المحاصصة الحزبية تتقاسم التعيينات الدبلوماسية في لبنان

الحصة الأهم لوزير الخارجية و«حزب الله» خارج المعادلة

المحاصصة الحزبية تتقاسم التعيينات الدبلوماسية في لبنان
TT

المحاصصة الحزبية تتقاسم التعيينات الدبلوماسية في لبنان

المحاصصة الحزبية تتقاسم التعيينات الدبلوماسية في لبنان

سلكت التعيينات الدبلوماسية في لبنان طريقها بسلاسة سياسية وحزبية بعدما نال كل طرف ما طلبه رغم الاعتراض الخجول الذي رافق الآلية، تحديدا فيما يتعلّق بتعيين ثمانية سفراء من خارج السلك الدبلوماسي محسوبين على كل من «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر». وفي حين نال وزير الخارجية جبران باسيل حصّة الأسد، كان حليفه «حزب الله» خارج المعادلة الدبلوماسية.
وفي هذا الإطار، قالت مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط»، «كما جرت العادة (حزب الله) المدرك تماما لواقعه لم يطلب حصة في التعيينات الدبلوماسية»، سائلة: «إلى أين سيذهب سفير محسوب على الحزب ومصنّف إرهابيا؟» وأضافت: «حتى أن الأسماء التي ترشّحها (حركة أمل) يتم استشارته بها في مرحلتها النهائية».
وكما كان متوقعا أقرّ مجلس الوزراء في جلسته أمس الترفيعات والمناقلات الدبلوماسية، ووافق على تعيين السفير هاني شميطلي أمينا عاما لوزارة الخارجية والمغتربين، والسفير غدي خوري مديرا للشؤون السياسية في وزارة الخارجية، والسفير كنج الحجل مديرا للشؤون الإدارية والمالية في وزارة الخارجية أيضا.
وأعلن وزير الإعلام ملحم رياشي بعد الجلسة، أنه «وعملا بالأعراف فإنه سيصار إلى الإعلان تباعا ببيانات تصدر عن وزارة الخارجية والمغتربين بعد موافقة الدول على أسماء السفراء المرشحين»، مشيرا إلى تسجيل وزراء «القوات اللبنانية» اعتراضهم لعدم كفاية الوقت للاطلاع على التعيينات المقترحة ودرسها، وهو الاعتراض الذي كان قد أبداه أكثر من وزير قبل بدء الجلسة، حتى أن وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية عناية عز الدين ووزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصو، قالا إنهما قرآ الأسماء في الصحف. وقال مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط» «كل فريق سياسي كان على علم بأسماء المرشحين التي قدّمها فقط والأسماء الأخرى علمنا بها خلال الجلسة»، لافتا إلى أن كل الأفرقاء كانت راضية على حصّتها بينما كانت حصة الأسد لوزير الخارجية جبران باسيل بشكل خاص، عدا عن حصة «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه وتلك المحسوبة على رئيس الجمهورية، وهي سفارات فرنسا والولايات المتحدة الأميركية وروما، حيث عيّن في الأولى مدير مكتبه الخاص رامي عدوان والناشط في التيار الوطني الحر والمقيم في أميركا وميرا ضاهر في روما، وأضافت المصادر «لا ننفي أنه يحق لرئيس الجمهورية تعيين وزراء من خارج الملاك لكن الفعل هذه المرة لم يكن للرئيس ميشال عون إنما لوزير الخارجية إضافة إلى تلك التي طرحها رئيس الحكومة».
وفي تعليق منه، على التعيينات الدبلوماسية، قال الوزير السابق المحسوب على «تيار المردة» يوسف سعادة، «حين تطّلع على التشكيلات الدبلوماسية تظهر المحاصصة بشكل نافر ومعها توزيع المراكز الحساسة على الموالين».
وتوزّعت أبرز العواصم من أصل 74 سفارة على الأحزاب الرئيسية، بحيث كانت حصة «المستقبل» الأكبر في الدول العربية وخاصة في الخليج إضافة إلى البعثة اللبنانية لدى الأمم المتحدة وفي «اليونيسكو». بينما حصلت «القوات اللبنانية» على مطلبها بتسمية سفراء محسوبين عليها في جنيف وإسبانيا وعمان والبحرين، وحركة أمل في كل من لندن وطهران وبغداد وبروكسل والكويت، بينما كانت الأردن من حصة رئيس الجمهورية التي رشّح لتولي بعثتها ترايسي شمعون، حفيدة الرئيس السابق كميل شمعون وابنة رئيس حزب الوطنيين الأحرار الراحل داني شمعون، وبقيت سفارة روسيا من حصة الحزب الاشتراكي.
وفي الأرقام، بحسب ما أوضحت مصادر مطلعة، عيّن من خارج الملاك ثمانية سفراء موزعين بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، بينما أعيد تسمية 6 سفراء أيضا كانوا قد عينوا قبل ذلك من خارج السلك، وعيّن 18 مستشارا برتبة سفير، كما بلغ عدد السفراء الذين بقوا في مهامهم خارج لبنان 35 سفيرا على أن يعود إلى لبنان 12 سفيرا لتحدّد وزارة الخارجية مهامهم لاحقا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم