فشل عملية شمال حلب تمهيداً لـ«سيف الفرات»... وموسكو تتوسط

تحرك حذر لـ«سوريا الديمقراطية» في الرقة

مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية» في الرقة. (موقع قوات سوريا الديمقراطية)
 يشير الى موقع قناص من «داعش» في الرقة أول من أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية» في الرقة. (موقع قوات سوريا الديمقراطية) يشير الى موقع قناص من «داعش» في الرقة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

فشل عملية شمال حلب تمهيداً لـ«سيف الفرات»... وموسكو تتوسط

مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية» في الرقة. (موقع قوات سوريا الديمقراطية)
 يشير الى موقع قناص من «داعش» في الرقة أول من أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية» في الرقة. (موقع قوات سوريا الديمقراطية) يشير الى موقع قناص من «داعش» في الرقة أول من أمس (أ.ف.ب)

تحولت المواجهات العنيفة التي شهدها ريف حلب الشمالي مطلع الأسبوع بين «قوات سوريا الديمقراطية» وفصائل المعارضة المدعومة تركياً، إلى مناوشات يوم أمس الثلاثاء، بعد تدخل موسكو لـ«خفض التوتر» بين الطرفين، في وقت واصلت «سوريا الديمقراطية» تقدمها داخل مدينة الرقة معقل تنظيم داعش في الشمال السوري.
واعتبر مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، أن العملية التي شنتها فصائل المعارضة المقربة من أنقرة بالاشتراك مع قوات تركية في ريف حلب الشمالي الاثنين: «فشلت بالتمهيد لمعركة سيف الفرات»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى مقتل 15 من عناصر المعارضة في اليوم الأول من الاشتباك. وتحدث عبد الرحمن عن «معلومات حول مقتل 5 من القوات التركية خلال المعركة، يُرجح أن تكون جثثهم مع القوات الكردية، وقد تدخلت موسكو لاسترجاع الجثث وخفض التوتر».
وفي حين نفى عبد الغني شوبك، الناطق باسم غرفة عمليات «أهل الديار» مجددا مشاركة قوات تركية بالمعركة في بلدة عين دقنة في ريف حلب الشمالي، أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العمل مستمر ولن يتوقف حتى تحرير الأرض وعودتها لأهلها»، مستدركا: «لكن العملية النوعية التي نفذناها قامت بما هو مطلوب منها، وانتهت وعاد مقاتلو المعارضة إلى قواعدهم ونقاط رباطهم». وتحدث شوبك عن «مساع سياسية تُبذل بالوقت الراهن لحقن الدماء واسترداد الأرض وإعادة المهجرين إليها».
بالمقابل، كشف الناطق الرسمي لوحدات حماية الشعب الكردية، نوري محمود، عن وجود «وساطة روسية» تهدف إلى «استعادة جثث جنود أتراك أسرتها (قوات سوريا الديمقراطية) خلال المعركة». وقال محمود لـ«الشرق الأوسط»: «لقد ناشدنا الرأي العام وعوائل جنود الجيش التركي بالتواصل معنا بشكل مباشر لتسليمهم الجثث». وفي وقت لاحق من يوم أمس، أعلن «المرصد» أن «قوات سوريا الديمقراطية» قامت بتسليم جثامين 9 مقاتلين من الفصائل إلى الهلال الأحمر الكردي.
ميدانيا، تراجعت حدة المواجهات بين «قسد» وفصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي، إلا أن استمرار القصف حال دون سحب عدد من الجثث، كما أكد القيادي في الوحدات الكردية بروسك حسكة، مشيرا إلى أنه «تم سحب 9 من الجثث العائدة لمقاتلي الفصائل ولا تزال هناك جثث أخرى تحول عمليات القصف المستمرة دون استرجاعها».
