عباس يستفز إسرائيل بتهنئة زعيم كوريا الشمالية بعيد التحرير

مسؤول فلسطيني: موقفنا لا يتحدد بناء على الموقف الأميركي

TT

عباس يستفز إسرائيل بتهنئة زعيم كوريا الشمالية بعيد التحرير

استغل مسؤولون إسرائيليون رسالة تهنئة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، للهجوم الشديد على عباس، بل والسخرية منه كذلك.
وأشعلت الرسالة التي جاءت في ذروة التوتر بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وحملت التهاني من عباس لكيم جونغ أون بمناسبة عيد التحرير، جدلا كبيرا في تل أبيب التي فسرتها بمناصرة فلسطينية للظلم.
وقالت تقارير إسرائيلية، إن توقيت إرسال المذكرة في ذروة التوتر النووي بين الولايات المتحدة الأميركية وكوريا الشمالية، أدهش كثيرين في إسرائيل وفي أوساط زعماء العالم. وكتب وزير التربية والتعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت «تغريدة» قال فيها: «في البداية هتلر، ثم بعد ذلك صدام حسين، والآن كيم جونغ أون. إذا كنتم تبحثون عن موقف أخلاقي، فابحثوا من الذي يدعمه الفلسطينيون، وافعلوا عكس ذلك».
أما وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان، فغرد ساخرا: «لائحة مهام أبو مازن هي أن يرسل برقيات تهنئة حارة لكيم، وأن يدفع الأموال للإرهابيين، ومن ثم يقول للعالم إنه شريك في عملية السلام».
ولم يتوقف الأمر عند تغريدات مسؤولين إسرائيليين، بل تفاعل كثير من المواطنين في إسرائيل مع تعليقات هؤلاء المسؤولين، وكتبوا حول «حماقة التوقيت»، وأن الفلسطينيين «لا يفوتون أي فرصة لارتكاب الأخطاء»، إذ إن إسرائيل تعتبر كوريا الشمالية ضمن تحالفات «الشر».
وكان وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، قد صرح في أبريل (نيسان) الماضي، بأن كوريا الشمالية هي جزء من مسار الشر الذي يشمل سوريا، و«حزب الله»، وإيران، واصفا إياهم بـ«مجموعة متطرفة ومجنونة».
وقد ردت كوريا على ليبرمان بالقول: «من الأجدر لإسرائيل أن تفكر مرتين في إبعاد حملة التشهير ضدنا، التي تهدف إلى إخفاء جرائم الاحتلال في المناطق العربية، وتعرقل العملية السلمية». وتعتبر العلاقة الفلسطينية - الكورية عكس ذلك، وتوصف بأنها جيدة ومتقدمة إلى حد ما. وفي هذا السياق قال المسؤول الفلسطيني أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن العلاقات بين كوريا الشمالية ومنظمة التحرير قائمة منذ عشرات السنين، وكوريا الشمالية اعترفت بدولة فلسطين منذ 1988، وتوجد فيها سفارة فلسطينية.
وأضاف مجدلاني موضحا: «نحن لسنا جانبا في هذا الصراع، وموقفنا لا يتحدد بناء على الموقف الأميركي. هذه برقية يرسلها الرئيس منذ سنوات طويلة إلى زعيم كوريا الشمالية، ومن يريد استغلالها لافتعال أزمة فهذا شأنه».
وعادة ما يرسل عباس بشكل تلقائي رسائل تهنئة لكل زعماء العالم بأعياد بلدانهم. ومن هذا المنطلق أرسل عباس تهنئة إلى «الأمين الأول لحزب العمل الكوري، القائد الأول للجنة الدفاع الوطني لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، القائد الأعلى للجيش كيم جونغ أون، بعيد التحرير».
وقال عباس في برقيته: «إن الشعب الكوري قدّم أغلى التضحيات من أجل حريته وكرامته»، وعبّر عن تقديره «لمواقف كوريا التضامنية الثابتة الداعمة لحقوق شعبنا، ونضاله العادل من أجل إنهاء الاحتلال، وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، الضمانة الأكيدة لتحقيق السلام العادل، الذي تتطلع إليه جميع شعوب المنطقة».
وتمنى عباس للزعيم جونغ أون موفور الصحة والسعادة، وللشعب الكوري مزيدا من الاستقرار والازدهار، ولعلاقات الصداقة التاريخية بين فلسطين وكوريا الشمالية وشعبيهما، مزيدا من التطور والنماء.
كما أرسل عباس كذلك برقيات تهنئة في نفس اليوم، لنظيريه الباكستاني والهندي بيوم الاستقلال، ولرئيسي كوريا والكونغو بالعيد الوطني.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».