الإعلام الأوروبي: قراءات في الملف النووي وصفقة نيمار

صحف أميركا تلاحق ترمب في إجازته

الإعلام الأوروبي: قراءات في الملف النووي وصفقة نيمار
TT

الإعلام الأوروبي: قراءات في الملف النووي وصفقة نيمار

الإعلام الأوروبي: قراءات في الملف النووي وصفقة نيمار

نبدأ جولتنا في الصحف الأوروبية من العاصمة الفرنسية باريس، التي اهتمت مطبوعاتها بالنزاع الإيراني - الأميركي حول الاتفاق النووي. كما تناولت الصحف قضية الصحافيين في تركيا، وأيضا الأزمة السياسية الحادة التي تشهدها فنزويلا.
وكتب باتيس قوتلان في صحيفة «لوموند» عن خيارات إيران للرد على اتهامات الأميركية حول الاتفاق النووي، فبحسب الكاتب رد إيران على الضغوط الأميركية قد يكون من خلال تشجيع النشاط العسكري للحرس الثوري، الذي يعتبر القوة المسلحة الأولى في إيران، إضافة إلى الميليشيات التابعة له. وهذا ما حدث بحسب الكاتب، حيث وقعت اشتباكات في الحدود العراقية السورية منذ شهر مايو (أيار) الماضي بين ميليشيات تابعة لطهران وفرقة عسكرية أميركية تدعم مسلحين سوريين. وأضافت الصحيفة، أن الرد الإيراني على الولايات المتحدة الأميركية قد يكون أيضا من خلال تسريع برنامجها الصاروخي الباليستي.
وكتب فرانسيس كزافيي كوميز مقالا في صحيفة «ليبراسيون» عن الوضع السياسي في فنزويلا بعد تأسيس الجمعية الجديدة والتي قدر نسبة الموالين فيها للرئيس نيكولاس مادورو في 100 في المائة في بلد يرفض 80 في المائة من سكانه خطوة رئيسهم، وكشف الكاتب فرانسيس كزافيي كوميز بأن الشركة البريطانية التي كانت مكلفة بمراقبة التصويت عارضت الأرقام الرسمية التي أعلنتها السلطات الفنزويلية حول نسبة المشاركة الشعبية في التصويت.
وفي بلجيكا، علقت الصحف على انتقال لاعب برشلونة البرازيلي نيمار لفريق باري سان جرمان بقيمة 222 مليون يورو، معتبرة أنه بهذا الانتقال: «يتم تجاوز جميع الحدود». وكتبت لاليبر بلجيك، أن «المال كان دائما سائدا في عالم كرة القدم، ولا يقتصر على الفرق الكبرى، بل تؤثر على الصغرى أيضا وفي الأقسام الدنيا والبطولات الصغيرة». وتحت عنوان «كرة القدم خارجة عن أي رقابة»، تساءلت لوسوار «ما إذا كانت كرة القدم ستموت جراء نجاحها»، مشيرة إلى الفضائح التي شهدها عالم الكرة كالشغب والتهرب الضريبي. وفي الموضوع ذاته، أكدت ليكو تحت عنوان «جنون كرة القدم» أن «كرة القدم لم تعد سوى سوق كبيرة».
وكعادتها، اهتمت الصحف الأميركية بآخر تحركات الرئيس دونالد ترمب. الذي اختفى قبل نهاية الأسبوع الماضي من البيت الأبيض، وذهب في إجازة إلى منتجعه الخاص، في ناديه الخاص، في بدمنستر (ولاية نيوجيرسى).
ويوم الأحد، قالت صحيفة «واشنطن بوست» إن ترمب «أجاب عن السؤال بأن غرد في صفحته في موقع (تويتر) في أول أيام إجازته. يعني هذا أنه لا يرى نفسه في إجازة». رغم أن التغريدة عن الإجازة.
قال ترمب في تغريدته إن المكتب البيضاوي في البيت الأبيض يحتاج إلى 17 يوما بالتحديد في عملية صيانة. ولهذا ستكون إجازته 17 يوما بالتحديد.
وقارنت صحيفة «نيويورك تايمز» بين إجازة ترمب وإجازة وزير الدفاع الجنرال المتقاعد جيم ماتيس. في الأسبوع الماضي، عندما غرد ترمب بأنه لن يقبل أي متحول جنسي في القوات المسلحة، سأل الصحافيون عن رأي وزير الدفاع. وقال لهم البنتاغون إنه في إجازة، ولن يقدر أن يعلق على ما قال ترمب. وفهم أن هذا معناه أن وزير الدفاع لا يريد أن يدخل في مواجهة مع ترمب.
يبدو أن ترمب سيظل يغرد خلال الإجازة؛ لهذا، يبدو أن الصحافيين سيظلون يكتبون ويعلقون عنه وعن سياساته.
ليست افتتاحيات الصحف فقط. فمتابعو ترمب في «تويتر» بدأوا يعلقون على تغريدته عن إجازته. خلال يوم واحد من تغريدته عن الإجازة، علق على التغريدة أكثر من 20 ألف شخص (جملة متابعيه أكثر من 30 مليون متابع). غرد واحد: «تأخذ إجازة من العمل، ماذا عملت خلال 6 شهور؟» وغرد آخر، مع صورة ترمب يلعب الغولف: «هذا هو العمل الذي يجيده ترمب».



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.