فيكتوريا بتروفا لـ«الشرق الأوسط»: مقدمو النشرات مجرد واجهة لفريق الأخبار

مذيعة «بي تي في» البلغارية تنصح زملاءها الشباب باليقظة والتأكد من صحة ما ينقلونه

فيكتوريا بتروفا
فيكتوريا بتروفا
TT

فيكتوريا بتروفا لـ«الشرق الأوسط»: مقدمو النشرات مجرد واجهة لفريق الأخبار

فيكتوريا بتروفا
فيكتوريا بتروفا

تعتبر المذيعة (فيكتوريا بتروفا) إحدى نجمات محطة تلفزيون «بي تي في» التي تبث برامجها من العاصمة البلغارية لجمهور مشاهديها داخل البلاد وخارجها. درست الفلسفة والحقوق والصحافة والتاريخ وتقول عن نفسها إنها تتمتع بحرية التحرك والنشاط وتتوق إلى الالتقاء بالناس من مختلف الأطياف والتعرف على شتى الثقافات والحضارات وتعشق السفر والترحال بحيث لن تسمعها تقول: «لقد أنهكني السفر». إنها «راوية» بالفطرة ونشأت وفي نفسها شعور بالعدالة والإنصاف. ليس لفيكتوريا قدوة في مجال عملها ولكنها تتعلم من جميع زملائها الناجحين وتقول: «أنا أظل صحافية وحتى بعد ساعات الدوام». وقبل أن تستقر بتروفا في عملها الحالي: مقدمة لنشرات الأخبار الرئيسية في محطة (بي تي في) فإنها استهلت مسيرتها الإعلامية في الصحافة الإذاعية ثم انتقلت إلى وسائل الإعلام المقروءة. ترغب فيكتوريا في إجراء مقابلات مع شخصيات تسهم بهذا القدر أو ذاك في تغيير ملامح العالم. «الشرق الأوسط» التقت فيكتوريا بتروفا في العاصمة البلغارية وأجرت معها هذا الحوار: * كيف بدأت حياتك المهنية كصحافية؟ وهل أصبحت في لحظة معينة على يقين بأنك اخترت الوظيفة الصائبة؟ - بدأ كل شيء قبل 16 عاما. إن ما يجري العمل به في بلدنا هو التالي: إذا كان الطالب يدرس الصحافة فإن الحاجة تدعو إلى ممارسة عملية وتطبيق ميداني قبل التخرج، على أن يتم ذلك في وسيلة إعلام حية. لذا فقد تحتم علي اختيار إحدى وسائل الإعلام لتمضية فترة التطبيق فيها. مررت خلال هذه الفترة بالإذاعة ثم التلفاز وأخيرا الإعلام المقروء (المطبوعات) وبقيت مدة طويلة وأنا أعتقد بأن حبي الكبير هو: الصحافة الإذاعية. لكن مع مرور الزمن أدركت أنه لا وجود للحب الكبير، بل إن الحقيقة تكمن في «أن تعمل وتجهد بحب». * ما هي أول قصة صحافية قمت بتغطيتها؟ - أوفدوني لتغطية حادث حريق نشب في «المتنزه البحري» بمدينة فارنا (على الساحل البلغاري للبحر الأسود). وما زلت حتى يومنا الحاضر أتذكر الانفعالات التي رافقتني. لقد تجمدت أفكاري آنذاك خشية من عدم تمكني من تدارك الأمر. لكن يبدو أنني قدمت أفضل ما كان عندي في تلك اللحظة إذ أن المادة الصحافية التي قمت بإعدادها بثتها محطة التلفزة الرسمية البلغارية ضمن فقرات نشرتها الإخبارية الرئيسية. * ما هي القصة التي تأملين في تغطيتها قريبا؟ - ليس بمقدوري الإجابة عن هذا السؤال بجملة واحدة. يعجبني إجراء مقابلات وتحقيقات صحافية عن أناس من ذوي قصص مشوقة وتاريخ مثير ومع شخصيات ساهمت بشكل أو آخر، قليلا أو كثيرا، في تغيير ملامح هذا العالم، أو أولئك الذين تستحق سير حياتهم أن يسمعها أو يراها عدد أكبر من الناس. إننا نعيش أزمنة مثيرة ومشوقة وتتوفر أمامنا إمكانيات الانتقال إلى أماكن غنية بتراثها وتاريخها وحيث يتم حاليا تدوين التاريخ وكتابة صفحاته. * من كان (كانت) قدوتك في الإعلام؟ - ليس عندي قدوة أو مثل أعلى. وأنا أتعلم من جميع الصحافيين الجيدين العاملين في هذه المهنة بشكل ثابت ويوميا. * من هو كاتبك المفضل (أو كاتبتك المفضلة) محليا وعالميا؟ - أقرأ كثيرا وأطالع أدبيات مختلفة. ولا أستطيع القول: إن فلانا هو المفضل لدي. * من هي الشخصية الإعلامية، حسب رأيك، الأصلح كمثل أعلى يحتذى في الإعلام المرئي والمسموع في بلدك؟ - لا أعتقد أنه يتعين التحديد ووضع قيود. إذ تتضمن نشرات الأخبار ريبورتاجات عن السياسة ورجالها وكذلك عن الناس العاديين بما يعكسونه من مصائر ومشاكل. * كيف تنجحين في تقسيم وقتك بين الأنشطة الصحافية المختلفة وإدارة البرنامج الذي تقدمينه؟ - إنه صعب ولا جدال في ذلك، لكن مع مرور الزمن وتراكم الخبرة والتجربة فإن الأشياء تسير بصورة طبيعية.. ثم إنه من الضروري العمل ضمن فريق إذ يساعد ذلك في الحصول على منتوج ذي جودة عالية. * ما هو عدد ساعات العمل خلال الأسبوع؟ - لا يوجد للصحافي دوام محدد أو ساعات عمل معينة، أو على الأقل أن الأمر كذلك بالنسبة لي. وإذا بدأت بالقول: إن الدوام يبدأ من الساعة التاسعة وينتهي عند الخامسة بعد الظهر فذلك يعني أن أمرا ما ليس على ما يرام.. فأنا وحتى عندما أغادر مبنى التلفزيون أستمر في كوني صحافية. إن الأمور تحصل ولا أستطيع ولا يجب أن أسمح بإغفال أخبارها لمجرد أن دوام العمل انتهى. إن الصحافة هي حالة الروح.. باعتقادي. * هل لديك فريق عمل خاص يساعدك في البرامج التلفزيونية؟ - إن مقدمي نشرات الأخبار هم الوجه الخارجي للأخبار. ويعمل عدد كبير من الناس في إعداد النشرة الإخبارية: صحافيون ومراسلون ومخرجون وعاملون في الإضاءة وفي الديكور والتجميل. ونقوم سوية مع كل هؤلاء بالتساوي بإعداد نشرات الأخبار. ويتوجب علي أنا أخيرا بذل كل ما عندي، مساء كل يوم، من أجل تقديم عملنا المشترك بأحسن طريقة ممكنة. * ما رأيك في الإعلام الجديد وهل، في نظرك، أنه سيحل محل الإعلام التقليدي؟ - بمقدور الجميع في أيامنا هذه أن يصبحوا «صحافيين» من خلال أرصدتهم وصفحاتهم في هذه الشبكة أو تلك من شبكات التواصل الاجتماعي.. فالتكنولوجيات الحديثة تساعد في ذلك. كما أنني واثقة أن الجدل بخصوص الإعلام التقليدي والإعلام الجديد ليس على جدول الأعمال. فنحن نتغير سوية مع التكنولوجيات الجديدة ونسعى إلى مواكبة المتطلبات والاهتمامات الجديدة لمشاهدينا. إن العلم يتطور ويتعين علينا نحن أن نفعل الشيء ذاته. * هل من المهم، في رأيك، وجود الصحافي المتخصص بتغطية أخبار معينة مثل أن تكون لديه معرفة خاصة بتنظيم «القاعدة» أو أفغانستان أو العراق؟ - باعتقادي أن مثل هذا الشيء إلزامي. وفي محطة التلفزة التي أعمل فيها فإن لكل صحافي مجالا معنيا يتمتع بالأولوية في تغطية أخباره. ولا يسري ذلك على أخبار بلادنا فحسب وإنما على الأخبار القادمة من الخارج أيضا. * ما هو الموقع الإلكتروني المفضل لديك؟ - ليس لدي موقع مفضل. لكنني أتابع بمثابرة حسابي على «تويتر». * ما هي نصيحتك للصحافيين الشباب في بداية حياتهم الإعلامية؟ - نواجه نحن الصحافيين إغراءات كثيرة. ولعلنا نتعرض للتضليل لذا علينا أن نتحقق من معلوماتنا من عدة مصادر. وقد نتورط في قصص ليست هي على الشاكلة التي يصورونها لنا. إن علينا أن نكون متأهبين دوما. كما ينبغي أن نتشكك على الدوام. يجب أن ندقق تفاصيل القصة والسياق والتفكير والإعداد لخطوة إلى الأمام وأن نتساءل: ما الأمر وماذا يترتب عن ذلك؟ وفي رأيي أن أكبر سقوط لهذا الصحافي أو ذاك يتمثل في علمه بالتعرض للتضليل ومع ذلك يعرب عن موافقته. نصيحتي هي: احتفظوا بالموضوعية وشرف المهنة. * ما هي الشروط التي يجب توافرها في الصحافي للعمل معك؟ - أن يتمتع بالمسؤولية ويكون مجتهدا ومخلصا في عمله وأن يتحلى بروح الإبداع وأن يكون غنيا بالأفكار. * هل تستطيعين وصف ما تعنيه عبارة الصحافي الناجح أو الإعلامي الناجح؟ - ذلك بنظري وهم وخيال. فكل صحافي يبقى عالقا في الأذهان من خلال آخر تحقيق أو تقرير أو تحليل يقدمه أو ينجزه. ومن هنا فإن الصحافي الناجح هو ذاك الذي يبدع يوميا شيئا يتذكره الناس. * ما هي أنجح قصة إخبارية قدمتها حتى الآن؟ - لدي الكثير من هذه القصص وأنا فخورة بذلك. أما القصة التي قدمتها وظلت أطول فترة في الأذهان ومادة على ألسن الناس فكانت عبارة عن حديث بين وزيرين لم يأخذا بعين الاعتبار وأهملا وجود صحافيين في القاعة. فقمت أنا بتسجيل وبث هذا الحوار الذي كان يتعلق بالآلاف من المعلمين في بلغاريا كانوا مضربين عن العمل لمدة قياسية تعتبر الأطول في البلاد وذلك للمطالبة بأجور أعلى وبعمل لائق. كما أنني أجريت تحقيقات صحافية بخصوص أساليب الغش والخداع في صفقات أراض، وسجلت ريبورتاجات سياسية وأجريت مقابلات مع «أقوياء اليوم» وقمت بتصوير فيلم في الكويت وآخر في قطر. وتحدثت مباشرة من اليابان. وقمت خلال العام الجاري بتغطية حدث دولي كبير في الصين. كما غطيت مباشرة مراسم تنصيب رؤساء جمهوريات وتغيير حكومات. كما أن نقل وإدارة المناظرات وحوارات المائدة المستديرة الاستثنائية ولمدة ساعات طويلة ورغم أنها ليست في خانة القصص الإخبارية فإنها شكلت تحديا كبيرا بالنسبة لي. وكما تعلمون فإن مواضيع هذه الموائد المستديرة مختلفة تبدأ من الاحتجاجات وتمر بنزاعات الشرق الأوسط وتصل إلى اختيار بابا الفاتيكان أو تعيين رئيس الكنيسة البلغارية.



تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».