الخرطوم تأسف لقرار حكومة شرق ليبيا طرد موظفي القنصلية السودانية

TT

الخرطوم تأسف لقرار حكومة شرق ليبيا طرد موظفي القنصلية السودانية

أبدت الحكومة السودانية أسفها على القرار، الذي أصدرته الحكومة الليبية المؤقتة، والذي قضت بموجبه بإغلاق القنصلية السودانية في الكفرة الليبية وطرد طاقمها، واعتبرت الخطوة بلا حيثيات، وتقوم على اتهامات «غير مؤسسة»، ووعدت بالاتصال بالجانب الليبي للتحقق من تلك الاتهامات.
وأصدرت وزارة الخارجية والتعاون الدولي التابعة للحكومة الليبية المؤقتة، التابعة لمجلس النواب المنتخب في مدينة البيضاء شرق ليبيا أول من أمس، قراراً أغلقت بموجبه القنصلية السودانية في الكفرة، وطلبت من البعثة السودانية هناك مغادرة البلاد في غضون 72 ساعة.
وأبدت الخارجية السودانية في نشرة صحافية موقعة باسم السفير قريب الله الخضر، الناطق الرسمي أمس، أسفها على ما تضمنه قرار الحكومة الليبية المؤقتة، التي يترأسها عبد الله الثني، الذي يقضي بإغلاق القنصلية «بناءً على اتهامات غير مؤسسة، وتفتقر للأدلة على تجاوز بعض طاقم القنصلية لمهامهم الطبيعية».
وكان وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي الليبي سليمان عوض، قد ذكر في تصريحات لمواقع صحافية ليبية، أن وزارته استدعت القنصل العام السوداني لدى ليبيا، وذلك بحضور مدير إدارة الشؤون العربية بالوزارة خليفة الرحيبي، وأبلغته قرارها بإغلاق القنصلية، ومغادرة البعثة الدبلوماسية السودانية الأراضي الليبية في غضون 72 ساعة.
وأرجع المسؤول الليبي قرار حكومته بإغلاق القنصلية السودانية إلى ما سماه «الممارسات التي يقوم بها موظفو القنصلية، التي تتنافى مع الوضعية التي حددتها الاتفاقيات الدولية لموظفي البعثات الدبلوماسية والقنصليات، والتي تصب في خانة المساس بالأمن القومي الليبي»، دون أن يقدم مزيدا من الحيثيات لقراره.
وأوضح السفير قريب الله الخضر أن قنصليته دأبت منذ إنشائها عام 2003 على ممارسة مهامها وفقاً لـ«اتفاقية فينا»، التي تحكم العلاقات القنصلية بين الدول، مشددا على أنها ظلت تحترم القواعد والتقاليد الدولية المرعية في العمل الدبلوماسي والقنصلي، وأضاف موضحا أنه «رغم الظروف الأمنية التي تعيشها المنطقة، فقد أسهمت القنصلية وما زالت في تعزيز التواصل الاجتماعي والتبادل التجاري عبر حدود البلدين، الأمر الذي شهدت به قيادات وأعيان الكفرة في مناسبات كثيرة».
وأبرز المتحدث باسم الخارجية السودانية أن بلاده بذلت وما تزال تبذل الجهود عبر مساهمتها في آلية دول جوار ليبيا، والآلية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي، ومن خلال تعاونه الثنائي في دعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في ربوع ليبيا كافة، وأنها عازمة على مواصلة هذا الدور الذي تقوم به، وأضاف موضحا أن وزارة الخارجية «شرعت في إجراء اتصالات مع حكومة الوفاق الوطني لمزيد من التحقق حول الأمر، والتأكد من مدى وفاء الجانب الليبي بجميع الحقوق والامتيازات التي تكفلها معاهدة فيينا والمواثيق الدولية، ذات الصلة للبعثات الدبلوماسية والقنصلية، وتحتمها روابط الإخاء وحسن الجوار».
ودأبت دوائر ليبية على اتهام كل من السودان وقطر وإيران بدعم جماعات إرهابية ليبية وميليشيات متطرفة، وقد جدد العقيد أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، هذه الاتهامات للدول الثلاث الشهر الماضي، وقال إن السودان يدعم الجماعات الإرهابية في ليبيا، ويوفر لها التدريب ويوصل لها السلاح القادم من قطر وإيران عبر ممرات توفرها حكومة الخرطوم.
بيد أن الخارجية السودانية ظلت تنفي على الدوام تلك الاتهامات، وتؤكد مواصلة دورها الذي يهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، بحكم العلاقات التي تربط شعبي البلدين وعلاقة الجوار، موضحة أنها تعمل على ذلك ضمن آلية دول الجوار الليبي المنوط بها دولياً الإسهام في تحقيق السلام في ليبيا.
كما دأبت الخرطوم على تأكيد التزامها بمبادئ حسن الجوار، والعمل باعتبارها طرفاً فاعلا في تحقيق الاستقرار والأمن في الإقليم، وفي محاربة الإرهاب والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، مستندة في ذلك على شهادات من الأمم المتحدة والشركاء الدوليين والإقليميين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم