أسهم التكنولوجيا والمعلومات تصعد إلى قمم تاريخية غير مسبوقة

بـ3.5 تريليون دولار... قيمة القطاع تتجاوز ناتج الاقتصاد الرابع عالمياً

متعامل أميركي فرحاً بارتفاع قيمة الأسهم  في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متعامل أميركي فرحاً بارتفاع قيمة الأسهم في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
TT

أسهم التكنولوجيا والمعلومات تصعد إلى قمم تاريخية غير مسبوقة

متعامل أميركي فرحاً بارتفاع قيمة الأسهم  في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متعامل أميركي فرحاً بارتفاع قيمة الأسهم في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

هدأت أسعار أسهم قطاع التكنولوجيا والمعلومات قليلاً خلال هذا الأسبوع، بعد 7 جلسات تداول تميزت بالصعود المتوالي، بلغ على أثرها مؤشر هذا القطاع مستويات تاريخية جديدة، إذ سجل مؤشر «إس آند بي 500» الخاص بهذا القطاع قمة غير مسبوقة ببلوغه مستوى 995 نقطة الأسبوع الماضي، ثم هبط أول من أمس إلى نحو 987 نقطة، وبالتالي يكون المؤشر قد صعد نحو 22 في المائة منذ بداية العام حتى إقفال 2 أغسطس (آب) الحالي.
وأكد مديرو صناديق ومحافظ أن «اهتمام المستثمرين بهذه الأسهم يفوق أي اهتمام آخر حالياً. فقد سجلت الصناديق المتخصصة بأسهم التكنولوجيا في 2017 أعلى دخول للرساميل منذ 15 سنة».
وفي استطلاع لرأي أكثر من 200 مدير في قطاع إدارة الأصول والثروات، أكد تقرير صادر عن «بنك أوف أميركا - ميريل لينش» أن «أسهم هذا القطاع تشكل الآن حجماً مرموقاً في مكونات أكبر الصناديق الاستثمارية عالمياً، ولا يزاحمها في ذلك إلا بعض الأسهم المصرفية».
ويوضح محللون في سيليكون فالي أن «القطاع تجاوز القلق الذي سببه انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، خصوصاً عندما أعلن نيته تقنين دخول المهاجرين. وكانت شركات التكنولوجيا والإنترنت أول المعترضين على ذلك، لأنها تعتمد في تطورها وابتكاراتها على جذب المواهب من الخارج. وبعد تراجع ذلك التهديد، شهدت أسهم شركات سيليكون فالي موجة صعود إضافية مستمرة حتى الآن، بالنظر إلى وضوح الرؤية في هذا القطاع بخلاف قطاعات أخرى. وما يدعم ذلك أيضاً الأرباح النامية بقوة، فضلاً عن توقعات متفائلة جداً يبثها المحللون للسنوات المقبلة».
في المقابل، هناك من يرى في أسعار بعض الأسهم قمماً غير منطقية، إذ يقول 68 في المائة من الذين شملهم استطلاع «بنك أوف أميركا - ميريل لينش» إن «بعض الأسهم باتت غالية»، لكن 12 في المائة فقط من أولئك المديرين يتحدثون عن فقاعة كالتي حصلت في العام 2000. وعرفت آنذاك بفقاعة «الدوت كوم».
وفي المقارنات، يشير محللون ماليون إلى أن «مكرر الربحية، الذي يقيس غلاء الأسهم ورخصها، يبلغ متوسطه حالياً في قطاع التكنولوجيا والمعلومات 19 مرة، مقابل 55 مرة في العام 2000، أي أن الأسعار في 2017 بعيدة جداً عن الحد المقلق من إمكان نشوء فقاعة مضاربية غير حميدة. كما أن هناك فارقاً جوهرياً بين المرحلتين، فنمو الأعمال والأرباح في 2017. وفي التوقعات المستقبلية، أفضل بكثير من العام 2000 الذي شهد صعوداً صاروخياً لأسعار أسهم لم تكن تربح كفاية ولم تكن توقعات مستقبلها واضحة. مع بعض الاستثناءات حالياً مثل صعود أسهم شركات تيسلا ونيفيديا وميكرون المبالغ فيها، لأن أرباح هذه الشركات غير نامية بما يكفي لتبرير صعود أسهمها».
أما في جانب الشركات المعروفة معاً واختصاراً بمجموعة «غافام» وهي «ألفابت» (مالكة غوغل)، و«آبل»، و«فيسبوك» و«أمازون» و«مايكروسوفت»، فالأمر مختلف تماماً، ويبشر وفقاً لمعظم المتخصصين بنمو «إضافي مؤكد» هذه السنة وفي السنوات المقبلة، علماً بأن القيمة السوقية الإجمالية لأسهم شركات «غافام» تتجاوز قيمة ناتج بريطانيا، أي أعلى من 3 تريليونات دولار. أما القيمة السوقية لإجمالي شركات القطاع فتبلغ حالياً 3.5 تريليون دولار، أي أعلى من قيمة ناتج اقتصاد ألمانيا، وهو الرابع عالميا، وتزيد بمبلغ 585 مليار دولار عن القيمة السوقية التي سجلت لأسهم فقاعة «الدوت كوم» في العام 2000.
لكن مؤشر «إس آند بي» الخاص بهذا القطاع اختلف شكلاً ومضموناً في 17 سنة، فهناك شركات اختفت بعد إفلاسها، وأخرى تراجعت أهميتها النسبية مثل شركات صناعة الكومبيوتر (الحاسوب) المحمول، وهناك شركات دمجت مع أخرى، وتقدمت على أنقاضها شركات الذكاء الصناعي والهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية والدفع «أون لاين» والحوسبة السحابية. وللمثال، تبلغ قيمة «آبل» الآن 36 ضعف ما كانت عليه في العام 2000، ولم تصعد قيمة «مايكروسوفت» بالنسبة نفسها، إذ كانت 522 ملياراً وهي الآن 557 ملياراً. وتراجعت أيضاً الأهمية النسبية لشركات مثل «سيسكو» و«إنتل» و«ديل» و«كومباك» و«آي بي إم» و«أوراكل» و«كوالكوم»... لتصعد مكانها في قائمة الأكبر قيمة شركات «فيسبوك» و«غوغل» و«أمازون». وبين المختفين شركة «ياهو» التي اشترتها شركة «فيريزون» بـ4.48 مليار دولار، بعدما كان سعرها في العام 2000 أكبر بنحو 20 مرة.
ويقول محللو تطورات هذا القطاع: لقد حصل تحول جذري في 17 سنة من اقتصاد صناعة الاتصالات والحواسيب وبرمجياتها إلى اقتصاد الإنترنت، فقيمة «إنتل» الآن أقل 3 مرات مما كانت عليه، وقيمة «سيسكو» أقل بنسبة 60 في المائة حاليا مقارنة بقيمتها في 2000. وتتربع في أعلى القائمة حالياً «آبل» بقيمة 811 مليار دولار، و«غوغل» 645 ملياراً و«مايكروسوفت» 557 ملياراً، و«أمازون» 474 ملياراً، و«فيسبوك» 489 ملياراً.
ويذكر أن قيمة «آبل» ارتفعت 50 في المائة في سنة مقابل 18 في المائة لشركة «ألفابت - غوغل»، و28 في المائة لـ«مايكروسوفت» و37 في المائة لـ«فيسبوك» و31 في المائة لـ«أمازون».



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.