بعد 65 عاماً من المهام الملكية... الأمير فيليب ينهي ارتباطاته الرسمية

اشتهر بتصريحاته المرتجلة وبكثرة زلات اللسان

الملكة إليزابيث الثانية والأمير فيليب في عيد ميلاد الملكة الـ90 في لندن العام الماضي (أ. ف.ب) - الرئيس دوايت أيزنهاور وزوجته والملكة إليزابيث وزوجها الأمير فيليب في البيت الأبيض  (إ. ب)
الملكة إليزابيث الثانية والأمير فيليب في عيد ميلاد الملكة الـ90 في لندن العام الماضي (أ. ف.ب) - الرئيس دوايت أيزنهاور وزوجته والملكة إليزابيث وزوجها الأمير فيليب في البيت الأبيض (إ. ب)
TT

بعد 65 عاماً من المهام الملكية... الأمير فيليب ينهي ارتباطاته الرسمية

الملكة إليزابيث الثانية والأمير فيليب في عيد ميلاد الملكة الـ90 في لندن العام الماضي (أ. ف.ب) - الرئيس دوايت أيزنهاور وزوجته والملكة إليزابيث وزوجها الأمير فيليب في البيت الأبيض  (إ. ب)
الملكة إليزابيث الثانية والأمير فيليب في عيد ميلاد الملكة الـ90 في لندن العام الماضي (أ. ف.ب) - الرئيس دوايت أيزنهاور وزوجته والملكة إليزابيث وزوجها الأمير فيليب في البيت الأبيض (إ. ب)

التقى الأمير فيليب، زوج الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا عناصر قوات مشاة البحرية أمس، في آخر ظهور علني فردي له، بعد 65 عاما من المهام الملكية. وحضر الأمير مراسم ختام فعاليات «رويال مارينز 1664 غلوبال تشالنج» الخيرية في قصر باكنغهام، بصفته رئيسا شرفيا للقوات، التي تضمنت جنودا شاركوا في 100 تمرين على مدار 100 يوم، لدعم أفراد مشاه البحرية المصابين، بهدف جمع 100 ألف جنيه إسترليني (133 ألف دولار).
وسوف يبقي الأمير فيليب راعيا لنحو 780 مؤسسة، في حين ستستمر الملكة (91 سنة)، في القيام «ببرنامج كامل من المهام الرسمية» بدعم من بقية أفراد الأسرة المالكة، حسب ما قاله القصر. فيما ستواصل الملكة إليزابيث، أطول ملوك العالم جلوسا على العرش، تنفيذ برنامج ارتباطاتها الرسمية بالكامل.
يذكر أن الأمير فيليب اشتهر بتصريحاته المرتجلة التي وُصفت بـ«السخيفة»؛ مما جعل مشاركاته العامة تتصدر عناوين الصحف على مدى نصف قرن مضى. من بعض الأمثلة عليها، في عام 1967 رد الأمير على سؤال عما إذا كان يرغب في زيارة موسكو للمساعدة في تهدئة توترات الحرب الباردة قائلا: «نعم، أرغب جدا في الذهاب إلى روسيا، على الرغم من أن الأوغاد قتلوا نصف أفراد أسرتي».
وفي مناسبة أخرى، خلال زيارة للصين في ثمانينات القرن الماضي، حذر الأمير الطلاب البريطانيين قائلاً: «عيونكم ستصبح ضيقة (مثل عيون الصينيين) إذا مكثتم لفترة طويلة». ثم في عام 1993 قال لمواطن بريطاني قابله في المجر «لا يمكن أن تكون قد أمضيت وقتا طويلاّ هنا، فليس لديك كرش (بطن كبير)». وخلال زيارة لأوبان في اسكوتلندا عام 1995 سأل معلم لقيادة سيارات «كيف تبقي السكان المحليين بلا خمر وقتا كافيا لاجتياز اختبار (القيادة)؟». وفي رحلة لأستراليا عام 1998 سأل طالباً عاد لتوه من جولة سيرا على الأقدام في بابوا غينيا الجديدة «نجحت إذن في النجاة من أن يأكلك أحد هناك». وفي عام 1999 وخلال جولة بإحدى الشركات في إدنبره باسكوتلندا شاهد صندوق كهرباء أسلاكه موصلة بشكل غير سليم فقال: «يبدو وكأن هنديا وصل أسلاكه».
واستمرت زلات لسانه، ففي عام 1999 أيضا، سأل فيليب اللورد جون تيلور من واريك، وهو بريطاني وأصوله من جاميكا، قائلا: «من أي جزء بدائي من العالم جئت؟» فرد تيلور قائلا: «من برمنغهام». وقال فيليب لمجموعة من الصم يقفون قرب فرقة موسيقية تعزف على الطبول في ويلز عام 1999 «صم؟ إذا كنتم تقفون على هذه المسافة القريبة فلا عجب أن تكونوا صما». أما في عام 2001، فقال لفتى يبلغ من العمر 13 سنة، يطمح أن يكون رائد فضاء عندما يكبر، إنه بدين جداً بما لا يتناسب مع أن يكون رائد فضاء.
وفي جولة في أستراليا عام 2002 سأل فيليب أحد السكان الأصليين عمّا إذا كانوا ما زالوا يرشقون بعضهم بعضا بالرماح. وفي 2005 بمناسبة عيد ميلاد الأمير فيليب الـ85، جمع الصحافيان البريطانيان فيل دامبير وأشلي والتون، ما أسمياه «دوق المخاطر: بديهة وحكمة الأمير فيليب»، ولم يعجب ذلك قصر باكنغهام.
وعندما طلب من دامبير أن يختار أكثر زلة لسان تعجبه للأمير، اختار الاحتفال بيوم استقلال كينيا عام 1963 الذي مثل فيه الأمير فيليب بريطانيا. وعندما أوشكوا على إنزال العلم البريطاني التفت الأمير إلى جومو كينياتا زعيم الاستقلال الكيني وسأله «هل أنت واثق من رغبتك في المضي قدما في ذلك؟». على الرغم من زلات لسان الأمير فيليب التي اشتهر بها، وتصدرت عناوين الصحف، لطالما وصفته الملكة إليزابيث، بأنه مصدر «قوتها ودعمها»، خلال فترة حكمها.
تزوج الأمير الملكة في كنيسة وستمنستر آبي عام 1947 ويستعدان للاحتفال بعيد زواجهما الـ70 في نوفمبر (تشرين الثاني).
يشار إلى أنه عندما أعلن قصر باكنغهام في مايو (أيار) الماضي، قرار الأمير بالتوقف عن القيام بمهام عامة بعد هذا الشهر، أثنت رئيسة الوزراء تيريزا ماي عليه، وقدمت «خالص عرفان الأمة وأمنياتها الطيبة» له.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».