الأكمام المبتكرة... حل يرضي كل الأطراف

تتميز بالحداثة والفنية رغم جذورها التاريخية

من عرض «ستيفان رولان» الأخير - من عرض «رالف أند روسو» - من عرض «رالف أند روسو»
من عرض «ستيفان رولان» الأخير - من عرض «رالف أند روسو» - من عرض «رالف أند روسو»
TT

الأكمام المبتكرة... حل يرضي كل الأطراف

من عرض «ستيفان رولان» الأخير - من عرض «رالف أند روسو» - من عرض «رالف أند روسو»
من عرض «ستيفان رولان» الأخير - من عرض «رالف أند روسو» - من عرض «رالف أند روسو»

مهما أبدع المصممون وابتكروا نجد دائماً خيوطاً تربط جديدهم بالماضي قريباً كان أم بعيداً. هذه الخيوط تأتي أحياناً على شكل لمسات تتناثر على جانب الصدر أو في ذيل تنورة وأحياناً باستعمال تقنيات قديمة في التطريز وغيرها من الأمور التي تذكرنا بأن التاريخ يعيد نفسه. في الموسمين الأخيرين عادت بنا الموضة إلى القرن الثامن عشر ومنه إلى الثمانينات لتصوغ لنا أكماماً تضج بالدرامية والشاعرية في الوقت ذاته. ولأنها لقيت قبولاً، ظهرت أيضاً في عروض الموسمين المقبلين، بما فيها خط الـ«هوت كوتير» لخريف 2017 وشتاء 2018.
نظرة إلى هذه المقترحات تجعل اتهام صناع الموضة بالكسل أو التنكر للقديم صعباً. فبما أن معظم الأفكار، إن لم نقل كلها، استهلكت، فإنهم على الأقل يجتهدون لكي يضفوا على تصاميم تعودت عليها العين تفاصيل جديدة ومبتكرة بغض النظر إن كانت غايتهم منها تحقيق الربح أو استعراض قدراتهم. المهم أن هذه الأكمام انتشرت انتشار النار في الهشيم وأصبحت صرعة تقبل عليها المرأة التقليدية والشابة العصرية على حد سواء. ولحسن حظ المرأة ذات القدرات المادية العادية، انتقلت سريعاً من منصات الموضة العالمية إلى المحلات الشعبية، مثل «إتش أند إم» و«زارا» وغيرها. وهكذا بات بإمكان من ليست لها الإمكانيات لشراء معطف من دار «ديلبوزو» الإسبانية بـ1.900 جنيه إسترليني أو «بيربري» بأكثر من 3.900 جنيه إسترليني أن تشتري تصميماً قريباً منه تطرحه «زارا» بأقل من عُشر السعر.
يُعيد البعض سبب التركيز على تزيين الأكمام تحديداً إلى المرأة الشرقية عموماً والعربية خصوصاً، لأنها أكثر من تطلب الأكمام الطويلة احتراماً لبيئتها. وبما أن كلمتها أصبحت مسموعة في عالم الموضة ما كان من المصممين إلا الإذعان لها وفي الوقت ذاته إرضاء ذاتهم بالتفنن فيها. ففكرة تكرار الأفكار نفسها لم تعد مطروحة لا بالنسبة لها ولا بالنسبة لهم. وكانت النتيجة إرضاء للطرفين. فقد اكتشفوا أن هذه الأكمام المبتكرة ترتقي بتصميم عادي به إلى مستوى رفيع من الأناقة. ورغم روابطها التاريخية التي تعود إلى القرن الثامن عشر مثل الأكمام المستوحاة من ملابس الأساقفة، فإنها تعبق بالحداثة والرومانسية، بما فيها تلك التي تستحضر أشكال الكيمونو أو التي تتفتح من تحت كالمزمار أو هندسية مثل المعابد البوذية. حسب المصممة سيمون روشا، التي قدمت في تشكيلتها الأخيرة عدة قطع بهذا التصميم، كان واحداً منها معطفاً واقياً من المطر، أطلقت على أكمامه اسم جولييت، إشارة إلى مسرحية «روميو وجولييت» والحب الذي جمع بينهما، فإن الأكمام المنفوخة تعتبر الحل المثالي عندما يريد المصمم أن يضع نقطة اختلاف مفعمة بالأنوثة على تصاميم مستوحاة من خزانة الرجل. فهي تُضفي على أي تصميم شاعرية مبطنة.
