هل أصبح العلم وبالاَ علينا؟

يعلق بعض المتشائمين عليه كل مآسي البشرية

هل أصبح العلم وبالاَ علينا؟
TT

هل أصبح العلم وبالاَ علينا؟

هل أصبح العلم وبالاَ علينا؟

تنتاب المتأمل، في العادة، مشاعر متضاربة تجاه العلم ومنجزاته، فتارة التفاؤل والإعجاب والفخر بقدرة الإنسان وشجاعته في كشف اللثام عن خبايا الطبيعة وأسرارها، بل إقدامه على مواجهة الحتميات وتعديلها وتصويبها (تسخير المادة، تصحيح النظر، تعديل وراثي، تجميل...)، وتارة أخرى يحس المرء بالتشاؤم، وأن الأمور تسير إلى الهاوية؛ إذ لم تعد مغامرة العلم مريحة كما الأول، بل أصبحت مثار نقد واتهام. فعموماً، هناك فريقان: واحد يرى في العلم الخلاص، على أساس أنه المنقذ الذي ينبغي التعويل عليه للتخفيف من معاناة البشر وقسوة الطبيعة؛ ففهم حركيتها وعللها القريبة يسمح بالتحكم فيها، ومن ثم التحرر من قبضتها وخطورتها علينا. أما الفريق الآخر فهو يلح على أن كثرة المعرفة كانت وبالاً علينا، فالإنسان عاش في الماضي في حضن الأسطورة والدين أقل تعاسة منا نحن الذين نحيا في قلب المنجزات العلمية، فملء الطبيعة بالقداسة والسحر لهو أهون من هتك أسرارها وجعلها فاترة باردة دون روح؛ فالتعامل العلمي «الموضوعي» والآلي مع الأشياء عن طريق حمى البحث في العلاقات السببية تقتل جماليتها وتجعلها صماء، باختصار يؤكد هذا الفريق ذو النزعة المتشائمة أن العلم قد خذلنا وزجّ بنا وما زال في الكارثة. إلى درجة أن البعض يطالب بترك العلم نهائياً.
ولتأكيد تنافس النظرتين، المتفائلة والمتشائمة، تجاه العلم، يكفي أن نتذكر جميعاً كيف أنه وبمجرد ظهور تكنولوجيا جديدة مثل «Les OGM» أي الأعضاء المعدلة وراثياً، فإن ذلك قد أفرز مباشرة منطقين متباينين، وهما: واحد يفكر فيما سيتم جنيه من أرباح، والآخر يخشى من الخسائر والتبعات المترتبة عن ذلك.
إن النظر إلى العلم بمخاوف، له في الحقيقة ما يبرره، فنعم كان هناك فزع من قنبلتي هيروشيما ونكازاكي، وهناك تغير في المناخ ينبئ بالخطر، وهناك ارتفاع في منسوب البحر، وأصبحت أبقارنا مجنونة، ونكاد نختنق بالتلوث. وهناك مسار تحديد للنسل والهندسات الوراثية المرعب الذي ينبئ بتغير في ملمح الإنسانية المعتاد... كل هذا خلق شكوكاً حول العلم؛ فهو مغامرة مخاطرها أكثر من مكاسبها. لكن هل يمكن أن نلقي كل هذا على عاتق العلم؟ أليس في ذلك نوع من المبالغة في تحميل كل ذلك للعلماء؟
يرفض إتيان كلان «Etienne Klein» المولود سنة 1958 والمتخصص في الفيزياء الدقيقة والمهتم بفلسفة العلوم في كتابه «غاليليو والهنود» Galilée et Les Indiens (طبعة فلاماريون لسنة 2013) النظرة المتشائمة تجاه العلم؛ إذ يقف موقف المدافع والرافض لأن تعلق على العلم كل مآسي البشرية، فهو يرى أن المشكلة لا تكمن في العلم أبداً؛ وذلك لسبب بسيط وهو أن العلم لا يقول لنا ماذا علينا أن نفعل؟ فهو يكتشف حقائق وكفى، فدور العالم هتك الخبايا وتقديم حقيقة، حول سير الطبيعة ومحاولة وضعها في قوانين ونظريات صارمة رياضياً، أما استغلال هذه الحقائق بطريقة مخلّة أو مضرّة، فهذا يعود لأمر غير علمي.
هذا الأمر جعل إتيان كلان يطرح السؤال التالي: ماذا علينا أن ننتظر من العلم؟ ليجيب عن ذلك: بالطبع ليس الخلاص. فالعلم يؤهلنا لمعرفة محدودة دون الدخول في تنافس مع الطرق الأخرى لرؤية العالم، وإذا كانت المعرفة العلمية كونية فهذا لا يعني أنها كاملة، بل هي معرفة تجيب فقط عن الأسئلة التي تدخل ضمن إطار اشتغاله، فالكثير من الأسئلة التي يطرحها البشر ليست علمية أصلاً من قبيل: كيف نعيش معاً؟ كيف نحقق العدالة؟ كيف نفكر في الحرية؟ ما الحق؟... هذه الأمور القيمية، كما يؤكد إتيان كلان، لا يمكن أن تكون ضمن حقل العلم. وإذا سلمنا بأن العلم لا يقول لنا ماذا سنفعل، فما منبع الخلاص إذن؟ يقول إتيان كلان: إذا ما أخذنا البيولوجيا بصفتها حقلاً علمياً، فهي تخبرنا - مثلاً - بكيفية صناعة كائن معدل وراثياً، لكن هي لا تقول لنا هل سنفعل ذلك أم لا؟ فمن سيقرر ذلك يا ترى؟ يؤمن إتيان كلان بأن الجواب يجب أن يكون بعد مشاورة جماعية تستدعي ما أمكن الذكاء الجماعي. فالعالم دوره محدود هو أن يقول منجزه وينسحب، ولكن أن يجيب عن سؤال الخلاص فهذا ليس مجاله أبداً.
إن الدعوة إلى التخلص من العلم بمبرر أنه كلما عرفنا قليلاً تصرفنا جيدا، هي دعوة بائسة من وجهة نظر إتيان كلان إلى درجة أنه قال: «وكأن الأخطاء المرتكبة باسم العلم تجعل من الجهل قيمة!».

