خيط روسي ـ أميركي يربط الهدن والمعارك السورية: «حزب الله» في عرسال مقابل انسحاب مرحلي من درعا

TT

خيط روسي ـ أميركي يربط الهدن والمعارك السورية: «حزب الله» في عرسال مقابل انسحاب مرحلي من درعا

خيط روسي - أميركي يجمع معارك عسكرية وتفاوضية على أربع جبهات سورية، هي «هدنة الجنوب»، وقف النار في غوطة دمشق، المعارك في جرود عرسال على جانبي حدود لبنان، إضافة إلى «حرب الفصائل» في إدلب، وابتلاع «جبهة النصرة» لـ«حركة أحرار الشام».
أولاً, هدنة غوطة دمشق: لم يكن مفاجئاً إعلان موسكو اتفاق وقف النار في الغوطة، أمس، ذلك أن الحديث عنها تكرر، وممثلو «الجبهة الجنوبية» في «الجيش الحر» طلبوا ذلك لدى لقائهم المبعوث الأميركي إلى سوريا مايكل راتني في عمان قبل أيام. لكن الجديد، استضافة القاهرة المفاوضات وإعلان الاتفاق من العاصمة المصرية وليس من آستانة ومساراتها. والأمر اللافت، أن القيادي في «جيش الإسلام» محمد علوش طالب محاوريه أكثر من مرة بضرورة إرسال مراقبين عسكريين مصريين إلى غوطة دمشق لضبط آلية الهدنة ومراقبة الاتفاق.
القاهرة التي حرصت على الوقوف في الوسط الأقرب إلى دمشق خلال الأزمة السورية مع استمرار التعاون الاستخباراتي مع دمشق، وعمل السفارة المصرية فيها، بدأت في الفترة الأخيرة تبحث عن احتمالات لعب دور أكبر في سوريا على أمل «استعادة الدور العربي» فيها بعد ارتفاع دور إيران وتركيا.
ولا شك أن صمود هدنة غوطة دمشق وبدء إرسال المساعدات الإنسانية، يفتحان الباب للبحث في شروط إرسال مراقبين مصريين إلى خطوط التماس بين قوات الحكومة السورية والمعارضة في الغوطة، خصوصاً أن الخريطة أنجزت وحددت جبهات القتال والتهدئة. العقدة هنا، هو الاقتتال بين «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» من جهة واستمرار غارات القوات النظامية ووجود فصائل تابعة لإيران من جهة ثانية. كان الأمران سببين في تأخر إنجاز التهدئة وسيكونان محل مراقبة لصمود الهدنة، ويشكلان تحديين رئيسيين للخطوات المقبلة، خصوصاً أن موسكو استثنت «النصرة» من الاتفاق، وسط أنباء عن عدم شموله مناطق «فيلق الرحمن»، إضافة إلى عدم تضمين حي جوبر الدمشقي الذي يتعرض لهجوم من قوات دمشق و«حزب الله».
ثانياً, هدنة الجنوب: منذ إعلان الاتفاق الأميركي - الروسي - الأردني في التاسع من الشهر الحالي لـ«خفض التصعيد» جنوب غربي سوريا، تكثفت المحادثات الثلاثية في عمان. لا تزال الهدنة صامدة رغم الخروق الجزئية، كما أن 400 عنصر من الشرطة العسكرية الروسية وصلوا إلى ريف درعا. وأبلغ راتني ممثلي «الجبهة الجنوبية» في «الجيش الحر» في رسالة خطية ولقاءات مباشرة، أن هؤلاء المراقبين هم «روس سنَّة» وشرح لهم عناصر الهدنة، بينها أنها ستعمم في مناطق أخرى، ولن تكون وصفة لتقسيم سوريا، ذلك أن هناك اتفاقاً روسياً - أميركياً على وحدة سوريا، إضافة إلى أن الهدنة ستثبت خطوط التماس وتسمح بمساعدات إنسانية وانتخاب مجالس محلية مع تدفق التجارة وعودة اللاجئين وحرية تحرك النازحين وصولاً إلى بحث الحل السياسي لاحقاً بموجب القرار 2254.
لكن لا تزال هناك ثلاث عقد يعمل عليها الأطراف الثلاثة في عمان: الأولى: مناطق انتشار حركة «النجباء» العراقية التي تدعمها إيران و«حزب الله» حيث نص الاتفاق الثلاثي على إبعاد «القوات غير السورية» عن حدود الأردن لمسافة هي 30 كيلومتراً، كحلّ وسط بين مطالبة المعارضة بـ50 كيلومتراً وروسيا بـ20 كيلومتراً، لكن إلى الآن يرفض «حزب الله» الانسحاب من ريف درعا. ثانياً، معبر الحدود مع الأردن، إذ جرى تداول اقتراح بقاء السيطرة عليه لـ«الجيش الحر» ووجود مدنيين روس ورفع العلم الرسمي السوري بحيث يؤدي إلى إحياء الخط التجاري من الأردن إلى لبنان عبر سوريا. ثالثاً: الموقف الإسرائيلي حيث فوجئ الروس والأميركيون برفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاتفاق الثلاثي، لأن تل أبيب كانت على اطلاع به. وقال مسؤول غربي: «نتنياهو معترض لسببين: الأول، يريد حرية الحركة للقيام بغارات على مواقع حزب الله من دون قيود الطيران الروسي، إضافة إلى إبعاد حزب الله عن الحدود. الثاني، إقامة منطقة خاسمة لخفض التصعيد في القنيطرة قرب الجولان وإبعاد حزب الله الذي اقترب إلى ثلاثة كيلومترات من خط فك الاشتباك في الجولان».

