سعاد مخنيت صحافية «واشنطن بوست» في رحلة خلف خطوط المتشددين

خبيرة الصحافة الاستقصائية لـ:«الشرق الأوسط» فك لغز سفاح «داعش» أخذ من وقتي الكثير

سعاد مخنيت بين الأفغان في الشريط القبلي («الشرق الأوسط») - سعاد مخنيت  خلف خطوط المتشددين
سعاد مخنيت بين الأفغان في الشريط القبلي («الشرق الأوسط») - صورة بعد الغزو الأميركي للعراق
سعاد مخنيت بين الأفغان في الشريط القبلي («الشرق الأوسط») - سعاد مخنيت خلف خطوط المتشددين سعاد مخنيت بين الأفغان في الشريط القبلي («الشرق الأوسط») - صورة بعد الغزو الأميركي للعراق
TT

سعاد مخنيت صحافية «واشنطن بوست» في رحلة خلف خطوط المتشددين

سعاد مخنيت بين الأفغان في الشريط القبلي («الشرق الأوسط») - سعاد مخنيت  خلف خطوط المتشددين
سعاد مخنيت بين الأفغان في الشريط القبلي («الشرق الأوسط») - صورة بعد الغزو الأميركي للعراق
سعاد مخنيت بين الأفغان في الشريط القبلي («الشرق الأوسط») - سعاد مخنيت خلف خطوط المتشددين سعاد مخنيت بين الأفغان في الشريط القبلي («الشرق الأوسط») - صورة بعد الغزو الأميركي للعراق

