إيطاليا تدعو لتوحيد المفاوضات بخصوص الأزمة الليبية

غسان سلامة من روما: من غير الواقعي تجاهل دور حفتر

رئيس الحكومة الإيطالية باولو جينتيلوني لدى لقائه غسان سلامة في روما أمس (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة الإيطالية باولو جينتيلوني لدى لقائه غسان سلامة في روما أمس (إ.ب.أ)
TT

إيطاليا تدعو لتوحيد المفاوضات بخصوص الأزمة الليبية

رئيس الحكومة الإيطالية باولو جينتيلوني لدى لقائه غسان سلامة في روما أمس (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة الإيطالية باولو جينتيلوني لدى لقائه غسان سلامة في روما أمس (إ.ب.أ)

شكت إيطاليا مجدداً من تعدد الوساطات في الأزمة الليبية، وقالت على لسان رئيس حكومتها ووزير خارجيتها إنه يجب على الأمم المتحدة تولي قيادة المفاوضات.
وقال رئيس الحكومة الإيطالية باولو جينتيلوني لدى لقائه مع غسان سلامة، المبعوث الأممي إلى ليبيا، في روما في أول زيارة له لعاصمة أوروبية منذ توليه مهام منصبه، إن وجود سلطات ليبية أقوى يجعل الالتزام المشترك ضد مهربي البشر أكثر فعالية، وطالب الأمم المتحدة بضرورة الدفع باتجاه تحقيق الاستقرار في البلاد، حسبما أفادت تقارير صحافية إيطالية، نقلاً عن مصادر حكومية.
بدوره، أكد سلامة على تصريحات رئيس وزراء إيطاليا، بقوله إن «العملية السياسية في ليبيا يجب أن تكون ذات قيادة ليبية... وسنعمل إلى جانبهم بناءً على اقتراحاتهم للمضي قدماً».
كما تعهد سلامة في مؤتمر صحافي مشترك، عقده في وقت لاحق مع وزير الخارجية الإيطالي أنجيلينو ألفانو، بالتواصل مع الليبيين من جميع الأطياف السياسية والاجتماعية لسماع آرائهم. وقال بهذا الخصوص: «سنعمل جنباً إلى جنب مع الليبيين في إطار عملية تقودها ليبيا وتسهلها الأمم المتحدة».
ولدى لقائه سلامة، لفت ألفانو إلى أنه «تم حتى الآن إجراء الكثير من المفاوضات، وكان هناك الكثير من المفاوضين، والمحصلة النهائية صفر»، مشيراً إلى أن «القضية الليبية يجب أن تحتل موقع الصدارة على جدول أعمال الشؤون السياسية الدولية».
وأوضح بيان أصدرته وزارة الخارجية الإيطالية أمس أن زيارة سلامة إلى روما تحتل أهمية خاصة، باعتبارها الموعد الأول عقب اللقاءات التي عقدها سلامة في العاصمة الليبية طرابلس. وقال البيان إنه تم «إنجاز تقييم مستفيض للإطار الحالي المعقد للوضع في ليبيا، وتجديد دعم إيطاليا للأمم المتحدة في جهودها الرامية لإرساء الاستقرار في ليبيا».
ونقل عن الوزير ألفانو قوله إن «إيطاليا يجب أن تظل البلد الذي يجمع بين الأمن وحقوق الإنسان، كما يتضح ذلك من خلال الدعم الملموس الذي نقدمه للهيئات الإنسانية الدولية من أجل تنظيم معسكرات للاجئين في ليبيا».
ورأى ألفانو أنه «حان الوقت للأمم المتحدة لإثبات دورها الاستراتيجي في الساحة الدولية لتجنب مبادرات مرتجلة، تفتقر إلى التنسيق». وقال وفقاً لرسالة وجهها إلى صحيفة «كورييري ديلا سيرا»، وبثت وكالة «آكي» الإيطالية للأنباء فقرات منها، إن الأزمة الليبية «شهدت تعدد المفاوضات والمفاوضين، لكن الآن يوجد مبعوث أممي جديد، وعلى كل دولة الاعتماد على تحركاته بتسليمه نتائج ما حققته من عمل في إطار جهود الجمع بين الليبيين»، موضحاً أن بلاده «تقدمت بمقترحات ضمن مخططا متعدد الأطراف، واليوم تدعو وكالات الأمم المتحدة، ومفوضية شؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة، إلى مساهمة أساسية للتعامل مع ظاهرة الهجرة، التي تعتمد بشكل رئيسي على الاستقرار في ليبيا».
ودافع ألفانو عن إرسال قطع بحرية إيطالية إلى سواحل ليبيا، معتبراً أن البعثة البحرية الإيطالية «هي تحرك لدعم خفر السواحل الليبي للتصدي بفعالية أكبر للاتجار بالبشر والهجرة غير النظامية».
من جانبه، شدد المبعوث الأممي على أن للمشير حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، تأثيرا على جزء من ليبيا، ولديه أتباع بين الشعب الليبي، وقال بهذا الخصوص: «بالتأكيد هو رجل عسكري، وربما تكون لديه طموحات عسكرية وسياسية»، لكنه «ليس على عاتقي قرار من يجب ومن لا يجب أن يلعب دورا سياسيا في ليبيا... وسيكون من غير الواقعي تجاهل هذه القوة في ذلك الجزء من البلاد»، موضحا أن بعثة الأمم المتحدة لم تتواجد لزمن طويل في ليبيا بسبب التأخير في تعيين المبعوث الجديد. وأضاف سلامة مستدركاً: «لكن الآن نحن متواجدون، ولن تروني فقط في طرابلس، بل آمل أن تروني أيضا في بنغازي ومصراتة، التي انقطعت عنها الأمم المتحدة في السنوات الأخيرة». وتابع سلامة: «علينا أن نتحدث مع الجميع... السياسيون وشرائح المجتمع، ومع جميع الأطراف... لذلك أريد الذهاب إلى جميع أنحاء البلاد».
وسعى سلامة إلى اتخاذ موقف محايد حيال الجدل الذي أثاره إرسال الحكومة الإيطالية بعثة بحرية لدعم خفر السواحل الليبي، بقوله: «إننا على الطريق الصحيح لمعالجة التحدي الماثل في إدارة أزمة تهريب البشر والهجرة المتدفقة من سواحل ليبيا نحو سواحل إيطاليا الجنوبية... وأنا مدرك للجدل الحاصل في ليبيا الذي واكب الإعلان عن هذه المبادرة... لكن أعتقد أن التعاون والشفافية في العلاقات بين إيطاليا وليبيا هما أفضل وسيلة للتعامل مع هذا التحدي الذي يعنينا جميعاً».
وتخشى الجماعات الحقوقية من تركيز إيطاليا على تقوية حرس السواحل الليبي لضمان اعتراض قوارب المهاجرين قبل أن تصل إلى المياه الدولية، وتقول إنه يمكن أن تعرض هذه الخطوة حياة الآلاف ممن يحق لهم اللجوء للخطر. وفي هذا السياق قال سلامة: «من غير الواقعي تماما تجاهل خطورة تحدي الهجرة غير الشرعية... وأعتقد أن لكل بلد الحق المطلق في ضبط حدوده، وأن أفضل طريقة للقيام بذلك هي من خلال التعاون مع الدول المجاورة». وتزامنت هذه التطورات مع كشف القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) النقاب عن دخول ما وصفته بعدد محدود من القوات الأميركية إلى ليبيا ضمن مهمة، قالت إنها «تستهدف تبادل المعلومات مع عناصر أمنية»، تابعة لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج في العاصمة طرابلس.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية الموالية لسلطات في شرق ليبيا عن مكتب الشؤون العامة في «أفريكوم»، أن هناك عمليات أخرى ستستمر مستقبلاً، في إطار السعي لتعزيز المعركة ضد تنظيم داعش المتشدد، وغيره من المنظمات الإرهابية.
وعبرت القوات الأميركية عن استعداد الولايات المتحدة لدعم حكومة السراج في حال طلبها ذلك، مشيرة إلى استمرار عملها معها على المدى البعيد، خاصة فيما يتعلق بالتحديات التي يفرضها تواجد «داعش» في ليبيا.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.