عرسال مقابل درعا

ثالثاً, معارك جرود عرسال: العملية التي بدأها «حزب الله» على جانبي الحدود بدعم جوي سوري وتنسيق مع الجيش اللبناني لإنهاء وجود فصائل من «الجيش الحر» و«جبهة النصرة» المصنفة تنظيماً إرهابياً على قوائم مجلس الأمن، مرتبطة بالمحادثات الثلاثية في عمان. راتني أبلغ المعارضة خطياً: «اتفاق عمان يشمل الأراضي التي يسيطر عليها الثوار على حدود الأردن والجولان غرب السويداء، لكن لا يشمل مناطق شمال السويداء أو القلمون» قرب عرسال.
الخيط الروسي - الأميركي، هو احتمال السماح لـ«حزب الله» وإيران تعزيز الوجود العسكري بين دمشق وحدود لبنان وتثبيت الوجوده على حدود لبنان مقابل قبول انسحاب تدريجي من ريف درعا، بحيث يبدأ بمسافة عشرة كيلومترات ثم عشرة كيلومترات أخرى وصولاً إلى الابتعاد 30 كيلومتراً عن الحدود. المطروح: التزامن بين المسارين مع تمسك «النجباء» و«حزب الله» بالإبقاء على شبكات نائمة تسمح بتحريكها.
رابعاً, «حرب الفصائل» في إدلب. لم تكن موسكو راضية عن موقف أنقرة في اجتماع آستانة الأخير. أنقرة اقترحت بداية إرسال مراقبين أتراك إلى مناطق «خفض التصعيد» الأربع. ردت طهران باقتراح نشر إيرانيين في المناطق الأربع. ثم جرى اقتراح بتخصص تركيا في إدلب وتخصيص الأردن بدرعا واحتمال قبول وجود إيران في غوطة دمشق مع تفاهم آخر حول منطقة «خفض التصعيد» الرابعة في ريف حمص. لم يجرِ الاتفاق على هذا السيناريو لاعتراض دمشق على دور أنقرة ورفض المعارضة وواشنطن دور إيران، فاقترحت موسكو إرسال مراقبين من دول روسية سنية مثل الشيشان لتخفيف الاحتقان الطائفي ووراثة التنظيمات التي تدعمها طهران. وكان أحد أسباب جولة ألكسندر لافرينييف المبعوث الرئاسي الروسي إلى طهران ودول أخرى.
أنقرة المنزعجة من استبعاد واشنطن لها عن معركة الرقة واعتماد الأميركيين على «وحدات حماية الشعب» الكردية، أرادت إرسال «درع الفرات» إلى ريف تل رفعت وعفرين لتوجيه ضربة لـ«وحدات الحماية»، لكنها لم تحصل على ضوء أخضر روسي مماثل لعملية «درع الفرات» في ريف حلب، بل إن واشنطن انزعجت من قصف ريف عفرين لاعتقادها أن هذا سيؤثر سلباً على معركة تحرير الرقة من «داعش».
بعد فشل «سيف الفرات»، لوحت أنقرة لاحقاً بنقل فصائل «درع الفرات» إلى ريف إدلب عبر تقديم السلاح والذخيرة من دون غطاء جوي بعد اقتتال «هيئة تحرير الشام» (تضم «النصرة») و«أحرار الشام». وأرسلت أكثر من مائة عنصر من ريف حلب إلى حدود إدلب، بالتزامن مع سيطرة «النصرة» على مواقع «الأحرار». الرهان التركي هو الحصول على ضوء روسي والتمهيد بأن يكونوا مراقبين قبل القيام بعملية عسكرية لقتال «النصرة» وتشكيل سد يحول دون انتقال المقاتلين الأكراد بدعم روسي من عفرين إلى إدلب.
الخيط الروسي المربوط أميركا، هو أن استمرار «حرب الفصائل» وابتلاع «النصرة» لـ«الأحرار»، سيحول إدلب إلى «تورا بورا» سوريا مماثلة للأفغانية، ويسهم في تعزيز الضغوط على أنقرة ويفتح أفقاً مستقبلياً لتعاون بين روسيا وأميركا في محاربة الإرهاب في دير الزور وإدلب بعد الرقة، وإذ حذر قائد «الأحرار» أمس من تحول إدلب إلى «الموصل الجديدة أو الرقة الجديدة»، فإن مسؤولاً في قاعدة حميميم الروسية أشار إلى أن سيطرة «النصرة» على إدلب تعني أنها باتت مماثلة للموصل.



انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
TT

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)

تراجعت القدرة الشرائية لغالبية اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، بعد موجة غلاء شديدة ضربت الأسواق، وارتفعت معها أسعار المواد والسلع الأساسية والغذائية، على الرغم من تراجعها عالمياً للشهر الثالث على التوالي.

وارتفعت الأسعار في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وجميع المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية؛ ما اضطر كثيراً من العائلات إلى خفض استهلاكها من بعض السلع، أو الاستغناء عن بعض الأصناف، مثل الخضراوات والفواكه، في حين رفعت المطاعم أسعار الوجبات التي تقدمها، رغم تراجع الإقبال عليها.

وتقول مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن أسعار بعض السلع الغذائية زادت، خلال الأسابيع الماضية، بشكل كبير ومفاجئ، في حين حدثت زيادات تدريجية لسلع أخرى، دون أن يصدر حول ذلك أي بيانات أو توضيح من الجماعة الحوثية التي تسيطر على القطاع التجاري، أو إجراءات للحد من ذلك.

وزاد سعر كيس الدقيق زنة 50 كيلوغراماً نحو 3 دولارات؛ حيث ارتفع أحد أنواعه من 12400 ريال يمني إلى نحو 14 ألف ريال، وتفاوتت الزيادة في أسعار كيس الأرز بين 3 و6 دولارات، حسب النوع، بينما ارتفع سعر زجاجة الزيت (5 لترات) بمقدار دولارين لغالبية أنواعه، وتجاوز سعر كرتونة البيض 4 دولارات، بعد أن وصل إلى 2200 ريال. (تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي 535 ريالاً يمنياً).

اتهامات للحوثيين بفرض جبايات لتعويض خسائرهم من العقوبات الأميركية والغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتقول أروى سلام، وهي معلمة وربَّة منزل، لـ«الشرق الأوسط»، إنها اضطرت منذ نحو شهر للتخلي عن شراء الخضراوات تماماً، ما عدا الضروري منها لإعداد الوجبات، في محاولة منها لتوفير ثمن الدقيق والسكر والأرز.