كاتب مغربي



طعم الجبل

طعم الجبل
TT

طعم الجبل

طعم الجبل

تفتّش في القاموس عن فحوى كلمة «جليل»، وتظهر لك المعاني: «العظيم، الخطير، المهمّ...».. ويمكن أيضاً أن يكون «المخيف، الخارق، البالغ»، كما أنّه «ما جاوز الحدّ من نواحي الفنّ والأخلاق والفكر». أستطيعُ أن أدلي هنا بدلوي وأقول إنّ «الجليل» هو ما يلزمنا الحديث عنه أوّلاً بلغة الشّعر، أي الخيال. فعندما نتحدّث عن «البحر» أو «الخير الأسمى» أو «الشّيطان» بكلام عاديّ، فإنّ صفة الجلالة تنتفي، ويتولّد لدينا شعور باللاّمبالاة.

«لو مرّت يوميّاً خلال ألف سنة ريشة طاووس على جبل غرانيتيّ، فإنّ هذا الجبل سيُحتّ، ويختفي». وإن كان قائلُ هذا الكلام بوذا، إلّا أنّ التأمّل في معناه يُزيح عن الجبل صفة الجلالة، حتماً. هناك فجوات مظلمة فيما هو جليل في كوننا، حتّى إنّه يمكن أن نعيش فقط لكشفها، ويكون عندها لحياتنا مغزى تنتقل إليه سِمة الجلالة. يقول نيتشه: «على مَن ابتكر أمراً عظيماً أن يحياه».

