نجاح أول عملية أميركية لإزالة عيوب جينية من الأجنة

نجاح أول عملية أميركية  لإزالة عيوب جينية من الأجنة
TT

نجاح أول عملية أميركية لإزالة عيوب جينية من الأجنة

نجاح أول عملية أميركية  لإزالة عيوب جينية من الأجنة

في بحثين طبيين باهرين نجح علماء لأول مرة داخل الولايات المتحدة في توظيف تقنية «كرسيسبر CRISPR» لقص الجينات، في إزالة العيوب الجينية من أجنة في أولى مراحلها؛ ما يمهد الطريق لميلاد أطفال حسب الطلب، في حين نجح فريق علمي آخر في حقن خلايا جذعية فتية مستخلصة من أدمغة مواليد الفئران داخل أدمغة فئران هرمة؛ وهو ما أدى إلى انحسار عملية الهرم والشيخوخة.
وقام فريق علمي من جامعة أوريغن للصحة والعلوم في مدينة بورتلاند، برئاسة الدكتور شوكرات مطاليبوف، المتخصص في علوم الوراثة، في إزالة العيوب الجينية في المرحلة الابتدائية من تكون الجنين، أي عندما يكون في مرحلة الخلية الأولى له، وقبل حدوث عملية انقسام الخلية وتكاثرها.
وحتى الآن ظل تنفيذ هذه العملية محتكرا على الصين. وقال الفريق إن العملية تمت بسلامة وأمان على عدد كبير من الأجنة المكونة من خلية واحدة فقط، وفقا لما ذكرته مجلة «تكنولوجي ريفيو» الصادرة عن معهد ماساتشوتس للتكنولوجيا. وظلت الأجنة تنمو لبضعة أيام فقط.
وتفتح تقنية القص الجيني هذه آفاقا جديدة في الطب الجيني بسبب قدرتها على تعديل الجينات بسرعة وكفاءة، إلا أنها تثير مخاوف العلماء من استنساخ الإنسان وميلاد أطفال بمواصفات معينة (انظر: «الشرق الأوسط» 03 فبراير/ شباط 2016). ويمكن بواسطتها اقتطاع الأجزاء غير المرغوب فيها من الجينوم بصورة موجهة، واستبدالها بامتدادات جديدة من الحمض النووي لتحل بدلا عنها.
وكانت الأكاديمية الوطنية الأميركية للعلوم قد حذرت نهاية عام 2015، من أن استخدام تكنولوجيا تعديل الجينات في الأجنة البشرية لأغراض علاجية قد يكون أمرا «غير مسؤول». لكنها تراجعت فيما بعد واتفقت مع الأكاديمية الوطنية للطب على أن التقدم العلمي جعل تعديل الجينات في الخلايا البشرية المسؤولة عن الإنجاب «إمكانية واقعية تستحق أخذها بعين الاعتبار».
وفي الدراسة الثانية التي نشرت في مجلة «نتشر»، أكد باحثون في كلية الطب بجامعة ألبرت أينشتاين في نيويورك، أنهم يدرسون دور الدماغ في حدوث الشيخوخة. وتعتبر الشيخوخة مسألة طبية وبيولوجية معقدة متعددة الجوانب تتداخل فيها عوامل، مثل الأضرار التي تلحق بالجينات، والالتهابات المزمنة، وتدهور حالة الخلايا. إلا أن الباحثين في الدراسة برئاسة دونغشنغ كاي واصلوا بحوثهم في دور الدماغ في حدوث الهرم؛ لأنه العضو الذي يتحكم في وظائف الجسم. وكان دراسات كاي قد وجدت في السابق أن الغدة النخامية التي تفرز هرمونات تؤثر على بقية أعضاء الجسم تلعب دورا ما في عملية الشيخوخة. وأدى تدخله لتأثير على المسالك الجزيئية لهذه الغدة إلى إطالة عمر الفئران بنسبة 20 في المائة.
وفي الدراسة الجديدة بحث العلماء في إمكانات توظيف الخلايا الجذعية لإطالة العمر. وظهر أن حقن الغدة النخامية بخلايا جذعية من مواليد الفئران الجدد أدى إلى إطالة العمر. وقال كاي، إن النتائج تشير إلى احتمال تطوير عقاقير علاجية لدرء الشيخوخة في المستقبل.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».