وكلاء اللاعبين مهنة ابتدعها «فيفا» وتهدد اللعبة

أصبحوا أثرياء ونفوذهم امتد للسيطرة على مستقبل الأندية واللاعبين

TT

وكلاء اللاعبين مهنة ابتدعها «فيفا» وتهدد اللعبة

يخطئ من يظن أن نجوم الكرة يملكون الحرية في اختيار الفرق التي تحقق أحلامهم وطموحاتهم، ومخطئ من يظن أن بإمكان الأندية في هذا العصر السيطرة على لاعبيها، لأن هناك وسيط الظل الذي يتحكم في زمام الأمور وبات الخطر الأكبر على لعبة كرة القدم.
في عام 1991 ابتدع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) مهنة «وكلاء اللاعبين»، للقيام بدور همزة الوصل بين اللاعب والنادي، وليكون الممثل التفاوضي لتوثيق العقود، لكن ما لبث أن تحول هؤلاء الوكلاء إلى عنصر القوة، وبات دورهم مؤثرا في تحويل مسار بطولات وفرق ونجوم، كما تضخمت مداخيلهم بفضل الشروط والنسب التي يحصلون عليها من عقود اللاعبين بشكل يثير قلق كل متابعي اللعبة. ومع تدفق الأموال على كرة القدم خصوصا الأوروبية زاد تأثير دور وكيل اللاعبين، ليصبح صاحب اليد الطولى ليس في تسيير صفقات النجوم فقط بل المدربين أيضا.
كشف آخر تقرير للمركز الدولي للدراسات الرياضية (CIES)، أن نسبة أرباح وكلاء لاعبي كرة القدم في أوروبا السنوية تقترب من 700 مليون يورو، وهي إشارة إلى تعاظم النسب التي يحصلون عليها والدور المؤثر الذي يقومون به في حركة التنقلات.
رغم أن هناك المئات من الذين يحملون رخصة «فيفا» للعمل وكلاء للاعبين، فإنه يمكن القول إن بوابة المرور إلى أندية أوروبا خصوصا الكبيرة والغنية منها، يتحكم فيها 5 فقط من هؤلاء الوكلاء أبرزهم الهولندي ذو الأصول الإيطالية مينو رايولا الذي تحول على مدى الأعوام من نادل في مطعم بيتزا عائلي، إلى مهندس صفقات كبار نجوم اللعبة ومدربيها في السنوات الأخيرة. ثم يأتي البرتغالي خورخي مينديز مؤسس شركة «جستيفوت» التي لها أفرع في كل أوروبا والبرازيل والأرجنتين وكولومبيا، وهو مثل أخطبوط آخر في عالم كرة القدم. والبريطاني بول سترتفورد، خبير التعاقدات المثير للجدل الذي ثارت حوله شبهات كثيرة لمخالفات مالية وقانونية، ومواطنه جوناثان بارنيت وكيل أبرز اللاعبين الإنجليز، ويليهم الإسباني جوزيف مانيويلا وكيل أعمال النجم الأرجنتيني الشهير ليونيل ميسي.
وفي ظل سباق بطولات الدوري الأوروبية على الفوز بأكثر نسب مشاهدة وحصد صفقات كبرى من بيع بث المباريات حول العالم، دخل وكلاء اللاعبين اللعبة من الباب الواسع لعرض منتجاتهم من المواهب الجذابة من خلال مزايدات مشروعة وغير مشروعة.
ولإدراك وكيل اللاعبين قيمة اللاعبين الموهوبين بدأ أصحاب النفوذ منهم في نشر عملاء لهم في أفريقيا وأميركا اللاتينية، وبمجرد بزوغ اسم ناشئ صاعد يتم ربطه بعقد طويل الأمد يمنح لهم حرية تسويقه حتى ولو كان ذلك ضد رغباته. وإذا كانت دول أوروبا لديها بعض الرقابة على عقد الصفقات إلا أنها لا تملك السيطرة على تحركات وكلاء اللاعبين المحصنين من «فيفا» برخصة حماية. وفي أميركا اللاتينية تم ابتداع شركات تشتري حقوق تسويق اللاعبين وتتحكم في مصائرهم حتى الاعتزال.
وإذا كان الحديث عن مخالفات في عقد انضمام النجم البرازيلي نيمار إلى برشلونة فلم يتوقف على مدار السنوات الثلاث الماضية والكشف عن ملايين الدولارات التائهة بين حسابات وهمية، إلا أن ذلك يمثل نقطة في بحر من عمليات فساد كبيرة باتت تلف عملية تسويق اللاعبين خصوصا النجوم منهم.
لقد أثارت قضية حصول وكيل الأعمال رايولا على 40 مليون يورو من عملية إعادة الفرنسي بول بوغبا إلى ناديه الأول مانشستر يونايتد من يوفنتوس الإيطالي مقابل 105 ملايين يورو، جدلا كبيرا، وفتحت عيون القضاء على خطورة الدور الخفي للوسطاء في مجال كرة القدم.
ويتهم رايولا بأنه عمل دور الوسيط المزدوج مع الناديين ما جعل الاتحاد الدولي لكرة القدم يفتح تحقيقا في مخالفات بالصفقة، وحصوله على مبالغ من الجانبين بشكل غير قانوني.
وقبل نهاية العام الماضي ورد اسم رايولا في تسريبات «فوتبول ليكس» التي أفادت بأنه أسس شركة «أوفشور» ليتمكن بوغبا من تهريب الأموال التي يحصل عليها من حقوق بيع صوره.
لكن رغم ذلك ما زال رايولا هو وكيل الأعمال النافذ لكبرى أندية أوروبا وهو مهندس انتقال انضمام الدولي البلجيكي روميلو لوكاكو إلى مانشستر يونايتد من إيفرتون، مقابل 75 مليون إسترليني قبل أيام. كما أنه وكيل أعمال السويدي زلاتان إبراهيموفيتش والأرميني هنريك مخيتاريان، والإيطاليين ماريو بالوتيللي وماركو فيراتي، والفرنسي بليز ماتويدي، إضافة إلى بوغبا وأخيرا لوكاكو.
ولا يتوقف دور رايولا البالغ من العمر 49 عاما على إدارة أعمال اللاعبين، بل هو أيضا وكيل لعدد كبير من أبرز مدربي العالم.
وعلى ما يبدو أن رايولا ليس وحده الذي أصبح تحت المجهر بسبب تضخم ثرواته من صفقات اللاعبين، فقد تم إخضاع شركة وكيل الأعمال النافذ منديز «جستيفوت» قبل أيام للتدقيق من قبل مصلحة الضرائب البرتغالية، وذلك بعد أسبوعين من مثول مالكها أمام محكمة إسبانية، لاتهامه في قضية للتهرب الضريبي.
وإذا كان رايولا تحول من نادل لمطعم بيتزا إلى عملاق وكلاء اللاعبين، فإن منديز دخل عالم كرة القدم بعدما عمل مديرا لأحد النوادي الليلية في لشبونة.
واستغل مينديز علاقاته الممتدة في أكثر من دولة أوروبية وإجادته للغات الإيطالية والإسبانية والإنجليزية والفرنسية لمد جسوره للقارة الأميركية الجنوبية. وتشير الإحصاءات إلى أن حصيلة ما جمعه مينديز من عمله كوكيل تجاوز المليار يورو، وأرباحه السنوية لا تقل عن 40 مليون يورو.
ويملك مينديز في قائمة وكلائه مجموعة من أشهر نجوم كرة القدم، مثل المدرب جوزيه مورينيو، والمهاجم كريستيانو رونالدو، والكولومبي رادميل فالكاو ومواطنه خاميس رورديغيز، والجناح الأرجنتيني دي ماريا، والحارس الدولي الإسباني دي خيا، والإسباني (البرازيلي) دييغو كوستا.
ولا يحيط الجدل والشبهات برايولا ومنديز فقط، فالبريطاني سترتفورد، 59 عاما، تعرض لكثير من الملاحقات القضائية بسبب مخالفته قوانين الرعاية واتهامه بالاحتكار، وكان محورا لبرنامج محطة «بي بي بي» الشهير «بانوراما» الذي كشف كيف يتلاعب الوكلاء بالأندية لرفع أسعار اللاعبين.
ويعد سترتفورد أحد أقدم وكلاء اللاعبين، وأهم صفقاته تمثلت في انتقال واين روني من إيفرتون إلى مانشستر يونايتد قبل 13 عاما، لكن نشاطه الآن أصبح مرتبطا بالبرتغالي مينديز والصفقات المتبادلة بين الفرق البرتغالية والإنجليزية.
ولا يقلّ البريطاني بارنيت إثارة للجدل عن مواطنه سترتفورد، فبعد أن كان مديرا لأعمال الملاكم الشهير لينوكس لويس تحول إلى عالم كرة القدم، وكان هو مهندس صفقة انتقال الويلزي غاريث بيل من توتنهام إلى ريال مدريد مقابل نحو 100 مليون يورو. وتنحصر تحركات بارنيت في السوق البريطانية مع فتح قنوات مع رايولا ومنديز لتسويق ما يعرض عليه من لاعبين.
أما الإسباني مانيويلا، 76 عاما، الذي ذاع صيته مع بزوغ نجومية ميسي، لأنه كان هو مكتشف المهاجم الأرجنتيني ووراء انضمامه إلى برشلونة، فقد تراجع صوته في عالم وكلاء اللاعبين منذ بداية الألفية الثالثة رغم أنه هو الذي جلب كل من ريفالدو وروماريو ومارادونا وستويشكوف إلى برشلونة.
وإذا كانت مداخيل وكلاء اللاعبين قد وصلت إلى حاجز الـ700 مليون يورو في أوروبا فقط سنويا، وإذا كان هذا هو حجم تأثير 5 فقط من أصحاب النفوذ في سوق الانتقالات، فالسؤال الذي يطرح نفسه: ما قدرة «فيفا» الآن على مواجهة مهنة ابتدعها لأجل إثراء بعض الناس دون النظر إلى الدور السلبي الذي باتت تساق فيه اللعبة إلى مستقبل مجهول؟



بعد مئويته الأولى... هالاند يتطلع إلى المزيد في مسيرته الحالمة مع مانشستر سيتي

هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
TT

بعد مئويته الأولى... هالاند يتطلع إلى المزيد في مسيرته الحالمة مع مانشستر سيتي

هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)

وصل النجم النرويجي الدولي إيرلينغ هالاند إلى 100 مباراة في مسيرته مع فريق مانشستر سيتي، حيث احتفل بمباراته المئوية خلال فوز الفريق السماوي 2 - صفر على مضيفه تشيلسي، الأحد، في المرحلة الافتتاحية لبطولة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

وكان المهاجم النرويجي بمثابة اكتشاف مذهل منذ وصوله إلى ملعب «الاتحاد» قادماً من بوروسيا دورتموند الألماني في صيف عام 2022، حيث حصل على الحذاء الذهبي للدوري الإنجليزي الممتاز كأفضل هداف بالبطولة العريقة في موسميه حتى الآن. واحتفل هالاند بمباراته الـ100 مع كتيبة المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا على أفضل وجه، عقب تسجيله أول أهداف مانشستر سيتي في الموسم الجديد بالدوري الإنجليزي في شباك تشيلسي على ملعب «ستامفورد بريدج»، ليصل إلى 91 هدفاً مع فريقه حتى الآن بمختلف المسابقات. هذا يعني أنه في بداية موسمه الثالث مع سيتي، سجل 21 لاعباً فقط أهدافاً للنادي أكثر من اللاعب البالغ من العمر 24 عاماً، حسبما أفاد الموقع الإلكتروني الرسمي لمانشستر سيتي.

وعلى طول الطريق، حطم هالاند كثيراً من الأرقام القياسية للنادي والدوري الإنجليزي الممتاز، حيث وضع نفسه أحد أعظم الهدافين الذين شهدتهم هذه البطولة العريقة على الإطلاق. ونتيجة لذلك، توج هالاند بكثير من الألقاب خلال مشواره القصير مع سيتي، حيث حصل على جائزة لاعب الموسم في الدوري الإنجليزي الممتاز، ولاعب العام من رابطة كتاب كرة القدم، ولاعب العام من رابطة اللاعبين المحترفين، ووصيف الكرة الذهبية، وأفضل لاعب في جوائز «غلوب سوكر».

كان هالاند بمثابة اكتشاف مذهل منذ وصوله إلى مانشستر (أ.ف.ب)

وخلال موسمه الأول مع سيتي، أحرز هالاند 52 هدفاً في 53 مباراة في عام 2022 - 2023، وهو أكبر عدد من الأهداف سجله لاعب بالدوري الإنجليزي الممتاز خلال موسم واحد بجميع البطولات. ومع إحرازه 36 هدفاً، حطم هالاند الرقم القياسي المشترك للأسطورتين آلان شيرر وآندي كول، البالغ 34 هدفاً لكل منهما كأكبر عدد من الأهداف المسجلة في موسم واحد بالدوري الإنجليزي الممتاز. وفي طريقه لتحقيق هذا العدد من الأهداف في البطولة، سجل النجم النرويجي الشاب 6 ثلاثيات - مثل كل اللاعبين الآخرين في الدوري الإنجليزي الممتاز مجتمعين آنذاك. وخلال موسمه الأول مع الفريق، كان هالاند أيضاً أول لاعب في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز يسجل «هاتريك» في 3 مباريات متتالية على ملعبه، وأول لاعب في تاريخ المسابقة أيضاً يسجل في كل من مبارياته الأربع الأولى خارج قواعده. وكان تسجيله 22 هدفاً على أرضه رقماً قياسياً لأكبر عدد من الأهداف المسجلة في ملعب «الاتحاد» خلال موسم واحد، كما أن أهدافه الـ12 ب دوري أبطال أوروبا هي أكبر عدد يحرزه لاعب في سيتي خلال موسم واحد من المسابقة.

أما في موسمه الثاني بالملاعب البريطانية (2023 - 2024)، فرغم غيابه نحو شهرين من الموسم بسبب الإصابة، فإن هالاند سجل 38 هدفاً في 45 مباراة، بمعدل هدف واحد كل 98.55 دقيقة بكل المنافسات، وفقاً لموقع مانشستر سيتي الإلكتروني الرسمي. واحتفظ هالاند بلقب هداف الدوري الإنجليزي للموسم الثاني على التوالي، عقب إحرازه 27 هدفاً في 31 مباراة... وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما سجل هدفاً في تعادل مانشستر سيتي 1 - 1 مع ليفربول، حطم هالاند رقماً قياسياً آخر في الدوري الإنجليزي الممتاز، بعدما أصبح أسرع لاعب في تاريخ المسابقة يسجل 50 هدفاً، بعد خوضه 48 مباراة فقط بالبطولة.

وتفوق هالاند على النجم المعتزل آندي كول، صاحب الرقم القياسي السابق، الذي احتاج لخوض 65 لقاء لتسجيل هذا العدد من الأهداف في البطولة. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، وخلال فوز سيتي على لايبزيغ، أصبح اللاعب البالغ من العمر 23 عاماً في ذلك الوقت أسرع وأصغر لاعب على الإطلاق يسجل 40 هدفاً في دوري أبطال أوروبا، حيث انتقل إلى قائمة أفضل 20 هدافاً على الإطلاق بالمسابقة.

كما سجل هالاند 5 أهداف في مباراة واحدة للمرة الثانية في مسيرته مع سيتي في موسم 2023 - 2024، وذلك خلال الفوز على لوتون تاون في كأس الاتحاد الإنجليزي. ومع انطلاق الموسم الجديد الآن، من يدري ما المستويات التي يمكن أن يصل إليها هالاند خلال الأشهر الـ12 المقبلة؟