بعد أسبوع من انهيار مباحثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، أدلى دبلوماسيون أميركيون رفيعو المستوى بحديث إلى صحافي إسرائيلي بارز، صرحوا فيه بأن سعي إسرائيل العدائي لبناء مستوطنات يهودية جديدة تسبب في تخريب المفاوضات.
وعلى الرغم من عدم الإفصاح عن هوية هؤلاء المسؤولين، فإنه يُفترض، على نطاق واسع، أن أحدهم هو مارتين إنديك، مبعوث إدارة أوباما لعملية السلام. وقد يكون أيضا الرئيس أوباما نفسه، وفقا لتصريحات مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية، حيث إن البيت الأبيض وافق على نشر الحوار والملاحظات الانتقادية تعكس بصدق آراء الرئيس شخصيا.
قرر أوباما، الذي ساءه فشل محاولته الثانية في التوسط لعقد اتفاق سلام، أن يحصل على راحة معلنة من عملية السلام في الشرق الأوسط. وأوضح المسؤول، أن القرار جاء «حتى يترك كلا الطرفين ليستوعبا أسباب الفشل الذي لحق بالمفاوضات، ويرى إن كانا سيعيدان التفكير».
وفي حين يعتقد الرئيس، أن هناك فرصة لمبادرة سلام بقيادة الولايات المتحدة قبل مغادرته المنصب، يقول المسؤول، إن الرئيس يعتزم الانتظار حتى يقدم الإسرائيليون والفلسطينيون أفكارهم إلى الولايات المتحدة حول كيفية إحياء العملية المتعثرة، في دائرة معتادة من انعدام الجدوى منذ أكثر من ثلاثة عقود.
يعني ذلك أنه من غير المرجح أن يضع أوباما مبادئ لحل الصراع، كما فعل في مايو (أيار) عام 2011، بعد فشل مساعيه الكبرى الأخيرة لإتمام اتفاق سلام. في الوقت ذاته، اقترح صيغة للتفاوض حول حدود دولة فلسطينية جديدة.
وقال أوباما علانية، إن كلا الطرفين يتحمل مسؤولية الانهيار الأخير، ولكنه يعتقد أن أهم العوامل كان ما نتج عن إصرار إسرائيل على الإعلان عن إقامة المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية من تسميم الأجواء وإفساد أي فرصة لحدوث انفراجة مع الفلسطينيين.
وصرح المسؤول الذي اشترط عدم ذكر اسمه، بسبب حساسية القضية قائلا: «في كل مرحلة كان هناك إعلان عن إقامة مستوطنات. وكان ذلك يضع العراقيل أمام تقدم العملية».
في الفترة الحالية، أصدر الرئيس أوباما توجيهاته إلى وزير الخارجية جون كيري بتحويل الاهتمام إلى المباحثات النووية مع إيران، والتي تتجه إلى مرحلة حاسمة، والأزمة في أوكرانيا، والتغيير الاستراتيجي الأميركي طويل الأجل تجاه آسيا، وهي السياسة التي اكتسبت أولوية بعد زيارة الرئيس الأخيرة إلى المنطقة.
في أثناء زيارة سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي، إلى إسرائيل أخيرا، ركزت المسؤولة الأميركية على العملية الدبلوماسية الخاصة بالشأن النووي، الذي يمثل أولوية للحكومة الإسرائيلية.
وأضاف المسؤول رفيع المستوى، أن البيت الأبيض لم يجر مراجعة لمساعيه في عملية السلام؛ نظرا لأن أسباب فشل العملية واضحة. وتريد الإدارة الأميركية أيضا، أن توضح لكلا الطرفين، أن «هناك بابا مفتوحا أمامهما». وأوضح المسؤول: «إنهما إذا أرادا العبور منه، فسوف نكون هناك لمساعدتهما».
يذكر أن ذلك ترك إنديك وفريق المفاوضات الصغير في وزارة الخارجية في حالة من الشك، وصرح مسؤولون بأنه من المرجح أن يعود إلى معهد بروكينغز، حيث كان يعمل نائبا للرئيس ومدير السياسات الخارجية، في الأسابيع المقبلة، ولكن من المحتمل أيضا أن يظل «مستعدا»، إذا ما جرى إحياء المباحثات.
أما بالنسبة لجون كيري، الذي جعل عملية السلام على رأس أجندته الدبلوماسية، فالسؤال هو: هل سيعلن عن إطار العمل الذي توصل إليه في فترة المباحثات التي استغرقت تسعة أشهر؟ يجيب المسؤول بأنه لم يُتخذ قرار في هذا الشأن حتى الآن.
