إياد أبو شقرا
صحافي وباحث لبناني، تلقى تعليمه العالي في الجامعة الأميركية في بيروت (لبنان)، وجامعة لندن (بريطانيا). عمل مع «الشرق الأوسط» منذ أواخر عقد السبعينات وحتى اليوم، وتدرج في عدد من المواقع والمسؤوليات؛ بينها كبير المحررين، ومدير التحرير، ورئيس وحدة الأبحاث، وسكرتير هيئة التحرير.

«جولة لينيكر» في الحرب الثقافية البريطانية

لا تُخاض كلُّ الحروب بالدبابات والمدفعية والطائرات الحربية، ومع هذا يسقط حتى في الحروب غير المسلحة ضحايا. وكما سمعنا، وأثبتت الأيام صحة ما سمعناه... الضحية الأولى للحرب – أي حرب – هي الحقيقة، وفق مقولة تنسب للسيناتور الأميركي الراحل حيرام جونسون عام 1918. راهناً يعيش العالم عدة أصناف من الحروب: «جبهاتية - كلاسيكية» و«سيبرانية» و«إرهابية» و«اقتلاعية - استيطانية» و«اقتصادية»...

أميركا 2024... بين تكرار «السيناريوهات»... وقلة البدائل

كان آخر ما كانت تحتاج إليه «حرارة» معركة انتخابات الرئاسة الأميركية في العام المقبل تطوّراً دراماتيكياً يمسّ الحالة الصحية للرئيس جو بايدن، لكن هذا ما حصل بالأمس مع الإعلان عن إزالة نمو سرطاني صغير من جلده. ومع أنَّ التقارير الطبية بعد العملية قلّلت من شأن النمو، وأكّدت أنَّ الرئيس (80 سنة) لن يحتاج بعد العملية إلى أي إجراء أو علاج إضافي، فما حدث لرئيس ثمانيني تتراجع لياقته البدنية – وثمة من يشير أيضاً إلى تراجع حالته الذهنية – لا يشجّع كثيرين على الاصطفاف خلفه في مواجهات داخلية ودولية مضنية...

أوكرانيا: سنة مؤلمة على اندلاع الحرب ـ المأزق

قبل سنة، مع بدء روسيا الحرب الأوكرانية «ميدانياً» كتبتُ في هذا الصفحة ما يلي: «في السياسة ننسى أحياناً العاملَ الأهم في الصراعات السياسية والعسكرية، ألا وهو (التكلفة). وفي أوكرانيا ثمة مَن يراهن على أنَّ عامل التكلفة سيقرّر ما إذا كانت القراءتان التاريخية والمصلحية لفلاديمير بوتين ستدفعانه أكثر في خيار الصدام والقضم، أم تفرضان عليه منحى أكثر براغماتية وتصالحية يقوم على المناورة بين مواصلة التصعيد، والاكتفاء المرحلي بنجاعة رسالة القوة، وخلق (واقع على الأرض) يضمن الغلبة...

مخاطر ضعف الحضور السياسي السنّي

بين هلعِ اللبنانيين من زلازل الطبيعة وذعرِهم من تهديدِ لقمة العيش... يستمرُّ الكابوسُ الفظيعُ الذي يصفّي البقيةَ الباقية من وطن متناهَش ومتلاشٍ حتى الاضمحلال. التطوراتُ المتلاحقة في ردهات التفاوضِ وقاعات الاستقبال وأمامَ عدساتِ الإعلام تثير حركة ناشطة، لكنَّها من نوعية «حركة بلا بركة»... أي أنَّها تقوم على أوهام وتتغذَّى من أوهام، وتهدفُ إلى بيعِ مزيد من الأوهام، في ظلّ ثابتٍ واحد ومتحوّلات عديدة. من ثم، ليس غريباً تزامنُ تهديداتِ أمين عام «حزب الله»، التنظيم الإيراني الهوية واللبناني المقر، مع بدءِ إسرائيل في «عصر جديد» لبنيامين نتنياهو تصديرَ غاز الحقول المتنازع عليها سابقاً مع لبنان...

هل من دروس مستفادة بعد الكارثة الزلزالية التركية ـ السورية؟

أردّد بيني وبين نفسي على الدوام بيتَي الشعرِ الفلسفي المختلف على نسبتهما: دواؤك فيكَ ومَا تبصرُ وداؤك منكَ ومَا تشعرُ أتزعم أنك جرمٌ صغيرٌ وفيك انطوىَ العالم الأكبر؟ هذا كلام عميق حقاً عندما نتبصّر في الوجود. في ذلك الفضاء اللامحدود من حولنا، ثم مع خلجة قلب أو شعور بألم... ننكفئ على ذاتنا فنشعر كم نحن ضعفاء قليلو الحيلة. الإنسان، ذلك المخلوق الموصوف بالعاقل ينجز كل سنة ابتكارات ما كانت في البال، بل يُقال إن ما تستنبطه البشرية مع كل عقد من الزمن يفوق كل ما استُنبط في القرون السابقة.

