مصطفى أحمد النعمان

مصطفى أحمد النعمان
سفير وكاتب يمنّيّ عمل وكيلا لوزارة الخارجيّة

إسرائيل لن توقف عدوانها!

أعلم أن تناول موضوع، يمثل جزءا من حياة المواطن العربي ومشاعره منذ أكثر من 65 عاما، أمر شائك وصعب، ولكن مهمة الكاتب هي محاولة تناول القضايا – من وجهة نظره الشخصية – بعيدا ما أمكن عن العواطف، وأن يطرح ما يراه وسيلة أنجع لتفادي المصير الأسوأ، فإن أصاب فقد نال أجرين وإن أخطأ فله حتما أجر، وفي الحالين هو اجتهاد لا يفرضه ولا يحدد به سياسات أحد وليس ملزما لغيره، وهو في أحسن الأحوال سباحة ضد التيار تعرض الكاتب إلى كل مفردات القاموس العربي من التخوين وصولا إلى استباحة الدم. منذ أكثر من شهر لم تتوقف آلة الدمار والتقتيل الإسرائيلية عن ضرب كل موقع داخل غزة، زعمت وجود صواريخ أو مقاتلين فيه، ولكن النتيجة لم

العبث الإعلامي والدعوة إلى المصالحة الوطنية

تميز حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح بظاهرة استنساخ الأحزاب وعرفت بـ(تفريخ الأحزاب)، وإحداث انشقاقات داخلها، والعمل على إضعافها. ونجح في هذه المهمة المستهجنة سياسيا مع الأحزاب التي تعتمد على الدعم المادي الخارجي مثل الناصريين والبعثيين، لكن استعصى الإسلاميون والاشتراكيون عليه، وإن كان قد نجح في استقطاب عدد من أعضائهم بالإغداق عليهم ماليا ومنحهم مواقع في أعلى السلم الحزبي في حزبه الحاكم حينها (المؤتمر الشعبي العام)، وصار هؤلاء أصحاب صولة وجولة وكلمة الفصل في أروقة الحزب، الذي التحقوا به هربا من شظف العيش ولمنحهم الأمان حينها...

ما بعد عمران!

تتلازم الأحداث الحالية باليمن في مرحلة ما بعد الربيع بغياب واضح وأداء فاضح لعمل الحكومة الحالية، ولا يحتاج ذلك إلى براهين أكثر من الاستماع لصراخ الأحزاب المشاركة في تركيبتها العجيبة وكذا إلى شكوى المواطنين وأنينهم ومعاناتهم من الظلام الدامس وانقطاع لكل المشتقات النفطية لأشهر كانت كفيلة بسقوط أي حكومة في بلد يكون للمواطنين فيه قيمة واعتبار، ولا يمكن قبول الاكتفاء بمبررات إلقاء الاتهامات على نظام سابق لأن معظم القائمين على الأمور اليوم كانوا عماده ومسوقيه، ولم يعد مقنعا لأحد إطلاق الاتهامات منذ ثلاث سنوات دون تقديم دليل واحد أو محاكمة قاطع طريق أو مخرب لمنشآت الدولة، وهذا يعيد إلى الذاكرة نفس ال

سقوط عمران!

لم تعد مشاهد القتل والتدمير والتهجير والرعب التي تمتد ساحاتها من ليبيا إلى العراق وسوريا واليمن ولبنان، تثير مشاعر حنق أو غضب لدى أغلب الناس، حاكمين ومحكومين، وصار تكرار الاستماع إلى تفاصيلها ومتابعة أحداثها مصدر قرف للبعض، ولا مبالاة لبعض آخر، وتصفية حسابات وثارات واستخفاف وشماتة لدى الكثيرين، فقد تولدت منذ سنوات كثيرة حالة من ادعاء التفاؤل وإحالة كل سوء إلى الماضي والأقدار والظروف، وفي ذلك استبعاد للمسؤولية الفردية التي جعل الرسول الكريم أدناها درجة عدم البوح بالغضب وإبقاء الأمر طي الكتمان (فبقلبك وذلك أضعف الإيمان)، ولكن حتى هذه من الواضح أن كثيرين لم يعودوا يتمسكون بها. مئات يقتلون ودور عب

حصاد الربيع العربي

توالت الأخبار من العراق عن الصراع الذي يتجذر داخل مكوناته، وكانت المشاهد التي نقلتها وسائل الإعلام فاضحة للمدى الذي وصلت إليه حالة الاحتقان بين ممثلي الطوائف الذين تبادلوا الاتهامات حول مسؤولية الانهيار، الذي حدث للجيش العراقي وأجهزة الأمن في المناطق التي انتقلت السيطرة عليها إلى جماعات تعيش خارج هذا العصر ولا تؤمن بنواميس المجتمعات البشرية المتقدمة، ولا تحترم حقوق الناس وحرياتهم، بل ولا تعبأ بها، وزاد من رداءة المشهد تعاظم تدهور أحوال المواطنين وانهيار الخدمات وارتفاع أعداد الفقراء في بلد هو الأغنى في المنطقة العربية، وأطلقت هذه الجماعات دعوات عجيبة ابتسرت الإسلام في مظاهر لا تمت إلى جوهره بص