وأعلن «المرصد» أن العمليات القتالية المترافقة مع قصف متبادل، بين «قوات سوريا الديمقراطية» من جهة، ومقاتلي الفصائل المدعومة تركياً من جهة أخرى، تواصلت يوم أمس في محيط منطقة عين دقنة الواقعة إلى الشرق من مطار منغ العسكري، متحدثا عن معلومات عن وجود قتلى وجرحى من الجنسية التركية. وأضاف: «وثقنا إصابة 4 من مقاتلي (قوات سوريا الديمقراطية)، أحدهم بحالة خطرة، ووجود أسرى لدى الطرفين». ونقل «المرصد» عن مصادر وصفها بـ«الموثوقة»، أن «موسكو دخلت بصفتها وسيطا بين القوات التركية والفصائل من جهة و(قوات سوريا الديمقراطية) من جهة أخرى، وذلك بعد تبلغ الروس من قبل الأتراك وجود 5 جرحى من القوات التركية ووجود نحو 10 جرحى آخرين من الفصائل لم يتمكن مقاتلو المعارضة من تأمين انسحابهم أو نقلهم من أرض المعركة لتلقي العلاج». وأضاف: «الروس بدأوا التوسط ويعملون على تهدئة شاملة ومؤقتة، أو وقف القتال في موقع تواجد الجرحى».
وبالتزامن مع تراجع حدة المعارك في ريف حلب الشرقي، تواصلت الاشتباكات العنيفة في مدينة الرقة على محاور في المدينة القديمة وفي حي اليرموك وحي هشام بن عبد الملك بين «قوات سوريا الديمقراطية» المدعمة بالقوات الخاصة الأميركية من جهة، وعناصر تنظيم داعش من جهة أخرى. وقال «المرصد»: إن «قوات سوريا الديمقراطية» تمكنت من السيطرة على المنطقة الممتدة من حي نزلة شحادة إلى ضاحية الجزرة، لافتا إلى مصرع 10 مقاتلين من «قسد» خلال القصف والتفجيرات والاشتباكات مع «داعش».
بدورها، أعلنت وكالة «آرا نيوز»، أن «(قوات سوريا الديمقراطية) تمكنت من دخول حي نزلة شحادة جنوبي المدينة بعد إحكام السيطرة على طريق جسر الجديد الفاصل بينها وبين حي اليرموك المحرر، وسط اندلاع اشتباكات عنيفة، قتل خلالها 5 عناصر من (داعش)». بالمقابل، كشفت وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم المتطرف عن «مقتل 10 عناصر من الـPKK قنصاً يوم الاثنين في سوق الهال وقرب الجامع القديم ودوار البانوراما في مدينة الرقة وإصابة 6 آخرين قرب دواري البرازي والادخار».
وقال عبد السلام أحمد، عضو «حركة المجتمع المدني» الكردية: إن (قوات سوريا الديمقراطية) «تتقدّم بحذر داخل الرقة؛ لأن مقتضيات المعركة تفرض هذا الحذر». وعزا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، التقدم البطيء لـ«اعتبارات كثيرة، أهمها اعتماد (داعش) على مجموعات صغيرة، تشن هجمات معاكسة ومباغتة، واللجوء إلى الانغماسيين والانتحاريين والسيارات المفخخة والألغام»، مؤكداً أن «التكتيك الذي تعتمده (قسد) في الرقة يختلف عن التكتيك الذي اعتمد في منبج، لأن المعركة مختلفة وظروفها كذلك»، لافتاً إلى أن «مقاتلي (اعش) يفخخون كل شيء، ويتخذون من المدنيين درعاً بشرية».
ورد تنظيم داعش على خساراته في الرقة من خلال تنفيذ هجوم انتحاري في محافظة الحسكة. إذ أفاد «المرصد» عن مقتل أربعة أشخاص جراء تفجير انتحاري بسيارة مفخخة استهدف حاجزاً لقوات الأمن الكردية في شمال شرقي سوريا، موضحا أن انتحارياً بسيارة مفخخة استهدف نقطة تفتيش تابعة لقوات الأمن الداخلي الكردي (الآسايش)، تقع على بعد نحو عشرين كيلومترا جنوب مدينة راس العين في محافظة الحسكة. وذكر أن أربعة أشخاص على الأقل، بينهم عنصران من قوات «الآسايش» قتلوا جراء التفجير. وفي حين لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، رجحت مصادر كردية أن يكون «داعش» يقف خلف العملية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.