وشملت الزيادات أسعار الخضراوات والفواكه محلية الإنتاج، والمعلبات التي تدخل ضمن أساسيات التغذية في اليمن، مثل التونة واللبن المجفف والأجبان، التي اضطرت غالبية العائلات للتوقف عن شرائها.

خنق الأسواق

بدأت موجة الغلاء الجديدة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بقفزة كبيرة في أسعار السكر، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ إذ ارتفع سعر الكيس الذي يزن 50 كيلوغراماً من 20 ألف ريال، إلى 26 ألف ريال لأكثر أنواعه انتشاراً في الأسواق، وهي زيادة تعادل نحو 12 دولاراً.

يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

ومع موجة الغلاء الأخيرة، عاود السكر ارتفاع أسعاره خلال الأسابيع الماضية، وتفاوتت الزيادة الجديدة بين دولارين وأربعة دولارات، إلا أن غالبية الباعة استمروا ببيعه وفقاً للزيادة الأولى، التي تسببت بارتفاع أسعار المشروبات في المقاهي، وعدد من الأصناف التي يدخل في تكوينها.

وواجهت المطاعم صعوبات في التعامل مع الزيادات السعرية الجديدة، بعد أن اضطرت لرفع أسعار الوجبات التي تقدمها، وهو ما أدى إلى تراجع الإقبال عليها.

وتحدث عمار محمد، وهو مدير صالة في أحد المطاعم لـ«الشرق الأوسط» عن قلة عدد رواد المطعم الذي يعمل فيه منذ ارتفاع أسعار الوجبات، مع عزوف من تبقى منهم عن تناول الوجبات المرتفعة الثمن، وتقليل الكميات التي يتناولونها، وهو ما تسبب في تراجع دخل المطعم.

الجماعة الحوثية فرضت المزيد من الجبايات على نقل البضائع متسببة في موجات غلاء متتالية (غيتي)

وأبدى خشيتَه من أن يُضطَر مُلاك المطاعم إلى تسريح بعض العمال بسبب هذا التراجع، رغم توقُّعه تكيُّف معظم الزبائن مع الوضع الجديد، ورجوعهم إلى عاداتهم في تناول الوجبات خارج منازلهم بعد مضي بعض الوقت.

إلا أن باحثاً اقتصادياً نفى إمكانية حدوث التكيف مع الأوضاع الجديدة؛ فبعد كل هذه السنين من الأزمات المعيشية، والإفقار المتعمد للسكان، حسب وصفه، أصبح التكيف أمراً غاية في الصعوبة، خصوصاً مع توقف رواتب موظفي الدولة، واتساع رقعة البطالة، وتراجع المساعدات الإغاثية.

ولفت الباحث الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الإفصاح عن هويته لإقامته في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، إلى أن التكيف يحدث في أوضاع يمكن أن تتوفر فيها فرص للسكان لزيادة مداخيلهم، وابتكار طرق جديدة لتحسين معيشتهم.

الأسواق في مناطق سيطرة الحوثيين تعاني من ركود كبير بعد موجات الغلاء (أ.ف.ب)

وأوضح أن الجماعة لا تهتم إلا بزيادة عائداتها، وتتبع جميع الوسائل التي ترهق السكان؛ من فرض المزيد من الضرائب والجمارك ومضاعفتها بشكل غير قانوني، والعبث بالقطاع التجاري والاستثماري، وجميعها إجراءات تعمّق الركود وتعيق الحركة المالية ونشوء الأسواق وتوسع البطالة.

غلاء عكس المتوقع

امتنعت كبريات الشركات التجارية عن إبداء تفسيرات لهذه الزيادات السعرية، بالتوازي مع عدم اتخاذ الجماعة الحوثية أي إجراءات لمنعها أو تفسيرها، رغم ادعاءاتها باستمرار إجراءاتها للرقابة السعرية، وحماية المستهلكين من الاستغلال.