سعاد مخنيت، صحافية مسلمة من أصول مغربية عمرها 38 عاماً، خبيرة في مكافحة الإرهاب في صحيفة «واشنطن بوست»، تجيد 4 لغات، هي: الألمانية، والعربية، والإنجليزية، والفرنسية، تخصصت في تغطية الحوادث الخارجية، وخاصة الحرب ضد المتطرفين، رغم أخطار كثيرة واجهتها. استضافتها «الشرق الأوسط» من قبل في حوار بملحق الإعلام تحدثت فيه عن تجربتها على خط النار في تغطية الحرب في العراق وأفغانستان، ولكن هذه المرة جاء الحديث معها بسبب إطلاق كتابها الجديد «أخبروني أن آتي وحيدة: رحلتي خلف خطوط الجهاديين». ومخنيت وُلدت في ألمانيا من أب مغربي وأم تركية، ودرست الصحافة في ألمانيا، ثم عملت في صحيفة «فرنكفورت زايتوغ»، ثم في صحيفة «نيويورك تايمز»، والآن في «واشنطن بوست».
وعملت مخنيت في مجال الصحافة الاستقصائية لدى أفضل الجرائد والصحف في العالم. ولقد ساعدها حسن تحليلها ومقدرتها على فهم ديناميات الأوضاع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية على الانتماء إلى بعض من أبرز رموز الأوساط الأكاديمية في جميع أنحاء العالم، مثل جامعة هارفارد أو جونز هوبكنز. كما أنها زميلة في مؤسسة أميركا الجديد ومركز جنيف للسياسات الأمنية.
وأي منصب شغلته أو جائزة رشحت لها هذه الصحافية جاء من طريق العمل الجدي الشاق والامتياز في عملها كما أن طريقها نحو التميز لم يكن مكللا بالزهور. كان والدا السيدة مخنيت ممن يحملون سمة «العمال الضيوف» في ألمانيا، واستلهمت مخنيت فكرة العمل الصحافي من مشاهدتها لفيلم «كل رجال الرئيس» من بطولة النجم روبرت ريدفورد وداستن هوفمان عن فضيحة ووترغيت الأميركية الشهيرة. ومنذ ذلك الحين، شقت مخنيت طريقها عبر العمل الصحافي الشاق والمضني؛ إذ سافرت إلى مناطق الصراع، ووضعت حياتها في مخاطر داهمة من كل الجوانب، ومنحت قراءها وجهة نظر متميزة وفريدة من نوعها.
اشتركت من قبل في نشر كتابين باللغة الألمانية: واحد عن الإسلام (2006)، والثاني عن المسلمين في ألمانيا (2008)، وكتاب باللغة الإنجليزية عن طبيب في عهد هتلر النازي كان هرب إلى القاهرة عام 2014.
والآن، بالإضافة إلى عملها الصحافي، تعمل محاضرة في مركز الشؤون الدولية في جامعة هارفارد، وفي مركز الدراسات العالمية المتطورة في جامعة جونز هوبكنز. وخلال عملها في «واشنطن بوست» نجحت في كشف شخصية سفاح «داعش» «جون الجهادي» (محمد أموازي)، الذي اشتهر بذبح الرهائن في وقت لاحق، وقضت عليه طائرة درون أميركية.
وكذلك نجحت مخنيت في إلقاء الضوء على شخصية خالد المصري، وهو مواطن ألماني اعتقلته الشرطة الألمانية، وسلمته إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، التي عذبته (نفت الوكالة ذلك لاحقاً). وقابلت أيضا قادة جهاديين في شمال أفريقيا، منهم قادة في منظمة القاعدة في المغرب العربي، لكن من أبرز قصصها التي نشرتها «الشرق الأوسط»، حسب حقوق النشر المبرمة مع «واشنطن بوست»، لقاءاتها مع زوجات قيادات «داعش»، الذين التقتهم في ديار بكر. و«أطفال (داعش)... تدريبات على الرماية والانتحار من سن السادسة»، و«ابن صانع القنابل لأسامة بن لادن: (داعش) تريدني غنيمة حرب»، وابن صانع القنابل شخصية معرفة بين الإسلاميين اسمه «أبو خباب» المصري، وهو خريج كلية العلوم من مصر، وقيادي مهم من «القاعدة»، تخلصت منه أميركا بضربة «درون» في الشريط القبلي قبل عدة أعوام. وهناك أكثر من قصة مهمة نشرتها «الشرق الأوسط» أيضا بقلم مخنيت، منها سفاح «داعش» اللندني.. وهو كويتي المولد أراد الالتحاق بـ«الشباب» الصومالية، و«جولة داخل آلة (داعش) الإعلامية»، و«استعدادات هادئة لفقدان (الخلافة)».
وقالت صحيفة «واشنطن بوست» عن كتاب مخنيت «خلف خطوط الجهاديين» الجديد: «تفوقت في تغطية تنظيم داعش مثلما لم يتفوق غيرها، تغلغلت وسط مقاتليه، وجمعت بين كسب ثقتهم وبين الخوف على نفسها منهم»، ومخنيت هي نموذج حقيقي في مختلف المجالات وفي مختلف أنحاء العالم: فهي واحدة من الصحافيين الأكثر احتراماً ضمن العاملين في صحيفة «واشنطن بوست»، والمنصب الذي بلغته بالعمل الشاق والقصص الإخبارية التي ذكرت بعض تفاصيلها في كتابه الذي يحمل عنوان «أخبروني أن آتي وحيدة»، والذي لا يشتمل حتى الآن على كل المجازف والمتاعب الصحافية التي خاضتها وعملت عليها.
