نتنياهو وليبرمان يختلفان حول جدار الفصل في الخليل

TT

نتنياهو وليبرمان يختلفان حول جدار الفصل في الخليل

كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، عن خلافات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير جيشه أفيغدور ليبرمان، بسبب الجدار الفاصل في الخليل. وقالت الصحيفة أن ليبرمان يفرض التعامل مع المشروع كأمر مستعجل، ويرى أن إغلاق الفراغات في الجدار، يعد أمرا كافيا في هذه المرحلة، وبالتالي لا توجد فائدة لإعطاء المشروع أولوية كبيرة من ميزانيات المؤسسة الأمنية؛ لكن نتنياهو يصر على تخصيص ميزانيات أكبر قريبا في أعمال البناء جنوب الخليل.
وقاطع ليبرمان زيارة إلى منطقة جنوب جبل الخليل، قبل أسبوعين، ولم يذهب مع نتنياهو وزملائه من المجلس الأمني المصغر، في رسالة متحفظة حول نية نتنياهو تخصيص ميزانية لاستكمال بناء الجدار في المنطقة. ويتخذ ليبرمان هذا الموقف بشكل مخالف للموقف التقليدي للمؤسسة الأمنية، التي تؤيد استكمال بناء الجدار.
وكان نتنياهو قد نظم جولة في الثامن من أغسطس (آب) مع غالبية أعضاء المجلس الأمني، وعدد كبير من ضباط الجيش وأعضاء الإدارة المدنية، في جنوب الخليل، لتأكيد ضرورة بناء الجدار. وهذه هي زيارته الثانية إلى المنطقة في وقت قصير. وقال نتنياهو إن أعمال البناء ضرورية لأمن إسرائيل، ويجب أن تنتهي خلال عام.وكانت السلطات الإسرائيلية قد بنت قبل أشهر قليلة، نحو 10 كيلومترات من جدار الضم في المنطقة، من أصل 42 مقرر بناؤها هناك.
ويبدأ الجدار، الذي يستهدف منع الفلسطينيين من الوصول إلى الأراضي الإسرائيلية، عبر منطقة جنوب الخليل، من معبر ترقوميا، وصولا إلى معبر ميتر، ويسير بمحاذاة الشارع الاستيطاني رقم 35.
وقد بنيت مقاطع الجدار الجديد على عجل، بعد قرار من المستوى السياسي في يونيو (حزيران) الماضي، بتسريع البناء في المنطقة، إثر عملية إطلاق نار في مركز تجاري بتل أبيب، نفذها فلسطينيان، وأسفرت عن مقتل 4 إسرائيليين، وقالت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، إنهما تسللا إلى إسرائيل عبر منطقة ترقوميا.
وتقول أجهزة الأمن الإسرائيلية، إن منطقة ترقوميا تشكل «ثغرة أمنية»، يتسلل منها الفلسطينيون إلى داخل إسرائيل بشكل غير قانوني، ومنها مر كذلك كثير من منفذي العمليات في إسرائيل.
وكانت إسرائيل قد بدأت في 2002 ببناء جدار الضم والتوسع، المعروف، أيضا، بجدار الفصل، حول الضفة الغربية، ضمن حدود جديدة من شأنها أن تحول الضفة إلى سجن كبير. وأنجزت إسرائيل حتى الآن، نحو 62 في المائة منه، من أصل 700 كيلومتر، مقررة لأسباب أمنية وسياسية وحدودية وانتقامية.
وبحسب إحصاءات رسمية فلسطينية، فإن 10 في المائة من الجدار الآن قيد الإنشاء، و28 في المائة من المزمع إقامته سيبنى لاحقا.
وتقول دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير، إن «طول الجدار المخطط هو 712 كيلومترا، وهو يمثل ضعف خط حدود 1967 (أي 323 كيلومترا)».
ومن غير المعروف متى ستنتهي إسرائيل من بناء الجدار الذي انطلقت أعماله في 2002. وأصدرت محكمة العدل الدولية «رأيا استشارياً» حوله في 2004، وجاء فيه أن الجدار الفاصل مخصص للمساعدة في المشروعات الاستيطانية، وقد يؤدي إلى رحيل الفلسطينيين المعزولين بسببه، إضافة إلى أن السيطرة على الأراضي الخاصة والمرتبطة بإقامة الجدار الفاصل، تُشكِّلُ مساً بالأملاك الشخصية، مما يُشكّلُ خرقاً للبنود 46 و52 من «لوائح هاج» لعام 1907، والبند 53 من وثيقة جنيف الرابعة؛ لكن إسرائيل رفضت التعاون، وعدّت الرأي الاستشاري للمحكمة غير ملزم، وتواصل البناء في مناطق مختلفة في الضفة ببطء شديد.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.