«حزب الله» يتقدم في جرود عرسال... واغتيال وسيط خلال تفاوض مع «النصرة»

الجيش اللبناني يتصدى لـمحاولات تسلل... وغارات للطيران السوري

صورة وزعها «حزب الله» لعناصر في جرود عرسال (أ.ف.ب)
صورة وزعها «حزب الله» لعناصر في جرود عرسال (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يتقدم في جرود عرسال... واغتيال وسيط خلال تفاوض مع «النصرة»

صورة وزعها «حزب الله» لعناصر في جرود عرسال (أ.ف.ب)
صورة وزعها «حزب الله» لعناصر في جرود عرسال (أ.ف.ب)

واصل «حزب الله» تقدمه في منطقة جرود عرسال الواقعة على الحدود الشرقية مع سوريا مقلصا منطقة سيطرة «جبهة النصرة» التي قال الجيش اللبناني إنها استهدفت يوم أمس النائب السابق لرئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي ومرافقه بصاروخ خلال مهمة تفاوضية.
وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن عناصر الجيش تصدوا لثلاث محاولات من «جبهة النصرة» للتقدم باتجاه مراكزهم، وبالتحديد تلك الواقعة في محلة صفا اللزاب وفي وادي الدم وجنوب وادي الخيل في منطقة جرود عرسال، لافتا إلى أن المهمة الأساسية للجيش اللبناني هناك تبقى إلى جانب الدفاع عن مواقعه ومراكزه، فرض طوق للتصدي لأي تسلل للمسلحين في اتجاه بلدة عرسال.
وأصدر الجيش أمس بيانا أفاد فيه بأن «سيارة يستقلها النائب السابق لرئيس بلدية عرسال السيد أحمد الفليطي يرافقه فايز الفليطي المكلفان بالتفاوض مع المجموعات الإرهابية، استهدفت بصاروخ من قبل (جبهة النصرة) الإرهابي أثناء تقدمها في محلة وادي حميد - مفرق العجرم؛ ما أدى إلى بتر قدم الأول وإصابة الثاني بجراح مختلفة»، موضحا أن عناصر الجيش في المنطقة أمّنوا بالتنسيق مع الصليب الأحمر الدولي إسعافهما ونقلهما إلى أحد مستشفيات المنطقة للمعالجة: «لكن أحمد الفليطي ما لبث أن فارق الحياة متأثراً بجراحه».
وقالت ريما كرنبي، نائبة رئيس بلدية عرسال الحالية: إن «الفليطي كان مكلفا بعملية تفاوضية يوم أمس، وهذا ما أبلغ به عناصر الجيش عند الحاجز الذي اجتازه ومرافقه باتجاه وادي حميد»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه لا علم لها بتفاصيل هذه العملية أو بالجهات التي وكلتها التفاوض باسمها. وفي حين رجحت كرنبي أن تكون «جبهة النصرة» من استهدفت الفليطي باعتبار أن المنطقة التي استهدف فيها خاضعة لسيطرتها، ولا إمكانية لولوجها من قبل «حزب الله»، اعتبرت أن «حل المسألة عبر التفاوض بات صعبا». وهو ما تحدث عنه أيضا رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري قائلا: «مهمتنا الأساسية حفظ الأمن في البلدة، وهذا الأمر يتم بالتعاون مع الأهالي، أما الوساطة التي يحكى عنها فقد تعرضت إلى انتكاسة، علما بأننا نتمنى أن تحل الأمور بطريقة سلمية وعبر التفاوض».
ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر أمني صباح أمس بأن «عدد قتلى (حزب الله) ارتفع إلى 15 مقابل مقتل 43 مسلحا من (النصرة)». وقال المصدر الأمني: إن الجيش يسهل مرور اللاجئين السوريين الفارين من المنطقة، وذلك تحت إشراف الأمم المتحدة.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» عن تقدم يحرزه «حزب الله» في منطقة جرود عرسال، لافتة إلى سيطرته على مناطق جوار الشيخ، وادي كريدي، الضليل الأبيض وسرج قويص في الجرود، واستهدافه خطوط إمداد مثلث وادي العويني والخيل، بالتزامن مع شن الطيران الحربي السوري غارات جوية كثيفة على مواقع «جبهة النصرة» في المناطق المذكورة.
من جهتهما، تحدث «الإعلام الحربي» وقناة «المنار» التابعان لـ«حزب الله» عن سيطرة عناصر الحزب على نقاط عدة في جرود عرسال، مقابل إطلاق عناصر «جبهة النصرة»: «نداءات استغاثة عبر مكبرات الصوت في وادي حميد والملاهي بجرد عرسال تدعو المدنيين إلى مؤازرتهم، دون أي تجاوب من الأهالي». وقال: «الإعلام الحربي» إن «مجموعات كبيرة لمسلحي (جبهة النصرة) رفعت 6 رايات بيضاء في منطقة عقاب الدب بالقرب من وادي الخيل بجرد عرسال في إشارة منها للاستسلام، في حين رفع (حزب الله) رايته كما العلم اللبناني فوق مرتفع ضهر الهوة في الجرود».
ويُعد هذا المرتفع الذي سيطر عليه الحزب يوم أمس، من أبرز معاقل «جبهة النصرة» والخط الدفاع الأساسي في جرد عرسال، بحسب الإعلام الحربي. ومن الجهة السورية، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن تنفيذ الطائرات الحربية السورية مزيداً من «الضربات التي استهدفت مناطق سيطرة (هيئة تحرير الشام) والفصائل المعارضة في جرود فليطة المحاذية للحدود السورية اللبنانية»، لافتا إلى «تقدم جديد تحققه قوات النظام و(حزب الله) في المنطقة بعد السيطرة على تلال ومرتفعات عدة».
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، أجرى خلال الساعات الماضية «تحركا مكثفا»، تخللته اجتماعات عمل وسلسلة اتصالات تمحورت حول الإجراءات الواجب اتخاذها لتدارك التداعيات الإنسانية للاشتباكات المسلحة في منطقة جرود عرسال، لافتة إلى أن هذا التحرك يأتي استكمالا للاجتماع الاستثنائي لمجلس الأمن المركزي الداخلي. وشدد المشنوق على «ضرورة العمل لتخفيف الأعباء الإنسانية الباهظة الثمن التي يتحملها المجتمع المضيف في عرسال منذ بداية الحرب في سوريا وتضحياته من أجل إيواء النازحين، وتحمله تداعيات وجود المسلحين في جرود منطقته»، لافتا إلى أنه على «تواصل دائم مع جميع المعنيين في الجيش ومختلف الأجهزة الأمنية والهيئة العليا للإغاثة والمنظمات الدولية والمحلية من أجل توفير كل السبل لحماية المدنيين وتأمين المساعدات الطبية والإنسانية لهم». والتقى المشنوق وفدا من «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» ورئيس «بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان» كريستوف مارتان الذي قدم للوزير عرضا للخطط التي أعدتها البعثة من أجل تقديم المساعدات الطبية العاجلة للمدنيين في منطقة عرسال.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.