قضاة لبنان ماضون في الاعتكاف وعون يؤكد استقلال القضاء

TT

قضاة لبنان ماضون في الاعتكاف وعون يؤكد استقلال القضاء

تمسّك قضاة لبنان لليوم الرابع باعتكافهم، وتعليق جلسات التحقيق والمحاكمات، احتجاجاً على قانون سلسلة الرتب والرواتب، الذي أقره مجلس النواب الأسبوع الماضي، وانتزع منهم جزءاً مهماً من امتيازاتهم المادية والتقديمات الصحية والاجتماعية، وساوى بينهم وبين موظفي القطاع العام، وهو ما أدى إلى إرباك السلطة السياسية، بسبب تجميد آلاف الملفات، المتعلقة بحقوق المواطنين، وحرمان خزينة الدولة من أموال طائلة، تجبيها من رسوم الدعاوى القضائية.
هذه الحركة الاحتجاجية، كانت محور اللقاء الذي عقد في قصر بعبدا، بين رئيس الجمهورية ميشال عون ومجلس القضاء الأعلى برئاسة القاضي جان فهد، حيث أطلع الأخير رئيس الجمهورية على موقف القضاة، وإصرارهم على عدم التفريط بحقوقهم. وكشف مصدر قضائي شارك في اللقاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الرئيس عون «كان متفهماً لموقف القضاة وأحقية مطالبهم، وضرورة التعاطي مع القضاء كسلطة مستقلة وقائمة بذاتها، والعمل على تحصينها»، مشيراً إلى أن رئيس الجمهورية «وعد مجلس القضاء بمعالجة كل مطالبه، وأنه لا يقبل بأي قرارات أو إجراءات تؤثر على معنويات القضاة وأدائهم».
وأكد عون في بيان وزعه المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري، أن «استقلالية السلطة القضائية مصانة بموجب الدستور والقوانين والأنظمة المرعية، وأي إجراء يمكن أن يؤثر على هذه الاستقلالية تتم معالجته وفقا للأصول القانونية التي تضمن تعزيزها»، لافتاً إلى أن عون «أبلغ رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى، أنه حرص على تضمين خطاب القسم موقفاً واضحاً من استقلالية السلطة القضائية، على غرار السلطتين التشريعية والتنفيذية، مع التأكيد على أهمية التعاون بين هذه السلطات لما فيه الخير العام»، مشدداً على أن «المادة 20 من الدستور تعطي القضاة ضمانات ليس في وارد أحد نزعها منهم». وذكر رئيس الجمهورية الجسم القضائي بـ«ضرورة توافر ثلاثة عناصر، هي الاستقامة وإرادة العمل والمعرفة القانونية»، داعيا إلى «الإسراع في إنجاز التشكيلات والمناقلات القضائية».
وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، قد قدم لرئيس الجمهورية، عرضا موجزاً عن «وضع القضاء العدلي والتطورات التي استجدت بعد إقرار مجلس النواب سلسلة الرتب والرواتب، وما تضمنته من نصوص قانونية تؤثر على نظام الحماية الاجتماعية، التي يستفيد منها القاضي العامل والمتقاعد من خلال صندوق تعاضد القضاة».
ولفت فهد إلى أن «القضاة لا يخضعون لنظام الموظفين في الملاك الإداري العام والمؤسسات العامة، والهرميات المنصوص عليها في هذا النظام، ما يجعلهم مستقلين برواتبهم ومخصصاتهم وتعويضاتهم؛ لأنهم أعضاء في سلطة دستورية مستقلة»، شاكرا الرئيس عون على «الاهتمام الذي أولاه لمطالب السلطة القضائية»، مؤكداً «السعي الدائم ليكون القضاء سلطة مستقلة ومسؤولة في آن».
وضم وفد مجلس القضاء الأعلى إلى القاضي فهد، النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، ورئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد، ورؤساء الغرف في محكمة التمييز، القضاة ميشال طرزي، وجان عيد، وغسان فواز، والرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في بيروت القاضي طنوس مشلب، ورئيس الهيئة الاتهامية في جبل لبنان القاضي عفيف الحكيم، ورئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر، وممثل محاكم البداية في مجلس القضاء الأعلى القاضي محمد وسام مرتضى.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.