تأتي هذه الزيادات في الوقت الذي أظهرت فيه مؤشرات «منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)»، تراجعاً عالمياً في أسعار السلع الغذائية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، للشهر الثالث على التوالي.

وبيَّنت المؤشرات، التي أعلنت عنها «فاو»، والتي ترصد أسعار سلَّة من السلع الغذائية المتداولة حول العالم، ظهور انخفاض من متوسط 126.6 نقطة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 125.1 نقطة، الشهر الماضي، بما يساوي 1.2 في المائة.

وطبقاً لذلك، هبطت أسعار أغلب فئات السلع الأساسية، مثل الألبان ومنتجاتها واللحوم والزيوت النباتية والسكر، رغم ارتفاع مؤشر أسعار الحبوب.

وأرجعت المنظمة الأممية هذا التراجع السعري إلى وفرة المعروض العالمي من السلع، وزيادة الإمدادات في أسواق التصدير، ما زاد المنافسة وخفّض الضغوط السعرية.

ومنذ أيام، حذَّرت المنظمة ذاتها من أن نصف الأسر في اليمن تعاني من نقص الغذاء والحرمان الشديد في أربع محافظات.


«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
TT

«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)

حذَّرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الأحد)، من النقص الشديد في الأدوية والمستهلكات الطبية الذي وصفته بأنه عند «مستويات كارثية».

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن 52 في المائة من الأدوية الأساسية و71 في المائة من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً»، كما أن 70 في المائة من المستهلكات اللازمة لتشغيل المختبرات بات رصيدها «صفراً» أيضاً.

وقالت الوزارة التي تديرها حركة «حماس»، في بيان، إن أقسام جراحة العظام، والغسل الكلوي، والعيون، والجراحة العامة، والعمليات، والعناية الفائقة، تواجه تحديات كارثية مع نقص المستهلكات الطبية، كما أن هناك نقصاً شديداً في الأدوية اللازمة للرعاية الأولية والسرطان وأمراض الدم.

وحذَّرت الوزارة من تصاعد الأزمة في ظل زيادة الحاجة إلى مزيد من التدخلات العلاجية للمرضى والجرحى، وطالبت بتعزيز الإمدادات الطبية العاجلة لتمكين الأطقم الطبية من أداء عملها.


الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
TT

الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)

وسط تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية واتساع رقعة الفقر، بدأت الجماعة الحوثية تنفيذ حملة تجنيد قسرية في مناطق سيطرتها بمحافظتي الحديدة وذمار، بعد فشل محاولاتها السابقة في استقطاب الفقراء للالتحاق بمعسكرات التدريب مقابل وعود برواتب شهرية.

ولجأت الجماعة المتحالفة مع إيران -حسبما ذكرته مصادر حكومية- إلى اعتقال عدد من وجهاء تلك المناطق بتهمة «التخاذل» في مسعى لإجبار السكان على إرسال أبنائهم للقتال.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين اعتقلوا عدداً من وجهاء مديرية «جبل راس» في الحديدة، بعد رفضهم إجبار الأهالي على إرسال أبنائهم إلى معسكرات التدريب، ضمن حملات التعبئة التي تزعم الجماعة أنها مخصصة لـ«تحرير فلسطين».

وقالت المصادر إن سكان المديريات الخاضعة للجماعة يواجهون حملة تضييق وعقوبات غير مسبوقة، بسبب رفضهم الانخراط في القتال، وإن الوجهاء لا يزالون رهن الاعتقال منذ أيام.

الحوثيون يرغمون الدعاة على قيادة حملات التجنيد (إعلام محلي)

وأوضحت السلطات المحلية الموالية للحكومة الشرعية، أن السكان -رغم الفقر المدقع الذي يعيشونه- رفضوا الانضمام لمعسكرات التدريب. وأشارت إلى أن القيادي الحوثي أحمد البشري، مسؤول ما تسمَّى «التعبئة العامة»، وعبد الله عطيف الذي عيَّنته الجماعة محافظاً للحديدة، أجبرا عدداً من الدعاة على مرافقتهم إلى تجمع أقيم في مدينة زبيد ضمن حملة التجنيد هناك. واعتبرت أن لجوء الجماعة إلى مثل هذا السلوك يعكس «حالة الإفلاس والتخبط» بعد فشلها في استقطاب أبناء تهامة.

