«أصيلة» يناقش دور المفكرين العرب في تشخيص مسألة «الإسلام والتدين»

رصدوا سبب تراجع الفكر العربي في مواجهة معضلات التقدم

جانب من المشاركين في ندوة «الفكر المعاصر والمسألة الدينية» («الشرق الأوسط»)
جانب من المشاركين في ندوة «الفكر المعاصر والمسألة الدينية» («الشرق الأوسط»)
TT

«أصيلة» يناقش دور المفكرين العرب في تشخيص مسألة «الإسلام والتدين»

جانب من المشاركين في ندوة «الفكر المعاصر والمسألة الدينية» («الشرق الأوسط»)
جانب من المشاركين في ندوة «الفكر المعاصر والمسألة الدينية» («الشرق الأوسط»)

هيمن موضوع الإسلام ومسألة التدين في العالم العربي ودور المفكرين في تشخيصه وعلاجه، على مجريات الجزء الأول من الندوة الأخيرة في موسم أصيلة الثقافي الدولي الـ39، التي حملت عنوان «الفكر المعاصر والمسألة الدينية».
وافتتح محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة «منتدى أصيلة»، الندوة بكلمة شخّص فيها مركز الداء في العالم العربي المعاصر، مؤكدا أن ما يفتقده العالم العربي حاليا، سواء بمواجهة المسألة الدينية أو سواها من القضايا الكبرى، هو غياب العمق وبعد النظر والقدرة على الاستشراف؛ إذ لا يزال العالم العربي تفصله مسافات طويلة عما بلغه الفكر الإنساني في الغرب والشرق، حيث يتصف واقعه عموما بالضعف؛ لأنه يقلد ويقتات من أفكار الغير بتقليبها والتحايل عليها.
ولفت بن عيسى إلى أن المفكرين العرب لا يقلون ذكاء عن نظرائهم في المجتمعات المزدهرة فكريا، لكنه وفي الوقت نفسه تساءل عن السبب وراء تراجع الفكر العربي في مواجهة معضلات وعوائق التقدم التي تحول دون إقلاع التوجهات العربية الفكرية والسياسية نحو الديمقراطية والتقدم الشامل والتحديث الضروري.
واستذكر بن عيسى مفكري النهضة في مصر والشام والعالم العربي، الذين واجهوا مشاكل عصرهم بالأدوات المعرفية استجابة لمتطلبات مجتمعهم في فترات محددة، وتصدوا بجرأة فكرية نادرة لـ«التابوهات» والمواضيع المحرمة دون شطط فكري أو شعبوي، وعرضوا للنقاش المسألة الدينية وعاينوا أوجهها كافة، في نقاش حيوي استمر عقودا، وانتقل صداه إلى بلدان عربية؛ فتلقفته نخبها الناهضة وأضافت إليه بهاراتها.
وهذا الصخب الفكري، في رأي بن عيسى، أفرز توجهات فكرية متمايزة في تصورها للإصلاح بما فيه الإصلاح الديني، وأفرز أيضا شروط النهضة والتحديث، حيث اجتهدت الآراء المتباينة السلمية في بناء صياغة منظومة فكرية وتقديم تصور كامل للمجتمع المأمول.
وأضاف بن عيسى، أنه قبل ما يقرب من عقد من الزمان، كان يبرر تقاعس المفكرين وتراجع النخب وانعزال المثقفين في الوطن العربي، بغياب أو ضعف منسوب الديمقراطية في البلاد العربية. وزاد قائلا: «إن الوضع لم يتغير جذريا بنفس الوتيرة، ولكن قطار التحديث قد تحرك وبصيص الأمل يقترب، بفضل متغيرات عدة، لعل أهمها الثورة الرقمية وما تتيحه من انتشار عدوى الأفكار»، مضيفا أن شروط الحراك الفكري والهادئ والنافع باتت متوافرة، ولا يعقل أن يستمر المفكرون خارج دورة ودائرة الزمن على مسافة من عصر صاخب بالاجتهادات والتيارات الفكرية والابتكارات العلمية المذهلة.
من جهته، قسّم الكاتب الصحافي البحريني علي محمد فخرو، العضو المؤسس في المؤتمر القومي العربي، أنماط التدين إلى أربعة أساسية، حدد أولها في النمط المظهري سواء من خلال الجدل حول الحجاب والنقاب للمرأة أو اللباس «الإسلامي» الرجالي، وهو إشكال لا يتعلق بالفرد فقط، بل يتعلق بإشكال يقول إن الدين لا يكتمل إلا بالمظاهر؛ وهو ما خلق صراعا مع الغرب حول النقاب والحجاب يمكن أن يمس الوجود العربي والإسلامي هناك مستقبلا.
أما النمط الثاني، يضيف فخرو، فهو الطائفي، ويتبدى من خلال الصراعات المذهبية، حيث انقلب الدين إلى متعصب ومتزمت، بالإضافة إلى الخوف من انتشار المذهب الآخر؛ مما فتح المجال لتسييس الدين الإسلامي وتكريس الطائفية التي أدت إلى الصراع الدائم على السلطة والنفوذ. ثم النمط الثالث الذي يعتبره فخرو الأخطر، ويتمثل في استغلال الدين في الإرهاب وتشويه الإسلام خارج العالم العربي وداخله.
