تأجيل زيارة ماكرون يعيد الجدل حول صحة بوتفليقة

الرئاسة الجزائرية قالت إنه غير مستعد لاستقباله «بسبب التعب والإرهاق الشديد»

TT

تأجيل زيارة ماكرون يعيد الجدل حول صحة بوتفليقة

قال مصدر من الرئاسة الجزائرية أمس إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة غير مستعد لاستقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؛ «لأنه متعب ويعاني من إرهاق شديد»، وهو ما أعاد الحديث عن مدى قدرة الرئيس على تسيير شؤون الحكم في البلاد.
وكان ماكرون قد راسل بوتفليقة أول من أمس بخصوص زيارة للجزائر، كان قد أعلن عنها عقب انتخابه في مايو (أيار) الماضي، وقال له إن تحديد تاريخها متروك للرئيس الجزائري.
وأفاد مصدر بالرئاسة، تحفظ على نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، بأن الرئيس «يتابع برنامجا جديدا لتأهيل وظائف حواسه التي تأثرت من الإصابة بجلطة دماغية قبل 4 سنوات، وسيستغرق هذا البرنامج، حسب الأطباء، أسابيع، وبالتالي سيتوقف الرئيس عن أنشطته كاستقبال مسؤولين أجانب».
وأضاف المصدر أن حديثه عن حالة الرئيس الصحية يندرج في إطار رغبة رئيس فرنسا في زيارة الجزائر، والذي قال إنها «مؤجلة إلى أن تسمح ظروف الرئيس».
وكانت الرئاسة الجزائرية قد أعلنت في 19 من فبراير (شباط) الماضي عن تأجيل زيارة كان منتظرا أن تقوم بها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى الجزائر في اليوم نفسه، وذلك بسبب إصابة الرئيس بـ«التهاب حاد بالشعب الهوائية في صدره»، بحسب بيان الرئاسة، الذي قال وقتها إن الرئيس «يتعذر عليه مؤقتا مقابلة المستشارة الألمانية»، مشيرا إلى أن «السلطات الجزائرية والألمانية قررتا باتفاق مشترك تأجيل الزيارة الرسمية التي كان من المقرر أن تقوم بها إلى الجزائر السيدة ميركل». وأضاف أن «هذه الزيارة ستبرمج من جديد في تاريخ يحدده الطرفان لاحقا». لكن رغم مرور 6 أشهر، فإنه لم تتم برمجة زيارة ميركل إلى الجزائر. وكان آخر نشاط لبوتفليقة على صعيد علاقات بلده مع دولة أجنبية، استقباله بالرئاسة رئيس جمهورية الكونغو دونيس ساسو أنغيسو.
ونشرت وكالة الأنباء الجزائرية الحكومية، مساء أول من أمس، رسالة بعث بها ماكرون إلى بوتفليقة، جاء فيها: «إن عملا كبيرا قد أنجز على صعيد الشراكة الاستراتيجية بين فرنسا والجزائر، وستتميز الأشهر المقبلة بسلسلة من المواعيد المهمة التي ستسمح بتحضير مشروع الزيارة الرسمية المهمة، التي سيسعدني ويشرفني القيام بها للجزائر في الوقت الذي ترونه مناسبا». ويفهم من جملة «في الوقت الذي ترونه مناسبا»، حسب بعض المراقبين أن السلطات الجزائرية تجد صعوبة في التعهد بتاريخ للزيارة المفترضة حتى لا يتكرر ما جرى بشأن إلغاء زيارة ميركل، لأن صحة الرئيس هشة ومعرضة لتزداد سوءا في أي وقت.
وترك الرئيس الجزائري نهاية العام الماضي، انطباعا بأن حالته الصحية تتحسن، عندما خرج إلى الميدان لزيارة مشاريع مدرجة في إطار ولايته الرابعة (2014 - 2019)، وأهمها مشروع بناء «الجامع الكبير» بالعاصمة. وفي خطاب القسم الدستوري الذي أعقب انتخابه، واجه الرئيس صعوبة كبيرة في قراءة خطاب طويل. واكتفى في النهاية بترديد بضع كلمات، مما أثار جدلا كبيرا حينها حول قدرته على تسيير البلاد.
يذكر أن آخر خطاب مباشر من الرئيس للجزائريين كان في 11 مايو (أيار) 2012، وقد طرحت عدة أسماء أشيع أنها ستخلفه في الحكم، منها عبد المالك سلال رئيس الوزراء الذي أقاله قبل أسابيع، ومدير الديوان بالرئاسة حاليا أحمد أويحيى، ورئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح.
وتتوقع الأوساط السياسية والإعلامية المشدودة إلى قضية مرض بوتفليقة، أن يعلن أنه غير قادر على أن يستمر في الحكم، فيتم الاحتكام وجوبا إلى المادة الدستورية «102» التي تقول إنه «إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا. وبعد أن يتثبت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع». وبعدها يعلن البرلمان بغرفتيه ثبوت المانع بأغلبية ثلثي الأعضاء، ويكلف رئيس الغرفة البرلمانية الثانية (مجلس الأمة) بتولي رئاسة الدولة لمدة 45 يوما. وفي حال استمرار المانع بعد انقضاء هذه المدة، يعلن شغور منصب الرئيس بالاستقالة. ثم يتولى رئيس «مجلس الأمة» رئاسة البلاد مدة 60 يوما، تنظم خلالها انتخابات رئاسية.
وأصدر مجلس الشيوخ الفرنسي نهاية الشهر الماضي خلاصة لقاءات أجراها وفد منه مع مسؤولين جزائريين، أهم ما تضمنته أن بوتفليقة قد يترشح للمرة الخامسة.
وتنقسم الطبقة السياسية حول «مرض الرئيس»، إلى فريقين؛ أحدهما يطالب بتفعيل المادة «102» ويمثل هذا التوجه الحزب العلماني «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية». أما الفريق الثاني فهو المدافع عن «شرعية الرئيس»، ويعارض فكرة تنحيه عن الرئاسة بحجة أن الشعب «انتخبه لولاية مدتها 5 سنوات»، ويمثل هذا التوجه حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني»، ومعه «التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يقوده وزير الدولة أحمد أويحيى.



الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخاً تبنّاه الحوثيون باتجاه النقب

مجسم صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال حشد في صنعاء (إ.ب.أ)
مجسم صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال حشد في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخاً تبنّاه الحوثيون باتجاه النقب

مجسم صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال حشد في صنعاء (إ.ب.أ)
مجسم صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال حشد في صنعاء (إ.ب.أ)

تبنّى الحوثيون المدعومون من إيران قصف قاعدة جوية إسرائيلية في منطقة النقب، السبت، استمراراً لهجماتهم المتصاعدة خلال الأسبوع الماضي بشكل يومي، في وقت أفادت فيه وسائل إعلامهم باستقبال 4 غارات في محافظة حجة، وذلك غداة غارة ثالثة كانت استهدفت موقعاً لهم في صنعاء.

وفي حين لم تتحدث الجماعة عن خسائر هذه الضربات التي وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، أعلن الجيش الإسرائيلي أن دفاعاته الجوية اعترضت في ساعة مبكرة من صباح السبت صاروخاً أُطلق من اليمن، وأسقطته قبل أن يصل إلى الأراضي الإسرائيلية.

وفيما دوت صفارات الإنذار في عشرات المدن الإسرائيلية، بما في ذلك منطقتي القدس والبحر الميت، زعم المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، في بيان متلفز، أن قوات جماعته قصفت قاعدة «نيفاتيم الجوية» الإسرائيلية في منطقة النقب بصاروخ باليستي، فرط صوتي، من نوع «فلسطين 2».

ومع ادعاء المتحدث الحوثي بأن الصاروخ أصاب هدفه، توعّد باستمرار الهجمات التي تقول الجماعة إنها تأتي لمساندة الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك الهجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهي المزاعم التي تنفيها الحكومة اليمنية، متهمة الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة والتهرب من استحقاقات السلام.

دخان يتصاعد في موقع خاضع للحوثيين في صنعاء جراء غارة غربية (أ.ف.ب)

في السياق نفسه، ذكرت وسائل إعلام الجماعة الحوثية أن غارتين وصفتهما بـ«الأميركية والبريطانية» استهدفتا، عصر السبت بتوقيت اليمن، منطقة بحيص، جنوب مديرية ميدي التابعة لمحافظة حجة الحدودية (شمال غربي).

وفي حين لم تذكر الجماعة أي تفاصيل على الفور بخصوص نتائج الغارتين، كانت قد اتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا بشن غارة مساء الجمعة استهدفت في صنعاء المقر السابق لما يُسمى «الفرقة الأولى مدرع» في الجيش اليمني، وهي الضربة التي سمع دويها بشكل ضخم في كل مناطق المدينة، وفق السكان.

وتبنّت الجماعة الحوثية، الجمعة، مهاجمة إسرائيل بطائرة مسيّرة، وصاروخ باليستي فرط صوتي، وقصف سفينة شحن في البحر العربي، كما أعلنت استئناف عمل مطار صنعاء وميناء الحديدة، وذلك غداة ضربات إسرائيلية استهدفتهما، الخميس، الماضي مع محطتي كهرباء، وأدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة 46 آخرين.

يشار إلى أن الولايات المتحدة تقود تحالفاً منذ أكثر من عام سمّته «حارس الازدهار»، للحد من هجمات الحوثيين ضد السفن؛ حيث شنّت منذ 12 يناير (كانون الثاني) 2023 نحو 850 غارة منفردة، وأحياناً بالاشتراك مع بريطانيا، ضد مواقع الجماعة، لكن لم يفلح ذلك في القضاء على التهديد.

تصعيد بلا فاعلية

وأطلقت الجماعة الحوثية على امتداد 14 شهراً، مئات الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل، ولم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي، وكذا تضررت مدرسة بشكل كبير جراء انفجار رأس صاروخ في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر، السبت الماضي، 21 ديسمبر.

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

حفرة أحدثها سقوط صاروخ حوثي في منطقة يافا جنوب تل أبيب (أ.ف.ب)

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات في 19 ديسمبر الحالي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي موجة رابعة من الضربات في 26 ديسمبر الحالي استهدفت تل أبيب لأول مرة مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.

وفي حين شهد الأسبوع الأخير شبه انتظام يومي في العمليات الحوثية باتجاه إسرائيل، تتصاعد مخاوف اليمنيين من أن تؤدي الضربات الانتقامية إلى أضرار فادحة بالبنية التحتية والمنشآت الحيوية، فضلاً عن الخسائر البشرية المتوقعة، خصوصاً مع التهديدات التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي، وقادته بتدمير «البنى التحتية»، الواقعة تحت سيطرة الجماعة.