فيصل بن عبد الرحمن بن معمر
- الأمين العام لـ«مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات»

عاشوراء رمز للإخاء الديني والتعايش المشترك

يحتفي المسلمون، بيوم عاشوراء كل عام؛ اقتداءً بسنة المصطفى ()؛ وتعظيماً لهذا اليوم الذي نجّى فيه الله تعالى، نبي الله موسى، عليه السلام، وقومه من الغرق؛ بوصفه يوماً من أيام الله التي ينبغي التذكير بها؛ وتوكيداً على ترابط الأديان، وتلاحم الأنبياء، وتوافق رسالاتهم؛ ما جاء في الحديث: «الأنْبياءُ أوْلادُ عَلاتٍ؛ أُمهاتُهُمْ شَتى، ودِينُهُمْ واحِدٌ»، أي الأنبياءُ أُخُوتُهم هي في النبوة وليس في الدم؛ فأبوهم في النبوة، واحد وهو آدم عليه السلام؛ وشرائعهم مختلفة.

الوجه الجديد للإرهاب

مع جريمة قتل المصلين في مسجدين في نيوزيلندا أول من أمس الجمعة، اتضح أن العالم يواجه تطرفاً وإرهاباً مغايراً لما تم التعامل معه خلال الأعوام الثلاثين الماضية، والذي حاول المتطرفون والإرهابيون إلصاقه بالدين، خصوصاً الدين الإسلامي. إننا في «مركز الملك عبد الله العالمي للحوار» أكدنا منذ إطلاق مبادرة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات أهمية اعتبار الدين جزءاً من الحل، وليس أساس المشكلة. وقد واجه هذا النداء صعوبات كبيرة في إقناع المؤسسات الدولية وصناع السياسات في المؤسسات الرسمية في الغرب في التعامل مع الدين على ذلك الأساس.

التعايش... خيارنا من أجل المستقبل

لعل من أهم التحديات التي تواجه المجتمعات الإنسانية اليوم هو كيفية التعامل مع الاختلاف والتفيصل بن عبد الرحمن بن معمرنوع الثقافي والديني والعرقي. ومع تزايد وتيرة التحريض على العنف وارتكاب الفظائع تحت مبررات دينية وعرقية، أصبح موضوع إدارة التنوع، من خلال صناعة التعايش، داخل المجتمع الواحد، أو بين المجتمعات الإنسانية، أمراً في غاية الأهمية، ليس فقط لأصحاب القرار السياسي، بل لأفراد المجتمع كافة. ومن هذا المنطلق أصبح مفهوم التعايش أحد المفاهيم المحورية الهادفة لإدارة التنوع في المجتمعات الإنسانية بشكل سليم، وتحويله إلى قوة دفع لتعزيز التماسك المجتمعي وتحقيق السلام بين شعوب العالم.

عسكرة الخلافات الطائفية ومستقبل الحوار والتعايش في العالم الإسلامي

لقد ذكرت في مقالة سابقة في صحيفة «الشرق الأوسط» (بتاريخ 14 يناير (كانون الثاني) 2016م حول سياسات النظام الإيراني الطائفية تدمر التعايش السلمي بين المسلمين) أن السياسات الإيرانية القائمة على مبدأ عسكرة الخلافات الطائفية بين المسلمين، سوف يكون لها آثار كارثية على المنطقة. وقد لا يخفى على أحد أن نتائج تلك السياسات أصبحت واضحة للعيان في العراق، وسوريا ولبنان. فالعراق يعاني اليوم من دوامة من الصراعات المسلحة يأخذ البعد الطائفي فيها مساحة واسعة.

سياسات النظام الإيراني الطائفية تدمر التعايش السلمي بين المسلمين

لقد تأكد للكثير من القادة السياسيين والمحللين؛ أن استخدام إيران للأدوات المذهبية لتكون غطاءً لخلافاتها القومية والسياسية مع الدول العربية والإسلامية له آثار كارثية على وحدة منطقة الشرق الأوسط واستقرارها.