تعرقل خروج «سرايا أهل الشام» يؤخر انتشار الجيش اللبناني في الجرود

قرارات للمجلس الأعلى للدفاع لإنجاح العملية ضد «داعش»

جندي في الجيش اللبناني ينظر باتجاه المنطقة التي يسيطر عليها «داعش» في عرسال في يونيو الماضي (أ.ب)
جندي في الجيش اللبناني ينظر باتجاه المنطقة التي يسيطر عليها «داعش» في عرسال في يونيو الماضي (أ.ب)
TT

تعرقل خروج «سرايا أهل الشام» يؤخر انتشار الجيش اللبناني في الجرود

جندي في الجيش اللبناني ينظر باتجاه المنطقة التي يسيطر عليها «داعش» في عرسال في يونيو الماضي (أ.ب)
جندي في الجيش اللبناني ينظر باتجاه المنطقة التي يسيطر عليها «داعش» في عرسال في يونيو الماضي (أ.ب)

عكست العراقيل التي أحاطت بعملية إخلاء منطقة جرود عرسال من المسلحين السوريين تأخيراً على انتشار الجيش اللبناني في جرود عرسال الحدودية مع سوريا، بعد إخلائها من قبل مسلحي «جبهة النصرة»، بموجب اتفاق بين التنظيم و«حزب الله» اللبناني، وتعثر الاتفاقات الآيلة إلى خروج مسلحي «سرايا أهل الشام» إلى القلمون الشرقي.
وفي حين ينتظر الجيش خروج المسلحين بالكامل ليبدأ انتشاره في المنطقة، كما قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط»، واصل الجيش استعداداته لخوض المعركة ضد «داعش» في الحدود الشرقية، مدعوماً بغطاء سياسي واسع من الدولة اللبنانية، عبّر عنه الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس الحكومة سعد الحريري، أمس، بتأكيد «التزام الحكومة بتحرير الأراضي اللبنانية من الإرهاب، والتزامها بالتحالف الدولي ضده»، وشددا على «عدم إضاعة أي فرصة لمكافحة الإرهاب، والتصدي له، وردعه».
وجاء الموقف خلال الاجتماع الذي عقده المجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا، برئاسة عون، وفي حضور الحريري ووزراء الدفاع الوطني والخارجية والمال والداخلية والعدل والاقتصاد والتجارة، وحضور قائد الجيش العماد جوزيف عون وقادة الأجهزة الأمنية.
وبعد التأكيد على أن الحكومة «لن تتهاون، ولن تضيع أي فرصة لمكافحة الإرهاب، والتصدي له، وردعه»، عُرِضَت الأوضاع العسكرية والأمنية، لا سيما في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع، وتم اتخاذ التوصيات والقرارات اللازمة في شأن نجاح العملية العسكرية للقضاء على الإرهابيين.
كما بحث المجلس جهوزية الأجهزة الأمنية والإدارية المعنية، في فصل الصيف، لتأمين الاستقرار اللازم للمواطنين والسياح والمغتربين في مختلف المناطق، من غير الكشف عن مقرراته التي تبقى سرية تنفيذاً للقانون.
وفي سياق الجهوزية والمتابعة، دهمت مخابرات الجيش، أمس، مخيماً للنازحين في مشاريع القاع، وأوقفت 5 أشخاص بشبهة التعامل مع «داعش»، وتم سوقهم إلى إحدى الثكنات العسكرية للتحقيق، بحسب ما أفادت به «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية.
إلى ذلك، لم يطرأ أي تطور على مغادرة عناصر «سرايا أهل الشام»، التابع لـ«الجيش السوري الحر»، الموجودين في محيط بلدة عرسال إلى القلمون الشرقي، تنفيذاً للمرحلة الثالثة من اتفاق عرسال، الذي قضى بإخلاء المنطقة من المسلحين السوريين. وأخرت هذا العراقيل انتشار الجيش اللبناني في الجرود اللبنانية التي أخلاها تنظيم «جبهة النصرة»، علماً أن عراقيل ترحيل عناصر «أهل الشام» باتت لدى الجانب السوري.
وانقسم «سرايا أهل الشام» والمدنيون الراغبون بالرحيل إلى ريف دمشق في سوريا، بين مستعد للمغادرة إلى بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي، ومستعد للعودة إلى بلدته التي نزح منها، بموجب اتفاق مع النظام السوري.
وقال عضو لجنة أهالي القلمون، مأمون جمعة، لـ«الشرق الأوسط»، إن المدنيين مستعدون للعودة إلى قراهم وبلداتهم بضمانات دولية، «على أن تكون تلك المناطق آمنة بمعايير الأمم المتحدة»، لكن المسلحين في «سرايا أهل الشام» يصرون على الرحيل إلى الرحيبة الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، ويرفضون العودة إلى قراهم «خوفاً من تجنيدهم في درع القلمون».
ويعتبر «درع القلمون» أحد التشكيلات العسكرية الرديفة لقوات النظام السوري في القلمون، ويقاتل عناصره إلى جانب ميليشيات أخرى في معارك النظام في البادية السورية الآن.
وقال جمعة إن المسلحين في «سرايا أهل الشام» لن يقبلوا «بالعودة إلى قراهم الواقعة تحت سيطرة النظام، ولا بالمصالحات التي ستدفع النظام لاقتيادهم إلى التجنيد في (درع القلمون)، والقتال إلى جانب النظام».
وإذ أشار جمعة إلى أن بعض المقاتلين يطالبون «حزب الله» بضمانات بألا يقتادهم النظام إلى التجنيد والقتال على الجبهات، قال: «يستبعد البعض الآخر أن يستطيع (حزب الله) توفير ضمانة لهم بعدم اقتيادهم إلى الجبهات، ويقولون إن الضمانات قد لا تكون كافية»، مشيراً إلى أن تلك الهواجس «تسكن الناس، وتحول دون عودة هؤلاء إلى قراهم في القلمون الغربي».
وتشوب ملف «سرايا أهل الشام» تعقيدات، بالنظر إلى أن هؤلاء لا يستطيعون الآن، ولا في مرحلة لاحقة، الرحيل إلى الشمال السوري. وقال مصدر سوري في عرسال، لـ«الشرق الأوسط»، إن تنظيم النصرة «يتهم (السرايا) بأنهم خذلوه في المعركة الأخيرة ضد (حزب الله)»، في إشارة إلى رفعهم الرايات البيضاء، وانسحابهم من المعركة في يومها الثاني، واتجاههم لحماية المخيمات بدل الانخراط في الجبهات. وقال المصدر إن «النصرة» «توعدتهم بالاقتصاص»، وهو ما يحول دون مغادرتهم إلى الشمال السوري.
في هذا الوقت، نشرت صفحة «الإعلام الحربي»، التابعة لـ«حزب الله»، صوراً بعد دخولها إلى منزل زعيم «النصرة» في القلمون، أبو مالك التلي، تظهر أن منزله يتضمن حمام سباحة كان خاصاً به.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.