عضو في «تيار الحكمة الوطني»: الحكيم لم يطلب موافقة إيران

TT

عضو في «تيار الحكمة الوطني»: الحكيم لم يطلب موافقة إيران

لم يرد «تيار الحكمة الوطني» الجديد، برئاسة عمار الحكيم، ببيان رسمي على التصريحات التي أدلى بها عضو الهيئة القيادية في المجلس الإسلامي الأعلى باقر جبر الزبيدي، والتي أشار فيها إلى عدم قبول القيادة الإيرانية بخطوة الحكيم الجديدة التي أفضت إلى خروجه من المجلس الأعلى، وتأسيس «تيار الحكمة الوطني» في 24 يوليو (تموز) الماضي. وفي حين قلل عضو في تيار الحكمة من أهمية تصريحات الزبيدي، ورأى أنه «لا قيمة لها»، اعتبر مصدر سياسي قريب من المجلس الأعلى أن «تصريحات الزبيدي نزهت الحكيم عن علاقة بإيران، وأثبتت علاقة عضوية وثيقة للمجلس الأعلى بإيران».
كان الزبيدي قد قال، في تصريحات لمحطة «السومرية» التلفزيونية المحلية، إن الحكيم أرسل رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي بشأن انسحابه من المجلس، فرد الأخير قائلاً: «خروجك من المجلس الأعلى ليس فيه مصلحة، وليس صحيحاً». وذكر الزبيدي أن الحكيم أرسل 3 رسائل متعاقبة إلى المرشد الإيراني، ولم يتلقَ أي رد، وأنه «طلب لقاء خامنئي، ولم تحصل الموافقة بسبب انشغال خامنئي، وحصل لقاء جانبي مع أحد مسؤولي مكتبه».
ويعزز ما قاله الزبيدي فكرة انزعاج الإيرانيين من خطوة الحكيم الأخيرة، خلافاً لما تقوله وسائل إعلام إيرانية من الترحيب بخطوته.
ويرى مصدر مقرب من أجواء المجلس الإسلامي الأعلى، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن «تصريحات الزبيدي غير موفقة، وقد صبت في صالح عمار الحكيم، وأظهرت ابتعاده عن الخط الإيراني، مقابل علاقة عضوية وثيقة بين إيران والمجلس الأعلى»، لكن المصدر يصرّ على أن «الإيرانيين في كل الأحوال قادرين على التعامل مع حالات الانشقاق في الحركات والأحزاب العراقية، خصوصاً الشيعية، نتيجة التاريخ الطويل الذي يناهز الأربعة عقود من عمل الإيرانيين معها».
من جانبه، قلل عضو «تيار الحكمة الوطني» محمد جميل المياحي من أهمية التصريحات التي أدلى بها باقر الزبيدي، معتبراً أنها «لا قيمة لها، وأن الزبيدي يعاني من أزمة نفسية وداخلية، وأن كل ما قاله بشأن الحكيم وإيران لا أساس له».
ونفى المياحي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون الحكيم «ذهب إلى إيران لأخذ موافقتها على تأسيس تيار الحكمة، خصوصاً أن التيار يسعى إلى النأي بنفسه عن سياسية المحاور الإقليمية، ويريد أن يؤسس شيئاً جديداً للعملية السياسية، بعيداً عن النعرات الطائفية والتبعية».
ويرى المياحي أن تأسيس الحكيم لتياره الجديد «انطلق من معطيات عراقية وشخصية، استندت إلى تأييد واسع من الحلقة المقربة من الأشخاص المحيطين بالحكيم والعاملين معه»، وأن الأمر «ليس له صلة بإيران أو غيرها»، ويعتقد أن التيار الجديد «يحظى بدعم ومباركة أغلب الدول المحيطة بالعراق».
وذكر المياحي أن عمار الحكيم منفتح على جميع الدول العربية والإسلامية، وأنه قال للمصريين خلال زيارته الأخيرة لمصر: «أنتم بعيدون عنا، وترون أن إيران أقرب لنا وموجودة في العراق؛ إن الفراغ الذي تركه العرب في العراق شغلته دول أخرى، مثل إيران والولايات المتحدة وتركيا، ولو كنتم موجودين لما حدث ذلك».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».