«أصيلة» تشخص نظرة الغرب إلى المسلمين المهاجرين عبر التاريخ

من خلال شهادات مفكرين عرب وأجانب حول أوضاعهم في عدد من الدول الأوروبية

جانب من الندوة الختامية «المسلمون في الغرب: الواقع والمأمول» («الشرق الأوسط»)
جانب من الندوة الختامية «المسلمون في الغرب: الواقع والمأمول» («الشرق الأوسط»)
TT

«أصيلة» تشخص نظرة الغرب إلى المسلمين المهاجرين عبر التاريخ

جانب من الندوة الختامية «المسلمون في الغرب: الواقع والمأمول» («الشرق الأوسط»)
جانب من الندوة الختامية «المسلمون في الغرب: الواقع والمأمول» («الشرق الأوسط»)

شخّص نخبة من المفكرين والأكاديميين المغاربة والعرب والأجانب تاريخ وحاضر المسلمين، والتغييرات التي طرأت في النظرة لهم عبر العقود من طرف دول الغرب، وذلك خلال الجزء الثاني من ندوة «المسلمون في الغرب: الواقع والمأمول» المبرمجة ضمن ندوات موسم أصيلة الثقافي الـ39.
وتحدث أحمد المديني، الروائي والكاتب المغربي، عن وضع المسلمين في فرنسا بداية من الثمانينات من خلال تجربته الشخصية هناك، وأوضح المديني أن الإسلام لم يقدر له الاندماج في فرنسا، ولم تتماسك صورة التعايش بين المسلمين وبلدان الاستضافة، بفعل أسباب اقتصادية وأخرى ثقافية، هي عبارة عن نشوء رغبة متنامية لديهم بالتميز «هوياتية»، فكانت العقيدة حاضرة فيها باستمرار، فتعمقت ليصبح الدين عبادة وطقوسا، هوية وعنوانا، أكثر منه قناعة.
وبرأي المديني، فإن فكرة الإدماج في فرنسا فشلت في عقيدة جمهورية ترفض فكرة التجمعات المغلقة، حيث تستقل كل جالية بثقافتها ونمط عيش مخالف للجمعي، وهي مسؤولية إشكالية مشتركة صنعت شقوقا تسربت منها نعرة العنصرية، وآيديولوجية أكثر من إسلام، انزرعت في أوروبا وهي تبذر وتحرث عقائدها الأجنبية.
من جهته، قال أحمد عبد الملك، وهو أكاديمي وإعلامي قطري، إن هناك نوعين من المهاجرين المسلمين في الغرب: الأول هم المهاجرون الأوائل الذين ذابوا في المجتمع وآمنوا بنعمة التسامح وعدم رفض الآخر، مشيرا إلى أن هؤلاء كانوا من أنجح المهاجرين المسلمين، وتسلموا مناصب كبيرة وخدموا المواطنين في مجتمعاتهم. أما النوع الثاني فهو الذي هاجر محتفظا بأفكاره وثقافته الأصلية، وهو يحمل رسالة مضمونها تحويل من في الأرض إلى الدين الإسلامي، وهذا النوع لم يستطع الاندماج في المجتمع الذي ذهب إليه، وظل يمارس طقوسا لا يقبلها المجتمع.
واستغرب عبد الملك وجود جماعة من المسلمين الشبان في بريطانيا يحملون لافتات ويدعون إلى مظاهرات ضد بريطانيا، في الوقت الذي لا يستطيعون فيه رفع رؤوسهم في أوطانهم أمام الحكم الظالم، وهم في الأغلب من غير المتعلمين الذين هاجروا عن طريق قوارب الموت، ولا يحملون شهادات عليا، وتورطوا في تجارة المخدرات والسرقة، مضيفا أنه بعد ذلك أتت أحدات 11 سبتمبر (أيلول)، التي كانت العمود الجديد الذي أدى إلى النظرة الحادة ضد المسلمين وضد العرب. أما أوميرو مارونجيو، المختص بعلم الاجتماع وبالإسلام في فرنسا، فيرى أن أوروبا تحتاج إلى الهجرة وإلى المهاجرين؛ لأنها تفقد مليون شخص كل سنة، ولأجل ذلك فتحت ألمانيا أبوابها للهجرة الاقتصادية والهجرة السياسية، علما بأن كثيرا من اللاجئين السوريين ينتمون إلى الطبقة المتوسطة والطبقة المتوسطة العليا، والذين ينسجمون مع المجتمع الأوروبي ويشكلون إضافة إليه.
