بداية انهيار «داعش» من بن قردان التونسية

وزير الدفاع: الوضع الأمني في تونس مستقر والحدود مؤمنة لكن خطر الإرهاب ما زال قائماً

TT

بداية انهيار «داعش» من بن قردان التونسية

قال فرحات الحرشاني وزير الدفاع التونسي، إن الوضع الأمني في تونس مستقر. وعزا بداية انهيار تنظيم داعش الإرهابي إلى معركة بن قردان (جنوب شرقي تونس) التي جرت أحداثها يوم 7 مارس (آذار) من السنة الماضية، وتمكنت قوات الجيش والأمن التونسي من القضاء على نحو 55 عنصرا إرهابيا، كانوا ينوون تكوين إمارة «داعشية» في المدينة المحاذية للحدود الليبية.
وبشأن التطورات الأمنية على الحدود التونسية الليبية إثر ورود تقارير أمنية عن إمكانية نقل تنظيم داعش الإرهابي معاركه وأنشطته الإرهابية إلى بلدان المغرب العربي، قال الحرشاني الذي أدى زيارة ميدانية إلى مدينة قبلي (600 كيلومتر جنوب العاصمة التونسية)، إن الوضع الأمني في تونس مستقر والحدود مؤمنة، لكن خطر الإرهاب ما زال قائما، على حد تعبيره بسبب الأوضاع المضطربة في الجارة ليبيا.
وأوضح الحرشاني في تصريح للإعلاميين أن «الوضع في ليبيا ما زال يفتقد إلى الاستقرار، والفرقاء لم يتوصلوا بعد إلى حل سياسي، لكن رغم ذلك فإن الوضع في تونس مستقر والحدود مؤمنة». وأكد الحرشاني في المقابل على أن خطر الإرهاب مستمر، لكنه شدد أيضا على أن لا مستقبل له في تونس.
وقال وزير الدفاع التونسي: «تمكنا من القضاء على الإرهاب في الجبال، وستكون الأشهر المقبلة نهاية المطاف بالنسبة له». وأكد على أن تنظيم داعش الإرهابي انهار في الموصل العراقية، لكن بداية الانهيار الفعلي كانت في بن قردان التونسية، وهذا أمر مهم جدا على الشعب التونسي أن يدركه، على حد قوله.
وشهدت مدينة بن قردان أضخم هجوم إرهابي منذ ثورة 2011، حين خططت مجموعة إرهابية تونسية تدربت معظم قياداتها في ليبيا وأكثر عناصرها من نفس المدينة، لاحتلال المدينة وتحويلها إلى موطئ قدم لتنظيم داعش الإرهابي في تونس. غير أن قوات الجيش التونسي مدعومة بقوات الأمن تمكنت من صد الهجوم الإرهابي وكبدت التنظيم الإرهابي أكبر حصيلة في مواجهاته الدامية مع المؤسستين العسكرية والأمنية التونسيتين.
وخلال المواجهات التي استمرت أياما متتالية، وأعلن خلالها حظر التجول في مدينة بن قردان، قضت قوات الأمن والجيش على نحو 48 عنصرا إرهابيا، وألقت القبض على 7 آخرين. كما أسفرت العمليات عن مقتل 18 شخصا بين مدنيين وأمنيين وعسكريين، وإصابة 13 آخرين (5 عسكريين، و5 أمنيين، و3 مدنيين)، وهو ما اعتبر من بين النجاحات الكبرى التي حققتها تونس في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي، الذي استقطب الآلاف من الشباب التونسي، ولا تزال عدة خلايا إرهابية نائمة في تونس تهدد أمن البلاد واستقرارها.
وخلال نفس الزيارة إلى مدينة قبلي، وضع الحرشاني حجر الأساس لمصحة عسكرية متكاملة في مدينة قبلي، ومن المنتظر أن تستقبل العسكريين والمدنيين معا، وستكون جاهزة للاستعمال بعد سنة من الآن، وهو ما اعتبره عدد من المتابعين للوضع الأمني على الحدود التونسية الليبية، عملية استباقية هدفها تأمين صحة العسكريين عند الحاجة وتفادي تحويل الإصابات المختلفة في حال حدوث مواجهات إلى المستشفى العسكري في العاصمة التونسية.
وكانت وزارة الدفاع التونسية قد أعلنت قبل أيام، عن بعث مصحة عسكرية متكاملة الاختصاصات في منطقة القصرين (وسط غربي تونس) وهي منطقة تشهد بدورها مواجهات مسلحة مع تنظيمات إرهابية اتخذت من الجبال الغربية للبلاد مواقع محصنة لها، وغالبا ما خلفت المواجهات المسلحة إصابات في صفوف عدد كبير من قوات الأمن والجيش، ولا تجد الإغاثة العاجلة طريقا لها.
وفي السياق ذاته، أعلن فرحات الحرشاني عن موعد تحديد مناطق إنتاج الثروات المصنفة ضمن المناطق العسكرية المحظور دخولها، وقال إن قرار تحديد قائمة تلك المناطق سيكون بقرار وزاري خلال الأيام القليلة المقبلة، حتى تكون عملية تدخل قوات الجيش قانونية ومحمية من كل النواحي، على حد تعبيره.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.