«رالف آند روسو»... تشكيلة تلعب على مشاعر الحنين إلى الزمن الجميل

نجمة بوليوود سونام كابور في فستان العروس الذي استغرق 8000 ساعة لتنفيذه - فستان يمزج الرمادي الماسي  مع تنورة تتدرج بالأرجواني
نجمة بوليوود سونام كابور في فستان العروس الذي استغرق 8000 ساعة لتنفيذه - فستان يمزج الرمادي الماسي مع تنورة تتدرج بالأرجواني
TT

«رالف آند روسو»... تشكيلة تلعب على مشاعر الحنين إلى الزمن الجميل

نجمة بوليوود سونام كابور في فستان العروس الذي استغرق 8000 ساعة لتنفيذه - فستان يمزج الرمادي الماسي  مع تنورة تتدرج بالأرجواني
نجمة بوليوود سونام كابور في فستان العروس الذي استغرق 8000 ساعة لتنفيذه - فستان يمزج الرمادي الماسي مع تنورة تتدرج بالأرجواني

في الأسبوع الماضي، نشر موقع «بوب شوغر» أقوالاً جريئة للمصمم عز الدين علايا. من هذه الأقوال انتقاده الشديد لأنا وينتور، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الأميركية الملقبة بالمرأة الجليدية. قارنها بدايانا فريلاند وهي رئيسة تحرير المجلة نفسها سابقاً، معدداً مزايا هذه الأخيرة وبركاتها على صناعة الموضة والإبداع عموماً. أشار تحديداً إلى فتحها الأبواب لمصورين من أمثال أفيدون وغيره من المصورين الشباب. فهؤلاء كان لهم فضل كبير في تحقيق ثورة في مجال التصوير الفوتوغرافي، وكذلك في تجميل صورة الموضة ورفع مستوى المجلات البراقة. وربما هذا ما دفع تامارا رالف ومايكل روسو، مؤسسي دار «رالف آند روسو» أن يلقيا تحية احترام لهم في عرضهما الأخير في باريس، من ريتشارد أفيدون وسيسيل بيتون إلى نورمان باركينسون وغيرهم ممن نجحوا في التقاط عنصري الجمال والإبهار، وكان لهم الفضل في ترويج كثير من التشكيلات لامرأة تطمح لكل ما هو مميز ولافت.
لم تكن تشكيلتهما جديدة. فهما لم يقدما تصاميم ثورية لم نرها من قبل، ومع ذلك يُحسب لهما أنهما لعبا على الإضاءة لاستغلال نقاط ضعف المرأة. وهي نقاط تتلخص في رغبتها في الإبهار ولفت الأنظار بأي ثمن. وبالنظر إلى عيون وردود أفعال ضيوف المقاعد الأمامية من مثيلات كارولين شوبارد شوفليه، رئيسة دار «شوبار» التنفيذية، والممثلة ميشيل رودريغيز والمغنية والممثلة الشابة زيندايا وغيرهن، فإنهما أصابا الهدف. ولأنهما أرادا استغلال الإضاءة إلى أقصى حد، فإنهما ركزا على ألوان باستيلية هادئة مثل الرمادي الماسي والوردي الأرجواني والأبيض السكري والأزرق السماوي مع قليل جداً من الأسود والأزرق النيلي. في المقابل، تفوقت التصاميم على الألوان من حيث تنوعها الشديد. فقد تباينت بين جاكيتات الكيمونو والتنورات المستقيمة والفساتين ذات الكشاكش أو ذات الطيات «الأوريغامية»، فضلاً عن فساتين منسدلة تستحضر صورة الأميرات، لا سيما أن المصممة تامارا رالف لم تبخل عليها بالتطريزات. صورة تعود إليها المصممة دائماً لأنها مضمونة النتائج بالنسبة لها.
في النهاية قدمت 57 قطعة استهلتها بتايور أبيض من حرير الكريب يتكون من بنطلون مستقيم وجاكيت كيمونو. بعد ذلك انتقلت سريعاً إلى فساتين الكوكتيل وفساتين السهرة. القاسم المشترك بينها أنها تخاطب امرأة مترفة ولا تزال مرتبطة بالزمن الجميل ارتباطاً قوياً، غير مبالية بتطور الحياة وتغير الموضة. وقد تكون على حق، لأن الصورة التي رسمتها المجلات البراقة بفضل المصورين الفوتوغرافيين العالميين، ورسختها في أذهانهن نجمات هوليوود هي التي يُردنها وتنجح دائماً في تحريك وجدانهن.
بيد أنه على الرغم من جمال الصورة وتمتعها بكل عناصر الإبهار، فإنها لم تكن موفقة بالكامل. كانت هناك فساتين بكشاكش أو طيات في أسفلها تبدو متكلفة ومبالغاً فيها. ما وُفقت فيه المصممة هي التصاميم المحددة على الجسم إلى جانب اختيارها الأقمشة المترفة واستعمالها الذكي للتطريزات. فهذه كانت محسوبة وبعيدة عن التكلف والبهرجة راعت فيها تامارا أنها تشكيلة راقية في موسم لا يعترف بالحلول الوسطى عندما يتعلق الأمر بالفخامة والبذخ على شرط أن تكون بذوق. حتى التصاميم، التي من المفترض أن تكون بسيطة مثل تايور من التويد ارتقت به إلى مستوى غير معهود بفضل استعمالها الألوان المعدنية المستوحاة من الماس.
وبالطبع لا يمكن الحديث عن تشكيلة «رالف آند روسو» من دون الحديث عن فستان الزفاف الذي ظهرت به نجمة بوليوود الشهيرة سونام كابور. قد ننسى باقي التصاميم، إما لكونها ليست جديدة أو لكونها موجهة لامرأة لا تنتمي إلى عالمنا العادي، إلا أنه من الصعب نسيان شكل فستان الزفاف وما خلفه من أحاسيس توقظ بداخل كل امرأة طفلة صغيرة تحلم بأن تكون أميرة متوجة ولو لليلة واحدة. لم يكن يحمل أي جديد. فهو يتكلم اللغة الكلاسيكية نفسها التي تخاطب فتاة رومانسية ومدللة تحلم بفستان يقطر بريقاً وبذخاً بذيل طويل، إلا أنه في الوقت ذاته لم يترك أي ثغرة لانتقاده.
فقد أشرفت على تنفيذه مائة حرفية في عملية استغرقت نحو 8 آلاف ساعة، من الحياكة إلى التطريز، الذي يطلب استعمال ما لا يقل عن 100 ألف حجرة سواروفسكي.



الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».