من جهته يرى خالد حجي، الأمين العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة ورئيس منتدى بروكسل للحكمة والسلم العالمي، أن على المسلمين أن يستوعبوا روح العصر ومقاييسه الجديدة، مبرزا أن الشباب في أوروبا يعيش الدين كثقل وليس كرافعة، وجاهزيته الثقافية منخفضة جدا، بحيث لم ينفذ إلى روح الفنون وروح العصر في أوروبا، وأنه من المهم جدا التحدث بلغة العصر، وارتفاع المستوى البلاغي في التخاطب في بيئة أوروبية مختلفة.
في السياق نفسه، ركز عز الدين عناية، أستاذ العلوم الإسلامية بجامعة روما، على وضع المسلمين في إيطاليا الذين يشكلون نحو مليونين، لكن مع ذلك تبقى الهجرة في إيطاليا، برأيه، حديثة لا يتجاوز عمرها 4 عقود، موضحا أن أوائل المهاجرين المسلمين إلى إيطاليا كانوا من المغرب، ويشكلون تقريبا نصف مليون شخص، لذلك غلبت تسمية العرب هناك بـ«المغربي» لكنها في الدلالة العامة تعني المسلم، مشيرا إلى أن الإسلام في إيطاليا له صبغة عمالية أصيلة، فرغم أن هناك جمعيات كثيرة أنشأت في العمل الديني بالخصوص، وفي المطالبة الحقوقية بشكل عام، فإن هذه الجمعيات تحاول أن تحضر في المجتمع الإيطالي من خلال تأسيس المساجد، حيث تبدو الجالية ذات إسلام بسيط، لكن داخل هذه الشبكة هناك ما يعرف باتحاد الجمعيات الإسلامية، وهو الأكثر نشاطا والأكثر هيكلة. لكن هذا الاتحاد يبقى يأتمر بخلفية إخوانية سياسية، في حين تنظر إليه الدولة الإيطالية نظرة ريبة.
من جهة ثانية، أوضح ديفيد بروك مدير مشروع «فكرة» بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بواشنطن، أنه لا يمكن الحديث عن أحوال المسلمين في الغرب دون الإشارة إلى دونالد ترمب وسياسته ضد المسلمين، بدءا من الحملة الانتخابية إلى توليه السلطة من خلال الخطابات والسياسات المليئة بالحقد والأفكار المقولبة عن الإسلام والمسلمين، لكن في رأي بروك فإنه رغم الدعم الذي يحظى به ترمب من صفوف كبار المسؤولين ومن طرف الجمهور، فإن هؤلاء يمثلون ثلث سكان أميركا، بناء على استفتاء عام، أظهر أن هناك شرائح تبدي الحقد ضد الإسلام، لكن سائر الجمهور يدعمه، وأن هناك من يعترض على أي تمييز على اعتبارات دينية وربط الدين بالإرهاب.
من ناحية أخرى، قدم حسونة المصباحي، الروائي والإعلامي التونسي، شهادة عن وضع المسلمين في ألمانيا، التي عاش فيها طويلا، وتطرق إلى ذلك مند بداية الستينات حيث بدأت حركة هجرة المسلمين إلى أوروبا، وواجهوا أشكالا من العنصرية والعنف، لكن المثير وقتها هو مساندة كبار المثقفين الأوروبيين من خلال كتاباتهم ودراساتهم، فكبار مفكري ومثقفي فرنسا وبرلين ساندوا العمال المهاجرين المسلمين، ودافعوا عن هويتهم لدرجة أن بعضهم حضر مظاهرات لمساندة المسلمين وقتها، لكن الوضع بدأ يتغير مع نهاية السبعينات بعد الثورة الإيرانية التي انتزع منها الجانب المدني لتصبح ثورة دينية.