وليست هناك امرأة من أصول عربية أو مسلمة حازت على مثل هذا التقدير والدعم للمهنية الفذة والمعرفة الكبيرة التي تحظى بها مخنيت. وفي كتابها تشرح كيف أنها فقدت أحد أفراد عائلتها في العام الماضي خلال إحدى الهجمات التي وقعت في مدينة ميونيخ الألمانية، عندما قام أحد المسلحين الألمان من أصل إيراني (الخاضع لتأثير دعاوى اليمين المتطرف) بقتل نجل أحد أبناء عمومتها.
ومخنيت تركت أكثر من بصمة صحافية خلال حواراتها مع الجهاديين والوجوه التي ارتبطت بالقاعدة سواء في مسقط رأسها ألمانيا، أو عندما ذهبت إلى باكستان في الشريط القبلي، حيث تجري أحداث مشاهد العنف مجرى الدم في العروق، وهي أشبه بامرأة على خط النار. من أبرز قصصها التي نشرها مدونون داخل الأراضي الأميركية متخصصون في نشر «رسائل بن لادن»، و«100 موقع إنترنت بالإنجليزية تعكس وجهات نظر كتيبة الإعلام الجهادي»، و«جيش الإسلام» أول تنظيم فلسطيني يتبنى أجندة «القاعدة»، وحديث مع الإسلامي السوري عمر بكري قبل أن يخرج من لندن يتوقعَ فيه موجة تفجيرات جديدة تضرب بريطانيا.
تقول في حديثها إلى «الشرق الأوسط»، إنها: «كانت مغرمة بالعمل الصحافي وهي الثالثة عشرة من العمر، وعندما بلغت السابعة عشرة، قامت بتأسيس مجلة مدرسية في المدرسة العليا»، وتضيف أن «العمل الصحافي يعطي لنا القدرة على الكشف عن الأشياء الموجودة في طي الكتمان ومن ثم تغييرها، كما يساعد على التعامل مع الناس من مختلف الفئات، الفقراء والأغنياء والمضطهدين وذوي النفوذ». وتضيف: «في الواقع أعتقد أن خبرتي الشخصية الخاصة ومهاراتي اللغوية ميزة لدي، حيث إن ذلك يجعل الناس يشعرون بالراحة عندما أتواصل معهم بلغتهم، كما يساعد على معرفة الثقافة وكيف تمضي الأمور داخل المنطقة».
وتقول: «كنت أعمل محررة بصحيفة (واشنطن بوست)، إلى جانب صحف ومجلات ألمانية أخرى. ومنذ 9/11، سافرت لأغطي الكثير من الصراعات والهجمات الإرهابية داخل أوروبا وشمال أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط. كما شاركت في تأليف كتابي (أطفال الجهاد) و(الإسلام)».
ومنذ إصدار كتابها «أخبروني أن آتي وحيدة»، أجريت معها مقابلات تلفزيونية وإذاعية وغيرها من المنافذ الإعلامية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. كما ظهرت على صفحات مجلة «نيويوركر» المرموقة. وقالت مذيعة برنامج «مورنينغ جو»، أحد أشهر البرامج الحوارية في الولايات المتحدة، عن لقاءها مع السيدة مخنيت، إنها أحد أهم المقابلات الشخصية التي أجرتها في حياتها المهنية.
* بيرغن: وصلت إلى الشخصيات القيادية في عالم التطرف
ويعكس مقدار الاحترام الذي تحظى به مخنيت وعملها قيمة الأسماء التي ظهرت عبر تعليقاتها على كتابها الأخير. وقال الصحافي بيتر بيرغن من وكالة «سي إن إن»، وهو أول صحافي غربي يلتقي أسامة ابن لادن زعيم القاعدة الراحل في تورا بورا: «لقد ألفت سعاد مخنيت مذكرات رائعة كانت تتحرك فيها على مسارين. أولا، أنها كريمة مهاجرين مسلمين إلى ألمانيا، وتحاول العثور على سبيل لتحسين الفجوة الواضحة بين هذين العالمين. وثانيا، أنها صحافية مقدامة وجسورة تحقق في بعض من أخطر وأهم القضايا في السنوات الأخيرة، وتحاول الوصول غير المسبوق إلى الشخصيات القيادية في عالم التطرف والإرهاب. وكلتا القصتين من واقع تجربتها الذاتية، وتشكلان سويا قدرا من الإقناع لا يرقى إليه الشك». واستغرق تأليف الكتاب منها عامين كاملين من الدوام الكامل لصالح صحيفة «واشنطن بوست». وهو الكتاب الرابع من تأليفها (بمشاركة ثلاثة مؤلفين آخرين).
وتقول مخنيت رداً على سؤال من «الشرق الأوسط» إن «الكتاب يقع في 320 صفحة. وهي مذكرات عن تجربتها الشخصية حول نشأتها في أوروبا، والتمييز الذي عانت منه حال نشأتها كمسلمة، وكيف واصلت حياتها المهنية في عالم الصحافة الأميركية بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، وتدور فصول الكتاب حول تجربتها في العراق في عام 2003، والاجتماعات الكثيرة التي أجرتها مع قيادات في تنظيم داعش، والقاعدة، وطالبان. كما أنها تتعلق أيضا بفحوى تحليلها المختلف لأحداث ثورات الربيع العربي. ثم كيفية ظهور تنظيم داعش ومقابلتها مع أحد كبار قادة التنظيم الإرهابي على طول المنطقة الحدودية السورية التركية. وتضيف أن الفصل الخاص بكشف شخصية سفاح (داعش) محمد أموازي، قد يصلح لأن يكون في حد ذاته كتابا خاصا عن حياة الجهاديين».