جاء في يوميّات شاعر يابانيّ: «يرتجي الغرب غزو الجبل. يرتجي الشّرق تأمّل الجبل، وأنا أرتجي طعمَ الجبل». وهذا عنوان كتاب للشّاعر، والأمر ليس غريباً تماماً عن الطبيعة البشريّة، فنحن نتعرّف في سنين الطّفولة على الكون بواسطة اللّسان. أي شيء تصل إليه يد الطّفل يضعه مباشرة في فمه، وهذه الخطوة تؤدّي إلى اتّصاله بالشّيء بواسطة جسده كلّه. اختار الطّفل هذا العضو وهذه الحاسّة لأنّها الأقرب إليه والأسهل، مثلما يفعل العشّاق الذين يبدأون الحبّ بالتقبيل بشغف لا يشبهه شغف، ثمّ يصبح بعد ذلك كلّ فعل وحديث بين الاثنين مبقّعاً بهذا الفعل، الذي يعني المعرفة الحميمة والعميقة لكلا الجسدَين والقلبَين.

ورغم أنّ الجبل يُعدّ من الجماد، فإن نسغَ الحياة فيه قوي، وهو يشمخ على صفحة السّماء. هل جرّبتَ الشّعور بالسّكينة والسّعادة وأنت تتجوّل على سفح الجبل قاصداً القمّة، عند السَّحر؟ ما إن يطلع عليك ضوء الفجر الأزرق حتّى تجدَ أن بصرك صار حديداً. حدث هذا الأمر معي كحُلُم غريب؛ كنت أنظر من خلال عدستين طبيتين أثناء صعودي السّفح، وأخذت رعشة بيضاء تهزّ قلبي عندما اكتشفتُ، في بريق الشّمس الطّالعة، أن لا حاجة لي بهما، وأنّه بإمكاني متابعة النّسر الحائم في السّماء البعيدة. كان الفجر ينشر سناه، وراح الطّائر يتأرجح، ثم حلّق في دائرة كبيرة وصعد بعد ذلك عالياً موغلاً في السّماء القصيّة. ها هي صورة تعجز عن إيفائها حقّها من الوصف حتّى في ألف عام، العبارة لشاعر ألمانيا غوته، وفيها تعريف ثانٍ للجليل. في خاصرة جبل «زاوا»؛ حيث كنتُ أتجوّل، ثمة مرتفع صخري شاهق، وفي الأسفل ترتمي مدينة دهوك، مبانيها تبدو متآكلة محتوتة بفعل الرّياح والشّمس، والنّاس في الشّوارع كنقاط من النّمل. أخذ الطّريق يصعد وينحدر، وهبط النّسر في طيران هادئ راسماً بجناحيه دائرة واسعة، ثم حطّ على صخرة قريبة واسعة رماديّة اللّون، وبرق قلبي وأحسستُ أنّي أعيش حياة حارّة في حضرة كائن حي مبجّل، وتوهمتُ النّسرَ في سكونه المقدّس جبلاً، يتقاطع ظلّه المجنون مع ظلّ الصّخرة.

ورد ذكر «الجبل» بجوار «الطّير» في الكتاب المنزّل في ثلاث سور: «ص»: «إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ. وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ۖ كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ»، و(الأنبياء): «وسخّرنا مع داود الجبال يسبّحْنَ وَالطَّيرَ وكُنَّا فاعلين»، و(سبأ): «ولقد آتينا داود منّا فضلاً يا جبال أوّبي معه والطّيرَ وألَنّا لهُ الحديد». من يقرأ هذه الآيات أو يسمع تلاوتها، فإنّه يشكّ في أنّ حياته مجرّد حلم يخطف مثل طائر على قاع أو سفح أو قمّة الجبل، طالت سنينُه أم قصُرت.

