قوات النظام تهاجم ريف السويداء للالتفاف على «هدنة الجنوب»

فصائل «الجيش الحر» تلوّح بالعودة للقتال جراء استهداف البادية والغوطة

بعد قصف عين ترما في غوطة دمشق امس. (الدفاع المدني في ريف دمشق)
بعد قصف عين ترما في غوطة دمشق امس. (الدفاع المدني في ريف دمشق)
TT

قوات النظام تهاجم ريف السويداء للالتفاف على «هدنة الجنوب»

بعد قصف عين ترما في غوطة دمشق امس. (الدفاع المدني في ريف دمشق)
بعد قصف عين ترما في غوطة دمشق امس. (الدفاع المدني في ريف دمشق)

شهد الوضع الميداني في السويداء، توتراً جراء الهجمات التي يشنّها النظام السوري والميليشيات الموالية على مناطق سيطرة فصائل المعارضة، في محاولة منه للالتفاف على هدنة الجنوب والتوغل للوصول إلى الحدود مع الأردن، في وقت حذّرت الفصائل المنتشرة على محاور القتال في «الجبهة الجنوبية»، أنها لن تبقى مكتوفة أمام الهجمات التي يشنّها النظام في ريف السويداء، والقصف الذي تتعرّض مناطق الغوطة الشرقية.
وأفادت المعلومات بأن معارك عنيفة، دارت أمس على محاور عدّة في بادية السويداء الشرقية والجنوبية الشرقية، بين مقاتلي «جيش أسود الشرقية» و«قوات أحمد العبدو» من جهة، وقوات النظام والميليشيات الموالية له جهة أخرى. وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن النظام وحلفاءه «شنّوا هجوماً واسعاً على بادية السويداء، بغية استعادة مناطق كان النظام خسرها في وقت سابق لصالح الفصائل»، مشيراً إلى أن قوات النظام «تمكنت من التقدم في محور الضبيعية وتلة الأسدية وبئر الرياح، ونقاط أخرى في محور بئر الحردية وتل الحربية». وقال إن الاشتباكات «ترافقت مع قصف واستهدافات متبادلة، ما أسفر عن سقوط خسائر البشرية بين طرفي القتال».
غير أن الفصائل أكدت تصديها لكل محاولات التقدّم، وأبدت ارتياحها لمجريات المعركة، حيث أعلن مصدر عسكري في قوات «أحرار العشائر» التي ترابط في ريف السويداء الشرقي، أن الوضع تحت السيطرة، مطمئناً إلى أن النظام «لن يتمكن من تحقيق مكاسب في هذه المنطقة». وكشف المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «ثوار أحرار العشائر، وجيش أسود الشرقية حققوا تقدماً ميدانياً، واستعادوا السيطرة على نقاط عدّة في معركة شرسة، أدت إلى مقتل عدد كبير من عناصر الميليشيات الإيرانية، وعناصر من الحزب القومي السوري الاجتماعي».
إلى ذلك، نشر المكتب الإعلامي لـ«جيش أسود الشرقية» على حسابه على صفحات التواصل الاجتماعي، صوراً لقتلى قال إنهم «تابعون للميليشيات الطائفية، قضوا خلال محاولتهم التقدم باتجاه منطقة بئر الشعاب في ريف السويداء».
وتترقب فصائل المعارضة المنتشرة على محاور القتال في الجبهة الجنوبية، التطورات العسكرية في المناطق المشمولة باتفاقات «خفض التصعيد»، وإصرار النظام على خرق هذه الاتفاقات. وأوضح العقيد الطيار نسيم أبو عرّة، القائد العسكري لـ«قوات أهل السنة»، أن «الأمور لا تزال حتى الآن، تحت السيطرة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نتابع التطورات بحذر قتالي، وليس بحذر التهدئة، وجاهزون للتدخل بأي وقت، سواء في شرق السويداء، أو في الغوطة الشرقية»، لافتاً إلى أن «المعارك تحصل على الشريط الحدودي شرق مدينة السويداء، تتبع لمنطقتي التنف والزلف، وهما الامتداد الشرقي باتجاه البادية»، مشيراً إلى أن «المنطقة المضطربة هي النقطة 30 الواقعة بريف السويداء الشرقي، الذي يتبع للبادية، ويتقاطع من منطقة البادية، لكن الثوار يسجلون فيها انتصارات كبيرة».
ومع غياب الضمانات الحقيقية التي تفرض على النظام التزام وقف النار في مناطق «خفض التصعيد»، قال العقيد أبو عرّة: «نحن في الجبهة الجنوبية، إذا بقي هذا الهجوم على شرقي السويداء، واستمرّ القصف على الغوطة الشرقية، لن نبقى مكتوفي الأيدي». وتابع: «هناك معلومات عن تحرّك للفرقة الأولى (التابعة للنظام) باتجاه حمص، وإذا حاول النظام الالتفاف من منطقة القريتين، وطوّر هجومه باتجاه الجنوب، لن نبقى صامتين، وعندها تصبح الهدنة ساقطة ولا لزوم لها».
أما الجبهة الجنوبية التي دخلت اتفاق وقف النار منذ التاسع من شهر يوليو (تموز) الماضي، لا يزال عرضة للخروق، حيث استهدفت قوات النظام بقذائف المدفعية، بلدة جباتا الخشب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة في ريف القنيطرة الشمالي، فيما ردّت الفصائل باستهداف بلدة حضر الخاضعة لسيطرة قوات النظام بالقطاع الشمالي من ريف القنيطرة بعدّة قذائف، ولم ترد معلومات عن سقوط ضحايا، كما استهدفت قوات النظام بالرشاشات الثقيلة أطراف بلدة النعيمة الواقعة في الريف الشرقي لمحافظة درعا، بحسب مصادر.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.