مصطفى أحمد النعمان

مصطفى أحمد النعمان
سفير وكاتب يمنّيّ عمل وكيلا لوزارة الخارجيّة

الحوثيون وخطر الفتنة المذهبية في تعز

تمثِّل تعز العمق الثقافي والمخزون التاريخي للنخبة اليمنية، ومثَّل رجالها الرمز الأهم في مقاومة الحكم الفردي قبل 26 سبتمبر (أيلول) 1962 وبعده، وليس في ذلك انتقاص لبقية مناطق اليمن شمالا وجنوبا، وكان ذلك مصدر متاعبها في العهدين الملكي والجمهوري، كما تنوَّعت مصادرها الفكرية والسياسية وارتبط الكثير من أبنائها بالأحزاب القومية من البعث إلى الاشتراكي، مرورا بالإسلام السياسي ممثلا بحركة الإخوان المسلمين، والتف كثير من شبابها عاطفيا بعبد الناصر وصارت فسيفساؤها لوحة جميلة من التعايش النموذجي؛ إذ جمع كل هذه التناقضات حبهم لمدينتهم وعشقهم لها حد التعصب كرد فعل على تجاوزها في حسابات المركز المقدس صنعاء، و

اليمنيون ينتظرون ما سيفعله الرئيس

خرج الرئيس أم فر، هذه تفاصيل لا تغير من حقيقة ثابتة: الشرعية الدستورية والوطنية انتقلت مرة جديدة خارج المركز المقدس (صنعاء) الذي كانت بقية اليمن تنظر إليه عاصمة لا ترعاهم بالعدل والمساواة.. وأقصد صنعاء السياسية لا صنعاء الإنسان والأرض والمدينة الجميلة التي تحمل في زواياها عبق تاريخ إنساني عظيم وإرثا فنيا ومعماريا يعتز به كل يمني وعربي، كما يفخر بعبق وتاريخ شبام حضرموت. في 1948 نقل الإمام أحمد مقر الحكم كاملا إلى تعز بعد اغتيال والده الإمام يحيى لينجو من ضغط صنعاء المختنق بمحيطها النافر من سلطة الدولة حتى وإن كان حاكمها إماما ينتمي إلى نسل الرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم)...

عبث وطني في الموفينبيك

مثيرة للسخرية تلك المشاهد والتصريحات التي نراها ونسمعها من زوار فندق الموفينبيك بصنعاء وهم يلتفون حول معلمهم الأممي، مستنزفين وقتهم الثمين في تبادل أحاديث لا قيمة لها ولا تأثير، ومنتظرين لظهور الدخان الأبيض من غرفة بعيدة يتفاوض فيها مندوبو عبد الملك الحوثي وعلي عبد الله صالح، وحين يتوافقان سيكون على ضيوف المنتجع مباركة ما يتوصل إليه «الزعيم» و«السيد» بعد التأكد من ظهور أسمائهم في وثيقة التوقيع النهائية، وليراجعوا الحصة التي وهباهم إياها، ولا أظن إلا أنهم سيبتلعون الفتات الذي يتناسب مع وزنهم الحقيقي، وسيزعمون أنهم انطلقوا من حرص على سلامة الوطن، بينما الواقع أنهم يتكالبون على أي موقع يمنحهم فرص

بين معجزة بنعمر وكارثة الحوثي

كان المنظر مثيرا للشفقة والكل يرى القوى الرئيسية الخمس (المؤتمر الشعبي - الإصلاح - الناصري - الاشتراكي - الحوثيين) ومعهم ممثلو أحزاب لا وزن حقيقيا لها، جالسين حول طاولة يتصدرها جمال بنعمر بغرور بلغ حد توبيخ أحد ممثلي حزب «الإصلاح»، لأنه تجرأ بالطلب من الحوثيين أمام الكاميرات سحب إعلانهم الذي يصرون على المغالطة بأنه تعبير عن إرادة شعبية، وكان مهينا أن تقبل الحزبي العتيد لتقريع بنعمر وبدا كطالب في المرحلة الابتدائية أمام معلمه..

