هل تبادل رسم الوجه الباسم «سمايلي» بلوحة لبيكاسو؟ بات الآن متحف سان فرانسيسكو للفن الحديث يوفر فرصة المحاولة.
فعلى مدار الأسابيع القليلة الماضية، دعا المتحف الجماهير لإرسال رسائل نصية له تتضمن عبارة «أرسل لي» متبوعة بكلمة مثل «روبوت» أو برسم للوجه الضاحك «إيموجي». بعد ذلك يرد المتحف بصورة لأحد مقتنياته.
يعتبر مشروع «أرسل لى» عملا إبداعيا مسليا يهدف إلى التعريف بثقافة لطالما ظلت حبيسة الجدران وجعل الاطلاع عليها عادة يومية. فبالنسبة لمحبي الفنون، فقد ساهمت هذه الفكرة في الكشف عن بعض الأعمال الفنية المجهولة وغير المتوقعة والتي ظلت لفترة طويلة بعيدة عن الأعين ومختبئة في مخازن مظلمة.
من جانبه، صرح كير وينسميث، رئيس منصة الخدمات الإلكترونية لمتحف سان فرانسيسكو للفن الحديث عبر الإنترنت، بأن المشروع خرج إلى النور على استحياء الشهر الماضي لينتشر بعد ذلك كالفيروس، حيث تلقى المتحف نحو مليوني رسالة نصية منذ الأحد الماضي فقط (خدمة الرسائل مجانية).
وانتشرت الخدمة الجديدة بصورة أكبر مما توقعها المتحف في ظل الكم الهائل للرسائل المتبادلة بين الجمهور والمتحف. وكشف المشروع عن مفاجأة بخصوص مستخدمي الخدمة الجديدة بشأن ميلهم إلى الاطلاع على الأعمال الفنية وإلى درجة ميلهم وتواصلهم الشخصي مع الهيئات الثقافية في بلادهم.
لكن هل من الممكن أن يمثل تبادل الرسائل النصية مع المتحف بداية لحوار ثقافي؟ هذا ما يعتقده متحف سان فرانسيسكو للفن الحديث.
وفي الوقت الذي بلغت فيه «ثقة الناس في مؤسساتهم أدنى مستوياتها»، أفاد وينسميث بأن رسالة «أرسل لى» تقدم نوع آخر من التواصل «فقد أردنا أن نشعرك أنك تتواصل مع صديق»، مضيفا أن أغلب الرسائل التي تلقوها اتسمت بالإيجابية، حيث طالبت بلوحات تعكس الحب ورسومات للزهور والتعبير عن السعادة.
احتل البحث عن اللوحات المعبرة عن الإلهام المرتبة الثانية في الرسائل ثم يأتي الأمل والسلام والمتعة، بيد أن الحزن جاء بين أعلى 20 مطلبا من حيث العدد. وتضمنت غالبية المطالب رسومات الروبوت، والقلب وقوس قزح والزوارق، ويأتي بعد ذلك صور الطعام والحيوانات، واكتشف وينسميث أن المتحف به كمية ضخمة من لوحات الخضراوات.
غير أن الرسائل النصية التي انهمرت في المساء مختلفة تماما، حيث تتصف بالحميمية والبحث عن كلمات مثل «العائلة» و«البيت»، ناهيك عن طلبات بمشاهدة اللوحات العارية، لكن البرنامج مصمم لتجاهل مثل هذه الطلبات في الوقت الحالي.
وشرع المتحف في تنفيذ فكرة «أرسل لي لوحة من متحف سان فرانسيسكو للفن الحديث» بعد إعادة افتتاح المتحف العام الماضي. أضاف وينسميث إنهم سعوا إلى عرض نحو 340.000 لوحة للجمهور من دون حواجز للدخول والمشاهدة ومن دون الحاجة لاستخدام تطبيقات أو حتى لتحميل صور أو رسومات. ويستخدم المشروع نحو 17.000 لوحة جرى تحميلها على موقع المتحف على الإنترنت كقاعدة له.
لكن أحيانا لا يكون رد الفعل الفني للمتحف غير واضح، وأحيانا يكون مضحكا أو ساخرا وذلك بسبب آلية البحث عن الكلمات إلكترونيا. فمثلا أرسل هيثر أوليكاس، فنان من كلورادو سبرنغز، بكلمة مسدس، ليصله بعد قليل لوحة «تربيل إلفيس»، أو ألفيس الثلاثي، للفنان أندي ويرول (يظهر ألفيس بريسلي في الصورة حاملا مسدسه). لكن رسالة «أرسل لي صورة حب» ربما يأتي الرد عليها بلوحة «مجموعة الأحرف» الشهيرة للفنان روبرت إنديانا، أو لوحة الفنان غرترود كسبر لمجموعة أطفال يلعبون، أو لوحة الفنان جورج هرم التي رسمها عام 1961 بعنوان «القفازات البيضاء».
مثلت الاستجابة لمطالب الجمهور التي ترد في الرسائل النصية التحدي بالنسبة لجاي موليكا، مصمم برنامج المتحف. وأفاد وينسميث بأن المتحف قام بتعيين عددا من الموظفين الفصيحين لمطابقة الكلمات الواردة في الرسائل مع اللوحات المطلوبة. لكن الكلمات الواردة في الرسائل لا تجد بالضرورة اللوحات المرتبطة بها، ولذلك عمل وينسميث وفريقه على ملء تلك الثغرات. ويوم الاثنين الماضي حدث أن جاءت رسالة «أرسل لي لوحة عن المساواة بين الجنسين» بلا رد، لكن في اليوم التالي جاء الرد بلوحة للفنانة جودي شيكاغو.
لا يزال أمام الفريق نحو 200 رسالة في انتظار البحث عن أعمال مرتبطة بها، لكن من المؤكد أن بعضها لن يجد لوحات مناسبة، فمثلا وردت رسالة تطلب رسما لرأس مخلوق فضائي وهو ما لم يتوافر في المجموعة المعروضة، وفق وينسميث.
وأفاد زورشي كبلان، المدير التنفيذي لمؤسسة ريزوم الثقافية غير الربحية، بأن هذا المشروع يعد نقلة كبيرة في عالم كبير يهيمن عليه البحث في الإنترنت ومن خلال موقع البحث «غوغل»، ولهذا فالغرض من هذا العرض هو أن جعل مقتنيات المتحف قابلة للعرض والبحث فيها من خلال الإنترنت. وبعض المؤسسات مثل «كوبر هويت» التي تسمح للزوار بالبحث في أرشيفها باللون تحاول إضافة خواص بحث جديدة.
وبحسب أوليكيلوس، فنانة من كلورادو، فقد أرسلت 35 رسالة نصية خلال يومين، وكان السبب هو أن ابنتها ستغادر المنزل إلى حيث كليتها، وجاءتها لوحات بمضمون مشابه، وبعدها أدمنت الأم مراسلة المتحف بتلك الطريقة نظرا لاستمتاعها بكل لوحة تأتيها ردا على مطلبها.
* خدمة «نيويورك تايمز»
رسالة نصية حزينة وأخرى سعيدة... والرد في لوحة فنية
متحف سان فرانسيسكو للفن الحديث يستعين بـ«الإيموجي» لبدء حوار ثقافي
رسالة نصية حزينة وأخرى سعيدة... والرد في لوحة فنية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة