السعودية تنوي قلب الطاولة على منتجي النفط في النصف الثاني

صادرات المملكة في أغسطس ستكون الأقل في 5 سنوات... والفالح يتوعد الدول غير الملتزمة

يدرك الفالح جيداً أن سوق النفط غير مقتنعة بما تقوم به «أوبك»... (موقع منظمة أوبك)
يدرك الفالح جيداً أن سوق النفط غير مقتنعة بما تقوم به «أوبك»... (موقع منظمة أوبك)
TT

السعودية تنوي قلب الطاولة على منتجي النفط في النصف الثاني

يدرك الفالح جيداً أن سوق النفط غير مقتنعة بما تقوم به «أوبك»... (موقع منظمة أوبك)
يدرك الفالح جيداً أن سوق النفط غير مقتنعة بما تقوم به «أوبك»... (موقع منظمة أوبك)

يبدو أن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح محبط جداً مما يجري في السوق النفطية؛ إذ أوضحت ذلك تصريحاته الأخيرة في سان بطرسبرغ في روسيا خلال اجتماع اللجنة الوزارية لمراقبة إنتاج الدول الأربع والعشرين الأعضاء في أول اتفاق عالمي منذ عام 2001 لخفض إنتاج النفط.
وللفالح - الذي قطع إجازته السنوية لحضور اجتماع اللجنة - الحق في الإحباط مما يجري، فهناك دول غير ملتزمة سوى بنسبة بسيطة حتى الآن بالاتفاق، فيما هناك دول مثل السعودية ملتزمة بأكثر من المطلوب منها. ومن جهة أخرى، الأسعار لا تزال تحت 50 دولاراً منذ آخر اجتماع وزاري لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في مايو (أيار) الماضي، رغم كل الجهود التي تبذلها الدول لتخفيض الإنتاج.
ويدرك الفالح جيداً أن سوق العقود الآجلة للنفط التي تتحكم بأسعار «برنت» في لندن و«خام غرب تكساس» في نيويورك، غير مقتنعة بما تقوم به المنظمة؛ فالمخزونات لا تزال عالية حتى وإن هبطت؛ إذ إن الهبوط كان بطيئاً وأقل من المتوقع، وهذا ما يزيد الفالح إحباطاً. ومما زاد الطين بلة عودة بعض المخزونات العائمة في الأسابيع الأخيرة بعد أن كانت قد تلاشت في الأشهر الأولى من السنة.
وأمام هذه الإحباطات، أعلن الفالح أول من أمس أن السعودية سوف تأخذ بزمام الأمور وتقود المنتجين وتتخذ إجراءات منفردة لتسريع هبوط المخزونات. ولكن هناك ما هو أهم من الإجراءات المنفردة؛ ألا وهو محاولة الفالح إحداث ثورة في الاتفاق وجعله يشمل مراقبة صادرات الدول النفطية إلى جانب إنتاجها، ونادى الفالح في سان بطرسبرغ بهذا الأمر قبل الاجتماع الوزاري وحتى بعد نهايته، ولكن الوزراء لم يتفقوا عليه في الاجتماع لأسباب كثيرة؛ بعضها تنظيمي، والآخر قانوني، كما علمت «الشرق الأوسط».
وحتى من دون مراقبة الصادرات، لا يزال هناك المزيد في جعبة السعودية؛ من بينه الخفض الكبير في الصادرات الذي تنوي تطبيقه من الشهر المقبل؛ إذ ستكبح السعودية صادراتها عند مستوى 6.6 مليون برميل يومياً، وهو أقل لها منذ مارس (آذار) عام 2011 عندما صدرت 6.54 مليون برميل يومياً، وهو الإعلان الذي أنعش الأسعار وصعد بها فوق 50 دولاراً في جلسة أمس.
وليس هذا فحسب؛ بل قال الفالح في تصريحاته إنه لا يوجد مكان «للركاب المجانيين» في الاتفاق، وبذلك تنوي السعودية كذلك الضغط على باقي الدول غير الملتزمة مثل العراق والإمارات والإكوادور والجزائر، لزيادة التزامها في الأشهر المقبلة، خصوصا العراق الذي لديه وضع خاص مع الفالح.
وقال الفالح خلال اجتماع لجنة المراقبة: «يجب أن نقر بأن السوق تحولت إلى الهبوط وسط عدة عوامل أساسية تقود هذه المعنويات». وأضاف أن ضعف مستوى التزام بعض أعضاء «أوبك» باتفاق الخفض، وزيادة صادرات المنظمة، دفعا بأسعار الخام للتراجع. وقال الفالح: «التزام بعض الدول لا يزال ضعيفا، وهو مبعث قلق يجب أن نعالجه مباشرة».
وتابع أن اللجنة تحدثت إلى تلك الدول ضعيفة الالتزام؛ دون أن يسميها، وقال: «إنهم تعهدوا بتعزيز الامتثال».
ويبدو أن بعض الدول بدأت تستجيب لضغوطات الفالح، والبداية مع الإمارات، التي أعلنت أمس على لسان وزيرها سهيل المزروعي أنها ملتزمة بالاتفاق وستقوم بزيادة تخفيض جميع أنواع النفوط التي تصدرها في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.
وقال المزروعي على حسابه في «تويتر» أمس: «قامت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) بخفض نسبة التحميل لعملائها بنحو 10 في المائة من أنواع النفوط الثلاثة وهي: مربان، وداس، وزاكم العلوي».

العراق لا يمتثل جيداً
وتظهر أرقام المصادر الثانوية التي تعتمدها «أوبك» أن نسبة امتثال العراق للتخفيضات التي تعهد بها في الاتفاق لا تزال متدنية، وبلغت 30 في المائة في يونيو (حزيران) الماضي رغم أن الأرقام الرسمية التي يعلنها العراق توضح التزاماً أعلى بكثير يتجاوز 90 في المائة.
وبذل الفالح جهداً كبيراً مع العراق؛ حيث سافر إليه شخصياً في مايو الماضي من أجل إقناع المسؤولين هناك بضرورة تمديد الاتفاق الحالي لتخفيض الإنتاج بعد نهايته في ديسمبر (كانون الأول)، إلى مارس، المقبلين.
ولكن العراق لا يبدو أنه سيستجيب بسهولة إلى أي محاولة لجعله يزيد من تخفيضاته، لأن العراق لديه خطة لزيادة طاقته الإنتاجية إلى 5 ملايين برميل يومياً بنهاية العام الحالي، ولهذا هو من أوائل الدول التي لا تريد أن يستمر اتفاق تخفيض الإنتاج إلى ما بعد نهايته في مارس المقبل؛ حاله حال كازاخستان التي تريد التخارج لزيادة إنتاجها.
وفي الوقت نفسه، فإن العراق البلد الوحيد في «أوبك» الذي لديه قابلية لزيادة إنتاجه، وهو من بين البلدان التي تنتج الخامات المتوسطة والثقيلة نفسها التي تشحنها «أرامكو» إلى الولايات المتحدة، ولهذا يعد منافساً كبيراً للسعودية هناك؛ وإن كان حجم صادراته أقل من السعودية بكثير. إلا أن العراق قادر على تعويض أي كمية يتم خفضها من قبل السعودية إلى السوق الأميركية، وهذا ما حدث في الأشهر الأخيرة.
وأرقام إدارة معلومات الطاقة الأميركية تظهر ما يحدث، فمن يناير (كانون الثاني) وهو الشهر الذي بدأ فيه الاتفاق، إلى أبريل (نيسان) خفضت السعودية صادراتها إلى الولايات المتحدة من 1.34 مليون برميل يومياً إلى 1.15 مليون برميل يومياً، ولكن العراق زاد صادراته من 622 ألف برميل يومياً في يناير، إلى 790 ألف برميل يومياً في أبريل.

ليبيا ونيجيريا
ولا يواجه الفالح تحديات مع الدول الأقل التزاماً فحسب؛ بل يواجه تحديات كذلك مع الدول المعفاة من التخفيض بحسب الاتفاق وهي ليبيا ونيجيريا.
وقال الفالح إن «أوبك» تدعم عودة الإنتاج من ليبيا ونيجيريا بسبب ظروفهما الخاصة، ولكنه في الوقت ذاته قال: «يجب على لجنة المراقبة الوزارية أن تتابع تطورات تأثير زيادة الإنتاج من ليبيا ونيجيريا على السوق». ولم تناقش اللجنة وضع أي سقف على إنتاج ليبيا ونيجيريا حتى يعود إلى مستوياته الطبيعية في كلا البلدين.
وأبلغت نيجيريا اللجنة الفنية التي اجتمعت يوم السبت الماضي في سان بطرسبرغ تمهيداً للاجتماع الوزاري، أنها لن تزيد إنتاجها على مستوى 1.8 مليون برميل يومياً حتى نهاية اتفاق «أوبك»، لأن إنتاجها لا يزال متذبذباً.
وأبلغت ليبيا الاجتماع بأنها لن تنضم إلى الاتفاق إلا إذا وصل إنتاجها لمستوى 1.25 مليون برميل يومياً حالياً. وقالت على لسان ممثلها إنها لا تستطيع المحافظة على الإنتاج عند مستوياته الحالية التي تدور بين مليون و1.1 مليون برميل يوميا.
وأعلنت الأمانة العامة لـ«أوبك» في بيان صحافي يوم الأحد الماضي أن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح التقى ممثلي ليبيا ونيجيريا في سان بطرسبرغ يوم السبت الماضي، كلا على حدة، واطلع الفالح على خطط البلدين لرفع الإنتاج وتطوراتهما.

التوصية الوحيدة
تواجه روسيا والسعودية ضغوطا متنامية لدعم أسعار النفط. وستجري روسيا، التي تعتمد اعتمادا شديدا على إيرادات النفط، انتخابات رئاسية العام المقبل، بينما تحتاج السعودية لأسعار أعلى لضبط ميزانيتها وتحقيق التوازن فيها ودعم الإدراج المزمع لشركة النفط الحكومية «أرامكو السعودية» في العام المقبل.
وروسيا أكثر إحباطاً من السعودية عندما يأتي الأمر لضعف الامتثال من قبل الدول. وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك للصحافيين أول من أمس الاثنين إن مائتي ألف برميل يوميا إضافية من النفط يمكن إزاحتها عن السوق إذا وصلت نسبة الالتزام باتفاق خفض إنتاج الخام العالمي إلى 100 في المائة.
واتفقت اللجنة في النهاية على توصية وحيدة. وقالت الكويت، التي ترأس لجنة المراقبة، إن «أوبك» قد تدعو إلى اجتماع غير عادي لضم نيجيريا إلى الاتفاق، وربما تمدد أجل تخفيضات الإنتاج الحالية لما بعد مارس 2018 إذا لم تستعد الأسواق توازنها.
ولكن الفالح ونوفاك لا يستطيعان الانتظار طويلاً، وسيحاول كل منهما الضغط على الدول التي تقع تحت دائرة مسؤولياته. ولكن من دون مراقبة للصادرات، فستظل الدول تغرق المخزونات بالنفط، وهو ما سيزيد من تباطؤ تحقيق نتائج الاتفاق.



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».