النظام السوري على مشارف السخنة ويتقدم باتجاه دير الزور

مقتل 29 مدنياً بغارات للتحالف الدولي على الرقة

جنود أميركيون على طريق يقود إلى الرقة يقومون بتصليح مركبتهم الخاصة بالكشف عن الألغام (أ.ب)
جنود أميركيون على طريق يقود إلى الرقة يقومون بتصليح مركبتهم الخاصة بالكشف عن الألغام (أ.ب)
TT

النظام السوري على مشارف السخنة ويتقدم باتجاه دير الزور

جنود أميركيون على طريق يقود إلى الرقة يقومون بتصليح مركبتهم الخاصة بالكشف عن الألغام (أ.ب)
جنود أميركيون على طريق يقود إلى الرقة يقومون بتصليح مركبتهم الخاصة بالكشف عن الألغام (أ.ب)

وصلت قوات النظام السوري وحلفاؤها إلى مشارف السخنة، وهي آخر معقل لتنظيم داعش في محافظة حمص، معلنة أن سيطرتها على المدينة المذكورة «تعني فتح الأبواب والطرق والمجال للتحرك إلى دير الزور مباشرة». ويتزامن تقدم النظام في ريفي حمص والرقة، مع تكثيف التحالف الدولي غاراته على مناطق سيطرة «داعش»، ما أدّى لمقتل عشرات المدنيين في الساعات الماضية في دير الزور ومدينة الرقة وفق تقارير سورية معارضة.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن 29 مدنيا على الأقل قتلوا في سلسلة من الغارات الجوية التي شنتها طائرات التحالف الدولي على مدينة الرقة، في وقت أعلن فيه مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» على 50 في المائة من مساحة المدينة التي كانت تُعد حتى الأمس القريب عاصمة ومعقل «داعش» في الشمال السوري.
وتحدث عبد الرحمن، أمس، عن تقدم تحققه «قسد» المدعومة بالقوات الخاصة الأميركية، في حي نزلة شحادة بمدينة الرقة بعدما سيطرت على أجزاء واسعة منه ووصلت إلى منطقة غير بعيدة عن القوات المتقدمة من حي هشام بن عبد الملك. وأوضح أن القوات المهاجمة باتت تسيطر بشكل كامل على أحياء السباهية والرومانية والقادسية وحطين واليرموك والصناعة والمشلب والبتاني، وعلى أجزاء واسعة من حي نزلة شحادة وأجزاء من حي هشام بن عبد الملك ومن حي بريد الدرعية وأجزاء من الرميلة والروضة والمدينة القديمة. وإذ أكّد عبد الرحمن أن الاشتباكات لا تتوقف في المدينة، أشار إلى أن «من تبقى من مدنيين في الأحياء التي ما زال يسيطر عليها (داعش) اتخذوا دروعا بشرية من قبل التنظيم، ويتعرضون في الوقت ذاته لقصف من طائرات التحالف، وعددهم يبلغ عشرات الآلاف». وأضاف: «نعتقد أن الأمور دخلت مرحلة حقيقية لكسر تنظيم داعش الذي يفتقد الإمدادات».
وبالتزامن مع تراجع نطاق سيطرة التنظيم المتطرف داخل الرقة، يبدو أنّه اقترب من الخروج نهائيا من محافظة حمص، بحسب ما أكد مصدر عسكري سوري أمس لوكالة «رويترز»، لافتا إلى أن «القوات الحكومية تقترب من آخر بلدة كبيرة يسيطر عليها (داعش) في حمص في إطار هجوم متعدد الجبهات على معاقل المتشددين في شرق البلاد».
وقال المصدر إن «العمليات القتالية ستتسارع باتجاه السخنة على مسافة 50 كيلومترا من محافظة دير الزور؛ حيث أعاد (داعش) نشر كثير من مقاتليه بعد أن خسر أراضي في العراق وسوريا»، مشددا على أن «السيطرة على السخنة تعني فتح الأبواب والطرق والمجال لتحرك القوات إلى دير الزور مباشرة». وأضاف أن قوات النظام سيطرت على مواقع على مسافة 8 كيلومترات جنوب غربي البلدة مساء أول من أمس.
وتتقدم القوات النظامية تدريجيا من السخنة منذ أن سيطرت في مارس (آذار) الماضي على مدينة تدمر القديمة التي تبعد عنها مسافة 50 كيلومترا تقريبا.
وقال المصدر العسكري: «من الطبيعي أن العمليات القتالية تتصاعد على هذا الاتجاه وتأخذ طابعا أقوى وأسرع». وأضاف أن تنظيم داعش حشد قواته في السخنة.
من جهته، أفاد «المرصد» بأن «المعارك تتواصل بوتيرة عنيفة بين قوات النظام المدعمة بالمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية من جهة، وعناصر تنظيم داعش من جهة أخرى، على محاور في محيط مدينة السخنة، التي تعد آخر مدينة يسيطر عليها التنظيم في محافظة حمص»، لافتا إلى أن «قوات النظام تستميت للسيطرة عليها وإنهاء وجود التنظيم فيها». وقال: «في حال تمكنت قوات النظام من تحقيق تقدم جديد وفرض سيطرتها على مدينة السخنة، تكون بذلك حصرت وجود التنظيم في قرى قرب جبال الشومرية وقرى أخرى في بادية السخنة وحقول نفطية ومرتفعات متناثرة في البادية السورية بريف حمص».
وكما في الرقة، كذلك في محافظة دير الزور، قال ناشطون سوريون إن «9 مدنيين قتلوا، وأصيب العشرات بجروح، جراء غارات جوية، مساء الأربعاء، على مدينة البوكمال، بريف دير الزور الشرقي». وقالت مواقع تابعة للمعارضة السورية إن «طائرات حربية يُرجح أنها تابعة للتحالف الدولي، شنت مساء الأربعاء غارات جوية عدة، على مدينة البوكمال، استهدفت مناطق البريد ومدرسة الثورة وشارع السبعين، وعددا من الأماكن الأُخرى، ما تسبب بمقتل 9 مدنيين، وإصابة العشرات بجروح». وأشار الناشطون إلى أن عددا من المدنيين ما زالوا مفقودين، أو عالقين تحت الأنقاض، حيث تسببت الغارات بدمار واسع طال الأبنية والمنازل والممتلكات الخاصة والعامة.
يُذكر أن 15 مدنياً كانوا قد قتلوا أيضا صباح الأربعاء جراء غارات جوية لطيران التحالف الدولي على قرية الطيبة بريف دير الزور الشرقي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.