روسيا 4.6 مليون دولار كمساهمة في إجمالي ميزانية منظمة التجارة العالمية عام 2016. وبهذا أصبحت روسيا عضوا يشارك مع الدول الأخرى في وضع معايير وقوانين تنظيم ضبط إيقاع التجارة العالمية، وتعمل من خلال هذه المشاركة على حماية المصالح الروسية.
وخلال ثمانية عشر عاما من المفاوضات والانتظار، درس الخبراء الاقتصاديون الروس كل قواعد المنظمة، وقاموا بتحليل الخطوات المطلوب من روسيا تنفيذها لتحصل على العضوية، بما في ذلك التداعيات السلبية التي قد تخلفها العضوية على بعض القطاعات الإنتاجية والتجارية الروسية، وكيفية التخفيف من حدة تلك النتائج، واعتماد تشريعات جديدة، وتغيير القديمة، بما يضمن أرضية تشريعية وطنية تتناسب مع شروط العضوية. ووضعت الحكومة الروسية جملة تدابير لتفادي التداعيات السلبية، الأمر الذي جعل عملية الانضمام تمر دون أثر سلبي يذكر. وأخذت روسيا على عاتقها التزامات باتخاذ إجراءات لتغيير بعض القواعد الوطنية التجارية خلال «المرحلة الانتقالية» والتي تستمر من عامين إلى ثلاث سنوات بعد الحصول على العضوية. وعلى سبيل المثال لا الحصر التزمت روسيا بتخفيض الرسوم الجمركية على البضائع الأجنبية، مثل الرسوم على الأدوات المنزلية الكهربائية، وعلى الإلكترونيات من 15 في المائة (في عام 2011)، حتى 7 - 9 في المائة، وعلى السيارات المستوردة من 25 حتى 15 في المائة، وعلى الحليب ومشتقاته من 25 إلى 20 في المائة، وغيره.
وكمثال على التزاماتها المنبثقة عن عضويتها في منظمة التجارة العالمية، في مجال الائتمان، وسعت روسيا حصة المساهمة الأجنبية في مؤسسات التأمينات من 25 حتى 50 في المائة، وبعد تسع سنوات من العضوية في المنظمة ستسمح روسيا لفروع شركات التأمينات الأجنبية بالعمل في السوق المحلية، إلا أنه وبموجب اتفاق تم التوصل إليه في إطار المنظمة، فإن عمل تلك الشركات لن يحصل على امتيازات تنافسية مقارنة بشروط عمل شركات التأمينات الروسية.
وتمكنت روسيا خلال السنوات الخمس الماضية من جني بعض ثمار عضويتها في منظمة التجارة العالمية. ويقول مكسيم ميدفيدكوف، مدير قسم المفاوضات التجارية في وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، إن روسيا استفادت من العضوية في المنظمة، مؤكداً «حصلنا على تلك الإيجابيات التي كنا نأمل بها من خلال العضوية في المنظمة»، موضحا أن «العضوية خففت من التمييز بحق منتجاتنا وخدماتنا التجارية، وفي الحالات التي لم تتوقف فيها سياسات التمييز، تمكنا من إطلاق عملية فض النزاعات، وتحديداً في مسألة أساليب التحقيق في إجراءات مكافحة الإغراق بحق البضائع الروسية».
كما أن روسيا انخرطت في العمليات التفاوضية داخل المنظمة، وقامت بالتعاون مع الأعضاء الآخرين بتنظيم اتفاقية تيسير التجارة، وذلك من خلال تقليص العقبات والإنفاق والإداريين، وتسهيل العمليات الجمركية، الأمر الذي يساعد الشركات على توفير الموارد، حسب قول المسؤول من وزارة التنمية الاقتصادية الروسية.
وبشكل عام، تتيح العضوية في المنظمة لروسيا المشاركة في النزاعات التجارية، وحل خلافاتها مع الدول وفق الأسس والقوانين العامة المتعارف عليها في المنظمة. وبعد أن فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات ضد روسيا على خلفية الأزمة في أوكرانيا عام 2014. صرح مسؤولون روس أنهم سيستفيدون من امتياز توفره العضوية في منظمة التجارية العالمية، وهو إمكانية الدفاع عن المصالح التجارية في إطار آليات فض النزاعات، وقالوا إنهم سيقدمون دعوى ضد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة... إلا أن هذه الخطوة من جانب موسكو قد لا تأتي بنتيجة، لأنه حتى إذا كانت العقوبات تتعارض مع معايير وقواعد منظمة التجارة العالمية، فإن الدولة التي أقرت العقوبات يمكنها دوما الاعتماد على الوضع الاستثنائي، حيث يحق للدولة أن تخرج عن قواعد منظمة التجارة العالمية، عندما يتعلق الأمر بتهديد الأمن القومي.
رغم هذا قامت روسيا في مايو (أيار) الماضي بتوجيه طلب إلى المؤسسات المعنية في منظمة التجارة العالمية لإجراء مشاورات حول موضوع العقوبات على خلفية الأزمة الأوكرانية.
وما زالت حالة من الانقسام تهيمن في الأوساط الاقتصادية بشأن تقييم عضوية روسيا في منظمة التجارة العالمية، وما إذا كانت خطوة سلبية أم إيجابية. ويرى خبراء واقتصاديون أن روسيا تمكنت عبر العضوية من تحسين الظروف لوصول منتجاتها إلى الأسواق الخارجية، وتوسيع إمكانيات الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد الروسي، ورفع القدرة التنافسية للمنتجات الروسية. ويشير أصحاب وجهة النظر هذه إلى أن العملية التشريعية في روسيا أصبحت أكثر شفافية منذ الحصول على العضوية، وأصبح بوسع رجال الأعمال افتتاح أسواق جديدة لمنتجاتهم. أما المعارضين لعضوية روسيا في المنظمة فيقولون إن روسيا لم تعد قادرة على ضمان الحماية التامة للمنتجين المحليين، وأن تستخدم لهذا الغرض أدوات مثل رفع الرسوم الجمركية وغيرها من تدابير تمييزية بحق المنتجات المستوردة. ويؤكد خبراء اقتصاديون أن تخفيض الرسوم الجمركية على الصادرات الأجنبية ألحق الضرر بالقطاع الصناعي، وتحديدا قطاع صناعة السيارات، والتعدين والإنتاج الزراعي.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».