حفتر ينتقد اتفاق السراج مع إيطاليا عشية زيارته إلى موسكو

قال إن مشكلة المهاجرين إلى أوروبا {لا تُحل على شواطئنا}

المشير حفتر وجه انتقادات لاذعة للسراج بخصوص اتفاقه مع إيطاليا حول إرسال قطع بحرية للمساعدة في حل أزمة المهاجرين (أ.ف.ب)
المشير حفتر وجه انتقادات لاذعة للسراج بخصوص اتفاقه مع إيطاليا حول إرسال قطع بحرية للمساعدة في حل أزمة المهاجرين (أ.ف.ب)
TT

حفتر ينتقد اتفاق السراج مع إيطاليا عشية زيارته إلى موسكو

المشير حفتر وجه انتقادات لاذعة للسراج بخصوص اتفاقه مع إيطاليا حول إرسال قطع بحرية للمساعدة في حل أزمة المهاجرين (أ.ف.ب)
المشير حفتر وجه انتقادات لاذعة للسراج بخصوص اتفاقه مع إيطاليا حول إرسال قطع بحرية للمساعدة في حل أزمة المهاجرين (أ.ف.ب)

وجه المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، أمس عشية زيارته العاصمة الروسية موسكو، انتقادات حادة لاتفاق فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، مع إيطاليا على إرسال قطع بحرية إيطالية للمياه الإقليمية الليبية، ودعا أوروبا في المقابل إلى تقديم دعم مادي للمساعدة في مكافحة عمليات التهريب والهجرة غير الشرعية إلى ليبيا.
ومن المقرر أن يلتقي حفتر في موسكو عددا من المسؤولين الروس لبحث التطورات الراهنة على الساحة الليبية. ونفت مصادر مقربة منه لـ«الشرق الأوسط» أن يكون بصدد عقد اجتماع مع السراج في موسكو برعاية روسية.
وقال ليف دينغوف، الذي يترأس مجموعة اتصال شكلها البرلمان الروسي ووزارة الخارجية حول ليبيا، إن حفتر سيلتقي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف غدا (الاثنين)، موضحا أن «طائرة حفتر التي كان مقررا أن تقلع من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي تأخرت، حيث كان من المنتظر أن يصل عند الساعة الثانية بعد الظهر بتوقيت موسكو»، وأضاف أنه حتى الآن من المؤكد فقط أنه سيلتقي الوزير لافروف يوم الاثنين.
وكان دينغوف قد أبلغ وكالة «سبوتنيك» الروسية في وقت سابق أن روسيا ترحب دائما بالحوار بين المشير حفتر والسراج، مشيرا إلى «أنهما قد التقيا في أبوظبي وفي فرنسا مؤخرا»، وأضاف موضحا أنه «انطلاقا من أن موقف روسيا بهذا الشأن يتمثل بضرورة التواصل مع جميع أطراف النزاع، فإننا من جانبنا نحاول القيام بجهود لمساعدة الطرفين على التوصل إلى اتفاق، وإحلال السلام في ليبيا»، وأعاد إلى الأذهان أن السراج زار موسكو قبل فترة، مشيرا إلى أن لدى موسكو «علاقات جيدة» معه، وأنه تمت إقامة الاتصال به قبل عامين لأول مرة.
لكن مصادر في مكتب السراج نفت اعتزامه القيام بزيارة إلى روسيا خلال تواجد المشير حفتر هناك.
إلى ذلك، وفي أول تعليق له على الاتفاق البحري الذي أبرمته مؤخرا حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج مع الحكومة الإيطالية مؤخرا، انتقد حفتر أمس في مقابلة مع صحيفة «كورييري دولا سيرا» الإيطالية، مجددا السراج، الذي لم يستشره للموافقة على عملية دعم بحري لإيطاليا من أجل مساعدة خفر السواحل الليبيين على احتواء عمليات انطلاق زوارق المهاجرين، وقال إن «قراره خيار شخصي غير شرعي وغير قانوني».
واعتبر حفتر أن كلفة الجهود الأوروبية الضرورية للمساعدة في وقف تدفق اللاجئين على الحدود الجنوبية لليبيا، تقدر بـ«20 مليار دولار على امتداد 20 أو 25 عاما»، موضحا أن «مشكلة المهاجرين لا تحل على شواطئنا. وإذا توقفوا عن المغادرة عبر البحر، فيتعين علينا عندئذ أن نحتفظ بهم، وهذا ليس ممكنا»، مضيفا أنه «يتعين علينا في المقابل العمل سوية لوقف موجات تدفق اللاجئين على امتداد 4000 كيلومتر من الحدود الصحراوية الليبية في الجنوب... وجنودي على أهبة الاستعداد، وأنا أسيطر على أكثر من ثلاثة أرباع البلاد... لدي العناصر، لكن تنقصني الإمكانيات».
وكشف حفتر عن طلبه الحصول على أسلحة من فرنسا، وقال إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «سألني عما نحتاج إليه، وأنا أقوم بإعداد لائحة لإرسالها إليه»، مشيرا إلى أن اللائحة تتضمن «تدريبات لخفر الحدود، وذخائر وأسلحة، وخصوصا آليات مدرعة وسيارات جيب للرمل، وطائرات من دون طيار وأجهزة كشف الألغام ومناظير للرؤية الليلية ومروحيات».
وأوضح حفتر أن الهدف هو إقامة معسكرات متحركة تضم 150 رجلا كحد أدنى في كل مائة كيلومتر، وقدر كلفة هذا البرنامج الكبير بـ«نحو 20 مليار دولار على امتداد 20 أو 25 عاما للبلدان الأوروبية».
وعلى سبيل المقارنة، قال حفتر إن «تركيا تحصل على ستة مليارات» من بروكسل «للسيطرة على عدد من اللاجئين السوريين وبعض العراقيين... أما نحن في ليبيا، فيجب أن نعمل على احتواء دفعات كبيرة من الأشخاص الذين يصلون من كل أنحاء أفريقيا».
وكان حفتر قد اتفق مع السراج في باريس برعاية فرنسية، على إعلان مبادئ من عشر نقاط يتعهدان فيها خصوصا بوقف لإطلاق النار وإجراء انتخابات في أسرع وقت ممكن. لكن إعلان المبادئ هذا يبقى غير واضح، ولا يلزم المجموعات المسلحة الناشطة في ليبيا، سواء كانت قريبة من حفتر أو السراج.
إلى ذلك، قال العميد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم قوات الجيش الوطني الليبي، إن طائرات حربية تابعة للجيش شنت أمس غارات جوية استهدفت مواقع للمتطرفين بمنطقة الظهر الحمر في مدينة درنة، مشيرا إلى أنه تم تدمير عدد سيارتين مسلحتين وقتل عدد من الإرهابيين.
من جهتها، طالبت غرفة عمليات عمر المختار لتحرير مدينة درنة المواطنين في حي ﺷﻴﺤﺎ ﺍﻟﻐﺮبية بالمدينة، بضرورة طرد الميليشيات الإرهابية وإخلاء مقراتها من الأسلحة والذخائر، إذ قال مدير مكتب إعلام الجيش إن الغرفة حذّرت المواطنين من تخبئة عربات الإرهابيين وآلياتهم المسلحة في منازلهم أو إيوائهم، مشيرا إلى أن كافة أماكن تجمع الإرهابيين ومقراتهم وآلياتهم بما تحتويه، ستكون هدفاً مشروعاً لغارات سلاح الجو أينما تواجدت.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.