قراءة سريعة في تاريخها المعاصر تشير إلى أن الإسبانيين أكثر من أبدعوا فيها. من الراحل كريستوبال بالنسياجا في الخمسينات إلى دار «ديلبوزو» التي تأثرت به مرورا بمحلات «زارا» الشعبية. لكن هذا لا يعني أن باقي المصممين العالميين كانوا أقل مستوى. بالعكس شمروا بدورهم عن أكمامهم وتفننوا فيها لتأتي أحياناً بطريقة رومانسية، خصوصاً عندما تكون من أقمشة منسابة. وقد تكون هذه الأنسب بالنسبة لامرأة محافظة في اختياراتها. لكنها وحتى عندما تُغرق في الدرامية، فإنها تنبض بالتفرد التي تطلبه امرأة تريد التميز عن غيرها. وليس أدل على هذا ما قدمته دار «شانيل» مؤخراً، و«سيلين» و«بالنسياغا» و«سان لوران» و«سيمون روشا» وغيرهم من الأسماء العالمية. حتى تامارا رالف مصممة دار «رالف أند روسو» المتخصصة في الـ«هوت كوتير» فحسب قدمت في تشكيلتها الأخيرة مجموعة من الفساتين تتفتح فيها الأكمام من الداخل بالتول، بينما اقترحها ستيفان رولان على شكل أجنحة.
فالقاسم المُشترك بين كل ما قدموه أن هذه الأكمام، أياً كان شكلها، تكفي لجعل إطلالة بسيطة تتكون من بنطلون جينز أو تنورة مستقيمة وعادية، تبدو في غاية الأناقة والحداثة. ثم أنها لا تقتصر على المناسبات الخاصة، بل يمكن التمتع بها في الأيام العادية من خلال قميص قطني أو كنزة صوفية أو معطف أو حتى تي - شيرت خفيف. دار «بيربري» من بيوت الأزياء الكثيرة التي ركبت الموجة واقترحت عدة أشكال أخذتنا إلى العصر الإليزابيثي. ولا يختلف اثنان أن أناقة الفساتين التي طرحتها ورومانسيتها تُبرر أسعارها التي تبدأ من 3.495 جنيه إسترليني أحيانا. أليساندرو ميشيل، مصمم دار «غوتشي» أيضاً وضع بصمته ويده على الأكتاف والأكمام. فقد لعب على أسلوب الماكسيماليزم وعاد بنا إلى الثمانينات من القرن الماضي ليأخذ منها الكثير من التفاصيل التي صاغها بأسلوب يجمع الجرأة بالشقاوة. من القطع التي اقترحها فستان للكوكتيل بلون أزرق صارخ بكتف وكم واحد تُزينه كشاكش على طول الذراع. اقترح أيضاً قميصا للسهرة باللون الوردي ببليسيهات عند الصدر وكمية سخية من القماش تنسدل وتلتف على شكل مروحة تغطي كامل اليد. البريطانية ستيلا ماكارتني لم تفوت على نفسها فرصة ركوب الموجة بلعبها على الأحجام في قطع «سبور» خاصة بالنهار. الفرق أنها تبنت أسلوباً هندسياً يستحضر فن المعمار في جاكيتات مصنوعة من القطن المطاطي.
الحديث عن الهندسي يأخذنا إلى جوزيف فونت مصمم دار «ديلبوزو» الإسبانية، الذي استغل خبرته ودارسته في مجال الفن المعماري ليُشكل تصاميم بخطوط قوية وفنية. وقد يكون معطفاً باللون الوردي بأكمام تأخذ شكل فانوس، يقدر سعره بـ1.900 جنيه إسترليني، من أكثر القطع التي ظلت عالقة في الذهن بعد عرضه. فهو عملي وفي الوقت ذاته يلفت الأنظار بأناقته. ويُعلق جوزيف أن اللعب بالأحجام تدخل في جينات الدار وتعتبر أحد أهم رموزها، وكل ما قام به أنه احترمها وطورها «فمنذ البداية أردت أن آخذ هذه الرموز وأجعلها مواكبة للعصر». ولا يخفي أن تدربه في مجال المعمار ساعده أن يُطوع هذه الأحجام بشكل يحترم النسبة والتناسب. فإتقان لغة الأكمام ليست سهلة كما تبدو للوهلة الأولى بل تعتمد على تقنيات فنية عالية تجعل أشكالها الهندسية لا تُؤثر على حركة اليد وراحة الجسم. فالمتعارف عليه أنها الجزء الأكثر تعقيداً في أي زي حسب ما يردده المصممون والخياطون على حد سواء. ويقال إن الراحلة غابرييل شانيل كانت تعيد تجربته عدة مرات للتأكد من أنه يريح المرأة ويجعل باقي الأجزاء تنسدل على الجسم بحرية.