وعقد كيري اجتماعا يوم الأربعاء الماضي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في لندن. وصرح مسؤولو وزارة الخارجية بأن الاجتماع لم يكن محاولة لإعادة البدء في المباحثات، ولكنه على سبيل التواصل، وذلك من أجل الحد من التوترات التي أثيرت منذ بدأت السلطة الفلسطينية مباحثات المصالحة مع حركة حماس المسلحة.
كما اجتمع كيري أيضا مع تسيبي ليفني، وزيرة العدل الإسرائيلية، التي قادت فريق المفاوضين الإسرائيليين، وكانت في لندن لحضور اجتماعات مع مسؤولين بريطانيين. ولكن يقول المسؤول الأميركي، إن وزير الخارجية لا يخطط لزيارة المنطقة، ويركز على القيام بزيارتين إلى آسيا في الصيف الحالي.
ودفعت مباحثات المصالحة الفلسطينية الإسرائيليين إلى تعليق مفاوضات السلام. ومنذ ذلك الحين يلقي كلا الطرفين باللوم على الآخر بسبب انهيار المفاوضات: يشير الفلسطينيون إلى المستوطنات، بينما يصر المسؤولون الإسرائيليون على أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قدم تنازلات كبيرة، ولكن عباس هو الذي أوقف العملية في الأساس.
من جانبه، يتفق البيت الأبيض مع تلك الانتقادات. وفي اجتماع جرى في شهر مارس (آذار) مع عباس في المكتب البيضاوي، حاول أوباما أن يقنعه بإطار العمل الذي يقدمه كيري. ولكن صرح مسؤلوون بأن الرئيس الفلسطيني لم يستجب، مفضلا تأكيد رفضه لطلب إسرائيل باعتراف الفلسطينيين بها كدولة يهودية.
وقال المسؤول أيضا: «كان الرئيس متشككا في الوصول إلى اتفاق بعد ذلك الاجتماع، وكان عباس أكثر اقتناعا باختيار المطالب العلنية بدلا من التركيز على التفاوض السري».
وفي خطاب ألقاه إنديك الأسبوع الماضي في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ميَّز بين الحكومة الإسرائيلية ونتنياهو الذي قال إنه خاض مخاطر كبيرة. قال إنديك: «لقد تحرك وأبدى مرونة. وأعتقد أننا وصلنا به في نهاية تلك العملية إلى إمكانية إبرام اتفاق».
ولكن، وفقا لتصريحات إنديك، تعرض نتنياهو لعراقيل من أعضاء تحالفه الذين كانوا يضغطون من أجل إعلان إقامة المستوطنات، مما كان له «تأثير ضار للغاية».
أضاف إنديك، أن هذا التأثير الضار كان مقصودا، حيث إن «مشجعي عملية إقامة المستوطنات هم المعارضون بقوة للمفاوضات، حتى على الرغم من وجودهم داخل حكومة ملتزمة بإجراء المفاوضات».
ويتخذ هذا التحليل منحى التصريحات التي أدلى بها مسؤولون أميركيون إلى ناحوم بارنياع، مراسل صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية الذي يحظى بنسبة قراءة كبيرة، وكان لذلك الحوار أصداء في إسرائيل انتشرت منذ خطاب إنديك.
وأعرب مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى لم يذكر اسمه يوم الجمعة الماضي لوكالة «رويترز» عن استيائه من أن إنديك لم يقدم الكثير لتحقيق تقدم في المباحثات الإسرائيلية – الفلسطينية، وأنه يعاني من النفاق، حيث كان يعلم بأن إسرائيل ستستكمل إقامة المستوطنات أثناء المفاوضات.
وفي الرابع من مايو (أيار)، بعد يومين من نشر الحوار، اصطحب إنديك فريق عمله لمشاهدة «كامب ديفيد»، وهي مسرحية جديدة تتناول 13 يوما من المساعي الدبلوماسية المكثفة التي توسط فيها الرئيس جيمي كارتر ونتج عنها معاهدة كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر.
قال أحد الأفراد في فريق العمل، إنه من الغريب وجود أوجه تشابه بين تلك المفاوضات والمباحثات التي انتهت للتو، مضيفا: «تتغير الشخصيات، ولكن لا تتغير القضايا».
* خدمة «نيويورك تايمز»
واشنطن تحمل مستوطنات إسرائيل مسؤولية تخريب المفاوضات
أوباما مستاء لفشل محاولته الثانية في عملية السلام
واشنطن تحمل مستوطنات إسرائيل مسؤولية تخريب المفاوضات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة