القتال يتراجع في الرقة... والطيران الروسي يرتكب مجزرتين بريفها

عشرات القتلى من قوات النظام في المعارك مع «داعش»

ميسر غفورد (30 سنة) الموظف المالي السابق في لندن يقاتل مع ميليشيا «الآشوريين» المدعومة أميركياً في المعارك ضد «داعش» في الرقة (أ.ب)
ميسر غفورد (30 سنة) الموظف المالي السابق في لندن يقاتل مع ميليشيا «الآشوريين» المدعومة أميركياً في المعارك ضد «داعش» في الرقة (أ.ب)
TT

القتال يتراجع في الرقة... والطيران الروسي يرتكب مجزرتين بريفها

ميسر غفورد (30 سنة) الموظف المالي السابق في لندن يقاتل مع ميليشيا «الآشوريين» المدعومة أميركياً في المعارك ضد «داعش» في الرقة (أ.ب)
ميسر غفورد (30 سنة) الموظف المالي السابق في لندن يقاتل مع ميليشيا «الآشوريين» المدعومة أميركياً في المعارك ضد «داعش» في الرقة (أ.ب)

تراجعت نسبياً وتيرة المعارك بين تنظيم داعش و«قوات سوريا الديمقراطية» على محاور القتال في أحياء مدينة الرقة، باستثناء المواجهات التي دارت بينهما أمس في أطراف حي هشام بن عبد الملك.
تراجع الاشتباكات على الأرض، عوضت عنه الغارات الجوية لطائرات التحالف الدولي، التي نفّذت ضربات مكثفة على مواقع التنظيم، فضلاً عن القصف المدفعي المتبادل بين طرفي القتال، في وقت انفجرت فيه عبوات ناسفة وألغام أرضية زرعها التنظيم بالقرب من حي الطيار وسط المدينة، أدت إلى مقتل شخصين، كما داهمت عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» مخيم عين عيسى، واعتقلت 15 شاباً بتهمة انتمائهم للتنظيم المتطرّف.
ولم يسلم ريف الرقة الشرقي من الغارات الجوية، حيث قصفت طائرات التحالف الضفاف الجنوبية لنهر الفرات، خصوصاً بلدة معدان التي سقط فيها عشرات الإصابات. وأفادت مصادر ميدانية بأن «اشتباكات اندلعت بين (قوات سوريا الديمقراطية) وتنظيم داعش، شرق قرية العكيرشي التي سيطرت عليها (قسد) قبل أيام».
وأعلنت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة، أن مجزرتين وقعتا أمس في بلدتي زور شمر ومعدان بالريف الشرقي، جراء غارات جوية نفذتها الطائرات الحربية الروسية واستهدفت منازل المدنيين في البلدتين. ونقلت الشبكة عن ناشطين قولهم إن «الطيران الروسي شنّ ظهر أمس غارات جوية استهدفت بلدة معدان أدت إلى سقوط 12 شهيدا؛ بينهم أطفال، إضافة إلى سقوط عدد من الجرحى في صفوف المدنيين»، مؤكدين أن الطائرات الروسية شنت غارة أخرى على بلدة زور شمر، ما أدى إلى سقوط 10 شهداء؛ بينهم أطفال ونساء.
الغارات الجوية المكثّفة طالت محافظة دير الزور، وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «طائرات حربية روسية استهدفت بلدة عياش الواقعة في الريف الغربي لدير الزور، ما أدى إلى وقوع مجزرة راح ضحيتها 15 شهيداً من عائلتين». وقال إن «10 من عائلة واحدة قتلوا في الغارة، وهم رجل وزوجتاه و7 من أطفاله دون سن الثامنة عشرة؛ بينهم 4 إناث، أما باقي القتلى فهم أفراد عائلة نازحة من محافظة حلب، مكونة من رجل وزوجته وأطفالهما الثلاثة»، مرجحا أن يرتفع عدد القتلى لأن بعض الجرحى يعانون من إصابات خطرة، ولوجود عدد من المفقودين.
وتأتي هذه المجزرة بعد أيام من تصعيد الضربات الجوية على أحياء بمدينة دير الزور ومناطق أخرى في ريفها الغربي، متسببة كل مرة في وقوع خسائر بشرية ومادية في ممتلكات مواطنين ودمار في أخرى. وأعلن المرصد أن «طائرات حربية لم تحدد هويتها، قصفت مناطق الحويقة والعمال والعرضي والموظفين، بمدينة دير الزور، بالتزامن مع استهدافها محيط (اللواء 137) ومحيط دوار البانوراما، في غرب وجنوب مدينة دير الزور». في وقت قال فيه ناشطون إن قوات النظام «قصفت حيي العمال والرصافة بمدينة دير الزور، من دون أن يؤدي ذلك إلى وقوع إصابات».
وتشهد مدينة دير الزور منذ أيام تصعيداً من قبل قوات النظام. وأفادت مصادر ميدانية بأن «تنظيم داعش نفذ عملية إعدام في مدينة البوكمال التي يسيطر عليها في الريف الشرقي لمدينة دير الزور». وقالت إن التنظيم «أعدم 3 أشخاص قرب ساحة الفيحاء بمدينة البوكمال، قال إنهم من عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها، وإنه أسرهم في منطقة حميمة الواقعة قرب الحدود الإدارية لمحافظة حمص مع دير الزور». وأشارت إلى أن «عملية الإعدام جرت ذبحاً بالسكين، وسط تجمهر عشرات الأطفال».
وتستمر الاشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، في منطقة البادية السورية، وترافقت مع قصف الطائرات الحربية السورية والروسية على مناطق الاشتباك، حيث سجّل تقدّم جديد للنظام وحلفائه في المنطقة الواقعة على الحدود الإدارية للرقة. وقال المرصد السوري إن الاشتباكات تركزت على محاور باديتي تدمر والسخنة، وفي محيط منطقة حقل الهيل النفطي وعلى طريق تدمر - السخنة، قرب الحدود الإدارية لريف حمص الشمالي الشرقي مع الرقة».
إلى ذلك، قال «المرصد» إن «البادية السورية تشهد معارك مستمرة بعنف بين قوات النظام المدعومة بالمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية من جانب، وتنظيم داعش من جانب آخر، وتركزت خلال الساعات الـ48 الفائتة في باديتي السخنة وتدمر وفي ريف حماة الشرقي وقرب الحدود الإدارية بين دير الزور وحمص». وأضاف: «ترافقت الاشتباكات مع قصف عنيف ومتبادل بين طرفي القتال، وقصف من الطائرات الحربية، وكان الأعنف على محاور في ريف مدينة سلمية، ومحاور أخرى قرب الحدود السورية - العراقية».
وأشار إلى أن المعارك والتفجيرات والقصف المتبادل والاشتباكات «أسفرت عن وقوع مزيد من الخسائر البشرية في صفوف الطرفين، وارتفعت إلى 40 على الأقل بينهم 3 ضباط ، اثنان منهم برتبة عميد، وعدد من عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية قضوا خلال الـ48 ساعة الفائتة».
وتابع أن «داعش» و«بالتزامن مع إعدامه 3 من عناصر قوات النظام عند ساحة الفيحاء بمدينة البوكمال في ريف دير الزور، عبر ذبحهم بالسكاكين ومن ثم صلبهم، عمد إلى نشر جثث 5 من عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها من الجنسية السورية، وقام بصلبهم، عند جسر قرية الصالحية وجسر قرية العباس وجسر سكة القطار بقرية حسرات ودوار قرية السكرية ومدخل بلدة الجلاء في الريف الشرقي لدير الزور، وجرى نشر جثة واحدة في كل منطقة، فيما صلب الذين أعدموا في البوكمال».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.