محطات معاصرة
إذا كانت شانيل اعتمدت البساطة في تصميم هذا الجزء، فإن غريمتها آنذاك إلسا سكاباريللي كانت من بين المصممين الأوائل الذين بدأوا عملية التفنن فيه. كان ذلك في الثلاثينات من القرن الماضي عندما قدمت تصميما بسيطا بأكتاف قوية وأكمام مبالغ فيها بالنسبة لتصاميم تلك الحقبة. في الأربعينات التقط الراحل كريستيان ديور الخيط وقدمها لنا بشكل أنثوي من خلال فساتين وجاكيتات مشدودة عن الخصر بينما تتفرع الأكمام منها بأشكال مقوسة بعض الشيء عند الأكتاف.
عهدها الذهبي كان في الخمسينات على يد كريستوبال بالنسياجا الذي كان يعشق الأشكال المقببة والمستديرة وكان في تلك الفترة لا يهتم بالتجاري بقدر ما يهمه الفني. بعبارة أخرى لم يُبالِ كثيرا بالعادي وبالغ أحيانا في درامية الأحجام لترتقي تصاميمه إلى مصاف التحف.
في الستينات اختفت هذه الأشكال مع ظهور الفساتين القصيرة ذات التصاميم البسيطة. كانت هذه هي الفترة التي حصلت فيها المرأة على كثير من حقوقها وشهدت تحررها من القيود الاجتماعية، التي انعكست على الموضة.
في السبعينات والثمانينات ظهرت هذه الأكمام من جديد علي يد إيف سان لوران وثيري موغلر وجيانفرانكو فيري. كانت واضحة لكي تعكس القوة المتزايدة للمرأة. جيانفرانكو فيري كان أكثر من أبدع فيها في هذه الحقبة. فقد كان مهندسا معماريا بالأساس وهو ما ظهر في الكثير من تصاميمه.