تشبيه آخر يكون الجبلُ فيه حاضراً، والمقصود به حياتنا الفانية:

«ظِلّ الجبلِ جبلٌ أقلُّ/ أخفُّ/ أسهلُ/ في لحظة/ يُفردُ جناحيهِ/ يطيرُ».

الاستعارة هنا قريبة، فظلّ الجبل هو الطّائر الذي يحلّق سريعاً عند انقضاء النّهار، كناية عن الأجل. لكنّ أنهار الشّعر تجري في كلّ مكان، وليس بالضرورة أنها تصبّ في بعضها بعضاً. للشّاعر ليف أنينيسكي قصيدة تردُ فيها هذه الصّورة: «الطّريق مضاءة بليلها وجبالها»، صار الجبل مصدراً للضّياء، والعلاقة باتت أكثر تطوّراً وتعقيداً، وكلّما بعدت الاستعارة ازدادت كفاءة الشّاعر. من المعروف أن أنينيسكي هو شاعر روسي عاش في الحقبة السّوفياتيّة، وثمّة رمزيّة دينيّة مسيحيّة تظهر في هذا البيت مصوّرة، ومختزلة بشبح الجبل في الظّلام. لا توجد أشجار ولا يوجد نبات يعيش على السّفح، البعيد تماماً عمّا يُسمّى بحرائق الألوان، فما مصدر الضّوء، والدّنيا ظلام لأنّ اللّيل أدلهمّ، اللّيل الذي لا يُريد أن ينتهي؟ لكنّه انجلى على يد غورباتشوف، وعاد الإيمان لدى الرّوس بقوّة. عندما قرأتُ شعر أنينيسكي، كان الوقتُ ليلاً، وبقيتُ أتأمّل المشهد في السّرير وانعكاس الجبل في الظّلمة الدّاكنة راح يهدهدني، ثم غرقتُ في النّوم، وكان رُقادي عذباً إلى درجة أن صدى قهقهاتي في أثناء حلمي السّعيد لا يزال محفوراً في ذاكرتي. حتّى الآن لا أعرف لماذا كنتُ متنعّماً في نومي إلى هذه الدّرجة، وهذه فائدة ثانية نحصل عليها من رفقة الجبل، وإن كانت بواسطة كتاب.

في مدينة دهوك، في كردستان العراق؛ حيث تكثر الجبال وتكون قريبة، لم أعثر على دوّارة واحدة للحمام الدّاجن فوق سطوح المباني في المدينة. دامت زيارتي خمسة أيّام، لم أرَ فيها غير أسراب الطيور تدور حول قمّة الجبل، تشقّ بأجنحتها الفضاء السّاكن، وتنتزع نفسها من الهواء إلى هواء أعلى، وتبدو كأنّها تصطبغ بالأزرق في السّماء الصّافية. هناك جرعة من حاجة الإنسان إلى الطّير يشغلها الجبل، وكأنّ هناك لوحة في صدور محترفي تربية الطّيور خُطّ عليها: «إذا كانت في مدينتك جبال، فلا حاجة إلى أن يعيش الطّير في بيتك». لا شكّ في أنّ الغد في دهوك سيكون حتماً كاليوم، اليوم الذي يشبه الأمس، ويشبه كلّ الأيّام. سربٌ من الحمائم يدور حول الجبل في النّهار، ولمّا يجنّ اللّيل تبدو قمّته مهدّدة في الظلام، وتبقى أشباح الطيور دائرة حولها، تحرسها من الفناء. جاء في سورة الإسراء - آية 13: « وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ». يحرس الطّيرُ الجبالَ العالية، ويحرس الإنسان أيضاً من الموت؛ الجبل هو انعكاس للإنسان، ونقيض له أيضاً؛ فهو لم يكن يوماً ضعيفاً وعاطفيّاً، ولا تهزّه مشاعر السرور والألم.