أما النمط الرابع والأخير فهو الإعلامي، الذي أصبح ينوب عن المساجد والبيوت في التعريف بالإسلام من خلال محطات تتوالد وتدعي نشرها للإسلام وثقافته، وهي تعمل على تقسيم الناس أكثر وتدخلهم في وجهات نظر متخلفة، والأمر أصبح أسوء مع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي.
من جهته، يرى الكاتب الصحافي الأردني صالح القلاب، أن الدين الإسلامي الحنيف أصبح للأسف، لدى بعض التيارات، رسالة سياسية ويتم تطويع أحكامه لتخدم أهدافا سياسية وتصب في الاستعراض السياسي.
ودعا القلاب إلى فصل الدين عن الدولة والكف عن استغلال الدين وتسييسه، وقدم لمحة تاريخية عن مسار الأحزاب الدينية في القرن العشرين وفشلها الذريع في كل بقاع العالم العربي؛ وهو ما انعكس سلبا على القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن ما يجري حاليا في القدس هو صراع بين حماس والسلطة الوطنية وليس مع المحتل للأسف، وأوضح أن هذا الفشل الذي مُنيت به الأحزاب الدينية، حول الإسلام إلى حركات دينية وحركات دنيوية سياسية وأخرى إرهابية حتى أصبحت سمعة الإسلام في الغرب مرادفة للموت والإرهاب، وفي الداخل شوشت عقول الشباب في رؤيتهم لدينهم.
وفي ورقة بعنوان «في إصلاح المجال الديني وتجديده»، عرف المفكر والباحث العراقي عبد الحسين شعبان الدين بكونه «اهتماما بالمصير الإنساني، فهناك فرق بين جوهره وبين العقيدة، وهو الوعي الأول للإنسان، وهو الوسيلة التي يبحث فيها عن نفسه، ولعل هذه الوظيفة تبدو أزلية؛ لأن الروح الإنسانية في حاجة إليها كي تستقر فيها وتطمئن عندها وإليها».
وشدد شعبان على أن المشكلة تكمن في أن العرب في أزمة عميقة ومركبة على صعيد الفكر العربي، و«علينا تعيين ملامح هذه الأزمة على صعيد الدولة والفكر والمجتمع والثقافة»؛ وذلك لاستنهاض الوعي بهدف تجاوز وتخطي المرحلة الحالية التي قادت إلى تراجعات مختلفة، ولن يحدث ذلك من دون إصلاح المجال الديني وتجديد الفكر الديني وخطابه».
ولأن الإصلاح والتجديد جزآن لا يتجزآن من قانون الحياة، يقول شعبان، فإن مقاربة التغيير بالتراكم والتدرج باتجاه الإصلاح والتجديد تبقى مطلبا ملحا للمشتغلين بقضايا الفكر العربي الإسلامي، سواء من الناحية المعرفية أو المنهجية أو الواقعية وردود فعلها على مستوى الجمهور المتلقي.
من جهته، قدم محمد الحداد، الباحث التونسي المختص في الحضارة وتاريخ الأفكار وأستاذ كرسي اليونيسكو لعلم الأديان المقارن، استبيانا عالميا أظهر أن 25 في المائة من الذين تم استطلاع آرائهم ويعيشون في العالم الغربي متدينون، في حين تصل النسبة إلى 50 في المائة من المتدينين في الولايات المتحدة، وتراوح النسبة ما بين 85 و100 في المائة في العالم الإسلامي.
وأضاف الحداد أن الإفراط في التدين قد يؤدي إلى التطرف والتطرف العنيف، وأن الإنسان يحتاج إلى الدين، وكذا إلى إعادة التأويل الديني الذي لا يمكن ولوج عصر الحداثة من دونه، وإلى السياسة بمعنى اكتساب المصالح على أساس توازن القوى والتفاوض وإلى العلم والفن، عازيا أيضا انتشار العنف إلى ضعف الملكات الفنية في المجتمعات.
ودعا الباحث التونسي إلى تحديد جديد لمفهومي الدعوة والجهاد والمقصود بهما في الدين الإسلامي، وإلى «التكفل» بالمسألة الدينية حسب تعبير المفكر الراحل محمد أركون، مقسما الأنماط الدينية إلى النمط الروحاني الشعائري ونمط التدين الإصلاحي والدين السياسي الذي أفرز الطائفية والعنف.
أما الروائي والأكاديمي المغربي أحمد المديني، فقد تطرق في ورقة له بعنوان «الكاتب العربي والمسألة الدينية» إلى الحرية والحداثة والديمقراطية في علاقتهما بالدين، وتحدث عن ضرورة الإصلاح الديني والانفتاح على العصر والانخراط في مستجداته الفكرية والتكنولوجية، ونبذ التزمت والتطرف المؤديين إلى التخلف عن الركب الحضاري والعودة إلى الوراء.



البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.