همسات

-قد تُصيبك أشكال بعض هذه الأكمام وهي معلقة على شماعة في المحلات، ببعض الخوف على أساس أنه سيصعب عليك تنسيقها مع باقي أزيائك بسهولة أو توظيفها في حياتك اليومية، لكنك ما إن تجربينها حتى تشدك إليها. فإلى جانب أنها إضافة قد تحتاجينها لرش جرعة تميز على مظهر بسيط وإخراجه من «العادي»، فإنها أيضاً مصممة بشكل متوازن.
- الحل بالنسبة لامرأة تخوض التجربة لأول مرة أو تتخوف منها، أنها تختارها بلون واحد من الرأس إلى أخمص القدمين، لكن يمكنك ضخ إطلالتك بجرعة من الألوان، بتنسيق الجزء الأعلى مع تنورة بنقشات وألوان متضاربة، على شرط أن تكون بتصميم بسيط لا تدخل فيه أية كشاكش أو طيات مهما كانت فنيتها.
- تناسب هذه الأكمام المرأة النحيفة كما تناسب البدينة على شرط أن تكون على المقاس، ويتم مراعاة عملية النسبة والتناسب. هذا الشرط يهم تحديدا المرأة الناعمة التي عليها أن تحرص ألا تغمر هذه الأكمام أو أي تفاصيل أخرى جسمها. فكلما أبقيت على أزيائك بسيطة جدا مقتصرة على هذه الأكمام المنفوخة أو المتفتحة كان المظهر أحلى.
- إذا كان القميص أو الجزء الأعلى من القطعة يميل إلى الاتساع يُمكن الاكتفاء بشده بحزام رفيع لتحديد الخصر على أن تبقى الأكمام هي مركز الجذب.
- المشكلة الوحيدة قد تكون عندما تكون الأكمام مقببة ومصنوعة من أقمشة سميكة وصلبة، ويكون الجو باردا يستدعي ارتداء قطعة أخرى فوقها. معطف من دون أكمام أو على شكل «كاب» هو الحل بالنسبة لخبراء الأزياء. وبما أن هؤلاء الخبراء يهتمون بالشكل أولا والعملية ثانية، فإنهم يخفون هذه الأكمام تحت معطف أو كنزة جريمة. فالفكرة منها هي استعراضها مهما كانت حالة الطقس.



دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
TT

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

في مجموعته من خط «الريزورت لعام 2020» أثار مصمم دار «كارولينا هيريرا» ويس غوردن موجة من الاستياء والغضب في المكسيك. اتُهم حينها بالسرقة الفنية والثقافية، لأنه استلهم من تطريزات تراثية مكسيكية بشكل شبه حرفي من دون أن يطلب الإذن من أصحابها ولا أشار إليهم. وصل الأمر إلى تدخل حكومي، جاء على لسان وزيرة الثقافة المكسيكية آليخاندرا فراوستو التي وجَهت رسالة تتهم فيها دار «كارولينا هيريرا» بالانتحال الثقافي وتطالبها بتفسير علني لاستخدامها رسوماً منسوخة من تراث الشعوب الأصلية المكسيكية، وما إذا كان هؤلاء سيستفيدون بأي شكل من الأشكال.

جاءت كل إطلالة وكأنها لوحة مرسومة بالأزهار والورود (كارولينا هيريرا)

كان رد المصمم سريعاً وهو أن فكرة الانتحال لم تكن تخطر بباله، وأن ما قصده كان تكريم الثقافة المكسيكية والاحتفال بها، مُعترفاً أنه لا ينفي أن «المكسيك بالفعل حاضرة بقوة في هذه المجموعة. لكن حرصي على إبراز هذا التراث هو دليل على المحبة التي أكنّها لهذا البلد ولإبداعاته الحرفية التي طالما أعجبت بها وكانت من أهم مصادر إلهامي».

ريزورت 2025

مرت أربع سنوات وأشهر عديدة، وها هو يؤكد أن قوله لم يكن لمجرد التبرير للخروج من ورطة غير محسوبة. هو فعلاً يحب الثقافة المكسيكية، وإلا ما عاد إليها في عرضه الجديد من خط «الريزورت لعام 2025». الاختلاف هذه المرة أنه اتخذ كل التدابير التي تقيه أي جدل أو هجوم. فالعرض كما تشرح الدار «رحلة من الاستكشاف تُعززها العلاقة الممتدة على مدى عقود طويلة بينها وبين المكسيك».

استلهم المصمم ألوانه من غروب الشمس في مكسيكو سيتي والطبيعة المحيطة (كارولينا هيريرا)

عُرضت التشكيلة في منتصف شهر فبراير (شباط) الماضي. اختار لها المصمم غروب الشمس توقيتاً، ومتحف أناهواكالي، مكاناً.

اختيار متحف «اناكاهوالي» مسرحاً للعرض له دلالته. فهو يحتوي على قطع أثرية تعود إلى ما قبل كولومبوس وتحيطه مناظر خلابة تشكلها النباتات المحلية مما جعله مثالياً لعرض يزخر بالتاريخ والفن والجمال. يُعلَق المصمم غوردن «إن مكسيكو سيتي لها مكانة رائدة كمركز عالمي للفنون والإبداعات المعمارية وتجارب الطهو والثقافة، فضلاً عن المهارة العالية التي يتمتع بها الحرفيون المحليون».

اختار المصمم مزيجاً من الألوان التي تتناغم مع بعضها رغم تناقضها (كارولينا هيريرا)

كان واضحاً أنه اتبع هنا مبدأ «ابعد عن الشر وغني له». اكتفى بألوان الطبيعة المستلهمة تحديداً من غروب الشمس والصخور الركانية في مكسيكو سيتي والمناطق المجاورة لها، و تعاون مع أربع فنانات مكسيكيات، ليُرسِخ احتفاءه بالمهارة الفنية والثقافة المكسيكي من دون أن يتعرَض لأي هجوم أو انتقاد.

وهكذا على طول الفناء الأمامي للمتحف الذي تم بناؤه على حجر بركاني منحوت، تهادت العارضات وهن يتألق في تصاميم تراقصت فيها الألوان الزاهية مثل الأزرق والأخضر العشبي، والعنابي، والأصفر الساطع، إلى جانب قطع بالأبيض والأسود. لم يخف المصمم ويس غوردن أنها لوحة رسمها وطرَزها بالتعاون مع فنانات مكسيكيات لهن باع وشغف في مجالات متنوعة، ساهمت كل منهن بضخها بالألوان والديناميكية الجريئة التي تتميز بها الفنون المكسيكية، وهن:

الفنانة ناهنو Nähñu

فنانات برعن في التطريز لهن يد في تشكيل مجموعة من التصاميم (كارولينا هيريرا)

وهي خبيرة تطريز تعود أصولها إلى نانت في تينانجو دي دوريا في ولاية هيدالغو. تفنّنت في ابتكار ثماني قطع قطنية مطرزة مع تدرجات لونية متباينة ظهرت في قمصان وفساتين وسراويل. وتعليقاً على هذا الموضوع، علَقت الفنانة: «تمنحني الأقمشة مساحة للتعبير عن أسلوبي الإبداعي وحالتي المزاجية في مختلف الأوقات. فعندما أشعر بالسعادة أستخدم ألواناً حيوية، بينما أعتمد الألوان الداكنة للتعبير عن شعوري بالحزن». وأضافت ابنتها بيبيانا هيرنانديز، التي ساهمت هي الأخرى في هذه الإبداعات: «نجحنا في هذا المشروع بالتعبير عن أسلوبنا المميز في عالم التطريز. فهو الذي يفسح لنا المجال لإبراز مواهبنا والتعبير عن مشاعرنا المختلفة في الوقت ذاته».

فيرجينيا فيرونيكا آرسي آرسي

من الطبيعة والثقافة المحلية استلهمت الفنانات المتعاونات تطريزاتهن (كارولينا هيريرا)

هي أيضاً فنانة متخصصة في التطريز. أبدعت للدار تطريزات مستوحاة من جمال الطبيعة المحيطة بمدينتها، سان إيسيدرو بوين سوسيسو، بولاية تلاكسالا، التي تشتهر بامتداد منحدرات جبلها البركاني المعروف باسم لا مالينشي.