الانتخابات الرئاسية الأميركية عزّزت وضع «بلوسكاي» منافساً لـ«إكس»

العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
TT

الانتخابات الرئاسية الأميركية عزّزت وضع «بلوسكاي» منافساً لـ«إكس»

العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)

يبدو أن انتخابات الرئاسة الأميركية، التي أُجريت يوم 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، عزّزت مكانة منصة «بلوسكاي» منافساً رئيساً لـ«إكس»، ما أثار تساؤلات بشأن مستقبل المنصتين، ولمَن ستكون الغلبة في سباق منصات التواصل الاجتماعي للتنافس على زيادة عدد المستخدمين. وفي حين عدّ خبراء حاورتهم «الشرق الأوسط» أن «بلوسكاي» قد تكون «بديلاً» لـ«إكس»، فإن هؤلاء توقّعوا أن هذا التغير قد يحتاج لسنوات.

من جهتها، أفادت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية بأن منصة «بلوسكاي» شهدت زيادة مليون مستخدم جديد خلال الأسبوع الذي أعقب الانتخابات الأميركية، وعلّقت قائلة «في الوقت الراهن يبحث بعض مستخدمي (إكس) عن منصة بديلة للتفاعل مع الآخرين ونشر أفكارهم». أما صحيفة «الغارديان» البريطانية، فأوردت في تقرير نشرته منتصف الشهر الحالي، أن كثيراً من المستخدمين «يسعون الآن للهروب من (إكس)، وسط تحذيرات من زيادة خطاب الكراهية والمعلومات المضلّلة على المنصة». وحقاً، وفق «بلوسكاي» ارتفع عدد مشتركيها «من 10 ملايين في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى 16 مليون مستخدم حالياً».

رائف الغوري، المدرّب والباحث المتخصّص في الذكاء الاصطناعي التوليدي، أرجع ازدياد الإقبال على منصة «بلوسكاي» إلى «فقدان منصة (إكس) مكانتها تدريجياً». وأردف أن جاك دورسي نقل الخبرات والتجارب الناضجة لـ«تويتر» سابقاً و«إكس» عند تأسيس «بلوسكاي»، ما منح المنصة «عناصر قوة تظهر في مزايا اللامركزية، والخوارزميات التي يستطيع المستخدم أن يعدلها وفق ما يناسبه». وتابع: «انتخابات الرئاسة الأميركية كانت من أهم التواريخ بالنسبة لبلوسكاي في ظل ازدياد الإقبال عليها».ولذا لا يستبعد الغوري أن تصبح «بلوسكاي» بديلاً لـ«إكس»، لكنه يرى أن «هذا الأمر سيحتاج إلى وقت ربما يصل إلى سنوات عدة، لا سيما أن بلوسكاي حديثة العهد مقارنة بـ(إكس) التي أُسِّست في مارس (آذار) 2006، ثم إن هناك بعض المزايا التي تتمتع بها (إكس)، على رأسها، تمتعها بوجود عدد كبير من صنّاع القرار الاقتصادي والسياسي والفنانين والمشاهير حول العالم الذين لديهم رصيد واسع من المتابعين، وهذا عامل يزيد من صعوبة التخلي عنها».

ويشار إلى أن «بلوسكاي» تتمتع بسمات «إكس» نفسها، ويعود تاريخها إلى عام 2019 عندما أعلن جاك دورسي - وكان حينئذٍ لا يزال يشغل منصب المدير التنفيذي لـ«تويتر» («إكس» حالياً) - عن تمويل الشركة تطوير منصة تواصل اجتماعي مفتوحة ولا مركزية تحمل اسم «بلوسكاي». وفي فبراير (شباط) 2022 تحوّلت إلى شركة مستقلة، لتطلق نسختها التجريبية مع نهاية العام.

من جانبه، قال محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «منصة (بلوسكاي) في طريقها بالفعل للاستفادة من التغيّرات الجذرية التي تشهدها منصات كبيرة مثل (إكس)». وأوضح أن «النموذج اللامركزي الذي تعتمده (بلوسكاي) يمنحها ميزةً تنافسيةً ملحوظةً، لا سيما مع ازدياد الوعي حول الخصوصية والتحكم في البيانات، أضف إلى ذلك أن المستخدمين اليوم يبحثون عن منصات توفر لهم الأمان، لا سيما بعد التحوّلات الكبيرة التي شهدتها (إكس) تحت قيادة ماسك... ومن هذا المنطلق يبدو أن لدى (بلوسكاي) فرصة حقيقية للنمو، إذا استمرت في تعزيز مبادئها المتعلقة بالشفافية وحرية التعبير».

الصاوي أشار أيضاً إلى أن عمل ماسك مع ترمب قد يكون له تأثير مزدوج على منصة (إكس)، بشأن الرقابة على المحتوى، وقال: «إن العلاقة الحالية بينهما قد تدفع نحو تغييرات دراماتيكية في إدارة (إكس) وتوجهاتها المستقبلية، ما يزيد ويبرّر الحاجة إلى منصات بديلة أكثر استقلالية مثل (بلوسكاي)».