فراغ سياسي أم خواء وطني

استكمل «أنصار الله» عصر يوم الجمعة أركان الانقلاب الذي بدأوه باقتحام العاصمة صنعاء ثم فرض ما سموه «اتفاقية السلم والشراكة الوطنية» وإجبار الرئيس هادي (يمكننا أخيرا وصفه بالسابق) على البدء بتعيين ممثلين لهم في رئاسة الأركان العامة وأجهزة المخابرات، والآن يكون أمر انتقال سلطات الرئيس قد تم بعملية قيصرية إلى (رئيس اللجنة الثورية العليا) وما كان لأمر كهذا أن يتم لولا حالة الخواء الوطني الذي سيطر على تصرفات القوى الرئيسية الفاعلة ولم تتمكن من ملئه؛ لأنها لم تستطع حسم خياراتها الحزبية ولا اتفقت على الأسلوب الذي يناسبها، مبتعدة عن المصلحة الوطنية والأعراف الدستورية القائمة، على هشاشتها، وتعلقوا جميعا

مفهوم الحوثيين للشراكة مصدر قلق

لم يعد المصير السياسي للرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء خالد بحاح غامضا بعد الإهانات العلنية التي لحقت بهما وبلغت حدا غير مسبوق في التاريخ السياسي العربي عدا الحالات التي كان يحلو للرئيس العراقي السابق صدام حسين ممارستها مع خصومه بإذلالهم أمام الملأ وعلى شاشات التلفزيون بدعاوى خيانة الحزب، وسيكون مثيرا للشفقة سعي أي فصيل سياسي لإعادة أحدهما أو كليهما تحت شعارات «حب الوطن» و«المصلحة الوطنية»، لأن ذلك سيؤسس لسابقة شاذة، ولم يحدث مثل هذا الفعل البشع تجاه أي رئيس سابق في تاريخ اليمن عدا حالات معروفة تمت بمبررات مناطقية وعقائدية غطت على صراعات السلطة القاتلة أو مارستها حكومة عربية بحق زعماء ا

الرئيس مطالب بمواجهة صادقة

أدى الرئيس هادي اليمين الدستورية في 21 فبراير (شباط) 2012، بناء على توافق وطني أقرته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وقال أمام الملأ، إنه يتمنى الوقوف في ذات المكان بعد عامين ليسلّم الموقع الأول في الدولة لمن سيختاره الشعب خلفا له..

«الرئيس» و«المستشارون» في حضرة «السيد»

في تزامن مثير للأسى، وبعد ساعات قليلة من تمزق أشلاء العشرات أمام أسوار كلية الشرطة بصنعاء، التقى «الرئيس» بمستشاريه، ليهنئهم على منجزهم، في لقاء «السيد» الذي منحهم جانبا من وقته الثمين.. بعدها عبّر عن سعادته لإنجاز مسودة الدستور، الذي قال إنه سيؤسس لدولة اتحادية من 6 أقاليم، مستبقا الاستفتاء عليه، وانفض الاجتماعان بتصريحات دلت على أن الحاضرين يعيشون في كوكب آخر، ودون إعلان حداد عام ولا تنكيس لأعلام، كما تفعل السلطات التي تحترم شعوبها، ولم نسمع عن استقالة أي مسؤول يحترم نفسه أو إقالته (قبل 4 أيام أقال العاهل المغربي وزير الرياضة بسبب خطأ فني، وحمّله التبعات السياسية والإدارية..

المواطنة المتساوية هي الحل

انتهى عام 2014 بظواهر لم يألفها المواطنون اليمنيون على مدى قرون طويلة، ولكن أكثرها فجاجة وتحديا للمشاعر هو ما قامت به جماعة «أنصار الله – الحوثيين» التي فرضت أنماطا جديدة في مناسبات كانت تمر على البلاد بهدوء ودونما ضجيج ولا صخب، وليس من هدف من فعلهم ولا طائل من ورائه سوى إبراز قوتهم والتأكيد على قدرتهم بفرض مزاجهم على الناس دونما مراعاة ولا احترام، ولم يكتفِ هؤلاء برفع راياتهم في شوارع المدن التي بسطوا سلطتهم عليها، بل بالغوا في الأمر إلى حد التعدي على واحدة من أشهر القباب التي يعرفها اليمنيون والمعروفة بـ«قبة المتوكل» في وسط العاصمة، وصبغوها بلون أخضر شوه جمال بنائها المعماري الذي عايشه كل سك

حصاد عام من الحزن

بعد 3 أيام يمضي عام بائس من عمر اليمنيين لا بد أن ذكرياته المريرة ستبقى عالقة في عقولهم وقلوبهم بما حملته من مآس وأحزان وقتل وتدمير للمنازل وانتهاك للحريات العامة منها والخاصة، وتبدد أحلام راودت مخيلتهم وانتهت إلى سرداب بلا نهاية ولا ضوء في نهايته. بدأ عام 2013 بأوهام وزعها عليهم الساسة المتكئون على المجتمع الدولي عبر لقاءات «الموفينبيك» ومخرجاته التي ستدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية، وعول عليها البسطاء من اليمنيين ثم بعثرت الأحزاب ما تبقى عندهم من آمال وطموحات، وجاء منتصفه ليبدد كثيرا منها ولم يصل العام إلى خواتمه إلا وقد امتلأت نفوسهم بالإحباط واليأس والخوف والبؤس، ولتعود إلى ذاكرتهم الجم