اكتسبت فيرجينا مهارة التطريز من والدها وهي في سن الـ15، وتعهدت منذ ذلك الحين أن تحافظ على هذه الحرفة وتعمل على تطويرها كلغة فنية لما تُشكله من جزء هام من هوية المجتمع. وتبرز أعمالها في ثلاثة فساتين من الدانتيل المطرز.

جاكلين إسبانا

خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض كان حاضراً في هذه التشكيلة (كارولينا هيريرا)

مساهمتها تجلّت في تخصصها في خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض، والذي يشكل جزءاً رئيسياً من النسيج الثقافي في سان بابلو ديل مونتي بولاية تلاكسالا.

عشقت جاكلين هذا النوع من الخزف منذ طفولتها، فعملت على استكشاف مزاياه الإبداعية بعد إنهاء دراستها في مجال الهندسة الكيميائية. وقالت في هذا الصدد أن خزف تالافيرا «يشكل في منطقتنا إرثاً عريقاً نحرص باستمرار على الحفاظ عليه واستخدامه كزينة في المناسبات الخاصة فقط. ولذا، وقع عليه اختياري لاستخدامه في أعمالي الفنية عموماً، وفي هذه التشكيلة خصوصاً».

استلهمت الفنانة من الخزف ألوانه ومن الطبيعة المكسيكية أشكالها (كارولينا هيريرا)

كان دورها أن تبتكر تفاصيل ومجوهرات من الخزف المرسوم يدوياً لتزين بها قطع أزياء وأقراط، كما تشرح: «بصفتي متخصصة بخزف تالافيرا، ألتزم بالحفاظ على إرث هذا الخزف المتوارث عبر الأجيال، والاحتفاء بجوهره والعمل على تطويره من خلال وضعه في أروع الإبداعات».

ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»

تعاونت الدار مع ورشات مكسيكية لإبداع إكسسوارات لافتة بألوانها (كارولينا هيريرا)

تعاونت الدار أيضاً مع ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»، التي تتخذ من أواكساكا دي خواريز بمدينة أواكساكا مقراً لها. وتعتبر مركز الأعمال الحرفية في المكسيك، إذ تتعاون الورشة مع أبرز الفنانين لإعادة ابتكار بعض القطع التقليدية برؤية عصرية. لهذا المشروع عملت الورشة مع حدادين متخصصين في النحاس ومطرزين ورسامين لتزيين الخيكارا، وهي أوعية تقليدية مصممة من قشور القرع المجففة، تُستخدم فيها الألوان وفن التطريز وأنماط المقرمة وغيرها من المواد.

تقول مؤسسة الورشة نيبرا: «أستمد إلهامي من الطبيعة من حولي، بما تحمله من نباتات وأزهار حسب المواسم التي تظهر فيها، إضافة إلى ألوان غروب الشمس». لهذه التشكيلة، نجحت نيبرا وفريقها في ابتكار مجموعة من المجوهرات الملونة يدوياً تشبه أعمالها فن الخيكارا.

لمسات كارولينا هيريرا

حافظت التشكيلة على أسلوبها الراقص على نغمات من الفلامينكو (كارولينا هيريرا)

لم تكتف «كارولينا هيريرا» بهذه التعاونات. عرضت أيضاً مجموعة مصغرة من ألبسة الجينز بالتعاون مع شركة «فرايم دينم»، إلا أن مصممها وبالرغم من شغفه بالثقافة المكسيكية، لم يتجاهل جينات الدار الأساسية، التي ظهرت في أزياء المساء والسهرة. فهذه حافظت على أسلوبها المعروف بأناقتها الكلاسيكية الراقصة على نغمات من الفلامنكو، إضافة إلى تلك الفخامة التي تعتمد فيها دائماً على الأقمشة المترفة والأحجام السخية، والورود المتفتحة.