وقالت السلطات إن مسؤول التعبئة الحوثي أبلغ الدعاة خلال الاجتماع أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أبدى استياءه الشديد من المجتمع التهامي، بسبب رفض أبنائه الالتحاق بالتجنيد، وعدم التجاوب مع دعوات التعبئة، رغم أن الحديدة تعد من أكثر المحافظات معاناة من انعدام الأمن الغذائي والفقر.

ضغوط على الدعاة

وطبقاً لما نقلته السلطات المحلية، وجَّه القيادي الحوثي أحمد البشري تهديداً مباشراً للدعاة، وأمرهم باستخدام نفوذهم ومنابر المساجد للضغط على الأهالي لإرسال أبنائهم إلى معسكرات التجنيد والجبهات، وإصدار فتاوى بوجوب حمل السلاح. كما هدد بإلحاق الدعاة وأُسرهم قسراً بالدورات الطائفية والعسكرية في حال رفضهم تنفيذ التعليمات.

وحذَّرت السلطات المحلية من أن الجماعة الحوثية تعمل على تحويل الدعاة وزعماء القبائل إلى أدوات لشرعنة التجنيد القسري، وتهدد كل من يتأخر أو يرفض بالاتهام بالولاء للحكومة الشرعية.

بينما يعاني اليمنيون من انعدام الغذاء يستمر الحوثيون في الإنفاق على التجنيد (إعلام محلي)

واستغلت الجماعة حالة الفقر الشديد، وانقطاع المرتبات، وانعدام الوظائف، لإغراء الأهالي برواتب شهرية، ووعدت بإدراج أبنائهم في قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية عند استئناف توزيعها. وفق المصادر ذاتها.

إلى ذلك، واصلت الجماعة الحوثية التضييق على سكان محافظة ذمار (مائة كيلومتر جنوب صنعاء) إذ أجبرت الأهالي في عدد من المديريات على الخروج في وقفات تحت شعار «النفير والتعبئة العامة»، وألزمت المشاركين برفع شعاراتها، في حين قام عناصرها بتصوير الحشود لتقديمها كدليل على وجود «حاضنة شعبية».

وقالت مصادر محلية إن مشرفي الحوثيين أبلغوا مسؤولي القرى والعزل بضرورة الحضور الإجباري لهذه الفعاليات، والاستعداد لـ«النفير العام» تحت غطاء دعم فلسطين، رغم توقف الحرب في غزة منذ مدة. كما ألزمت نساءً وفتيات بتسجيل أسمائهن كمتطوعات، ولوَّحت بعقوبات لمن يرفض، في خطوة تهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن للفعالية التي دعت إليها الجماعة في صنعاء.

أزمة هي الأشد عالمياً

تأتي هذه الممارسات الحوثية -وفق مراقبين- في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن اليمن لا يزال يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ إذ يحتاج أكثر من 19.5 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية هذا العام، بسبب النزاع المستمر، والانهيار الاقتصادي، وتداعيات تغير المناخ.

يمنيون نازحون في صنعاء يدفئون أنفسهم تحت أشعة الشمس في مخيم مؤقت وسط طقس بارد (إ.ب.أ)

ووفق مفوضية شؤون اللاجئين، فإن نحو 4.8 مليون يمني ما زالوا نازحين داخلياً، بينما استقبلت البلاد أكثر من 62 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا. وتوضح المفوضية أنها تعمل في معظم محافظات البلاد بالتنسيق مع السلطات والشركاء المحليين، لتوفير الحماية والمساعدات للفئات الأكثر تضرراً.

وعلى الرغم من هذه المعاناة الواسعة، تواصل الجماعة الحوثية إنفاق الموارد على التجنيد وحملات الحشد الطائفي والعسكري، بدلاً من توجيهها لتخفيف الكارثة الإنسانية، حسبما تؤكده مصادر حكومية ومنظمات محلية.