الأمن التونسي يحقق في تهديدات إرهابية تستهدف رئيس الحكومة

TT

الأمن التونسي يحقق في تهديدات إرهابية تستهدف رئيس الحكومة

تداولت مواقع إلكترونية تونسية خبرا مفاده توجيه تهديدات إرهابية مفبركة ضد يوسف الشاهد رئيس الحكومة، بعد أن تم تسريب وثيقة أمنية لأول مرة عبر شبكة الإنترنت، ثم جرى إرسالها بعد ذلك إلى عدد من المواقع الإعلامية، التي أضافت إلى المعلومة الأولى خبر تورط طرف ليبي في عملية التهديد.
وأوردت صحيفة «الشروق» التونسية معطيات حول فتح تحقيق ضد قيادات أمنية قدمت معلومات مغلوطة حول وجود تهديدات إرهابية ضد رئيس الحكومة، ورجل الأعمال التونسي المعروف كمال لطيف، إضافة إلى الإعلامي التونسي لطفي العماري.
ووفق المصادر نفسها فقد أثارت الوثيقة المسربة من وزارة الداخلية، التي يشرف عليها هادي المجدوب، غضب رئيس الحكومة الذي تم الزج باسمه ضمن أسماء لا علاقة له بها، وأمر بفتح تحقيق للكشف عمن كان وراء تسريب هذه الوثيقة السرية.
وربطت مصادر إعلامية محلية بين الإيهام بوجود تهديدات إرهابية ضد رئيس الحكومة، وبين الحملة القوية التي قادها مؤخرا الشاهد ضد عدد من المتهمين بالفساد، والتي أدت إلى فرض الإقامة الإجبارية على عشرة رجال أعمال وبعض كبار المهربين.
وخلافا لمرات سابقة كذبت فيها مصادر حكومية مثل هذه التسريبات، فإنها لم تتفاعل مع هذا الموضوع، ولم تصدر أي توضيحات تذكر، وهو ما جعل هذه التسريبات تتسم بعدم الجدية في تناول موضوع خطير مثل توجيه تهديدات إرهابية إلى رئيس الحكومة.
على صعيد آخر، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن فتح باب الترشح للانتخابات البلدية المقبلة، المزمع تنظيمها في 17 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، موضحة أن فترة قبول الترشحات ستكون خلال الفترة الممتدة ما بين 19 و26 سبتمبر (أيلول) المقبل.
في غضون ذلك، وجهت وزارة الدفاع تعزيزات عسكرية إلى مناطق اشتعال الحرائق شمال غربي تونس، لإجلاء العائلات المتضررة القريبة من الغابات المحترقة بمناطق جندوبة وباجة والكاف وسجنان والقيروان.
ووفق معطيات قدمتها مصالح الدفاع الوطني، فقد تضررت 23 عائلة، وفقدت ممتلكاتها بالكامل من الحرائق التي انطلقت بصفة متزامنة وعلى مسافات متقاربة، ما طرح إمكانية الفعل المقصود، خصوصا أنه توجد بهذه المناطق مجموعات إرهابية تحمل السلاح ضد الدولة. ولذلك تخشى السلطات من إمكانية استغلال هذه المجموعات حالة الغضب التي انتابت سكان المناطق المتضررة بسبب بطء تقديم المساعدات لمهاجمة المؤسسات الحكومية، خصوصا أن عددا من سكان الغابات كانوا قد تعرضوا سابقا لهجمات بعض المجموعات المتطرفة التي كانت تستولي على مئونتهم من الأغذية، وتهددهم بالتنكيل في حال إعلام قوات الأمن والجيش.
وشاركت طائرات عسكرية في إطفاء الحرائق، كما كلف يوسف الشاهد رئيس الحكومة وزيري الدفاع الوطني والداخلية بإجراء زيارة ميدانية للجهات المتضررة. وفي هذا السياق نفى العقيد منير الريابي، المدير الجهوي للدفاع المدني بمنطقة جندوبة (شمال غرب) الاستعانة بطائرات إطفاء من الجزائر، وقال إن الدولة الجزائرية منشغلة هي الأخرى بإطفاء الحرائق المندلعة على الجانب التابع لها من حدودها مع تونس.
من جهته، أفاد مفدي المسدي، المكلف الإعلام والاتصال لدى رئيس الحكومة، بتشكيل «خلية أزمة حكومية مفتوحة»، تجمع قيادات أمنية وإدارية من وزارات الدفاع والداخلية والصحة والفلاحة، والموارد المائية والصيد البحري والتجهيز والإسكان والتهيئة الترابية، من أجل متابعة عمليات إطفاء الحرائق في عدد من مناطق تونس، موضحا أن الحكومة سمحت لقوات الجيش بتعزيز قدرات عناصر الدفاع المدني في إطفاء الحرائق المشتعلة في جندوبة وبقية المناطق، خصوصا باستعمال الطائرات العسكرية.
وخلال اليومين الماضيين شهدت مناطق عين دراهم وطبرقة وفرنانة من ولاية (محافظة) جندوبة حرائق فاق عددها 14 حريقا، وهو ما جعلها تخرج عن السيطرة، كما اندلعت حرائق أخرى متزامنة في منطقة سجنان والقيروان، وهو ما طرح فرضية العمل الإجرامي المتعمد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.