وأضاف المصباحي أنه في فترة الثمانينات تبدل الوضع أيضا عندما قتل أنور السادات وبدأ الإرهاب، وبدأ تقديم الإسلام على أنه هو الحل، وكثرت الموجات الأصولية التي أسفرت مثلا عن عمليات عنف في تونس على أساس أن الإسلام مظلوم في تونس، وأنه لا بد من العنف لإعادة الاعتبار للإسلام، ومنه بدأت صورة الإسلام تتشوه في أوروبا، ومن جهتها، بدأت الدول العربية الغنية تبني مساجد، ولم تفكر دولة عربية واحدة في بناء مركز ثقافي، إذ أصبح هناك خلط بين الدين والهوية، حسب رأيه.
من جهته أوضح إيرك بونس جيوفروي، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة ستراسبورغ الفرنسية، أن «داعش» يستقطب مقاتليه ومسانديه من فكرة المظلومية لدى قطاعات واسعة من المسلمين، ولكن أيضا من اعتقاد البعض بهوان الدنيا واقتراب موعد فنائها وظهور علامات الساعة وعودة المهدي المنتظر، مضيفا أنه من بين الأسباب أيضا الرغبة النرجسية الدفينة في الظهور والبطولة واكتساب الاعتراف.
أما محمد البشاري، رئيس الفيدرالية الوطنية للمسلمين بفرنسا، وأمين عام المؤتمر الإسلامي الأوروبي، ورئيس معهد ابن سينا للعلوم الإنسانية، فقال إن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما طرح في خطاب له بنيويورك سنة 2014 مصطلح التطرف الديني العنيف، قبل أن تتبناه الأمم المتحدة لاحقا في خطاب لأمينها العام السابق بان كي مون سنة 2016، مميزا بين الإرهاب والتطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب. ونقل البشاري عن دراسة علمية أن «داعش» جندت بين سنتي 2014 و2015 نحو 50 ألف مقاتل، من بينهم 12 ألفا من أوروبا و6 آلاف من روسيا، موضحا أن 50 في المائة من هؤلاء المقاتلين من الأقليات من خارج العالم الإسلامي، وأن 85 من مقاتلي تنظيم القاعدة تم استقطابهم من داخل السجون والمساجد، والنسبة نفسها استقطبها تنظيم داعش عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
من جهة ثانية، نبه البشاري بأن أزيد من 20 في المائة من الفتيان الذين تقل أعمارهم عن 20 سنة يبحثون عن المعلومة الدينية في مواقع التواصل الرقمي، مشيرا إلى أن هناك ما لا يقل عن 35 موقعا يجيش صغار السن ويحببهم في القتال إلى جانب «داعش» لـ«إعادة دولة الخلافة الإسلامية».
وتضيف الدراسة، حسب البشاري، أنه تبين أن 450 من العائدين من «داعش» إلى فرنسا وبلجيكا ليست لديهم خلفية مذهبية واضحة، وأن 65 في المائة من المستقطبين لم يطلعوا إلا على أبجديات الدين الإسلامي، وبعضهم من أسر غنية ومثقفة قبل أن يتشربوا «بعقيدة الموت، والولاء المتعدد لغير الدولة الوطنية، وتكفير الدولة والمجتمع، وحلم الخلافة، ووهم إقامة العدالة الإلهية فوق الأرض، والالتحاق الفوري بنعيم الجنان».
من جهته، أبرز محمد بن صالح، مدير معهد غرناطة للبحوث والدراسات العليا بجامعة غرناطة، أنه بعد أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، التي كان مرتكبوها من خريجي الجامعات الميسورين، ارتفع في الولايات المتحدة صوت «إما معنا أو ضدنا»، قبل أن يخفت قليلا ويروج صوت غياب الديمقراطية في بلدان في العالم، لتسعى واشنطن بعدها إلى تصدير الديمقراطية ولو بفرضها بالقوة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.