ارتفاع التوتر في موريتانيا مع اقتراب موعد الاستفتاء على تعديل الدستور

الرئيس ولد عبد العزيز: سنواصل مسيرة البناء مهما كان الوضع

TT

ارتفاع التوتر في موريتانيا مع اقتراب موعد الاستفتاء على تعديل الدستور

قال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، أمس، إنه مستمر في «مسيرة البناء» من خلال التعديلات الدستورية، التي ستعرض على استفتاء شعبي في الخامس من أغسطس (آب) المقبل، رغم رفض المعارضة الديمقراطية لهذه التعديلات ووصفها بأنها «انقلاب على الدستور».
ويواصل الرئيس الموريتاني جولة داخل البلاد، شملت حتى الآن سبع محافظات في الجنوب والجنوب الشرقي والشرق، وألقى فيها خطابات أمام الآلاف من أنصاره، حثهم فيها على التصويت بـ«نعم» في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، كما استعرض حصيلة ثماني سنوات قضاها في الحكم، منذ انتخابه رئيساً للبلاد عام 2009.
وقال ولد عبد العزيز في كلمة ألقاها أمس بمدينة النعمة: إن «هذه المرحلة حاسمة من تاريخ البلاد، ومن الضروري الحفاظ على الإنجازات وتعزيز المكتسبات التي تحققت في السنوات الأخيرة من خلال التصويت المكثف بنعم لصالح التعديلات الدستورية المقترحة»، مضيفا أنه «مهما كانت الوضعية صعبة، فإننا سنواصل هذه المسيرة، هذا هو تصميمنا وهذه هي عزيمتنا، وتلك هي إرادتنا بحول الله».
وتشمل التعديلات الدستورية المعروضة على الاستفتاء الشعبي 57 نقطة، قال ولد عبد العزيز إنها «تهدف إلى عصرنة وتطوير نظامنا التشريعي وفق متطلبات العصر الحديث»، وأشار في خطابه المطول إلى أن «هذه الإصلاحات تشمل محورين، أحدهما يتعلق بتعديل المادة 8 من الدستور المتعلقة بتحسين العلم الوطني، وتعديلات أخرى تشمل إلغاء مجلس الشيوخ، ودمج المجلس الإسلامي الأعلى ووسيط الجمهورية وهيئة الفتوى والمظالم، فضلاً عن إلحاق البعد البيئي بمهام المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وتوسيع المجلس الدستوري ليصبح تسعة أعضاء».
وأوضح ولد عبد العزيز الذي تمر علاقته بمجلس الشيوخ (الغرفة العليا في البرلمان الموريتاني) بتوتر كبير وحالة من القطيعة شبه التامة، أن إلغاء مجلس الشيوخ في إطار التعديلات الدستورية المقترحة «يعني وقف التعطيل وبطء الإجراءات وتفعيل مشاريع القوانين، التي تم تعطيلها من طرف المجلس، بالإضافة إلى توفير الموارد الكبيرة التي كانت تستنزف في ميزانية مجلس الشيوخ وتوجيهها إلى مشاريع أكثر فائدة على حياة المواطن»، مشيراً إلى أن مجلس الشيوخ استنزف منذ نشأته 16 ملياراً من الأوقية دون تكاليف العلاج والمهمات الخارجية، وفق تعبير ولد عبد العزيز.
ولكن المعارضة وأغلبية أعضاء مجلس الشيوخ، يرون في موقف الرئيس محاولة لكسر هيبة المجلس، الذي سبق أن أسقط التعديلات الدستورية عندما عرضت عليه شهر مارس (آذار) الماضي، ويؤكدون أن العملية الديمقراطية في موريتانيا وتوازن السلطات يتطلب وجود مجلس للشيوخ؛ إذ إنه بحسب الدستور الحالي فإن مجلس الشيوخ هو المجلس الوحيد، الذي لا يملك رئيس الجمهورية حق حله، وبالتالي هو الضامن للتوازن، وفق تعبير المعارضة. وكانت المعارضة قد خرجت أول من أمس في مظاهرات متفرقة بنواكشوط، واجهتها الشرطة بقنابل الغاز المسيل للدموع والهراوات؛ لأن المظاهرات «لم تكن مرخصة»، وقد أسفرت هذه المواجهات عن وقوع «إصابات طفيفة» في صفوف عدد من قادة الأحزاب السياسية المعارضة، وعبرت مؤسسة المعارضة الديمقراطية عن تنديدها بلجوء الشرطة إلى استخدام القوة لتفريق مظاهرة سلمية، يشارك فيها قادة الأحزاب السياسية.
وأعلنت المؤسسة في بيان صحافي أمس، تضامنها مع الجرحى والمعتقلين، الذين قالت: إنهم «رفضوا مصادرة حقهم في التظاهر والاحتجاج».



الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

بعد نحو 10 أيام من الهدوء وتراجع الهجمات الحوثية ضد السفن، تبنّت الجماعة المدعومة من إيران قصف قاعدة إسرائيلية في منطقة النقب، الجمعة، وزعمت إسقاط مسيرة أميركية من طراز «إم كيو 9»، بالتزامن مع إقرارها تلقي غارتين غربيتين استهدفتا موقعاً في جنوب محافظة الحديدة الساحلية.

وجاءت هذه التطورات بعد يومين فقط من فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية؛ حيث تتصاعد مخاوف الجماعة الحوثية من أن تكون إدارته أكثر صرامة فيما يتعلّق بالتصدي لتهديداتها للملاحة الدولية وتصعيدها الإقليمي.

صاروخ زعمت الجماعة الحوثية أنه «فرط صوتي» أطلقته باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

وتهاجم الجماعة منذ أكثر من عام السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحرين الأحمر والعربي، كما تطلق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مساندة «حزب الله» اللبناني.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان، إن قوات جماعته نفّذت عملية عسكرية استهدفت قاعدة «نيفاتيم» الجوية الإسرائيلية في منطقة النقب بصاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2»، وإذ ادّعى المتحدث الحوثي أن الصاروخ أصاب هدفه، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراضه دون الحديث عن أي أضرار.

وتوعّد المتحدث العسكري الحوثي بأن جماعته ستواصل ما تسميه «إسناد فلسطين ولبنان»، من خلال مهاجمة السفن وإطلاق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، زاعماً أن هذه العمليات لن تتوقف إلا بتوقف الحرب على قطاع غزة ولبنان.

حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أرشيفية - أ.ف.ب)

وكان آخر هجوم تبنّته الجماعة الحوثية ضد إسرائيل في 28 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي، حينها، أن طائرة مسيّرة أُطلقت من اليمن عبرت أجواء مدينة عسقلان قبل أن تسقط في منطقة مفتوحة.

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

12 مسيّرة تجسسية

زعم المتحدث العسكري الحوثي، في البيان الذي ألقاه خلال حشد في صنعاء، أن الدفاعات الجوية التابعة للجماعة أسقطت، فجر الجمعة، «طائرة أميركية من نوع (إم كيو 9) في أثناء تنفيذها مهام عدائية في أجواء محافظة الجوف».

وحسب مزاعم الجماعة، تُعدّ هذه الطائرة المسيرة الـ12 التي تمكّنت من إسقاطها منذ بدأت تصعيدها البحري ضد السفن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتحدّثت وكالة «أسوشييتد برس» عما وصفه شهود، الجمعة، بأنه سقوط مسيّرة في أحدث إسقاط محتمل لمسيرّة تجسس أميركية. وأوردت أن الجيش الأميركي على علم بشأن مقاطع الفيديو المتداولة عبر الإنترنت التي تُظهر ما بدا أنها طائرة مشتعلة تسقط من السماء والحطام المحترق في منطقة، وصفها من هم وراء الكاميرا بأنها منطقة في محافظة الجوف اليمنية.

وحسب الوكالة، قال الجيش الأميركي إنه يحقّق في الحادث، رافضاً الإدلاء بمزيد من التفاصيل، وذكرت أنه «لم يتضح على الفور طراز الطائرة التي أُسقطت في الفيديو الليلي منخفض الجودة».

غارتان في الحديدة

في سياق الضربات الغربية التي تقودها واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة الحوثية على مهاجمة السفن، اعترفت وسائل الجماعة بتلقي غارتين، الجمعة، على موقع في جنوب محافظة الحديدة.

وحسب ما أوردته قناة «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة، استهدفت الغارتان اللتان وصفتهما بـ«الأميركية - البريطانية» مديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً رئيسياً لشن الهجمات البحرية ضد السفن.

قاذفة شبحية أميركية من طراز «بي 2» مضادة للتحصينات (أ.ب)

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم رابع ضد سفينة ليبيرية.

يُشار إلى أن الجماعة أقرت بتلقي أكثر من 770 غارة غربية، بدءاً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ سعياً من واشنطن التي تقود تحالف «حارس الازدهار»، إلى تحجيم قدرات الجماعة الهجومية.

وكانت واشنطن لجأت إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في استهداف المواقع المحصنة للجماعة الحوثية في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية، إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانيها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

صورة طوربيد بحري وزّعها الحوثيون زاعمين أنه بات ضمن أسلحتهم الجديدة (إكس)

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

وتترقّب الجماعة، ومعها حلفاء المحور الإيراني، بحذر شديد ما ستؤول إليه الأمور مع عودة ترمب إلى سدة الرئاسة الأميركية؛ إذ يتوقع المراقبون اليمنيون أن تكون إدارته أكثر صرامة في التعامل مع ملف إيران والجماعات الموالية لها، وفي مقدمتها الجماعة الحوثية.

وحاول زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في خطبته الأسبوعية، الخميس، التهوين من أهمية فوز ترمب بالرئاسة الأميركية، كما حاول أن يطمئن أتباعه بأن الجماعة قادرة على المواجهة، وأنها لن تتراجع عن هجماتها مهما كان حجم المخاطر المرتقبة في عهد ترمب.