ألمانيات يعترضن على حراسة رجالية لحمام سباحة نسائي

TT

ألمانيات يعترضن على حراسة رجالية لحمام سباحة نسائي

هل هي «زوبعة في فنجان» كما وصفتها امرأة؟ أم قلق حقيقي بشأن حساسية النساء المسلمات بصفة خاصة، والنساء بصفة عامة، من اللاتي يحتفظن بالحق بأن يكون لهن المكان الخاص بهن بعيداً عن الرجال؟
خلال الأسابيع الماضية بات هذا الجدل العام، يشكّل أمراً مهماً في ألمانيا، حين أثارته طالبة بشأن آخر حمام سباحة خارجي في البلاد، يقتصر على وجود النساء فقط، في مدينة فرايبورج بجنوب البلاد.
تتلخّص مشكلة الطالبة في أنّ هذا الحمام المخصّص للنساء فقط، به رجال وهم حراس الإنقاذ.
وميدان المعركة هو لوريتوباد، ويسميه السكان المحليون بتحبب «لولو». ومدخله الوحيد هو باب خشبي ضيق، وهناك لافتة كُتب عليها بوضوح «حمام سباحة للنساء». وإذا كنت ذكراً، فأنت لا تنتمي إلى المكان. وتحجب بضع قطع من الخشب، الرؤية عن المكان.
ولوريتوباد موجود منذ عام 1886، وفي تلك الأيام، كانت كل حمامات السباحة منفصلة بالنسبة للجنسين احتراماً للآداب العامة والأخلاقيات. ولكن مع توالي العقود، تلاشى الانفصال تدريجياً وحلّت محله حمامات السباحة المشتركة.
بدأ النزاع الخاص بالنوع الاجتماعي عندما وضعت طالبة اسمها جنينا تلاج، التماساً على الإنترنت تطالب فيه بإبعاد حراس الإنقاذ الذكور. وترى أن النساء يجب أن يكن فقط بين النساء. وتتابع أن وجود الرجال يؤثر على نحو غير متناسب على النساء المسلمات، اللاتي يبقين بعيداً إذا كان هناك رجال في حمام السباحة. وتدفع أيضاً بأنّ النساء قد يردن ببساطة «منطقة يشعرن فيها بحماية أكثر، وتمضية بعض الوقت خارجاً بعيداً عن التحديق والتحرش اليومي».
وسيستمر التماس تلاج على الإنترنت، حتى منتصف أغسطس (آب)، وفي غضون هذا الوقت تأمل بأن يكون لديها ألفا مساند. وحتى الآن وقّع على الالتماس نحو 600 رجل وامرأة. وتفيد تقارير بأنّ 360 من الموقعين ينتمون إلى فرايبورج.
وانتشرت الأنباء والجدل بشأن الالتماس في الوقت نفسه عبر ألمانيا، وللمرة الأولى، سمع كثيرون بوجود حمام سباحة خارجي يقتصر على النساء فقط.
حل مشكلة تلاج ليس بسيطاً كما يبدو للوهلة الأولى. فهناك حارسات إنقاذ في لوريتوباد، ولكن عددهن لا يكفي. وهكذا على مدى السنوات، تم تعيين حراس إنقاذ من الذكور.
من جانبه، قال رينيه ديريونج المتحدث باسم هيئة حمامات السباحة في فرايبورج: «لم تكن هناك مشكلة أبداً في هذا الأمر». وتابع: «دهشنا من هذا النقاش لأنه لا يعكس الموقف الفعلي في حمام السباحة». وأضاف، أنّ عمّال الإنقاذ من الرجال يتصرفون بمهنية وهم متحفظون تجاه النساء، كما لم ترد أي شكاوى منهن. ويستطرد: «كما هو الحال في كل مكان آخر بصفة عامة، هناك نقص في حراس الإنقاذ المؤهلين، ببساطة، ليس لدينا حارسات إنقاذ بما يكفي لكي يبقين على حمام السباحة، والاقتصار عليهن». وإذا ما وضع الالتماس بإبعاد حراس الإنقاذ موضع التنفيذ، سيتعين إغلاق حمام السباحة بصفة دائمة».
ووجهة النظر هذه يدعمها أصدقاء لوريتوباد وهي رابطة خاصة أسست منذ أعوام ونأت بنفسها علناً عن الالتماس. وبعض النساء اللاتي يترددن على حمام السباحة لا يشعرن بالسعادة بشأن الالتماس.
وتقول سيدة مسنة تتردد عليه بانتظام للالتقاء بصديقاتها وإقامة «حفلات نسائية» كما تصفها: «إنّها زوبعة في فنجان». كان هناك على الدوام حراس إنقاذ من الذكور. وقالت امرأة أخرى إنّها لا ترى مشكلة، وأضافت: «في البداية قد يبدو غير معتاد. ولكن الرجال يؤدون عملهم فحسب».
ويؤكد المتحدث ديريونج أنّ الطلب يظل عالياً على لوريتوباد، حيث يزوره نحو 30 ألف سيدة كل عام. ولم يكن هناك أي انخفاض ملموس في الأرقام في أعقاب الجدل حول الالتماس.
اتضح أيضاً أنّ لوريتوباد ليس حمام السباحة الوحيد الذي يقتصر على النساء في المنطقة، فعلى بعد 70 كيلومتراً إلى الجنوب، في مدينة بازل السويسرية، هناك أيضاً حمام سباحة للنساء فقط، لكن فيه أيضاً حراس إنقاذ من الرجال. وفي ذلك، أفاد متحدث باسم السلطات السويسرية بأنّ انتقادات وجّهت إليه من نساء مسلمات ملتزمات، وصل كثير منهن من فرنسا، عبر الحدود.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».