مليارا دولار لتمويل «المليون فدان» بالسودان... وكشف خريطته خلال أيام

وزير الزراعة السوداني لـ«الشرق الأوسط»: خطة للاكتفاء من القمح عام 2020

مليارا دولار لتمويل «المليون فدان» بالسودان... وكشف خريطته خلال أيام
TT

مليارا دولار لتمويل «المليون فدان» بالسودان... وكشف خريطته خلال أيام

مليارا دولار لتمويل «المليون فدان» بالسودان... وكشف خريطته خلال أيام

كشف وزير الزراعة السوداني، عن أن مشروع المليون فدان المخصص للسعودية، بلغ مراحله النهاية، منوها بإعلان نتائج الدراسة المتعلقة به خلال الأيام القليلة المقبلة، مبينا أنه بلغ مرحلة تحضير التمويل الذي سيصل إلى ملياري دولار، مشيرا إلى استراتيجية لاستيعاب فترة ما بعد رفع العقوبات الأميركية عن بلاده، ومفصحا عن خطة لبلوغ الاكتفاء الذاتي من القمح بنسبة 100 في المائة عام 2020.
وقال الدكتور عبد اللطيف عجيمي، وزير الزراعة والغابات السوداني، في اتصال هاتفي من جدة، لـ«الشرق الأوسط»: «بحثت مع زميلي عبد الرحمن الفضلي، وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي، سبل ترجمة برامج اللجنة المشتركة إلى أرض الواقع، واتفقنا على دعم خطة عمل مشتركة، ولدينا اتفاقيات موقعة سابقا بين البلدين، في مجالات كثيرة، في إطار اللجنة السعودية السودانية المشتركة».
وتابع عجيمي: «بحثنا كذلك، سبل دعم المستثمرين السعوديين للعمل بجدية في السودان في مختلف المجالات، ونتوقع الأيام المقبلة أن يشهد السودان انطلاق مشروعات استثمارية سعودية كبرى تشمل مختلف القطاعات الحيوية، فيما يتصل بتكامل الإمكانيات وتعزيز الإنتاج النوعي في مجالات ذات قيمة مضافة وتسويقها بشكل واسع، وبخاصة في الإنتاج الزراعي والحيواني».
وتوقع وزير الزراعة والغابات السوداني، أن «تشهد الفترة المقبلة، مزيدا من التنسيق بيننا لترجمة كل ما اتفق عليه على أرض الواقع، لمصلحة الشعبين الشقيقين والتكامل الاقتصادي على أفضل أوجه التكامل».
وقال: «وقعنا في إطار اللجنة السعودية السودانية المشتركة على اتفاقيتين، هما برنامج تنفيذي في مجال الخدمات الطبية بين البلدين، لاستقدام وإعارة الأطباء السودانيين للسعودية، وبرنامج تدريب الأطباء العاملين في مجلس القومي السوداني للتخصصات الطبية لقضاء فترات تدريبية بالمملكة تحت إشرافها، فضلا عن تبادل التجارب والخبرات والزيارات بين البلدين».
وأضاف عجيمي: «وقّعنا اتفاقية أخرى، تتعلق بقطاع الاتصالات وتطويره، نسبة للقفزات والتطور الذي حققه السودان في هذا المجال، إضافة إلى ذلك تم التوقيع على محضر بعض الاجتماعات فيما يتعلق بمجالات كثيرة،منها التعاون في قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والصحة، والجمارك والمالية وغيرها من المجالات الاقتصادية والخدمية».
وعن آخر المستجدات فيما يتعلق بتخصيص مليون فدان زراعي للسعودية، قال وزير الزراعة والغابات السوداني: «اكتملت كل الدراسات المتعلقة بهذا المشروع الضخم، وستظهر نتائج الدراسات في الأيام المقبلة، وتظهر هوية وخريطة هذا المشروع بشكل مفصل وممنهج».
وزاد عجيمي: «الآن نحن بصدد تمويل المشروع وتجهيزه من قبل عدد من الصناديق العربية والسعودية والسودانية وبعض البنوك والشركات المتخصصة الكبرى، بتمويل لا يقل عن 2 مليار دولار، وستنطلق عمليات التنفيذ خلال الأيام المقبلة».
ووفق عجيمي، ستكون الخريطة المحصولية لهذا المشروع الضخم، ذات قيمة نسبية تخدم الهدف من هذا المشروع وستحقق تطلعات البلدين والشعبين الشقيقين، وفي مقدمتها القمح والحبوب الزيتية والمحاصيل البستانية عالية القيمة، والإنتاج الحيواني.
وتوقع الوزير أن تشهد الفترة المقبلة، دخول مشروعات زراعية سعودية جادة ومنتجة ومتوسعة بجانب الشركات العملاقة التي انطلقت أعمالها الزراعية قبلا في السودان.
وعن خطة الاكتفاء من القمح، قال عجيمي: «في هذا الموسم الشتوي سننتج مليون طن من القمح، ما يحقق 50 في المائة من الاكتفاء الذاتي، وسنتبع استراتيجية تزيد الإنتاج بشكل متوالٍ حتى يتحقق الاكتفاء الذاتي بنسبة 100 في المائة في عام 2020 إذا نفذت الخطة كما ينبغي لها، والدولة تشجع هذا الاتجاه ووفرنا كل المدخلات وتحسين الإجراءات والتشريعات والمعينات المحفزة لتحقيق هذه النسبة المنشودة».
وفيما يتعلق باستراتيجية إنتاج الصمغ العربي، قال عجيمي: «هناك عمل كبير جدا بدأنا الشغل عليه لزيادة إنتاج هذه السلعة العالمية المهمة والتي تدخل في عدد كبير من الصناعات المهمة جدا على مستوى العالم، وذلك بزيادة الإنتاج والإنتاجية أفقيا وراسيا والعمل على التوسع على زراعة الهشاب والأشجار المنتجة للصمغ في عدد من الولايات».
وقال وزير الزراعة والغابات السوداني: «الآن زادت الصادرات السودانية من الصمغ، وطموحنا العمل على زيادة الإنتاج بشكل سنوي؛ إذ تتراوح صادرته بين 70 و80 مليون دولار سنويا ونعمل من أجل أن نبلغ 150 مليون دولار سنويا».
وفيما يتعلق بالتوجه الجديد لإنتاج القطن، قال عجيمي: «القطن كسلعة عالمية بدأ الاهتمام به بشكل كبير، ونستهدف زيادة إنتاجه وإنتاجيته بكل التقنيات الممكنة وتوفير التقاوي وتعزيز البحوث المتخصصة، ولدينا فكرة الشراكات الذكية مع منتجين محليين، وارتفعت المساحة بفضل هذه الاستراتيجية إلى 190 ألف فدان، وهي أكبر مساحة تزرع مقارنة بالأعوام السابقة».
وتوقع الوزير زيادة الإنتاج إلى الضعف هذا العام، منوها بأن صادراته العام الماضي بلغ حجمها 70 مليون دولار، مرجحا أن يحقق هذا العام 150 مليون دولار، ومشيرا إلى أن وزارته تستهدف إنتاج قيمته 400 مليون دولار في السنوات القليلة المقبلة.
وفيما يتعلق بخطة الوزارة والمعالجة لاحتواء متغيرات ما بعد رفع العقوبات الأميركية، قال عجيمي: «من الآن نحضر تحضيرا جيدا لفترة ما بعد رفع العقوبات، حيث صدر توجيه واضح من مجلس الوزراء بضرورة التحضير في كافة المجالات بوضع أسبقيات محددة في مجال الزراعة في هذه الفترة، استعدادا لفترة ما بعد رفع العقوبات»، مشيرا إلى أن «ذلك يشمل السياسات والخطط، ونحن عاكفون حاليا على هذا الملف حتى نستطيع عمل ما يلزم معرفيا وتطوريا».



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.