الربيعة: مناطق سيطرة الحوثيين الأكثر تضرراً من الكوليرا

قال إن السعودية قدمت 8.5 مليار دولار دعماً لليمن منذ مايو 2015

يمنية وطفلتاها يترقبن الرعاية الطبية إثر الاشتباه بإصابتهن بالكوليرا في صنعاء (إ.ب.أ)
يمنية وطفلتاها يترقبن الرعاية الطبية إثر الاشتباه بإصابتهن بالكوليرا في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الربيعة: مناطق سيطرة الحوثيين الأكثر تضرراً من الكوليرا

يمنية وطفلتاها يترقبن الرعاية الطبية إثر الاشتباه بإصابتهن بالكوليرا في صنعاء (إ.ب.أ)
يمنية وطفلتاها يترقبن الرعاية الطبية إثر الاشتباه بإصابتهن بالكوليرا في صنعاء (إ.ب.أ)

أكد الدكتور عبد الله الربيعة المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، أن المناطق التي تقع تحت سيطرة الحوثيين في اليمن هي الأكثر تضرراً من وباء الكوليرا بسبب منع دخول المساعدات من قبل الميليشيات الحوثية.
ونفى الربيعة في لقاء مع إذاعة «بي بي سي» البريطانية المزاعم التي ادعت منع السعودية دخول المساعدات الإنسانية لليمنيين عن طريق عدن مما أدى لتفشي الأمراض والمجاعة، مشيراً إلى أن السعودية لم تمنع دخول أي مساعدات عن طريق عدن أو غيرها.
وأشار إلى أن السفن التجارية المتجهة إلى مدينة الحديدة تمر بالفحص المقر من الأمم المتحدة لضمان عدم تهريب السلاح بحجة التجارة، فلا يوجد أي منع للمساعدات الإنسانية، «وبالعكس من ذلك فإن المملكة تقدم كل التسهيلات لدخول المساعدات الإنسانية من خلال المعابر البرية والبحرية الآمنة، أما الفحص الذي يتم للسفن التجارية فهو من خلال القرارات الأممية».
وأوضح الدكتور الربيعة أن المملكة ليست الدولة الوحيدة التي كانت طرفاً في نزاع وتقدم عملاً إنسانياً، حيث حدث هذا في العراق وأفغانستان وسوريا مع دول غربية، «وإذا ما عدنا إلى الوراء أكثر من عقدين من الزمن لوجدنا المملكة العربية السعودية الدولة الأولى بدعمها لكل الشعب اليمني واليمن، كما أن المملكة قدمت منذ شهر مايو (أيار) 2015 إلى هذا اليوم أكثر من 8.5 مليار دولار وما زالت تقدم الكثير».
وأضاف: «إنه لمن المعروف أن وباء الكوليرا مستوطن باليمن لعدة سنين نظراً لتهالك البنى التحتية الصحية وضعف معايير الصحة العامة، ولقد ازدادت الحالات بشكل أكبر في الأشهر الماضية ولكن مع الجهود الكبيرة التي تقوم بها الجهات المعنية بدعم كبير من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لاحظنا انخفاضاً واضحاً في عدد الحالات والوفيات خلال الأسبوعين الماضيين كما ارتفعت معدلات الشفاء».
وفي رد على سؤال من الإذاعة حول طرح منظمة أوكسفام أرقاما مغايرة لهذه الأرقام، أجاب الدكتور عبد الله الربيعة: «إننا ومع تقديرنا لما طرحته منظمة أوكسفام التي تم التواصل معها على عدة مستويات لمشاركة المركز ومنظمات الأمم المتحدة جهودهم لمكافحة الوباء، إلا أنه يجب أخذ المعلومات من مصادرها الرسمية ممثلة بوزارة الصحة والسكان اليمنية بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية واليونيسيف».
كما قدّم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في اليمن منذ أن دشنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وحتى الآن عدداً من المشاريع بلغت 139 مشروعاً متنوعاً للمحافظات اليمنية كافة في مجالات عدة شملت المساعدات الإغاثية والإنسانية والإيوائية وبرامج الإصحاح البيئي ودعم برامج الزراعة والمياه بطرق احترافية، بالتعاون مع 84 شريكاً أممياً ومحلياً، فيما تم التركيز على مشاريع الطفل والمرأة ودعم اللاجئين اليمنيين في جيبوتي والصومال بمبلغ قدره 615.839.175 دولاراً أميركياً. فقد وصلت مشروعات برامج الأمن الغذائي والإيوائي وإدارة وتنسيق المخيمات إلى 48 مشروعاً بمبلغ قدره 241.433.526 دولار استفاد منها 21 مليون فرد، فيما بلغ عدد الشركاء 26 شريكاً، فيما بلغت مشروعات التعليم والحماية وبرامج التعافي المبكر 18 مشروعاً بمبلغ 78.846.277 دولاراً استفاد منها 3.915.336 مستفيداً من خلال 13 شريكاً.
أما في مجال الصحة والتغذية والمياه والإصلاح البيئي فقدم المركز 63 مشروعاً بمبلغ 239.048.402 دولار واستفاد منها 72.311.686 فرداً وبلغ عدد الشركاء في البرنامج 42 شريكاً. وفي مجال مشروعات الاتصالات بحالات الطوارئ والخدمات اللوجيستية ودعم وتنسيق العمليات الإنسانية فقد خصص المركز لهذا الجانب 10 مشروعات، استفاد منها 15.112 مستفيداً من خلال أربعة شركاء بمبلغ وقدره 56.510.970 دولاراً.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.