التعليم هو المخرج الآمن لمآسي العرب

تثير الأوضاع التي يشهدها العراق رعبا حقيقيا لدى الكثير ممن يدركون تبعات التطورات الدراماتيكية التي حدثت خلال الأسابيع الماضية، وصار من الواضح أن ما يحدث ستكون آثاره مدمرة على البنى الاجتماعية والجيوسياسية ليس في العراق فحسب، ولكنها ستمتد حتما إلى أرجاء كثيرة من دول المنطقة ولعل أهمها على الإطلاق هو سقوط النظرية التي كانت ترددها أجهزة الإعلام عن صلابة المجتمعات العربية وانسجام مكوناتها ومناعتها ضد التفكك والتطرف والتشرذم. عندما أطلق العاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين تحذيره عن تشكل الهلال الشيعي فإنه لم يكن يتحدث عن فرز مذهبي داخل المجتمعات التي عاشت فيها الطوائف قرونا طويلة في أمان وانسجا

خطأ أوباما أم خطيئة العرب؟

امتلأت شاشات التلفزة على امتداد الأرض بمشاهد عن سقوط مدينة الموصل وما تبعها من انهيار مفاجئ وغير مفهوم – للعامة على الأقل – لقوات الجيش العراقي، ثم سمعنا عن كميات الأسلحة التي استولى عليها أفراد (الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش)، ومئات الملايين من الدولارات التي نهبوها من بنوك ثاني أكبر مدن العراق وأعمال الترويع والإذلال التي مارسوها.

الشأن العام بين المسؤولية القانونية والمسؤولية الأخلاقية

طالعتنا الأخبار خلال الأشهر الماضية بأن عددا من كبار المسؤولين في أقطار آسيوية لم يترددوا عن تقديم استقالاتهم لإخفاقهم في القيام بواجباتهم الأخلاقية تجاه عدد من الكوارث الطبيعية أو الناجمة عن أخطاء بشرية لا ترتبط بتقصير منهم أو إغفال رقابة مباشرة، كما سمعنا عن اعتذارات قدمها مسؤولون عن معاناة أو إخلال عن تأدية الواجب المناط ليس بهم فحسب، وإنما بموظفيهم، كذلك قرأنا عن مسؤولين تحملوا أخطاء كانت حادثة في المؤسسات التي يديرونها قبل توليهم، ولكنهم أخفقوا عن معالجتها، وأخيرا شاهدنا رؤساء شركات كبرى يعتذرون عن إخفاقات أسلافهم ويتحملون معهم مسؤوليتها. المقارنة بين ما يحدث في تلك الأقطار وما يجري عندنا

اليمن: حرب عمران وآثارها!

من الواضح أن قدر اليمنيين هو العيش في ظل حروب عبثية داخلية وقودها الأبرياء، وحصيلتها مزيد من الدمار لما تبقى من تماسك النسيج الاجتماعي في مختلف المناطق اليمنية، الذي تمزقت عراه حين تخلت مؤسسات الدولة عن مهامها وانشغل القائمون عليها بمصالحهم الخاصة وابتعدوا عن مصالح المواطنين ومعيشتهم، وهكذا أضحت الساحة مرتعا للفئات التي تمتلك السلاح والمال، وتراجع دور الأحزاب السياسية المتهالكة أصلا واختفت مؤسسات المجتمع المدني، وصار الخطاب فئويا ومذهبيا ومناطقيا بامتياز، واحتكر المشهد (سيد) هنا و(فقيه وشيخ) هناك، وضاع بينهما الوطن. تحولت محافظة عمران، شمال العاصمة صنعاء إلى ساحة حرب حقيقية وسالت دماء اليمنيين

بعيدا عن السياسة: نهائي كأس أوروبا!

رأيت أن أتناول هذا الأسبوع موضوعا بعيدا عن أجواء السياسة العربية التي ربما صار الحديث فيها تكرارا مملا للكاتب والقارئ في آن، فقد استمتعت مع عشرات إن لم يكُ مئات الملايين بمباراة نهائي كأس أوروبا بين فريقي ريال مدريد وأتليتكو مدريد، وكانت درسا راقيا في فنون اللعبة وتكتيكاتها، ولكن ما أثار في نفسي الرغبة في الحديث عنها هو ما حدث بعدها لا أثناءها، فما دار خلالها ليس ميدانيا وله فرسانه من المتخصصين. عندما أوشك حكم المباراة على إعلان نهاية المباراة تمكن النادي الملكي من انتزاع تعادل صعب ثم تحقيق نصر كبير على منافسه، وقد يكون مستحقا فنيا وإن كان قاسيا على الصعيد الإنساني لكنه يثبت حقيقة الخيط الرفيع