فصائل المعارضة تقلل من انعكاسات وقف دعم الاستخبارات الأميركية

«واشنطن بوست» ربطت قرار ترمب بالتقارب مع بوتين

صورة أرشيفية لعنصر من «الفرقة 13» يطلق صاروخ «تاو» أميركياً في إدلب (الفرقة 13)
صورة أرشيفية لعنصر من «الفرقة 13» يطلق صاروخ «تاو» أميركياً في إدلب (الفرقة 13)
TT

فصائل المعارضة تقلل من انعكاسات وقف دعم الاستخبارات الأميركية

صورة أرشيفية لعنصر من «الفرقة 13» يطلق صاروخ «تاو» أميركياً في إدلب (الفرقة 13)
صورة أرشيفية لعنصر من «الفرقة 13» يطلق صاروخ «تاو» أميركياً في إدلب (الفرقة 13)

لا ترى المعارضة السورية تأثيراً كبيراً لإنهاء وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) برنامجها لدعم الفصائل التي تقاتل النظام السوري التي يرتكز وجودها بشكل أساسي في الجنوب ضمن غرفة عمليات «الموك» المدعومة من 11 دولة بينها الأردن وفي الشمال في غرفة عمليات «الموم» التي تتلقى دعماً من الدول نفسها، إنما من تركيا بدل عمان.
ولم تتبلغ الفصائل رسميّاً لغاية الآن بهذا القرار الذي أعلنت عنه صحيفة «واشنطن بوست» أمس، فيما فضّل قياديوها انتظار الإعلان عن القرار رسميّاً من دون أن ينفوا أن خطوة كهذه لا بدّ أنها ترتبط بالتقارب الأميركي - الروسي الأخير، الذي نتج عنه قبل أسبوعين اتفاق تخفيف التصعيد في الجنوب السوري، بينما رفضت وزارة الخارجية الأميركية التعليق على ما وصفتها بـ«المعلومات الاستخباراتية».
واعتبرت مصادر في «الجيش الحر» أن الخلاف بين وزارة الدفاع (البنتاغون) و«وكالة الاستخبارات الأميركية» فيما يتعلق بالأزمة السورية، والتقارب الروسي - الأميركي، أسهم في اتخاذ هذا القرار. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أمس: «سبق للمبعوث الأميركي إلى سوريا مايكل راتني أن قال لنا في مفاوضات جنيف الأخيرة إن لديه من الإحباطات ما لا يُمكِن الإفصاح عنها، وهو نفسه كان قد أقرّ بأن الحل بشأن الخلاف بين البنتاغون التي تركّز دعمها بشكل أساسي على (قوات سوريا الديمقراطية) وبعض الفصائل في الشمال السوري، ووكالة الاستخبارات يكون إما بالتنسيق فيما بينهما أو بأن يطغى أحدهما على الآخر، واليوم قد يؤدي هذا القرار إلى تفوّق البنتاغون الذي كان دعمه محدوداً للفصائل على الوكالة». وزادت المصادر: «إعلان سحب دعم الوكالة الذي كان أساساً محدوداً لا يعني انتهاء عمل الفصائل، لا سيما أن هناك دولاً أخرى في غرفتي العمليات»، مؤكدة أن بريطانيا على سبيل المثال وعبر ممثلها لطالما أكدت أن دعمها سيبقى مستمرّاً للفصائل، وإن توقف البرنامج الأميركي.
من جهته، قال الناطق باسم الجبهة الجنوبية، الرائد عصام الريس لـ«الشرق الأوسط» إن الحديث عن سحب دعم المعارضة كان قد بدأ مع حملة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانتخابية، كما قد يكون له علاقة بالتقارب الأميركي - الروسي الأخير، مفضلاً في الوقت عينه انتظار الإعلان الرسمي عن الموضوع الذي قد يكون خطوة سياسية ليس أكثر، وفق تعبيره.
وعبّر عن اعتقاده بأن هذا القرار إذا كان صحيحاً فلن يؤثر على الفصائل، لا سيما أن الدعم العسكري الأميركي لها كان محدوداً ولم يكن يرقى إلى تحقيق توازن في القوى أو لإنهاء النظام السوري من دون أن يستبعد أنه قد يكون هناك صيغة أميركية بديلة من هذا البرنامج. وتابع: «مع العلم بأن صمود الفصائل لم ولن يقوم على جهة معينة إنما على مبدأ ثوري وسيبقى كذلك، وبالتالي قد تكون انعكاسات هذا الأمر إيجابية، عبر توحّد الفصائل بل توزّعها بعيداً عن الدعم الخارجي»، مضيفاً: «وجوده أو عدم وجوده لن يغير كثيراً في المعادلة».
وتوضّح مصادر «الحر» أن دعم وكالة الاستخبارات يرتكز بشكل أساسي على غرفة «موك» في الجنوب و«موم» في الشمال، خصوصاً في إدلب وحلب وريف حماة، وكانتا قد تشكلتا عام 2013. وأبرز تلك العاملة في الأولى هي «الجبهة الجنوبية» و«جيش اليرموك» و«جيش المعتز» و«جيش الثورة»، وفي الثانية «فيلق الشام» و«جيش إدلب الحر» و«جيش النصر» و«جيش العزة»، و«فرقة السلطان مراد» و«الفرقة الساحلية الأولى والثانية»، وكانت جميعها قد توحدت في غرفة واحدة تحت قيادة «فيلق الشام»، وتلفت المصادر إلى أن أكثر المناطق التي تفتقر للدعم هي حمص والمناطق الوسطى، لبعدها عن الحدود الجنوبية والشمالية.
وكانت «واشنطن بوست» قالت، أمس، إن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قررت إنهاء برنامجها لدعم فصائل المعارضة السورية التي تقاتل قوات رئيس النظام بشار الأسد.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين طلبوا عدم كشف أسمائهم أن برنامج دعم المعارضة السورية الذي بدأ قبل أربع سنوات لم يكن له سوى أثر محدود، خصوصاً منذ أن دخلت القوات الروسية على خط النزاع إلى جانب قوات الرئيس بشار الأسد في عام 2015.
وأضافت أنّ ترمب اتخذ هذا القرار منذ نحو شهر بعد لقائه مدير «سي آي إيه» مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي الجنرال هربرت ريموند ماكماستر.
ورفض البيت الأبيض و«سي آي إيه» التعليق على معلومات «واشنطن بوست».
وبحسب الصحيفة، فإن إلغاء برنامج دعم المعارضة السورية أظهر مدى اهتمام ترمب بـ«إيجاد وسائل للعمل مع روسيا»، وشكَّل «اعترافاً بمحدودية كل من نفوذ واشنطن ورغبتها في إطاحة الأسد من السلطة».
وجاء هذا القرار بعد مفاوضات أميركية - روسية أدت إلى إقرار وقف لإطلاق النار في جنوب غربي سوريا يشمل منطقة تنتشر فيها فصائل المعارضة السورية.
وكان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما وافق على برنامج المساعدات هذا في عام 2013 عندما سعت جماعات معارضة مختلفة إلى الحصول على دعم من الخارج ضد النظام السوري. لكنّ التزام الولايات المتحدة بهذا البرنامج كان غامضاً، بسبب شكوكها في قدرة المعارضة على الإطاحة بالأسد، ولأنها جعلت من حربها ضد تنظيم داعش أولوية.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.