بالإضافة إلى حدّ البصر والنوم الرغيد، تمنحنا رفقة الطّور إحساساً عميقاً بإرادة الحياة وقوّة الأمل، مع شعور بشدّة الشّكيمة، لأنه مكتمل ولا تشوبه شائبة، كما أنه عظيم إلى درجة أن أضخم مخلوقات البرّ والبحر، أي الديناصور والحوت، تبدو بالمقارنة تافهة الحجم والصورة. المنفعة الرابعة التي تحصل عليها بعد زيارتك شعفة الجبل، أنك تشعر بالطّهارة من الإثم، كما لو أنّك أدّيتَ طقساً دينيّاً. ثم يهبط المرء على السفح شديد الانحدار، شاعراً بضالته تحت الثقل السابغ والمدوّخ لواجهة الجبل السوداء، ويكون عندها بحالة من الطّفو في تلك المنطقة بين السير على الأرض والتحليق في الهواء. عندما تحطّ قدم المرء على الأرض، يكون ممتلئاً تيهاً، لأنه صار يشعر بنفسه بريئة من كلّ وزر، ومنيعة وأكثر أبديّة من الجبل ذاته.

ولكن أين تذهب الطيور الميّتة؟ نادراً ما يعثر أحدنا في الطريق على عصفور أو حمامة ميّتة. إنها تولد بالآلاف كلّ يوم، وتقضي بالآلاف أيضاً. فما مصيرها؟ سألتُ نفسي هذا السؤال، وبحثتُ في المصادر والمراجع، وليس هناك جواب. البعض يقول يأكلها النّمل أو القطط والقوارض، وهذا جواب غير مقنع البتّة. هل تدّخر عظامَ مختلف أنواع الطير قاعدة الجبل، لتمنحه القوّة والقدرة على التحليق، شاهقاً في أعالي السماء؟

المنفعة الخامسة للجبل شعريّة خالصة ولا يتمكّن منها إلا من كان ذا حظّ عظيم، ويمتلك عيناً ترى كلّ شيء. بعد هيام طويل بجبال الجزائر سوف يجد سعدي يوسف نفسه يفتّش عن النساء العاشقات، وهو ينظر من خلال الجبل:

«في الصّيف تبقى المدينة، ظُهرا، بلا عاشقاتْ/ كان ينظرُ عَبرَ الشّجرْ/ وغصونِ الشجرْ/ والسنابلْ/ كان ينظرُ عبرَ الجبال».

القصيدة هي «تسجيل» من ديوان «نهايات الشّمال الأفريقي»، ومكان الجبال في نهاية المقطع لا تبرّره دوافع منطقيّة، وإنما بواعث شعريّة. هناك إسقاطات أو تمثّلات لما ورد في الكتاب عن تشبيه الجبال بالسحاب والسراب: سورة النمل: «وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ»، والنبأ: «وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا». إن جوهر الهويّة الشعرية تشكّله قدرة الشاعر على استعمال الكلمات كطلاسم وحقائق على حدّ سواء. الجبل الذي يُحيلهُ البارئ إلى سحاب وسراب بات في نظر الشاعر حصناً (أو مدفناً!) للنساء العاشقات، ملاذاً لهنّ مِن «شقق نصف مفروشة»، ومِن «تبغ أسود في ضفاف النّبيذ»، في أيام «العطل غير مدفوعة الأجر».

في الصفحات الأخيرة من رواية «مائة عام من العزلة»، يقوم العاشقان أورليانو بوينيديا وآمارانتا أورسولا، في ساعة شبق ملعونة، بدهن جسديهما بمربّى المشمش، ثم يروحان «يلتهمان» أحدهما الآخر «معرفيّاً» بواسطة اللسان. عنوان المجموعة الشّعرية «طعم الجبل» دليل يؤكد فيه الشاعر الياباني على جلالة الطّور، لأنه ليس هناك مخلوق يستطيع التعرف على الجبل بواسطة طعمه، وهذا تعريف ثالث لما هو جليل في كوننا.