صنع في أي مكان ... باستثناء لبنان

من الأكاذيب التي ارتاحَ اللبنانيون طويلاً لتردادها، من دون أن يصدّقوها بالضرورة، كذبة أنَّ رئيس الجمهورية في بلدهم صناعة داخلية. على الأقل العقلاء والواقعيون منهم يدركون أنَّ لبنان الحالي كيان نشأ في ظرف تاريخي معين، ووفق توازنات دولية جديدة، ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى وأفول شمس الدولة العثمانية. وبعبارات دينية وطائفية حصلت تغييرات جوهرية على أرض إحدى الساحات الحساسة في صراع «المسألة الشرقية» وخط الزلازل الحدودي بين العالمين الإسلامي والمسيحي.

الخوف... سبب ثلاثة أرباع آفات السياسة

في عالم يصدمنا بالمفاجآت كل يوم تقريباً، تلحّ على ذاكرتي كلمات القائد العسكري والسياسي النازي الألماني هيرمان غورينغ لصحافي أميركي كان يتكلم أمامه عن فضائل الديمقراطية التي تعصم عن المغامرات السياسية القاتلة. يومذاك، قاطعه غورينغ - من سجنه، قبل انتحاره بالسم - سائلاً «أي ديمقراطية... أي خيار للشعب؟ عندما تزرع الخوف في نفوس الناس تراهم يعطونك قرارهم وحرياتهم بلا تردد!!». هذه الكلمات سمعتها منذ سنوات بعيدة، لكن صدقها تثبته الأحداث التي نراها من حولنا في معظم دول العالم، بصرف النظر عن الأحجام والثراء والثقافة ونوعية النظام السياسي.

لمسات إيرانية إقليمية جديدة في استقبال عهد نتنياهو الجديد

أن يحاول المرء طمأنة نفسه إلى مكامن قوته، والحرص على تعزيز صداقاته وتحالفاته، لا يعنيان البتة الاستهانة بمصادر التهديد كائنة ما كانت. كذلك لا يجوز إطلاقاً لأي قيادة حكيمة رشيدة أن تصدّق التعابير المنمّقة الصادرة عن جهات لديها من المصالح بقدر ما في جعبتها من أحقاد ومؤامرات. ما من شك، أنه في مصلحة الجميع بمنطقة الشرق الأوسط طي صفحة العداوات، وإطلاق مقاربات جديدة قائمة على إدراك المصالح المشتركة في تجنب «الانتحار الجماعي». لكن ما الحيلة عندما تسير الدبلوماسية المهذبة والنيات السيئة في خطين متوازيين؟

لبنان: الأسئلة كثيرة... والجواب واحد

يستحق الإعجاب الزملاء معدّو نشرات الأخبار في لبنان، فهم قادرون دائماً على استنباط أي «جديد قديم» يشدّ الجمهور اليائس المتعطّش إلى طمأنة زائفة. أنا أتابع على معظم محطات التلفزيون اللبنانية - كلما أتيحت لي الفرصة - نشرات الأخبار والحوارات السياسية مع أشخاص أعتقد أن لديهم ما يقولونه. وتثير إعجابي قدرة معظمهم على قول أي شيء ولا شيء في الوقت نفسه.

مع تركيا وإيران وإسرائيل... 2023 عام يطل بلا أوهام

يمضي عام 2022 ونستقبل عام 2023 في عالمنا العربي من دون أوهام، وقلة ضئيلة جداً من الأحلام. مؤلم أن نكون في قلب الجغرافيا... ولكن على هامش التاريخ. ومؤسف أن نبالغ في تقدير قوتنا وقدرتنا على التأثير في الأحداث. وهنا أزعم أن علينا كعرب، في ضوء حصيلة عام 2022 التوجه إلى التفكير الجاد لمواجهة التحديات المحيطة بنا، ناهيك عن مؤشرات الخطر التي تتوالد داخل مجتمعاتنا الشابة. عالمياً، سقطت أوهام كثيرة تتصل بنظرتنا المُعجبة بمتانة «المؤسسات» الديمقراطية الغربية، وقدرتها الدائمة على استيعاب الصدمات وتصحيح المسارات.